الوقف والابتداء الوقف:
معرفة الوقف والابتداء من الأمور المهمة لقارئ القرآن الكريم لما يترتب عليه من إيضاح المعاني القرآنية للمستمع. والأصل في هذا الباب ما روي عن أم سلمة -رضي الله عنها - حين سئلت عن قراءة رسول الله ﷺ قالت: كان رسول الله ﷺ يُقَطِّع قراءته يقول: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ، ثم يقف {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ، ثم يقف، وكان يقرأ {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}. وفي رواية أخرى قالت: قراءة رسول الله -ﷺ : بسم الله الرحمن الرحيم. {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} . {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} . {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} . يقطْع قراءته آية آية . وما روي عن علي - رضي الله عنه - لما سئل عن معنى الترتيل في قوله تعالى: {وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا} فقال: الترتيل هو تجويد الحروف ومعرفة الوقوف.
الوقف والسكت والقطع لم يفرّق بعض العلماء بين الوقف والسكت والقطع وعرّفوها بمعنى واحد، وفرّق بينها آخرون واعطى كل مصطلح منها معنى خاصا: 1- الوقف: قطع الصوت على آخر كلمة زمنًا يتنفس فيه القارئ عادة بِنِيَّة استئناف القراءة. 2- السكت: قطع الصوت على آخر كلمة من غير تنفس زمنًا أقل من زمن الوقف. ويسمى (وقفة لطيفة) 3- القطع: قطع صوت القارئ عن القراءة رأسا بقصد الانتهاء منها.
أقسام الوقف: 4- اختياري. 3-اضطراري 2- اختباري 1- انتظاري .
1- الوقف الانتظاري وهو الوقف على الكلمة القرآنية بقصد استيفاء ما في الآية من أوجه الخلاف حين القراءة بجمع الروايات المتواترة، حيث يقف عند كلمة ليعطف عليها غيرها بوجوه القراءات الموجودة فيها.
2- الوقف الاختباري (بالباء الْمُوَحَّدَة) ويحصل عند سؤال مُمتحِن أو تعليم قارئ؛ وهو أن يقف على كلمة ليست محلا للوقف عادة؛ من أجل بيان حكم الكلمة الموقوف عليها من حيث الحذف والإثبات كما في كلمة: "الأيدي" من قوله تعالى: {وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي} فيوقف عليها بالإثبات، أما في قوله تعالى: {وَاذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُدَ ذَا الْأَيْدِ} فيوقف عليها بالحذف أو من حيث التاءات المفتوحة والتاءات المربوطة كما في كلمة: "امرأة" من قوله تعالى:{امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ} فيوقف عليهما بالتاء المفتوحة، أما في قوله تعالى: {وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ} فيوقف عليها بالهاء حسب الرسم العثماني.
3- الوقف الاضطراري وهو ما يَعْرِضُ للقارئ في أثناء قراءته بسبب ضرورة كالعطاس، أو ضيق نفس، أو عجز عن القراءة بسبب نسيان أو غلبة بكاء، أو أي عذر من الأعذار يضطره للوقف على أي كلمة من الكلمات القرآنية. وهذا الوقف جائز على أية كلمة، ولكن ينبغي للقارئ عندئذ وصلها بما بعدها إذا لم يكن قد تم المعنى ، وإذا كان المعنى قد تم فيحسن الابتداء بما بعدها.
4- الوقف الاختياري (باليَاءِ التَّحْتِيَّة) وهو أن يقف القارئ على الكلمة القرآنية بمحض اختياره دون أن يعرض له أي سبب خارج عن إرادته. ويختلفون في تقسيمه ،
أقسام (أنواع) الوقف الاختياري الأول: الوقف اللازم: هو ما لا يتعلق بما بعده لا لفظا ولا معنى، وإذا وصل أفهم معنى غير المعنى المقصود. مثاله في قوله تعالى:﴿إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ﴾ فالوقف على كلمة ﴿يَسْمَعُونَ﴾، وقف لازم مع تنفس كامل، ثم تستأنف القراءة بعد ذلك من قوله تعالى:﴿وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللّهُ﴾. ويرمز له في المصحف الشريف بالرمز ( مـ ). ويسمى وقف البيان؛ لأنه يبين معنى لا يفهم بدونه كالوقف على قوله تعالى: ﴿ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ﴾ فالضمير فيهما للنبي ﷺ والضمير في ﴿وتُسَبِّحُوهُ﴾ بعدها لله تعالى، والوقف على ﴿وتُوَقِّرُوهُ﴾ هو الذي يظهر هذا المعنى المراد.
أقسام (أنواع) الوقف الاختياري الثاني: الوقف التام: هو الوقف على ما تم معناه ولم يتعلق بما بعده لا لفظا ولا معنى، و لكنه لو وصل بما بعده لا يتغير المعنى غالبا. ويكون كثيرا في أواخر السور والآيات وانقضاء القصص ونهاية الكلام على حكم معين، وقد يكون في وسط الآية وفي أوائلها . مثاله في قوله تعالى: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ و(الْمُفْلِحُونَ) من قوله : ﴿أُوْلَئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ ويرمز له في المصحف الشريف بـــ (قلي) أو (ط).
أقسام (أنواع) الوقف الاختياري الثالث: الوقف الكافي: هو الوقف على كلام تامٍّ في ذاته متعلق بما بعده في المعنى دون اللفظ. مثاله في قوله تعالى: ﴿فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ وقف كاف وقوله تعالى:﴿ فَزَادَهُمُ اللّهُ مَرَضاً﴾ هذا أكفى منه، وقوله تعالى: ﴿وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ﴾ أكفى منهما. ويرمز له في المصحف الشريف بـــ (صلي) أو (ج).
أقسام (أنواع) الوقف الاختياري الرابع: الوقف الحسن: وهو الوقف على ما تم في نفسه ولكنه له تعلق بما بعده لفظاً ومعنى. مثاله في قوله تعالى : فالوقف على كلمة (هو) وقف حسن ، إلا أن الوصل أولى؛ لارتباط الجملة التالية بما قبلها . وهذا النوع يحسن الوقف عليه والابتداء بما بعده إذا كان رأس آية فقط . ويرمز له في المصحف الشريف بـــ (صلي) أو (ص). ويقع هذا النوع بين الصفة وموصوفها أو بين مستثنى ومستثنى منه.
أقسام (أنواع) الوقف الاختياري الخامس: الوقف القبيح: هو الوقف على ما لم يتم في نفسه، لتعلقه بما بعده لفظًا ومعنىً. مثاله: الوقف على كلمة ﴿الْحَمْدُ﴾ من ﴿الْحَمْدُ للّهِ﴾ او الوقف على كلمة ﴿فَقِيرٌ﴾ من قوله تعالى:﴿ لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء..﴾. ويرمز له في المصحف الشريف بـــ (لا).
ملحوظة مهمة: يلاحظ في بعض المصاحف وضع ثلاث نقاط هرمية أعلى كلمتين متتاليتين في المصحف إن وقف على الأولى لا يقف على الثانية ، وإن لم يقف على الأولى له أن يقف على الثانية. مثاله قوله تعالى: من قوله تعالى: فإن وقف على كلمة(لا ريب) لا يقف على كلمة (فيه) والعكس. ويسمى وقف المراقبة أو المعانقة أو التجاذب.
الابتداء الوقف والابتداء هو الشروع في القراءة سواء كان بعد قَطْعٍ وانْصِرافٍ عنها، أو بعد وقف، فإذا كان بعد قطع فلا بد فيه من مراعاة أحكام الاستعاذة والبسملة. وأما إذا كان بعد وقف، فلا حاجة إلى ملاحظة ذلك؛ لأن الوقف إنما هو للاستراحة وأخذ النَّفَس فقط.
الابتداء: 2-غير جائز (قبيح) 1- جائز (حسن) .
1- جائز(حسن): وهو الابتداء بجملة مستقلة تبين معنى تاما أراده الله تعالى. مثاله: ﴿الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ و ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ وما ابتدأت به الآيات القرآنية الكريمة. 2-غير جائز(قبيح): وهو أن يبدأ بكلمة تؤدي معنى غير ما أراده الله تعالى . مثاله: أن يبدأ بكلمة ﴿ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا﴾ من قوله تعالى : ﴿وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللّهُ وَلَدًا﴾.