باب صلاة أهل الأعذار 1-المراد بأهل الأعذار وتحديد المرض والسفر المبيحين للقصر والجمع 2-صفة صلاة المريض والعاجز 3-كيفية الصلاة في وسائل النقل المتنوعة
تلزم المريض الصلاة قائماً المريض هو من عجز القيام أو طال مرضه أو لحقه مشقة شديدة (أطلق المؤلف القيام) قائم معتمداً على عصاً أو معتمداً على جدارٍ أو عمودٍ، أو إنسانٍ؛ يصلِّي قائماً ولو معتمداً. مستند يقوم على قدميه ويستند على جدار قائم ولو مع انحناء ظهره كالراكع ضابط الانتقال من الصلاة قائماً إلى الصلاة جالساً لأن بعضَ النَّاسِ أحياناً يكون في تَعَبٍ وسَهَرٍ، فيشقُّ عليه القيامُ. الجواب: الضَّابطُ للمشقَّةِ: ما زالَ به الخشوع؛ والخشوعُ هو: حضورُ القلبِ والطُّمأنينةُ، فإذا كان إذا قامَ قَلِقَ قلقاً عظيماً ولم يطمئنَّ، وتجده يتمنَّى أن يصلِ إلى آخر الفاتحةِ ليركعَ مِن شدَّةِ تحمُّلهِ، فهذا قد شَقَّ عليه القيامُ فيصلي قاعداً.
فإن لم يستطع فجالساً أي هيئة من هيئات الجلوس تجوز لكن الأفضل إن كان في حال القيام والركوع (متربع) والسجود (الافتراش)
فإن عجز فعلى جنبه، فإن صلى مستلقياً إذا صلى مضطجعاً على جنبه أو مستلقياً على ظهره فإنه يومئ برأسه في الركوع والسجود إلى صدره قليلاً في الركوع وكثيراً في السجود
فإن عجز أومأ بعينيه من عجز عن أفعال الصلاة تسقطُ عنه الأفعالُ فقط؛ لأنها هي التي كان عاجزاً عنها، وأما الأقوالُ فإنَّها لا تسقطُ عنه، لأنه قادرٌ عليها، وقد قال الله تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] فنقول: كَبِّرْ، واقرأْ، وانْوِ الرُّكوعَ، فكبِّرْ وسبِّحْ تسبيحَ الرُّكوعِ، ثم انْوِ القيامَ وقُلْ: «سَمِعَ الله لمن حمِدَه، ربَّنا ولك الحمدُ» إلى آخرِه، ثم انْوِ السُّجودَ فكبِّرْ وسبِّحْ تسبيحَ السُّجودِ؛ لأن هذا مقتضى القواعد الشرعيَّةِ {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن: 16] فإن عَجَزَ عن القولِ والفعلِ بحيث يكون الرَّجُلُ مشلولاً ولا يتكلَّم، فماذا يصنع؟ الجواب: تسقط عنه الأقوالُ والأفعالُ، وتبقى النِّيةُ، فينوي أنَّه في صلاةٍ، وينوي القراءةَ، وينوي الركوعَ والسجودَ والقيامَ والقعودَ. هذا هو الرَّاجحُ؛ لأن الصَّلاةَ أقوالٌ وأفعالٌ بنيَّةٍ، فإذا سقطت أقوالُها وأفعالُها بالعجزِ عنها بقيت النِّيةُ،
ولمريض الصلاة مستلقياً مع القدرة على القيام للمداواة بقول طبيب مسلم عُلِمَ مِن كلامِ المؤلِّفِ: أنَّه لو أمرَه بذلك غيرُ طبيب، يعني: أمرَه إنسانٌ عادي مِن الناس، قال له: أظنُّ أنك إذا قمت تصلِّي قائماً فإن ذلك يضرُّك. فلا يرجع إلى قوله، ولكن هذا ليس على إطلاقه، لأنه إذا عَلِمَ بالتجربة أن مثل هذا المرض يضرُّ المريضَ إذا صلَّى قائماً فإنه يعمل بقول شخص مجرِّبٍ وذهب بعضُ أهلِ العِلم إلى اشتراطِ الثقةِ فقط دون الإِسلام، وقال: متى كان الطبيبُ ثقةً عُمِلَ بقولِه وإنْ لم يكن مسلماً. واستدلُّوا لذلك: بأنَّ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم عَمِلَ بقول الكافر حال ائتمانه؛ لأنه وَثِقَ به فقد استأجرَ في الهجرةِ رَجُلاً مشركاً مِن بني الدِّيلِ، يُقال له: عبدُ الله بن أُريقط ليدلَّه على الطريق مِن مكَّة إلى المدينة (1)، مع أنَّ الحالَ خطرةٌ جداً أن يعتمد فيها على الكافر، لأن قريشاً كانوا يطلبون النبي صلّى الله عليه وسلّم وأبا بكر حتى جعلوا لمن جاء بهما مائتي بعير، ولكن لما رأى النبي صلّى الله عليه وسلّم أنه رجل أمين، وإن كان كافراً ائتمنه ليدله على الطريق
ويصح الفرض على الراحلة خشية التأذي بالوحل وقيد المؤلف الصلاة بكونها فرضاً، لأن النفل على الراحلة جائز، سواء خشي التأذي أم لم يخش؛ لأنه ثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم: «أنه كان يصلي النافلة على راحلته حيثما توجهت به» ما يشترط في صلاة الفرض على الراحلة يجب أن يستقبل القبلة في جميع الصلاة؛ لأنه قادر عليه إذ يمكنه أن يتوقف في السير ويوجه الراحلة إلى القبلة ويصلِّي. أما الركوع والسجود فيومئ بالركوع والسجود، لأنه لا يستطيع، والقيام أولى، هذا على الرواحل التي يعرفها العلماء رحمهم الله، وهي الإِبل والحمير والخيل والبغال وشبهها، والصلاة على الرواحل لا يخلو من أحوال: 1 - أن يكون في الراحلة مكان مخصص للصلاة, ويستطيع المصلي أن يأتي بأفعال الصلاة كاملة من قيام وركوع وسجود ونحو ذلك, فهذا له أن يصلي على الراحلة حتى ولو كان يعلم أنه يصل قبل خروج الوقت. 2 - إذا لم يكن هناك مكان على الراحلة يستطيع من خلال ذلك أن يأتي بهيئة الصلاة كاملة, فهنا لا يخلو من حالتين: أ. أن يصل قبل خروج الوقت, ففي هذه الحالة يؤخر الصلاة حتى يصل. ب. أن يصل بعد خروج الوقت, فهنا يؤخر الصلاة بنية الجمع إذا كانت تجمع مع التي بعدها, وكان يصل قبل خروج وقت الصلاة الثانية, أما إن كانت الصلاة لا تجمع مع التي بعدها, أو كانت تجمع لكن لا يصل إلا بعد خروج وقت الثانية, فإنه في هذه الحالة يصلي على حسب حاله, وعليه استقبال القبلة في كل الفرض إن تمكن منه, ولا يؤخر الصلاة حتى يخرج الوقت.
من سافر سفراً مباحاً أربعة برد الصحيح في نوع السفر: أن كل ما يسمى سفراً فإنه يشرع فيه القصر سواء كان سفر طاعة أو مباح أو معصية لعموم قوله تعالى (وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة)
إذا فارق عامر قريته قوله: «إذا فارق عامر قريته» هذا شرط ابتداء القصر، يعني: لا يقصر إلا إذا فارق عامر قريته. المفارقة: ليس المراد بها أن يغيب عن قريته؛ لأنها ربما لا تغيب عن نظره إلا بعد مسافة طويلة، بل المراد بالمفارقة: المفارقة البدنية، لا المفارقة البصرية، أي: أن يتجاوز البيوت، ولو بمقدار ذراع، فإذا خرج من مسامتة البيوت ولو بمقدار ذراع فإنه يعتبر مفارقاً. وقوله: «عامر قريته» لم يقل بيوت قريته؛ لأنه قد يكون هناك بيوت قديمة في أطراف البلد هجرت وتركت ولم تسكن، فهذه لا عبرة بها، بل العبرة بالعامر من القرية، فإذا قدر أن هذه القرية كانت معمورة كلها، ثم نزح أهلها إلى جانب آخر وهجرت البيوت من هذا الجانب فلم يبق فيها سكان فالعبرة بالعامر، فإن كان في القرية بيوت عامرة ثم بيوت خربة ثم بيوت عامرة، فالعبرة بمفارقة البيوت العامرة الثانية وإن كان يتخللها بيوت غير عامرة. وقوله: «إذا فارق عامر قريته» أضافها إلى نفسه ليفيد أن المراد قريته التي يسكنها، فلو فرض أن هناك قريتين متجاورتين، ولو لم يكن بينهما إلا ذراع أو أقل، فإن العبرة بمفارقة قريته هو، وإن لم يفارق القرية الثانية الملاصقة أو المجاورة. *لا يشترط في القصر قطع المسافة التي يسمى بها الإنسان مسافراً ما دام أنه ذاهب إلى ما يثبت أنه سفر يقيناً بمعنى لو خرج الإنسان من بلده إلى بلد تبعد عنه 300كلم فإن هذا يسمى سفراً يقيناً في جميع الأقوال فإنه يجوز له القصر أول ما يفارق عامر المساكن ولا يشترط أن تمضي عليه بضعا وثمانين كيلا أو يقطع ما يسمى سفراً عرفاً
على المذهب الصحيح إن أحرم حضراً ثم سافر يتم الصلاة أحرم في السفر ثم أقام لا يلزمه الإِتمام لأنه ابتدأ الصلاة في حال يجوز له فيها القصر فكان له استدامة ذلك ولا دليل بيّناً على وجوب الإِتمام. ذكر صلاة حضر في سفر ذكر صلاة سفر في حضر إذا ذكر صلاة سفر في حضر صلاها قصراً لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها» أي: فليصلها كما هي، وهذا الرجل ذكر أنه لم يصل الظهر وهي ركعتان في حقه، فلا يلزمه الإِتمام، ونقول: كما قلنا في التي قبلها فهذه صلاة وجبت عليه في سفر، وصلاة السفر مقصورة فلا يلزمه إتمامها. ائتم بمقيم ائتم بمن يشك فيه لا يلزمه الإِتمام في هذه الصورة لأن الأصل في صلاة المسافر القصر، ولا يلزمه الإِتمام خلف الإِمام إلا إذا أتم الإِمام وهنا لم يتم الإِمام. أحرم بصلاة يلزمه إتمامها ففسدت وأعادها إذا أحرم بصلاة يلزمه إتمامها ففسدت وأعادها في حال يجوز له القصر، فإنه لا يلزمه الإِتمام. لأن التبعية زالت فلا يلزمه إلا صلاة مقصورة لم ينو القصر عند إحرامها أنه لا يلزمه الإِتمام، بل يقصر؛ لأنه الأصل، وكما أن المقيم لا يلزمه نية الإِتمام، كذا المسافر لا يلزمه نية القصر. شك في نيته يقصر ولا يلزمه الإِتمام، لأن الأصل في صلاة المسافر القصر. نوى إقامة أكثر من أربعة أيام
صور تذكر الصلاة التي نسيها الإنسان 1 ـ ذكر صلاة سفر في سفر، يقصر. 2 ـ ذكر صلاة حضر في حضر، يتم. 3 ـ ذكر صلاة سفر في حضر، يقصر على الصحيح. 4 ـ ذكر صلاة حضر في سفر، يتم.
حكم من سافر بعد دخول وقت الصلاة وقبل فعل الصلاة مثال رجل في بلدته وأراد السفر وبعد أن أذن المؤذن لصلاة الظهر خرج من بلدته مسافراً ثم وقف في الطريق ليصلي الظهر فالصحيح والله أعلم أنه يصليها صلاة سفر ركعتين لأن وقت الصلاة موسع فهو في أثناء سفره يؤدي الصلاة لا يقضيها فحاله في الأداء حال سفر فيصليها ركعتين دخل وقت الصلاة وهو في السفر ثم دخل بلده فإنه يتم اعتباراً بحال فعل الصلاة.
من سافر من أجل أن يترخص فهل له ذلك أم لا؟ مثال ذلك: رجل سافر من أجل أن يقصر الصلاة, أو من أجل أن يفطر في نهار رمضان مثلاً, فهنا الراجح أنه لا يترخص, لأنه يعاقب بنقيض قصده, فكل من أراد التحايل على إسقاط الواجب, أو فعل المحرم عوقب بنقيض قصده. لو خرج الإنسان مسافراً وبعد أن فارق عامر قريته صلى وقصر الصلاة ثم حصل له عذر منعه من استكمال السفر فرجع إلى بلده فهل يعيد الصلاة التي قصرها ثانية أم لا؟ لا يعيد, لأن المعتبر نية المسافة لا حقيقتها, ولأنه أتى بها بأمر الله موافقة لشرعه, فتكون مقبولة, ولقول النبي - في حديث عائشة رضي الله عنها {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} , فمفهوم ذلك أن من عمل عملاً عليه أمر الله ورسوله فهو مقبول.
وإن حبس، ولم ينو الإقامة، أو أقام لقضاء حاجة بلا نية إقامة، قصر أبداً قوله: «وإن حبس» أي: منع من السفر. قوله: «ولم ينوِ إقامة» أي: لم ينوِ أن يبقى مدة محددة فإنه يقصر ولو طالت المدة. وقول المؤلف: «حبس» لم يبيّن نوع الحبس فيشمل: من حبس ظلماً، ومن حبس بحق، ومن حبس بعدو، ومن حبس بمرض، ومن حبس في تغيرات جوية، ومن حبس بخوف على نفسه، فمن منع السفر بأي سبب كان فإنه يقصر. وقوله: «ولم ينوِ إقامة» هذا شرط لا بد منه، فإن نوى إقامة مطلقة لا إقامة ينتظر بها زوال المانع فإنه يتم. قوله: «أو أقام لقضاء حاجة بلا نية إقامة» أي: لم ينوِ إقامة مطلقة. قوله: «قصر أبداً» ولو بقي طول عمره فإنه يقصر، لأنه إنما نوى الإِقامة من أجل هذه الحاجة، ولم ينوِ إقامة مطلقة، وهناك فرق بين شخص ينوي الإِقامة المطلقة وشخص آخر ينوي الإِقامة المقيدة، فالذي ينوي الإِقامة المقيدة لا يعد مستوطناً، والذي ينوي الإِقامة المطلقة يعد مستوطناً.
ذهب بعض أهل العلم إلى أن المسافر له أن يقصر الصلاة ويفعل جميع رخص السفر حتى يقيم أو ينوي الإقامة بمكان صالح للإقامة مدة يعتبره الناس بسببها مقيماً حسب ما هو متعارف عليه بينهم وذليل هذا القول قاعدة الأسماء المطلقة في الشريعة وهي أن كل اسم علق به حكم شرعي وليس له حد في اللغة ولا في الشرع فإنه يرجع فيه إلى العرف، وهذا هو الأقرب وعلى هذا من أقام في بلد للدراسة أو في دورة تدريبية أو للعمل في سفارة أو تدريس أو غيرهما ونحو ذلك وسكن فيما يسكن فيه أمثاله في أماكن إقامتهم وكانت مدة إقامته طويلة عرفاً فإنه لا يجوز أن يترخص برخص السفر لأنه لا يسمى مسافراً
يجوز الجمع بين الظهرين وبين العشائين والصحيح أن الجمع للمسافر جائز لكنه في حق السائر مستحب وفي حق النازل جائز غير مستحب إن جمع فلا بأس، وإن ترك فهو أفضل. أي: الأفضل أنه لا يجمع إلا إذا كان في ترك الجمع مشقةٌ عليه، فالأفضل أن يجمعَ.
وبين العشائين لمطر يبل الثياب الراجح: يجوز الجمع بعذر المطر بين الظهرين وبين العشائين تقديماً وتأخيراً لأن العبرة بوجود المشقة والحرج ولابد من وجود المشقة التي تلحق الناس بسبب ترك الجمع عند نزول المطر، أما إذا لم توجد مشقة فلا يجوز الجمع لأجل المطر. ومن أحسن ما يضبط هذه المسألة هو أن يُنظر إلى مدى تأثير هذا المطر على دنيا الناس؛ لأنها في الحقيقة هي التي تبين وجود المشقة من عدمها، فإذا كان الناس قد لزم كثير منهم بيوتهم بسبب المطر، وتأثرت الحركة التجارية؛ أُغلقت بعض المحلات، وتأثرت حركة الناس في الشوارع، فمعنى ذلك أنه يوجد حرج، فيجوز الجمع. أما إذا كانت دنيا الناس لم تتأثر، فلم يلزم الناس بيوتهم، والمحلات التجارية كما هي كل يوم، وحركة الناس في الشوارع كالمعتاد، إذًا لماذا ما تكون المشقة إلا في الصلاة فقط؟! فهذا هو الذي يضبط لك المسألة، ويُلاحظ التساهل الكبير من بعض أئمة المساجد في الجمع، مع عدم وجود المشقة الظاهرة، وهذا لا يجوز؛ لأن الأصلَ أن تُصلى كل صلاة في وقتها، وهذا الأصل من الأمور المحكمة التي دلت عليها النصوص الكثيرة، ولا يُعدل عن هذا الأصل ويُجمع بين الصلاتين إلا لعذرٍ واضحٍ، فلابد من وجود مشقةٍ ظاهرة. (الشيخ سعد الخثلان)
ولكن لا تنحصر في هذه الأسباب، بل التي ذكرها المؤلف كالتمثيل لقاعدة عامة وهي: المشقة، ولهذا يجوز الجمع للمستحاضة بين الظهرين، وبين العشائين لمشقة الوضوء عليها لكل صلاة، ويجوز الجمع أيضاً للإِنسان إذا كان في سفر وكان الماء بعيداً عنه، ويشق عليه أن يذهب إلى الماء ليتوضأ لكل صلاة، حتى وإن قلنا بعدم جواز الجمع في السفر للنازل، وذلك لمشقة الوضوء عليه لكل صلاة. وممن يجوز له الجمع من أجل المرض جمع تقديم أو جمع تأخير من يجرى له غسيل الكلى في وقت الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء ويشق عليه أداء الصلاة في وقتها فيجمع بين الظهرين أو بين العشائين في وقت الصلاة الذي ليس لديه غسيل فيه ويجوز الجمع أيضا لمريض الربو الذي يشق عيه الوضوء سكان المناطق التي يتأخر فيها غياب الشفق الأحمر تأخيراً كثيراً فيتأخر دخول وقت العشاء بحيث يشق عليهم انتظار خول وقتها فيجوز لهم جمع العشاء مع المغرب جمع تقديم دفعاً للمشقة
ولو صلى في بيته أو في مسجد طريقه تحت ساباط المقصود هل يجوز في المطر أن يجمع المصلي في بيته وكذلك هل يجوز الجمع لمن كان بين بيته والمسجد سقف يقيه من المطر وهاتان الصورتان في حال المطر لكن لا مشقة معهما فالأول صلى في بيته فلن يصيبه المطر وكذلك الثاني الذي صلى في المسجد لن يصيبه المطر لأن طريقه إلى المسجد مسقوف المذهب: يجوز لهما الجمع الدليل: لأن الرخصة تعم الصحيح: أنه إذا كان لا يلحقه بترك الجمع في المطر حرج ومشقة فلا يجوز له الجمع إلا إذا خشي فوت الجماعة وبناء على ذلك من صلى في بيته فإنه لا يجوز له الجمع لعدم وجود الحرج والمشقة ولأنه لا يستفيد شيئاً بجمع الصلاة كأن يستفيد صلاة الجماعة وعلى ذلك فالمراة في بيتها لا يجوز لها الجمع بعذر جمع الصلاة بسبب المطر ولو كان المطر شديدا وأما الصورة الثانية وهو من كان طريقه مسقوفاً إلى المسجد لا يتأذى ولا يجد مشقة بالمطر فإنه يجوز له الجمع لأن عدم جمعه سبب في فوات الجماعة فيجمع ليحصل بذلك على أجر الجماعة
والأفضل فعل الأرفق من تأخير وتقديم فإن قال قائل: إذا تساوى الأمران عند الإِنسان التقديم أو التأخير فأيهما أفضل؟ فالجواب: قالوا: الأفضل التأخير، لأن التأخير غاية ما فيه تأخير الأولى عن وقتها، والصلاة بعد وقتها تعذر جائزة مجزئة، وأما التقديم ففيه صلاة الثانية قبل دخول وقتها، والصلاة قبل دخول الوقت لا تصح ولو لعذر، ولأنه أحوط حيث منع بعض المجوزين للجمع من جمع التقديم إلا في عرفة. الأفضل بعرفة والأفضل بعرفة جمع التقديم الأفضل بمزدلفة وبمزدلفة جمع التأخير مطلقا
شروط جمع التقديم فإن جمع في وقت الأولى: اشترط نية الجمع عند إحرامها والصحيح: أنه لا يشترط نية الجمع عند إحرام الأولى، وأن له أن ينوي الجمع ولو بعد سلامه من الأولى، ولو عند إحرامه في الثانية ما دام السبب موجوداً. مثال ذلك: لو أن الإِنسان كان مسافراً وغابت الشمس، ثم شرع في صلاة المغرب بدون نية الجمع، لكن في أثناء الصلاة طرأ عليه أن يجمع فعلى المذهب لا يجوز، وعلى القول الصحيح يجوز، ومثال آخر: لو سلم من صلاة المغرب ثم نزل مطر، يبيح الجمع جاز له الجمع. ولا يفرق بينهما إلا بمقدار إقامة ووضوء خفيف والقول الثاني في المسألة: أنه لا يُشترط هذا الشرط، وأن الموالاة ليست شرطًا لصحة الجمع، وهذا القول رواية عن الإمام أحمد، وهو القول الراجح، واختيار أبي العباس ابن تيمية، وجمع من المحققين من أهل العلم. والأحوط أن لا يجمع إذا لم يوالِ بينهما أن يكون العذر موجوداً عند افتتاحهما وسلام الأولى والصحيح أنه لا يشترط ذلك ويكفي وجود العذر عند افتتاح الصلاة الثانية وهل يشترط أن يكون موجوداً إلى انتهاء الثانية؟ الجواب: لا. فلو فرض أن الجمع كان لمطر، وأن المطر استمر إلى أن صلّوا ركعتين من العشاء ثم توقف، ولم يكن هناك وحل؛ لأن الأسواق مفروشة بالزفت، فلا يبطل الجمع؛ لأنه لا يشترط استمرار العذر إلى الفراغ من الثانية، ومثل ذلك: لو أن الإِنسان جمع لمرض وفي أثناء الصلاة الثانية ارتفع عنه المرض، فإن الجمع لا يبطل؛ لأنه لا يشترط استمرار العذر إلى الفراغ من الثانية. شروط جمع التأخير نية الجمع في وقت الأولى إن لم يضق عن فعلها استمرار العذر المبيح إلى وقت الثانية، فمثلًا إذا كان في سفرٍ يستمر العذر إلى أن يصلي الثانية، يعني لابد أن يصلي الثانية وهو في السفر، وعلى هذا إذا وصل إلى بلد الإقامة فليس له أن يجمع جمع تأخير. مثال ذلك: وصل المسافر لبلده وقت صلاة المغرب، وهو ناوي جمع التأخير، هل له أن يجمع جمع تأخير؟ لا، ليس له جمع تأخير؛ لأنه بوصوله إلى بلده انقطعت في حقه جميع رخص السفر، فنأمره بأن يصلي المغرب في وقتها ثم يصلي العشاء في وقتها، وليس له الجمع في هذه الحال؛ لأنه يُشترط للجمع استمرار العذر إلى وقت الثانية. لكن لو أراد أن يجمع جمع تقديم وهو يعلم بأنه سيصل قبل دخول وقت الثانية. مثالُ ذلك: رجل قدم من مكة إلى الرياض، وقبل أن يصل إلى الرياض بعشرين كيلو في وقت صلاة الظهر مثلًا جمع بين الظهر والعصر، ثم وصل إلى بيته قبل أذان العصر، هل يجوز؟ نعم يجوز، لا بأس بهذا، ولا يلزمه أن يصلي صلاة العصر مع الجماعة في المسجد؛ لأنه صلاها، جمعها جمع تقديم استمرار العذر إلى دخول وقت الثانية بقي الشرط الرابع وهو الترتيب، فيشترط الترتيب بأن يبدأ بالأولى ثم بالثانية؛ لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، ولأن الشرع جاء بترتيب الأوقات في الصلوات فوجب أن تكون كل صلاة في المحل الذي رتبها الشارع فيه،