العرض التّقديمي يتمّ تحميله. الرّجاء الانتظار

العرض التّقديمي يتمّ تحميله. الرّجاء الانتظار

مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام

عروض تقديميّة مشابهة


عرض تقديمي عن الموضوع: "مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام"— نسخة العرض التّقديمي:

1 مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
الفصل السابع مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام مفهــــــــــــــــوم المــــــــال في الاقتصـــــــــــاد الإســــــــــــــلامي. سمــــــــــــــــــــات المالية العامــــــــــــــة في الإســــــــــــــــــــــلام. دراسة تاريخيــــــــــــــــــــة للنظـــــــام المالي في الإســـــــــــــــلام. بعض الجوانــب الهامـة الخاصـــــــة بالنظام المالــي الإســـــــلامي.

2 مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام الفصل السابع مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام  1.7 مفهوم المال في الاقتصاد الإسلامي: المال لغة: هو كل ما يقتنى ويملك سواء كان عيناً أو منفعة فهو الشيء الذي يحوزه الإنسان بالفعل حيث ينفرد به عمن سواه. المال شرعاً: عرف فقهاء الشريعة المال على أنه "ما يمكن حيازته وإحرازه والانتفاع به انتفاعاً معتاداً". معنى ذلك أن المال في الفقه الإسلامي يشمل الأعيان والمنافع وهي التي يعبر عنها اقتصادياً بالسلع والخدمات، وقد اشترط فقهاء المالكية والحنابلة والشافعية في المال أن يكون ذا نفع محترم شرعاً، وإلا لم يكن مالاً فالخمر والخنزير لا تعتبر أموالاً بالنسبة للمسلمين لأنه لا تحتوي على منفعة يقرها الإسلام.

3 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
ويمكن تلخيص نظرة الإسلام إلى المال في نقاط رئيسية تالية: 1. المال مال الله والإنسان مستخلف فيه: فالمال إنما هو لله حيث يقول تعالى " وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ " آية (33) من سورة النور. والبشر هم وكلاء عن صاحب المال وعليهم أن ينفذوا عنه الوكالة وفقاً لشروطها، والذي يقصر في تنفيذ هذه الشروط فسيحاسبه الله على ذلك، وهذا يعني أن الإنسان ليس حراً في تصرفه في هذا المال وفقاً كما يشاء بل أنه مسئول عن هذا التصرف. لذلك وقف الإسلام موقفاً مشرفاً من الإسراف وكذلك من البخل "ولا تجعل يدل مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً". كما لا يجوز استخدام هذا المال في المعاملات الربوية...الخ. يقول الله تعالى " وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ "آية (7) من سورة الحديد.

4 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
2. المال وسيلة وليس غاية: فالإنسان يسعى للحصول على هذا المال من أجل إشباع حاجاته وليس من أجل المال بحد ذاته، والمال ليس مذموماً أصلاً في الإسلام إنما إساءة استخدام هذا المال هو المذموم، لذلك إذا وجدنا ذماً للمال في القرآن أو السنة فلا بد من معرفة المقصود بالذم، فالذم والمدح بالنسبة للمال إنما يرجع إلى مسلك الإنسان، لأن هذا الإنسان إما أن ينحرف في علاقته بالمال كسباً حيث يكتسب المال من طرق غير مشروعة كالربا والاحتكار أو إنفاقا حيث ينفقه على المحرمات أو تصرفاً حيث يبذر هذا المال في أوجه غير مشروعه... وإما أن يستقيم في تلك العلاقة مع المال لذلك نجد أن الله وصف المال في بعض الآيات بالخير (وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ) آية (272) من سورة البقرة، إن المال يجمع لينفق فيما خلق لأجله، أما أن يتحول الجمع إلى غاية في ذاته فهذا شيء مذموم شرعاً وطبعاً.

5 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
3. الإسلام حرم اكتناز المال وعدم استثماره في النشاطات الإنتاجية والاستهلاكية المشروعة لذلك قال تعالى " وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ "آية (34) من سورة التوبة. 4. الإسلام أوضح أن تداول المال واجب حتى لا يتركز هذا المال في أيدي طبقة واحدة بينما تحرم الطبقات الأخرى وتعيش فقيرة، قال تعالى" كي لا يكون دولة بين الأغنياء منكم" أي لا يقتصر تداوله على الأغنياء فقط.

6 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
ومن هنا نجد أن الإسلام يعمل على توفير حد الكفاية لجميع أفراد المجتمع الإسلامي، وحد الكفاية هو إشباع جميع الحاجات الأساسية لكل فرد من أفراد المجتمع المسلم بغض النظر عن دينه وجنسيته والعمل بقدر الإمكان على إشباع حاجاته الكمالية وهذا ما يعرف "بالمستوى اللائق للمعيشة" وبالطبع فإن حد الكفاية يختلف عن حد الكفاف "الحد الأدنى للمعيشة حيث أن حد الكفاف يشمل فقط الحاجات الأساسية من مأكل ومشرب ومسكن.

7 2.7 سمات المالية العامة في الإسلام:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام 2.7 سمات المالية العامة في الإسلام: 1. المالية العامة في الإسلام ذات جانب معنوي وهي مالية غير محايدة: أحاط الإسلام المالية العامة بسياج من المعنويات فهو يهدف بجانب سلامة النظم المالية إلى تحقيق الأخلاق الفاضلة للشعوب، إذ أن المدنيات الخالدة تبنى على أساس المال والأخلاق. فالتجارة مثلاً لا تلهي التجار عن ذكر الله. " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوماً تتقلب فيه القلوب والأبصار". وزراعة الأرض لا يثاب الزارع عنها بالمحصول والإنتاج وتحقيق الأرباح فقط وإنما له المثوبة من عند الله جل وعلا.

8 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
فقد روي البخاري في صحيحه حديث رسول الله  "ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة". كما شرف الإسلام العمل تشريفاً كبيراً حيث أن العمل يعتبر من الأساليب الهامة لتنمية الثروة والأحاديث الواردة في تشريف العمل كثيرة منها: "ما أكل أحد طعاماً خيراً من أن يأكل من عمل يده" وأضاف عليه الصلاة والسلام "أن نبي الله داوّد كان يأكل من عمل يده"، والثروة كما تنمى بالعمل والاستثمار تنمى بالإحسان ... " مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ (11) " من سورة الحديد.

9 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
والزكاة قبل أن تكون ضريبة فإنها تعتبر عبادة وشعيرة يتقرب بأدائها المسلم إلى الله، ويشعر حين يؤديها أنه يحقق ركناً من أركان الإسلام وشعبه من شعب الإيمان، ومن هنا كان إيتاؤها طاعة وصلاحاً ومنعها فسقاً صراحاً وجحودها كفراً بواحاً، فهي حق الله الذي لا يسقط بتأخر الجابي ولا بإهمال الحاكم ولا بمرور السنين. ومن هنا كانت الزكاة ذات أهداف روحية واجتماعية كبيرة جداً، فالزكاة تعتبر أول ضمان اجتماعي منظم في تاريخ العالم لأنها لا تعتمد على الصدقات الفردية التطوعية بل هي تعتمد على مساعدات حكومية دورية منتظمة، مساعدات غايتها تحقيق الكفاية لكل محتاج،

10 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
ومن ثم فإن الزكاة عملت على دعم المصالح الاجتماعية بكفاية المحتاجين من الفقراء والمساكين والأرقاء والغارمين أو أبناء السبيل وقد حددت مصارف الزكاة في قوله تعالى "إ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)" من سورة التوبة، ويطبق نفس الاتجاه في جميع موارد الدولة الإسلامية ... كالخراج والغنائم... الخ. نستنتج مما سبق أن المالية العامة في الإسلام تعتبر مالية غير محايدة حيث أن لها بجانب الأغراض المالية أهدافاً اجتماعية وسياسية واقتصادية هامة.

11 2. خلو المالية العامة في الإسلام من المعاملات الربوية:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام 2. خلو المالية العامة في الإسلام من المعاملات الربوية: جاء الإسلام بالحكم القاطع في تحريم الربا في قوله تعالى " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)" من سورة البقرة.

12 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
فالمالية العامة في الإسلام لا تقر هذا النوع من المعاملات ولا تسمح بقيام المنشآت التي تتعامل فيها لما فيها من ظلم الأغنياء للفقراء والمعسرين وأكل أموال الناس بالباطل، ولما ينتج عنها من آثار ليس على المعاملات بين الأفراد فقط بل تمتد إلى المعاملات بين الدول، وقد أوضح الاقتصاديون المحدثون أثر التجاء الدولة إلى الاقتراض لتغطية عجز موازناتها بأن القروض تحسب عليها فوائد، والفوائد تؤدي إلى زيادة أعباء الدين العام وتعقيد مستقبل موازنات الدول المقترضة، كما أن تكاليف المشروعات أو الإنشاءات التي توظف فيها هذه القروض تزداد نتيجة عبء الفائدة خصوصاً إذا كانت مرتفعة المعدل.

13 3. تعدد موارد الدولة الإسلامية:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام 3. تعدد موارد الدولة الإسلامية: لا يكتفي النظام المالي الإسلامي بإيراد واحد أو بضريبة واحدة، بل أن النظام المالي الإسلامي يتميز بتعدد الإيرادات التي يتم من خلالها تمويل بيت المال في الدولة الإسلامية حيث أن الإيرادات في الدولة الإسلامية تنقسم إلى قسمين: 1- الإيرادات الدورية: كالزكاة والخراج والجزية والضرائب الجمركية وهذه الإيرادات تجبى بصورة دورية ومنتظمة ومستمرة. 2- الإيرادات الغير دورية: كالضرائب والقروض حيث يتم اللجوء إليها في حالات وجود العجز في موازنة الدولة الإسلامية. وتعدد إيرادات الدولة الإسلامية له العديد من المزايا حيث يساعد ذلك على قيام الدولة الإسلامية بتحقيق أهدافها السياسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية على أحسن الوجوه.

14 4. انضباط المالية العامة في الإسلام:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام 4. انضباط المالية العامة في الإسلام: تمتاز المالية العامة في الإسلام بأنها مالية منضبطة، ولعل مرجع ذلك إلى اهتمام الإسلام بتهذيب النفس وتربية الضمير فضلاً عن حرص الرسول عليه الصلاة والسلام ومن بعده الخلفاء الراشدين على المال العام وهم في ذلك قدوة لسائر المسلمين، فقد كان رسول الله  يراقب من يستعملهم من الولاة والعمال ويكشف عملهم، فقد روي في الصحيحين عن أبي سعيد الساعدي قال: استعمل النبي  رجلاً من الأزد على الصدقة فلما قدم قال: "هذا لكم وهذا أهدي إلي" فقال النبي  " ما بال الرجل نستعمله على العمل مما ولانا الله فيقول هذا لكم وهذا أهدي إلي فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدي إليه أم لا".

15 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
ووقف أبو بكر الصديق موقف الشدة والحزم من مانعي الزكاة بعد موت رسول الله  ، قائلاً: "والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها إلى رسول الله  لقاتلتهم على منعها". وبذلك قاوم المتهربين من أداء فريضة الزكاة بحد السيف باعتبارها أحد قواعد الإسلام الخمس التي بني عليها ودعامة من دعائم المالية الإسلامية. وإذا كانت الدول تعمل حديثاً على ترشيد الإنفاق العام فإن القرآن قد سبقها في ذلك فقال تعالى: " وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا (67) " من سورة الفرقان.

16 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
والمال العام يتعرض حديثاً للاختلاس بسبب عموميته وفقدان الرقابة الشخصية لصاحبه كما في حالة المال الخاص ولذلك نجد أن العاملين بالدولة الحديثة من ضعاف النفوس يستغلون الثغرات الموجودة في النظم القائمة وتمتد أيديهم إلى الأموال العامة، وينبه الإسلام على ذلك فيبشر الخازن الأمين بأن له ثواب المتصدق بالمال تماماً، فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله  "إن الخازن المسلم الأمين الذي يعطي ما أمر به كاملاً موفراً، طيبة به نفسه حتى يدفعه إلى الذي أمر له به، أحد المتصدقين". ومن هنا نجد أن الإسلام يحرم الأموال العامة التي يأخذها العاملون خلسة ولا تكون مقررة لهم ويعتبرها مالاً حراماً يأثم به فلا يحل لعامل أخذ زيادة على ما فرض له، فعن بريدة الأسلمي رضي الله عنه ، عن النبي  قال: "من استعملناه على عمل فرزقناه رزقاً فما أخذ بعد ذلك فهو غلول". أي حرام يأثم به آخذه.

17 5. مرونة المالية العامة في الإسلام:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام 5. مرونة المالية العامة في الإسلام: المالية العامة في الإسلام تشمل أمور مذهبية ثابتة على مر العصور والأزمان كفرضية الزكاة مثلاً وكحرمة الربا ولكن هناك أمور أخرى تتغير بتغير الزمان والمكان ولكن هذا التغير يبقى ضمن إطار المذهب المالي وهذه الأمور هي التي يطلق عليها "السياسة المالية أو النظام المالي". من هنا نجد أن السياسة المالية تتسم بالمرونة والتجديد والابتكار لذلك وجدنا أن السياسة المالية التي اتبعها عمر بن الخطاب مثلاً خالفت إلى حد كبير السياسة المالية التي اتبعها أبو بكر الصديق مثلاً قضية تقسيم العطاء بين المسلمين حيث رأي أبو بكر المساواة في العطاء بين المسلمين بينما خالفه عمر بن الخطاب في ذلك.

18 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
كذلك حدثت في عهد عمر تطورات مالية لم تكن موجودة قبل ذلك مثل قضية تقسيم الأرض على الفاتحين حيث أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى عدم تقسيم الأرض على الفاتحين وإنما استبقاؤها في يد الدولة. كما أدخل عمر بن الخطاب ما عرف بنظام الدواوين حيث لم يكن هذا النظام موجوداً قبل ذلك في الدولة الإسلامية، وإنما هو نظام فارسي. كل ذلك يدل على مرونة السياسة المالية في الإسلام وتجددها ولكن هذه المرونة وهذا التجديد يبقى ضمن إطار المذهب الاقتصادي في الإسلام والذي يتصف بالثبات وعدم التغير.

19 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
6. المالية العامة في الإسلام مالية مستقلة عن النظم المالية الحديثة وصالحة لكل زمان ومكان: تقوم المالية الإسلامية على أساس الملاءمة والتوفيق بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة وبذلك فإنها تختلف عن المالية في ظل النظام الرأسمالي التي تجعل مصلحة الفرد هدفها الأول وأن رعاية مصلحة الفرد تحقق بطريقة غير مباشرة مصلحة المجتمع. كذلك فإن المالية الإسلامية تختلف عن المالية في ظل النظام الاشتراكي الذي يجعل مصلحة الجماعة هي هدفه الأول ويقدمها على مصلحة الفرد.

20 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
فمالية الإسلام مالية متميزة لها أهدافها المختلفة عن أهداف المالية الرأسمالية أو الاشتراكية وإن اتفقت أو تداخلت مع غيرها في بعض الحلول فهو تداخل عارض لا يذهب باستقلال المالية العامة في الإسلام. والمالية الإسلامية لا تعبر عن مرحلة تاريخية معينة فهي وإن ارتبطت بأصول مالية معينة سواء من ناحية الإيرادات العامة أو أوجه إنفاقها وتحقيق التكافل والتضامن الاجتماعي إلا أن كل مجتمع يمكن أن يتبع أسلوب التطبيق الذي يراه متفقاً وصالحة حسب ظروفه المتغيرة ما دام أسلوب التطبيق منبثقاً من آيات القرآن والسنة، ويكون الخلاف بين النماذج والتطبيقات الإسلامية هو اختلاف الفروع والتفاصيل لا في المبادئ والأصول.

21 7. المالية العامة في الإسلام مقننة:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام 7. المالية العامة في الإسلام مقننة: للسلطة التشريعية في العصر الحديث دور أساسي في المالية العامة، فهي تعتمد الموازنات العامة للدول بعد تحضيرها بمعرفة السلطة التنفيذية فتناقشها مصروفاً وإيرادا ثم تقرها، كذلك فإن فرض أي ضرائب على الشعب ينبغي أن تعتمدها المجالس التشريعية، كما تناقش تلك المجالس القروض العامة وتجهيزها قبل تنفيذها بمعرفة الحكومات ... وأساس حق المجالس التشريعية في المناقشة والرقابة والاعتماد هو أن تلك المجالس تضم ممثلي الشعب الذين يدفعون الضرائب ويساهمون في موارد الدولة، فمن المتعين أن يؤخذ رأي ممثلي الشعب فيما يراد فرضه من أعباء على أفراد الشعب، ولهذا السبب يكون لممثلي الشعب حق مناقشة أوجه الإنفاق العامة لهذه الأموال.

22 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
والمتأمل في الموارد الإسلامية يتضح له أنها قد فرضت بالقرآن، فالزكاة والجزية وقسمة الغنائم نزل بشأنها آيات قرآنية على النحو الذي سنوضحه تفصيلاً فيما بعد إن شاء الله. والخراج قرره عمر بن الخطاب استنتاجاً من آيات القرآن وذلك بعد أن جمع الناس وعرض عليهم وجهة نظره فأقروه عليها. والعشور "الضرائب الجمركية حديثاً" تقررت طبقاً لمبدأ المعاملة بالمثل وذلك عندما فرضت في أراضي أجنبية على التجار المسلمين.

23 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
ولم يقتصر الأمر على الإيرادات بل أن بعض أوجه الإنفاق كان يؤخذ فيها رأي الصحابة وأولي الرأي وفي ذلك بتطبيق لمبدأ اعتماد النفقة قبل صرفها فلم يكن لأمير المؤمنين عمر حين آلت إليه الخلافة حق معلوم في مال المسلمين فقد كان تاجراً يقوت نفسه وأهله من أعمال في التجارة وظل كذلك حتى فتحت القادسية ودمشق فجمع الصحابة وشاورهم في التفرغ لأمور المسلمين وأن يفرضوا له من بيت المال ما يكفيه وأهله فاجتمعوا على أن يفرضوا له في السنة ستة آلاف درهم (600) دينار وكان قد سبق تطبيق هذا المبدأ وبنفس الطريقة بالنسبة للخليفة أبي بكر.

24 وعلي ضوء ما سبق يمكن حساب الراتب الشهري لعمر بن الخطاب كما يلي:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام وعلي ضوء ما سبق يمكن حساب الراتب الشهري لعمر بن الخطاب كما يلي: 600 × 4.25 = 2550 جرام ذهب سنوياً 2550 × 30 = دينار أردني سنوياً وذلك على أساس أن سعر جرام الذهب= 30 دينار أردني. 76500 ÷ 12 = 6375 دينار أردني شهرياً

25 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
3.7 دراسة تاريخية للنظام المالي في الإسلام: 1.3.7 النظام المالي في عهد الرسول : في عهد الرسول  يمكن التمييز بين فترتين فيما يتعلق بتاريخ النظام المالي في الإسلام، الفترة الأولى قبل الهجرة، والفترة الثانية بعد هجرة الرسول عليه الصلاة والسلام إلى المدينة. ( أ ) فترة ما قبل الهجرة: في هذه الفترة كان المسلمون مجرد أفراد يلتفون حول الرسول  ولم تكن السلطة في المجتمع المكي بأيديهم، ونظراً لهذه الظروف فإن إيرادات الجماعة الإسلامية في ذلك الوقت كانت تتمثل في الأموال التي يجود بها صحابة رسول الله  فقد كانت أموال خديجة أم المؤمنين طائلة وكان رسول الله يصرف منها كما يشاء ولقد أنفقها جميعاً على المسلمين فلم يكن له منها حين الهجرة شيء، وكان أبو بكر قد جمع من التجارة أربعين ألف درهم قبل إسلامه ومع أنه ظل يتجر بعد أن أسلم فيجبي من التجارة وافر الربح فقد كان كل ماله يوم هاجر إلى المدينة خمسة آلاف درهم.

26 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
وأنفق عثمان بن عفان لخير المسلمين صدقات يخطئها العد، وقد كانت هذه الأموال وغيرها مما كان يجود به الصحابة توجه لسد الحاجات الضرورية للمسلمين المحتاجين والمتمثلة في المأكل والمسكن وما شابه ذلك. وباختصار فإنه من الممكن القول إنه في هذه الفترة لم يكن للجماعة الإسلامية نظام مالي محددة أبوابه من إيرادات ومصروفات وبالتالي لم يكن لهم ميزانية ولكن ما كان يطرأ من حاجات عامة كان يتم إشباعها من أموال المسلمين القادرين حسبة وتطوعاً وإيثاراً.

27 (ب ) فترة ما بعد الهجرة (فترة وجود الرسول في المدينة):
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام (ب ) فترة ما بعد الهجرة (فترة وجود الرسول في المدينة): شهدت هذه الفترة تحولاً جذرياً في حياة المسلمين وبالتالي في نظامهم المالي إذ أصبح مجتمع المدينة مجتمعاً إسلامياً السلطة فيه للجماعة الإسلامية، وأصبح المسلمون جماعة منظمة ترقى إلى تنظيم دولة، والجماعة المنظمة تصبح لها متطلبات وعليها مسئوليات سواء فيما يتعلق بأفراد الجماعة أنفسهم أو بغيرهم، وانطلاقاً من تنظيم الدولة على يد الرسول  ظهر النظام المالي للدولة الإسلامية بركنيه الإيرادات والنفقات.

28 ويمكن تقسم موارد الدولة الإسلامية في هذه الفترة إلى قسمين رئيسيين:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام ويمكن تقسم موارد الدولة الإسلامية في هذه الفترة إلى قسمين رئيسيين: القسم الأول/ إيرادات الدولة السيادية: 1. الزكاة: وقد فرضت على المسلمين في السنة الثانية للهجرة. 2. الغنائم: وقد تحددت في قوله تعالى " وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ " آية (41) من سورة الأنفال.

29 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
3. الفيء: وقد تحددت في قوله تعالى في سورة الحشر " ) وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6) مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (7) ". من سورة الحشر.

30 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
4. الجزية: وقد تحددت في قوله تعالى في سورة التوبة " قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ " آية (29) من سورة التوبة.

31 القسم الثاني/ ممتلكات الدولة (الدومين العام):
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام القسم الثاني/ ممتلكات الدولة (الدومين العام): حيث امتلكت الدولة الإسلامية بعض الموارد الاقتصادية، وقد تمثلت هذه الموارد في الأراضي التي حماها الرسول  لتكون في خدمة الجماعة الإسلامية ككل، خارج نطاق الملكية الخاصة، ومما يروى في ذلك أن الرسول  حمى أرض البقيع لرعي خيل المسلمين ومعنى ذلك أن إيرادات الدولة الإسلامية اشتملت الموارد السيادية المعروفة في المالية العامة وبجانبها موارد الدولة من ممتلكاتها أو نشاطها الاقتصادي. أما بالنسبة للنفقات العامة في ذلك الوقت، فقد كان معظمها موجهاً لتغطية النواحي الاجتماعية وتغطية متطلبات الدفاع عن الدولة الجديدة.

32 بعض المعالم الأساسية للنظام المالي في عهد الرسول :
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام بعض المعالم الأساسية للنظام المالي في عهد الرسول : 1. نظام الإنفاق العام يحقق التوازن الاجتماعي: فالرسول  عندما وزع أموال يهود بني النضير بين المسلمين قسمها بين المهاجرين فقط ولم يعط الأنصار شيء لأنهم أغنياء ما عدا اثنين منهم هم سهل بن حنيف وأبو دجانة أعطاهما نظراً لفقرهما. والرسول  حين فرض العطاء أخذ بعين الاعتبار الحالة الاجتماعية للفرد فكان إذا آتاه الفئ قسمه في يومه فيعطي المتزوج ضعف ما يعطي الأعزب لما على الأول من أعباء وتكاليف إضافية، وفي هذا سبق تحاول التشريعات المالية الحديثة الأخذ به حيث بدأت هذه التشريعات تفرق في المعاملة بين المتزوج والأعزب في علاوات غلاء المعيشة والإعفاءات الضريبية... الخ.

33 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
2. تنوع إيرادات الدولة الإسلامية: حيث شملت هذه الإيرادات الزكاة والغنائم والفئ والجزية بالإضافة إلى إيرادات الدولة من ممتلكاتها ونشاطها الاقتصادي. 3- تنوع الإنفاق العام بتنوع حاجات الفتية والناشئة: وخاصة فيما يتعلق بالنفقات الاجتماعية والنفقات العسكرية ... الخ. 4. عدم وجود فائض كاحتياطي عام للدولة في ذلك الحين: بل إننا نجد أنه وفي بعض السنين حدث ما يمكن تسميته في الاصطلاح الحديث بالعجز في الموازنة حيث عجزت الإيرادات عن تغطية النفقات العامة فواجه الرسول  هذا العجز بأكثر من أسلوب ومن ذلك تعجيل بعض الفرائض لمن يقدر على ذلك فقد ثبت عن النبي  قوله "إنا كنا قد احتجنا فتعجلنا من العباس صدقة ماله سنتين" جواز تقديم إخراج الزكاة. ومن ذلك أيضاً قيام الدول الإسلامية بالاقتراض فقد رُوي أن النبي  اقترض أربعين ألفاً عند غزوة حنين.

34 7. قاعدة وحدة الميزانية أو وحدة المال العام لم يأخذ بها الإسلام.
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام 5. تحصيل الإيرادات أولاً ثم تنفق في مصارفها التي حددتها الشريعة الإسلامية. 6. قاعدة أولوية النفقة العامة كانت غير مطبقة في الدولة الإسلامية وهي التي نادى بها الفكر الكلاسيكي الرأسمالي. ملاحظة: أولوية النفقة العامة يعني أنه يتم تحديد حجم النفقات المطلوبة، ثم جمع الأموال اللازمة لتغطية هذه النفقات.  7. قاعدة وحدة الميزانية أو وحدة المال العام لم يأخذ بها الإسلام. فقد خُصص لكل نوع من الإيرادات مصارف معينة، وإن مُولت بعض النفقات من أكثر من مورد، ولكن هناك موارد لا يمكن الإنفاق منها إلا فيما خُصصت من أجله وفقاً لقواعد التشريع الإسلامي كالزكاة مثلاً ... .

35 2.3.7 النظام المالي في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام 2.3.7 النظام المالي في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه: في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه كان الإطار العام لإيرادات الدولة الإسلامية ونفقاتها هو نفس الإطار في عهد الرسول  إلا أننا في عهد أبي بكر نلمح النقاط التالية: 1. فيما يتعلق بالإيرادات: تضخم حجمها بسبب الغنائم من البلاد التي فتحت، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى زيادة حجم الزكاة بسبب زيادة عدد المسلمين وزيادة ثرواتهم وخاصة بعد إقرار الأمر مع مانعي الزكاة.

36 زاد حجم النفقات لسببين:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام 2. فيما يتعلق بالنفقات: زاد حجم النفقات لسببين: ( أ ) زيادة نفقات الحروب بسبب الفتوحات وحرب الردة. (ب ) تخصيص أعطيات محددة للمسلمين الذين تحملوا عبئاً خاصاً في حمل الرسالة الإسلامية، وكانت هذه الأعطيات تتكرر عادة مع ورود إيرادات جديدة. حيث يروي عن أبي بكر أنه قال "من كان له عند النبي  عدة فليأت فجاء جابر بن عبد الله فقال: قال لي رسول الله  لو جاء مال البحرين أعطيتك هكذا وهكذا يشير بكفيه فقال له أبو بكر: خذ فأخذ ما يكفيه ثم عده فوجده خمسمائة درهم فقال له أبو بكر خذ إليها ألفاً فأخذ ألفاً ثم أعطى كل إنسان كان رسول الله  وعده شيئاً، وبقيت بقية من المال فقسمها بين الناس بالسوية... .

37 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
3. فيما يتعلق بالسياسة التي اتبعها أبو بكر رضي الله عنه فيما يتعلق بالعطاء: نجد أن أبا بكر قد ساوى بين جميع الناس في هذا العطاء (وقد جاء ناس من المسلمين فقالوا يا خليفة رسول الله أنت قسمت هذا المال فسويت بين الناس، ومن الناس ناس لهم فضل وسوابق وقدم، فلو فضلت أهل السوابق والقدم والفضل بفضلهم.. فقال رضي الله عنه: ما ذكرتم من السوابق والقدم والفضل فما أعرفني بذلك وإنما ذلك شيئاً ثوابه عند الله جل ثناؤه وهذا معاش فالأسوة فيه خير من الأثرة).

38 4. فيما يتعلق بسياسة أبو بكر في تأليف قلوب بعض الناس على الإسلام:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام 4. فيما يتعلق بسياسة أبو بكر في تأليف قلوب بعض الناس على الإسلام: المعروف أن الرسول  عمل على تأليف قلوب الكثيرين بالمال نظراً لما كان لهم من مراكز مرموقة تدعو الحاجة إلى تأليفهم لمصلحة الإسلام والمسلمين وكان سهم المؤلفة قلوبهم على ثلاث فئات: الفئة الأولى: كان الرسول يعطيهم لتأليفهم على الإسلام كصفوان بن أمية فقد روي عنه أنه قال: لقد كان يعطيني رسول الله  وأنه أبغض الناس إلي، فما برح يعطيني حتى أنه لأحب الناس إلي".

39 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
الفئة الثانية: كان يعطيهم لدفع شرهم عن الإسلام والمسلمين كعيينة بن حصن والأقرع بن حابس. الفئة الثالثة: كان يعطي لهم لتثبيت إسلامهم نظراً لضعف عقيدتهم كأبي سفيان بن حرب الذي أعطاه الرسول  أربعين أوقية من الذهب ومائة من الإبل وأعطى ولديه معاوية ويزيد .. فقال له أبو سفيان "بأبي وأنت وأمي لأنت كريم في السلم وفي الحرب". وقد سار أبو بكر على سياسة الرسول  في تأليف قلوب بعض الناس على الإسلام أو دفع شرهم عنه أو تثبيتاً لإسلامهم لضعف عقيدتهم.

40 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
إلا أنه حدث أن جاء عيينه بن حصن والأقرع بن حابس يطلبان أرضاً من أبي بكر فوافق على ذلك وكتب لهما بها خطاباً وكان عمر بن الخطاب موجودا فتناول الخطاب ومزقه وقال: هذا شيء كان رسول الله  يعطي كمونه ليتألفكم على الإسلام، والآن وقد أعز الله الإسلام وأغنى عنكم، فإن ثبتم إلى الإسلام وإلا فبيننا وبينكم السيف، ثم تلي قوله تعالى " وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ " آية (29) من سورة الكهف، فقالا لأبي بكر: الخليفة أنت أم عمر ؟؟ فقال: هو إن شاء الله وأقر عمر علي رأيه...).

41 3.3.7 النظام المالي في عهد عمر بن الخطاب:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام 3.3.7 النظام المالي في عهد عمر بن الخطاب: بعد أبي بكر رضي الله عنه يجيء عهد عمر وفيما يتعلق بالأساس المالي الإسلامي (المذهب) فلا شك أنه لم يختلف هنا، إذ أن الأسس الإسلامية أسس ثابتة. لكننا نجد أن عهد عمر من ناحية السياسة المالية قد حدثت فيه بعض التطورات البالغة الأهمية، بعض هذه التطورات في التنظيم الإداري وبعضها في حجم الموارد أو في التزامات الدولة الإسلامية.

42 ونورد فيما يلي محاولة لرصد هذه التطورات.
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام ونورد فيما يلي محاولة لرصد هذه التطورات. 1- فيما يتعلق بقضية تقسيم الأراضي بين الفاتحين: آلت إلى المسلمين نتيجة للفتوح الكبيرة أراضي فسيحة، وحين فتحت العراق كتب سعد بن أبي وقاص إلى عمر بن الخطاب أن الناس سألوه أن يقسم بينهم مغانمهم وما أفاء الله عليهم وأيضاً طلب الجند الذين قدموا من جيش العراق وطائفة من الصحابة أن يقسم عمر رضي الله عنه الأرض التي افتتحت كما تقسم غنيمة الحرب، كذلك كتب أبو عبيدة بعد فتح الشام إلى عمر ينبئه بأن المسلمين سألوه أن يقسم بينهم المدن والأرض وما فيها من شجر وزرع.

43 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
نتيجة لذلك جمع عمر الناس وطلب منهم أن ينظروا في الأمر فاختلفوا في الرأي ولما وقع الاختلاف احتكموا إلى عشرة من الأنصار، خمسة من الأوس وخمسة من الخزرج وشرح عمر وجهة نظره حيث أنه كان يرى عدم تقسيم الأرض على الفاتحين وإنما استبقاؤها في يد الدولة الإسلامية لتنفق منها على المرافق العامة وعلى حماية البلاد وغيرها من متطلبات التطور الاجتماعي والاقتصادي، وقال عمر ما نصه (أريتم هذه الثغور لا بد من رجال يلزمونها، أريتم هذه المدن العظام كالشام ومصر والجزيرة والكوفة والبصرة لا بد لها من أن تشحن بالجيوش وإدرار العطاء عليهم، فمن أين يعطي هؤلاء إذا قسمت الأرضون ومن عليها) ... وأيضاً كان مما قاله عمر: (لو قسمته لم يبق لمن يأتي بعدكم شيء فكيف بمن يأتي من المسلمين، فيجدون في الأرض قد اقتسمت وورثت عن الآباء وحيزت؟ ما هذا برأي...) وتلي عمر بن الخطاب بعض الآيات من سورة الحشر، فوافقه الناس على رأيه...

44 وقال عمر هذه نزلت في بني النضير من اليهود.
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام وقد استند عمر بن الخطاب في تدعيم رأيه والذي وافقه عليه الناس بالآيات التالية من سورة الحشر: 1- قوله تعالى " وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ " أية (6)، من سورة الحشر. وقال عمر هذه نزلت في بني النضير من اليهود.

45 فقال عمر هذه عامة في القرى كلها.
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام 2- قوله تعالى "مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" أية (7) من سورة الحشر. فقال عمر هذه عامة في القرى كلها. 3- قوله تعالى " لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ " آية (8) من سورة الحشر. فقال عمر أنها للمهاجرين.

46 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
4- قوله تعالى " وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.." أية (9) من سورة الحشر. فقال عمر وهذه للأنصار. 5- قوله تعالى " وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آَمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ " آية (10) من سورة الحشر. فقال عمر هذه عامة لمن جاء بعدهم فكيف نقسمه لهؤلاء وندع من يجيء من بعدهم..". وبذلك لم تقسم الأرض بين الفاتحين بل بقيت في يد أهلها وفرض عمر الخراج على هذه الأرض.

47 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
مما سبق نستنتج أن عمر بني اجتهاده في عدم تقسيم الأرض على أربعة أمور مصلحيه: 1. منع الملكية الكبيرة: إذ أن أراضي العراق وحدها تقدر مساحتها بألوف الألوف من الأفدنة فإذا قسمت هذه الأراضي الواسعة على الفاتحين فإنه سوف ينتج عن ذلك تضخم ملكية الأفراد وبالتالي احتكار للأراضي الزراعية. 2. إن خراج هذه الأرض إذا مُنعت قسمتها يكون لصالح الدولة والجهاد في سبيل الله.

48 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
3. إنها لو قسمت ما كان هناك مال ينفق منه على الضعفاء من اليتامى والأرامل والمساكين. 4. إنه لو قسمت الأرض فلا يأمن من رجوع أهل الكفر إلى مدنهم إذا خلت من المقاتلين. وعندما فرض عمر الخراج على هذه الأراضي المفتوحة كان الإيراد ضخماً فقد بلغ الخراج من سواد الكوفة وحدها في آخر عهد عمر (قبل أن يموت بعام) 100 ألف درهم.

49 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
2. فيما يتعلق بكيفية تقسيم العطاء: من التطورات الأخرى للتنظيم المالي للدولة الإسلامية على عهد عمر رضي الله عنه ما يتعلق بكيفية تقسيم العطاء، فقد رأينا أن أبا بكر رضي الله عنه ساوى بين المسلمين في العطاء، لكن عمر رأى في هذا الأمر رأياً آخر إذا لم يسو بين الناس في العطاء وقال " لا أجعل من قاتل رسول الله  كمن قاتل معه". وقال أيضاً (ما أحد إلا وله في هذا المال حق أعطيه أو أمنعه وما أنا فيه إلا كأحدكم ولكنا ما زلنا من كتاب الله، وقسمنا من رسول الله  فالرجل وبلاؤه في الإسلام والرجل وغناؤه في الإسلام والرجل وحاجته في الإسلام). ونجد مما سبق أن عمر فيما ذهب إليه قد وضع المعايير التي يتم على أساسها التفاضل في العطاء وقد اشتملت على معايير لها الوجه الديني – نظراً لظروف نشأة الإسلام – كما اشتملت على معايير لها الوجه الاقتصادي (الرجل وحاجته في الإسلام ...).

50 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
ووفقاً للمعايير السابقة (الدينية والاقتصادية) نجد أن عمر لم يساو في العطاء وإليك بعض الأمثلة على ذلك: 1- فرض عمر للمهاجرين والأنصار ممن شهد بدراً 5000 درهم سنوياً. 2- فرض لمن كان إسلامه كإسلام أهل بدر ولكنه لم يشهد بدراً 4000 درهم سنوياً. 3- فرض لمن شهد القادسية واليرموك 2000 درهم سنوياً. 4- وفرض لأهل البلاد البارع منهم 2500 درهم وفرض للجنود الآخرين ما بعد القادسية واليرموك 1000 درهم. 5- وفرض للمولود الجديد 100 درهم وللمولود إذا ترعرع 200 درهم فإذا كبر زاده. 6- وفرض لكل مسكين جريبتين من الطعام في الشهر وهذا عطاءً عينياً. وقد لجأ عمر بن الخطاب إلى أحدث وسائل العصر في معايير التقدير، وفي التقدير على الطبيعة فقد روي أنه جمع ستين مسكيناً وأطعمهم الخبز، وأحصى ما أكلوا فوجده يخرج من جريبتين، ففرض لكل إنسان منهم ولعياله جريبتين في الشهر.

51 بعض الملاحظات على نظام العطاء:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام بعض الملاحظات على نظام العطاء: 1. هذا العطاء الذي فرضه عمر من بيت المال ليس للعرب في الجزيرة العربية أو في غيرها من أرجاء الدولة وحدهم، بل أن العطاء حق لكل مسلم أينما كان، بل وقرره عمر للمحتاجين من أهل الذمة كما في قصة اليهودي، كما أن عمر فرض بعض الأعطيات للأعاجم... ومعنى كل هذا أن عمر ساوى بين العرب وغير العرب في العطاء في حدود المعايير السابقة التي وضعها. 2. عمر عندما لم يساو في العطاء بين المسلمين لم يكن يقصد أن يخلق نظاماً طبقياً في الدولة الإسلامية يتنافى مع مبادئ الإسلام وروحه ... هذا بدليل أنه عندما كثرت الأموال في آخر عهده وأصبح يوجد فائض يسمح بدفع أعطيات عامة المسلمين عقد النية على أن يساوي أعطيات ذوي السابقة والفضل بأعطيات عامة المسلمين، إلا أنه توفي قبل ذلك.

52 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
3. نرى أن نظام عمر في العطاء هو بمثابة الضمان الاجتماعي فقد حقق عمر بسياسته المالية هذه حد الكفاية لكل فرد من أفراد الرعية، فجعل لكل مسلم حق في بيت المال منذ أن يولد وحتى يموت وأن هذا النظام هو أول نظام طبق من نوعه في العالم وطبقه عمر من وحي القواعد الإسلامية، لأن القاعدة جرت على أن الدولة لا تفرض من بيت المال مرتبات إلا للموظفين وغير القادرين على العمل أما هذا النظام الذي طبقه عمر فإنه يفرض مبلغ محدد لكل مولود في الإسلام ذكراً كان أم أنثى ... .

53 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
3. فيما يتعلق بنظام الدواوين: في مجال التنظيم المالي الإداري نجد أن عمر رضي الله عنه أدخل ما عرف بنظام الدواوين (والديوان كلمة فارسية معناه السجل أو الدفتر ثم تطور المعنى بحيث أصبح الديوان يعبر عن أجهزة وعن نظام وقد أنشئت هذه الأجهزة في الدولة الإسلامية لحفظ كل ما يتعلق بحقوق الحكومة من الأعمال والأموال وبمن يقوم بها من الموظفين والعمال وهو بهذا المعنى يقابل حديثاً الوزارة أو المصلحة أو سائر الأجهزة الإدارية). ولم يكن للديوان وجود أيام الرسول  وكذلك في عهد الخليفة أبو بكر لأنه كانت عادة الرسول كما سبق أن أوضحنا توزيع الأموال في يومها وكذلك كان الأمر في عهد أبي بكر وأن كان قد اتخذ مكاناً لحفظ المال الذي يضطر إلى استبقائه ولم يكن أبو بكر في حاجة إلى التدوين لأنه جرى كما سبق القول على مبدأ التسوية بين الناس في العطاء وهي قاعدة ميسرة تسهل التوزيع...".

54 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
ولكن رأى عمر إنشاء أداة تنفيذية تشرف على متطلبات النظام المالي الإسلامي وقصة إنشاء هذه الدواوين (أن عمر استشار أصحابه في إنشاء تنظيم يمكن من إنفاق الأموال المتجمعة في أوجهها، وقد قال له علي بن أبي طالب: تقسم كل سنة ما اجتمع إليك من مال، ولا تمسك منه شيئاً). وقال له عثمان بن عفان (أرى مالاً كثيراً، يسع الناس وأن لم يحص حتى يعرف من أخذ ممن لم يأخذ، خشيت أن ينتشر الأمر) وقال الوليد بن هشام بن المغيرة (قد جئت الشام فرأيت ملوكها قد دونوا ديواناً، وجندوا جنداً، فدون ديواناً وجند جنداً) فنال الرأي الأخير إعجاب عمر، وقرر إنشاء الديوان الأول مستفيداً من النظم الذي سبقته في التنظيم الإداري ولكنه طبع مبادئه وأسسه بطابع إسلامي.

55 وقد تمثلت الدواوين التي أسسها عمر في الدواوين الآتية:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام وقد تمثلت الدواوين التي أسسها عمر في الدواوين الآتية: 1. ديوان العطاء: وكان الهدف من تأسيسه هو تنظيم توزيع العطاء على المسلمين، وهو أول ديوان وُضع للمسلمين. 2. ديوان الخراج: وقد أنشئ ديوان رئيس في المدينة ووجدت إلى جانبه دواوين فرعية في الولايات وقد راعى عمر بن الخطاب استقلال عمال الخراج بالولايات حتى لا يجتمع للوالي عناصر القوة من حكم ومال ... ). وباختصار فإنه يمكن إجمالي الأسباب التي دفعت عمر بن الخطاب إلى تأسيس نظام الدواوين في النقاط التالية:

56 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
1. لقد أصبح للمسلمين جيش ثابت لم يكن قبل ذلك، وإنما كان الناس يدعون للجهاد حتى إذا انتهى الجهاد عادوا إلى أعمالهم وذويهم ولهم نصيب من الغنائم، ولكن الذي حدث في عهد عمر هو أن الجند أخذوا يرابطون في الثغور وعلى الحدود وهؤلاء لا بد من الإنفاق عليهم وعلى ذويهم نفقات مرتبة ومنتظمة. 2. أصبح للدولة المترامية الأطراف موظفون يقومون بأعمال ثابتة كالولاة والقضاة، ويأخذ هؤلاء الموظفون على أعمالهم أجوراً ورواتب بصورة منتظمة. 3. أصبح هناك خراج وهو إيراد ثابت يرد إلى بيت المال فيحفظ به ليصرف منه على مر الشهور. 4. دخلت تحت سلطان المسلمين دول وممالك كبيرة مما يستتبع قيام الدولة بخدمات وأعمال تستلزم إنفاقاً ... مثل تعمير الأرض وإصلاح مرافقها بحفر ما تحتاج إليه الأرض من الترع وإقامة الجسور ... الخ، كما أمر بحفر الترعة التي تصل بين النيل والبحر الأحمر في عام الرمادة...).

57 4. سياسة عمر بالنسبة للمؤلفة قلوبهم:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام 4. سياسة عمر بالنسبة للمؤلفة قلوبهم: عمر بن الخطاب لم يعط المؤلفة قلوبهم من أموال الزكاة وهو بذلك لم يخالف روح النص (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم). أو عمل الرسول  ولكنه حكم روح النص حين رأى أن إعطاء المؤلفة قلوبهم كان لحكمة خاصة وسبب معين لم يعد قائماً وأن الأحوال التي اقتضت إعطاؤهم قد زالت بعد انتشار الإسلام وقوته.

58 5. فيما يتعلق بالعملات النقدية:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام 5. فيما يتعلق بالعملات النقدية: فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان أول من أمر بسك النقود في الإسلام سنة 18 هجري وقد كتب على بعضها (الحمد لله) وعلى البعض الأخر (محمد رسول الله) ولكن التطور الحقيقي في إصدار النقود العربية جاء في عهد الأمويين على يد عبد الملك بن مروان فقد أمر بسك نقود إسلامية عليها آيات من القرآن كما أمر الحجاج بضرب دراهم إسلامية بدلاً من الدراهم الفارسية وأقبل الناس على التعامل بهذه العملات.

59 ملاحظات عامة على النظام المالي في عهد عمر بن الخطاب:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام ملاحظات عامة على النظام المالي في عهد عمر بن الخطاب: 1. النظام المالي في عهد عمر بن الخطاب حقق التوازن بين مصلحة الفرد ومصلحة الجماعة ... وهذا التوازن أقامه على الحق والعدل والتكافل الاجتماعي والتضامن القائم على المحبة والإيثار. 2. نظام التكافل والتضامن الاجتماعي الذي كان أحد ثمرات السياسة المالية لعمر لم يشمل المسلمين فحسب بل كفل جميع رعايا الدولة من مسلمين وذميين.

60 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
3. السياسة المالية قائمة على التطور ومواجهة الظروف المتغيرة حيث نجد أن عمر باجتهاده في التطبيق ولفهمه الموفق للكتاب والسنة وضع قواعد مالية تحول دون الشطط فهو أول من أنشأ بيت المال بصورته المكانية ودون الديوان وفرض العطاء ووضع التنظيم الإداري والفني، وأتبع ذلك بنظام دقيق للرقابة والتقييم فحافظ بذلك على المال العام وضبط المصروفات وطبق بحق فكره المالي الذي يقضي بأن المال لا يؤخذ إلا من حله ولا يوضع إلا في حقه (وما أحد إلا وله في هذا المال حق وما أحد حق به من أحد فكان رضي الله عنه خير خليفة وخير مستخلف...).

61 4.3.7 النظام المالي في عهد عثمان بن عفان:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام 4.3.7 النظام المالي في عهد عثمان بن عفان: 1. وجد عثمان بن عفان حينما تولى الخلافة نظاماً مالياً محكماً وأساساً قوياً ثابتاً فلم يغير من سياسة عمر ونظامه وحكمه، فأقر العمال في ولايتهم المالية. 2. زادت الأموال في عهده زيادة عظيمة فتطلع الناس إلى الغنى وطلبوا المال من وجوهه، فسمح عثمان للمسلمين باقتناء الثروات وتشييد القصور وامتلاك المساحات الواسعة من الأراضي فقد زالت عن المسلمين شدة عمر التي كانت ترهبهم وتخيفهم والتي كانت تحول دون الكثير مما يشتهون وكان عهد عثمان بن عفان عهد رخاء على المسلمين.

62 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
3. نهج عثمان نهج عمر ففاضل في العطاء بين الناس وأمر ولاته بذلك وأكثر من العطاء نظراً للزيادة في جباية الأموال. 4. حينما كثرت الأموال وزادت الإيرادات في عهد عثمان رأى رضي الله عنه في الخراج والجزية غناء له عن أن يشغل نفسه بجمع الزكاة واكتفى بجمع زكاة الأموال الظاهرة فقط وهي زكاة الزروع والثمار والإبل والبقر والغنم، وترك للناس أن يؤدون بأنفسهم زكاة الأموال الباطنة وهي زكاة النقود وعروض التجارة وذلك كي لا يقوم بالتفتيش على النواحي الباطنية ويرهق الأغنياء بل تركهم لدينهم في هذه المسألة وخصوصاً أن منهم من له أقارب فقراء يريد أن يبرهم من مال زكاته.

63 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
وقد رأي الفقهاء في عمل عثمان بن عفان ما يخالف عمل النبي وأبي بكر وعمر إلا أنهم حاولوا أن يخرجوا عمله على أساس ما عمله من قبل، فقالوا أن عثمان أناب عنه بالنسبة للأموال الباطنة أرباب الأموال ليصرفوها في مصارفها ولذلك قرروا أنه لو ثبت أنهم لا يؤدونها أجبرهم على أدائها إليه وتولى هو توزيعها، فهو لم يتخل عن الأصل ولكنه تصرف في أدائها بما يناسب زمنه وقد قرر الفقهاء بالإجماع أنه لو بلغ الإمام أن أهل قرية لا يؤدون زكاة الأموال الباطنة جمعها منهم.

64 5.3.7 النظام المالي في عهد علي بن أبي طالب:
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام 5.3.7 النظام المالي في عهد علي بن أبي طالب: سار علي بن أبي طالب في الأموال وجمعها وتوزيعها على ما سار عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان يسير كذلك على ما رآه عمر من المفاضلة في العطاء بين الناس، وكان زاهداً في المال العام كعمر، حريصا على ألا ينال منه أحد إلا حقه ولا يسأل عنه إنسان فوق ما يستحقه وكان يوصى بذلك الولاة. وقد روي أن أخاه عقيلاً طلب إليه شيئاً من بيت المال ولكن على لم ير أن له حقاً فيه فمنعه من ذلك وقال له: ليس لك في هذا المال غير ما أعطيتك ولكن أصبر حتى يجئ مالي فأعطيك منه فأغضب هذا القول عقيلاً وتركه وذهب إلى معاوية في الشام.

65 4.7 بعض الجوانب الهامة الخاصة بالنظام المالي الإسلامي.
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام 4.7 بعض الجوانب الهامة الخاصة بالنظام المالي الإسلامي. هناك أيضاً في تاريخ النظام المالي الإسلامي بعض الجوانب التي تنتشر في كل العصور سواء عصر الخلفاء الراشدين أو من أتى بعدهم ويمكن – بإيجاز– تلخيص هذه النقاط في الآتي. 1. أن المالية العامة في الإسلام لعبت دوراً له أهميته في التنمية الاقتصادية وكان للنظام المالي الإسلامي سبقه في إرساء بعض قواعد المالية العامة التي لم يهتد إليها علماء المالية المحدثون في المجتمع ونستشهد على ذلك بما يلي: ( أ ) أن عمرو بن العاص، والي مصر من قبل عمر بن الخطاب رضي الله عنه لم يكن يرسل إلى الخلافة في المدينة الخراج المطلوب إلا بعد إقطاع ما تحتاج إليه البلاد من حفر خلجها وإقامة جسورها وبناء قناطرها وقطع جزرها.

66 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
(ب ) أن علي بن أبي طالب جعل هذا الهدف، أي تنمية اقتصاديات البلاد المفتوحة، أحد معالم السياسة المالية للدولة الإسلامية، فقد كتب إلى أحد ولاته (وتفقد أمر الخراج بما يصلح أهله، فإن في إصلاحه وصلاحهم صلحاً لمن سواهم ولا صلاح لمن سواهم إلا بهم، لأن الناس كلهم عيال على الخراج وأهله، وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج لأن ذلك لا يدرك إلا بالعمارة، ومن طلب الخراج من غير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد، ولم يستقم أمره إلا قليلاً، وإنما يأتي خراج الأرض من أعواز أهلها وإنما يعوز أهلها لإشراف الولاة على الجميع وسوء ظنهم بالبقاء وقلة انتفاعهم بالعبرة).

67 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
2. فيما يتعلق بالتنظيم المالي في الولايات الإسلامية نجد هذه الملامح العامة: ( أ ) أن عملية تقدير الالتزامات التي فرضت على الأرض – كأهم نشاط اقتصادي في ذلك الوقت – خصصت لمبدأ الطاقة وهو ما يُعرف في القواعد المالية الحديثة بمبدأ العدالة الضريبية كما روعي فيها التقدير من الواقع وليس فرض التزام معين دون دراسة ومعرفة بالواقع ومما يدل على هذا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث بعثمان بن حنيف وحذيفة بن اليمان إلى العراق لدراسة النظم المالية التي كان يعامل بها الساسانيون أهل العراق، ولمسح أرض العراق وتقدير الالتزام المالي عليها، وهذا ما يعرف في علم المالية الحديثة بمبدأ اليقين أو مبدأ التحديد.

68 وهذا ما يعرف في علم المالية العامة الحديثة بمبدأ الملائمة في التحصيل.
الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام (ب ) وروعي في النظام المالي الإسلامي الذي طبق على الولايات الإسلامية أن يتفق وفترة تسلمهم لإيرادات محصولهم، وقد فعل عمرو بن العاص ذلك بالنسبة لمصر، إذ لم يرسل الخراج إلى دار الخلافة إلا بعد أن يفرغ الناس من الزراعة ويجنون محاصيلهم، وقد ورد ذلك في كتاب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قال عمرو بن العاص (فقد أتاني كتاب أمير المؤمنين يستبطئني في الخراج ويزعم أني أحيد عن الحق، وأنكب عن الطريق، وأني والله ما أرغب عن صالح ما تعلم ولكن أهل الأرض استنظروني إلى أن تدرك غلتهم، فنظرت المسلمين فكان الرفق بهم خيراً من أن يخرق بهم، فيصيروا إلى بيع ما لا غنى عنه والسلام). وهذا ما يعرف في علم المالية العامة الحديثة بمبدأ الملائمة في التحصيل.

69 الفصل السابع/ مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام
( ج ) أنه في عهد الأمويين حدث تطور كبير فيما يتعلق بتبعية الولايات من الناحية المالية، إذ صاحب قيام الدولة الأموية تطور هام في النظام المالي قوامه حصول الولايات على أكبر قدر من الاستقلال في شئونها المالية وصار لكل ولاية نظامها المميز لها ويتفق مع ظروفها المحلية إلى جانب القواعد التي سبق إقرارها. ( د ) كما أن عهد الأمويين شهد أيضاً تعريب ديوان الخراج وكان الدافع إلى ذلك تمكين الولاة العرب من الإشراف إشرافاً تاماً على شئون ولاياتهم المالية..).


تنزيل العرض التّقديمي "مقدمات أساسية لدراسة المالية العامة في الإسلام"

عروض تقديميّة مشابهة


إعلانات من غوغل