توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية
تمهيد
ما معنى أن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية ؟ ولماذا ؟
المراد بكون توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية المراد بأن توحيد الربوبيَّة مستلزمٌ لتوحيد الألوهيَّة: أن مَن أقرَّ بتوحيد الربوبية، لزمه أن يقرَّ بتوحيد الألوهية، فمن أقرَّ أن الله تعالى هو الذي خلقه ورزقه، فيلزمه أن يعبدَه وحده لا شريك له.
المراد بكون توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية وتوضيح ذلك: أن مَن أقرَّ بتوحيد الربوبية لله فاعترف بأنه لا خالق ولا رازق ولا مدبِّر للكون إلا الله عز وجل، لزمه أن يقر بأنه لا يستحق العبادة بجميع أنواعها إلا الله سبحانه ، وهذا هو توحيد الألوهية، فإن الألوهية: هي العبادة فالإله معناه المعبود فلا يُعبد إلا الله ولا يُدعى إلا هو، ولا يُستغاث إلا به، ولا يُتوكل إلا عليه، ولا تُذبح القرابين وتُنذر النذور إلا له، ولا تُصرف جميع أنواع العبادة إلا إليه.
توحيد الربوبية باب لتوحيد الألوهية إن الطريق الفطري والعقلي لإثبات توحيد الألوهية هو : الاستدلال عليه بتوحيد الربوبية ، فإن الإنسان يتعلق أولاً بمن خلقه ، ثم ينتقل بعد ذلك إلى الوسائل التي تقرِّبُهُ إلى خالقه ، وترضيه عنه ، وتوثق الصلة بينه وبينه، فتوحيد الربوبية باب لتوحيد الألوهية.
طريقة القرآن الكريم في الاستدلال بالربوبية على الألوهية توحيد الربوبية دليل على الألوهية، ولهذا كثيرًا ما يحتج الله سبحانه وتعالى على المشركين المنكرين لتوحيد الألوهية، بما أقرُّوا به من توحيد الربوبية، ومن ذلك: 2- قول الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (21) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ )
طريقة القرآن الكريم في الاستدلال بالربوبية على الألوهية 3- قول الله تعالى: (ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ ) . 4- قول الله تعالى: (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آَللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ) وهذا استفهام إنكاري يتضمن نفي أن يكون مع الله إلهٌ آخر .
لا يكون العبد موحدا بمجرد اعترافه بتوحيد الربوبية إن العبد لا يكون موحِّدًا بمجرد اعترافه بتوحيد الربوبية حتى يقرَّ بتوحيد الألوهية، ويعمل به، وإلا فإن المشركين كانوا مقرِّين بتوحيد الربوبية ولم يدخلهم ذلك في الإسلام، وقاتلهم رسول الله وهم يقرُّون بأن الله هو الخالق الرازق المحيي المميت كما في الآيات السابقة، وكما في قوله تعالى (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ ) ،
لا يكون العبد موحدا بمجرد اعترافه بتوحيد الربوبية وهذا كثير في القرآن، فمن زعم أن التوحيد هو مجرد الإقرار بوجود الله، أو الإقرار بأن الله هو الخالق المتصرف في الكون فقط لم يكن عارفًا بحقيقة التوحيد الذي دعت إليه الرسل عليهم السلام.
التقويم