النَّبي عاموسُ (عا 1/1- 9/15)

إنَّ عاموسَ النَّبِيَّ هُوَ أقْدَمُ نَبِيِّ، وَالأوَّلُ مِنْ سُلالَةٍ جَديدَةٍ هِيَ سُلالَةُ الأنْبِياءِ الَّذينَ جَرَتِ العادَةُ في تَسْمِيَتِهِم ”الأنْبِياءُ الكُتَّابُ“.

زَمانُ النَّبي وَشَخْصِيَّتُهُ

إنَّ زَمانَ تَدَخُّلِ النَّبيِّ عاموسَ هُوَ في الرُّبْعِ الثاني مِنَ القَرْنِ الثامِنِ قَبْلَ المَسيحِ، الَّذي اشْتَهَرَ فيهِ مُلْكُ يارُبْعامَ الثّاني في إسْرائِيلَ(787-747)وَمُلْكُ عُزِّيَّا في يَهُوذا(781-740)، كَما وَرَدَ في عُنْوانِ سِفْرِ عاموسَ(1/1).

إنَّهُ يَتَقَدَّمُ هُوشَعَ النَّبِيَّ بِنَحْوِ عَشْرِ سَنَوات إنَّهُ يَتَقَدَّمُ هُوشَعَ النَّبِيَّ بِنَحْوِ عَشْرِ سَنَوات. وَيُوْحِيَ اسْمُ عاموسَ في العِبْرِيَّةِ بِفِعْلِ «حَمَلَ». لَعَلَّهُ الصّيغَةُ المُخْتَصَرَةُ لاسْمِ عامُوشِيا، أيْ «حَمَلُ اللَّهِ».

يُعَرِّفُ عاموسُ نَفْسَهُ بِأنَّهُ راعِيَ بَقَرٍ (1/1و7/14) يُعَرِّفُ عاموسُ نَفْسَهُ بِأنَّهُ راعِيَ بَقَرٍ (1/1و7/14). إنَّهُ مِنْ سُكَّانِ اليَهودِيَّةِ، يُقيمُ في تَقوَع وَهْيَ قَرْيَةٌ قَريبَةٌ مِنْ بَيْتَ لَحْمَ، في أرْضِ تِلالٍ صالِحَةٍ لِتَرْبِيَةِ الدَّواجِنِ.

رِسالَةُ عاموسَ

تَتَّسِمُ رِسالَةُ عاموسَ بِطابَعٍ ”مَسْكونِيٍّ“ خاصٍّ: فَذاكَ الَّذي هُوَ مِنْ رَعايا مَمْلَكَةِ يَهوذا يُؤْمَرُ بَالتَّنَبُّؤ لإسْرائيلَ(1/1و7/15).

قُدومُهُ إلى مَمْلَكَةِ الشَّمالِ عَلامَةُ وَحْدَةٍ، فَإسْرائيلُ، وَإنْ كانَ مُنْقَسِمًا عَلى الصَّعيدِ السِياسِيِّ، بَلْ عَلى الصَّعيدِ الدِّينِيِّ أيْضًا،

لا يَزالُ شَعْبًا واحِدًا في نَظَرِ اللَّهِ الَّذي اخْتارَهُ وَالَّذي سَيُحاسِبَهُ.وَمَهْما يَكُنْ مِنْ أمْرٍ، لَمْ تَتَجاوَزْ رِسالَةُ عاموسَ بِضْعَةَ أشْهُرٍ، خِلافًا لِرِسالَةِ كِبارِ الأنْبِياءِ الَّذينَ جاؤوا بَعْدَهُ.

مِنَ الراجِحِ أنَّها توَقَّفَتْ حينَ أبْلَغَ كاهِنُ بَيْتَ إيلَ المَلِكَ عَنْ عامُوسَ، فَطَرَدَهُ لأنَّهُ يُخِلُّ بِالنِّظامِ العام(7/10-17).

مَضْمونُ رِسالَتِهِ اللائحة رجوع التالي

كانَ اللَّهُ قَدْ ظَهَرَ لِعامُوسَ مِنْ خِلالِ خَمْسِ رُؤًى هِيَ المَوضوعُ الرَّئيسِيُّ لِفُصولِ الكِتابِ الثلاثةِ الأخيرَةِ(7-9). فَبَعْدَ أنْ تَشَفَّعَ عامُوسُ لِشَعْبِهِ وَنالَ لَهُ الغُفْرانَ مَرَّتينِ،

عَلِمَ مِنَ اللَّهِ بِأنْ لَنْ يَكونَ غُفْرانٌ بَعْدَ ذلِكَ: ”فَقالَ لِيَ الرَّبُّ: «ماذا أنْتَ راءٍ، يا عاموس»؟ فَقُلْتُ: مِطْمارًا. فَقالَ السَّيِّدُ: ”هاءَنَذا أجْعَلُ مِطْمارًا في وَسْطِ شَعْبي إسرائيلَ، وَلا أعودُ أعْفُوَ عَنْهُ“(7/8). وَبِأنَّ بَيْتَ يَعْقوبَ سَيُدَّمَرُ، وَلكِنْ لا تَدْميرًا تامًّا(9/8).

وَمَوضوعُ رِسالَةِ عاموسَ هُوَ عَظَمَةُ اللَّهِ وَسُلْطانُهُ وَبِرُّهُ، وَهْيَ أمورٌ تَشْمُلُ جَميعَ الأمَمِ، يُضافُ إلَيها عَطْفُهُ الخاصُّ عَلى شَعْبِ إسْرائيلَ وَالَّذي لا رَجْعَةَ عَنْهُ.

إلهُ عامُوسَ إلهٌ غَيورٌ ذُو مَحَبَّةٍ لا تَنْثَني، قَدْ يُقَرِّرُ أنَّ ثِقَلَ العالَمِ الشِّريرِ سَيَجُرُّ النَّاسَ بَعيدًا عَنْهُ.

وَتَتَضَمَّنُ رِسالَةُ عاموسَ، مِنْ جِهَةٍ، كَشْفًا مُثَقَّلاً بِالإنْذاراتِ وَالتَّهْديداتِ لإسْرائِيلَ(3/1-6/14) وَكَشْفًا يَتَفَتَّحُ لِلرَّجاءِ، مِنْ جِهَةٍ أخْرَى(5/15 و9/8).

فَمَعَ أنَّ اللَّهَ وَعَدَ بَني إسْرائِيلَ بِالعِقابِ، بِسَبَبِ سُوءِ سُلوكِهِمْ، فَإنَّهُ لا يَحْرُمُهُمْ مِنْ كُلِّ رَجاءٍ(9/11-15). عودة