خصائص القاعدة القانونية 1- القاعدة القانونية قاعدة سلوك 2- القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية 3- القاعدة القانونية قاعدة عامة ومجردة 4- القاعدة القانونية قاعدة واجبة أولاً- القاعدة القانونية قاعدة سلوك بمعنى أنها لا تعني ولا تهتم إلا بالسلوك الخارجي للإنسان، فهي تمثل خطاب المشرع للأفراد وبالتالي فهي لا تهتم بالبواعث أو النوايا أو الانفعالات وما دامت هذه النوايا كافة في النفس البشري ولم تقترن بنشاط خارجي فلا تخضع للقانون, إلا انه ومع ذلك فإن القاعدة القانونية تهتم بالنوايا والأحاسيس والمشاعر واذا اقترنت بفعل مادي, وذلك لتحديد ما إذا كان الفعل قد ارتكب بقصد ام لا . مثلا جريمة القتل عمدا أو الخطأ وبالنسبة للمشاعر والأحاسيس ففي شهادة الشهود لا تقبل من هو متهم بالولاء, كالزوج لزوجته والابن لأبيه. فلا يحاسب الشخص على ما اقره في نفسه من قتل لشخص آخر ما لم تقم بفعل القتل , إذ تعتبر القاعدة القانونية قاعدة سلوك لأنها تحدد سلوك الأفراد في الجماعة , فالقواعد التي تضمن نهيا أو امرا أو اباحة كالقواعد التي تنهي عند اقتراف الجرائم أو الجنح أو المخالفات أو التي تأمر الزوج بالنفقة على زوجته أو التي تبيح الزواج أو التي تبيح استخدام الحريات العامة فجميعها ترسم سلوكا للأفراد داخل المجتمع بصوره مباشرة وصريحة .
ثانياً :. القاعدة القانونية قاعدة اجتماعية . بمعنى أن القاعدة القانونية لا توجد إلا إذا وجدت الجماعة, فإذا وجد الفرد بمنعزل عن الجماعة, لما احتاج إلى القانون – ولكن طالما وجدت الجماعة فالمصالح تضاربت وتعارضت, ومن هنا كان لابد من وجود القانون، فوظيفته الأساسية هي تنظيم علاقات الأفراد ببعضهم البعض وحرياتهم لتحقيق رفاهية المجتمع . وأيضا تعتبر قاعدة اجتماعية لأنها لا تنظم سلوك الفرد نحو نفسه، وإنما تقوم بتنظيم سلوكه نحو غيره في المجتمع
ثالثاً :. القاعدة القانونية قاعدة عامة ومجردة :. عمومية القاعدة القانونية, تعني أنها تخاطب كل أفراد المجتمع, وقد تخاطب فئة معينة من الأفراد, فالقواعد القانونية التي يتألف منها قانون العمل أو قانون تنظيم مهنة المحاماة فهي قواعد قانونية خاصة ولكن لا تنفي عنها صفة العمومية ولكن إذا خاطبت فرد بعينه انتفت صفة العمومية مثل مخاطبة موظف بالترقية . أما صفة التجريد فتعني أنها لا تنطبق على كل أفراد المجتمع المخاطبين بها إلا إذا توافرت شروط انطباقها على أي منهم . فالقاعدة التي تحرم القتل قاعدة عامة تخاطب على افراد المجتمع ولكن تنطبق في حالة مخالفتها على من توافرت فيه شروط انطباقها من أفراد المجتمع, فالقاعدة القانونية تخاطب الافراد بصفاتهم وليس بذواتهم مثلا رئيس الجمهورية فهي لا تخاطبه في شخصه او بذاته وإنما تخاطب كل من يشغل هذا المنصب . كذلك لا تنتفي القاعدة القانونية صفة العمومية, كونها محددة بفترة زمنية معينة . وفائدة العمومية والتجريد هي تحقيق مصلحة النظام والمصلحة العامة .
رابعاً :. القاعدة القانونية واجبة الإتباع أو ملزمة . القاعدة القانونية تتميز عن غيرها بجزاء تكفله الدولة بما تملكه من وسائل القوة والإجبار، فتوقيع الجزاء يحقق الردع للمخالف والرهبة للغير، وبهذا يعتبر الجزاء ركن فيها ولا يتصور وجودها بغيره والجزاء هو إجراء استثنائي لتحقيق إلزامية القاعدة القانونية, وإنما الأصل هو إن القاعدة القانونية ملزمة لمجرد أنها قاعدة قانون، إذن الأصل أن ينصاع الفرد لحكم القانون من نفسه، وحالئذٍ يكون الفرد قد بلغ الرقي والتحضر درجة، ولكن من بعضي الأحيان لا تكون لتلك المعاني قيمة في نفسه الفرد أو يكون الفرد ممعن في الانحطاط الاجتماعي بحيث يغلب مصلحته الخاصة على مصلحة المجتمع، وبالتالي يخالف القاعدة القانونية مما يلحق ضرر بالمجتمع والأفراد الآخرين ، ففي هذه الحالة لا مناص من تدخل السلطة العامة لإعادته إلى جادة الطريق بتوقيع الجزاء المناسب .
التمييز بين قواعد القانون والقواعد الاجتماعية الاخرى هناك العديد من القواعد الاجتماعية التي تشارك قواعد القانون في تنظيم المجتمع . ابرز تلك القواعد قواعد أخلاق, وقواعد الدين .فهي على الرغم من الشبه بينها وبين القواعد القانونية في بعض الصفات والخصائص الا انها تتميز عنها تمييزا ظاهرا يجعل كل منها تستقل بحدود واضحة لا تختلط بالاخرى . ففيما يلي نميز بين كل من هاتين الطائفتين من القواعد وبين قواعد القانون :.
أولا: التمييز بين القاعدة القانونية وقواعد الأخلاق يقصد بقواعد الأخلاق مجموع أفكار الناس عن الخير والشر والتي تعبر عن ضمير الجماعة في عصر من العصور . فمن ذلك كل القواعد التي تحكم المجاملات مثل وجوب عيادة المرضى , ومساعدة العجزة وتقديم المعونات المالية في المناسبات السارة والمأتم للأصدقاء . فهذه القواعد تتفق مع قواعد القانون في مجموعة من الخصائص علي ما يلي:. (1) كل من قاعدة الأخلاق بالمفهوم السالف وقاعدة القانون غايتها تنظيم المجتمع , إذ لا ضرورة لوجودها إن لم توجد الجماعة . (2) كل من قاعدة القانون وقاعدة الأخلاق هي قواعد عامة ومجردة , أي كل منها تخاطب كافة أفراد الجماعة ولا تنطبق على أي منهم إلا في حالة توافر شروط انطباقها .
(3) كل من قاعدة القانون وقاعدة الأخلاق عي قاعدة ملزمة أي ان كل من يشعر منها يشعر الأفراد بضرورة احترامها . وعلى الرغم من اتفاق القاعدتين فيما تقدم من خصائص الا انها تختلفان في عدد من الخصائص ايضا , نسردها فيما يلي : (1) القاعدة القانونية وقاعدة الأخلاق تختلفان من حيث الجزاء المقترن بهما , اذ أن الجزاء المقترن بالقاعدة القانونية دائما جزاء مادي كالاعدام والجلد مثلا بينما الجزاء في قاعدة الاخلاق فهو جزاء معنوي يتمثل في استهجان الجماعة للفرد المخالف للقاعدة الأخلاقية . (2) قاعدة الأخلاق تعني قبل كل شئ بالنوايا والأحاسيس والبواعث المحضنة بعكس قاعدة القانون التي رأينا أنها لاتعني بهذه الأشياء الا في حالة اقترانها بالسلوك المادي الظاهر . لذلك نجد ان الحقد امر مستهجن اجتماعيا والحميمة أمر مقبول
(3) قاعدة الأخلاق تنزع بالمجتمع نحو الكمال , وذلك لان غايتها المحافظة على سلوك أفراد المجتمع في الحد الأعلى وصولا إلى الفرد المثالي ,أما القواعد القانونية فغايتها حفظ الحد الأدنى من السلوك وصولا الى الفرد توائم المنسجم اجتماعيا . ويتجلى ذلك في أننا نجد ان النظر الى المرأة الأجنبية بشهوة أمر مستهجن اجتماعيا مما يعني انه محرم أخلاقيا إلا ان القانون لا يتدخل عند هذا الحد وإنما ينخفض بذلك السلوك حتى درجة ( الزنـــــــا ) أو في احسن الحالات (ممارسة الأفعال الفاضحة ). فالقاعدة القانونية في الغالب من الأحوال تقرر في صيغة واضحة ومحددة يسهل التعرف عليها لتطبيقها بعكس اعدة الأخلاق التي مرجعها ضمير لجماعة , وذلك غير واضحة الوجود وكثيرا ما يكتنفها الغموض .
ثانيا : لتمييز بين القاعدة القانونية وقواعد الدين يقصد بقواعد الدين مجموع الأحكام التي توحي الذات الالهية الى الرسل ويلتزم الناس بأتباعها والا عرضوا عن انفسهم لغضب الله وعقابه . فقواعد الدين بهذا المفهوم قد تكون قواعد لتنظيم علاقة الفرد بربه وقد تكون قواعد لتنظيم علاقة الفرد بنفسه , او قواعد لتنظيم علاقة الفرد بغيره من الأفراد داخل الجماعة ,وهذه الأخيرة هي التي تعنينا في هذا المقام , وذلك لانها الوحيدة من بين ما تقدم التي تتشابه وقواعد القانون . فقواعد الدين بالمعنى السالف لها ذات اوجه الاتفاق التي ذكرناها بين قواعد الأخلاق وقواعد القانون , أي ان غايتها تنظيم الجماعة وهي قواعد عامة ملزمة , كما انها لها ذات اوجه الخلاف التي ذكرناها بين قواعد القانون وقواعد الأخلاق فيما عدا الامرين التاليين :
(1) الجزاء في القاعدة الدينية جزاء اخروي يتولى توقيعه الله على م لا يأتمر بأوامره ومن امثلة على ذلك لقوله تعالى ( ويل للمصلين اللذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون ) الشاهد في هذه الآية ( ويل ) هي واد بجهنم وجهنم أدت للعقاب في الدار الآخرة بعد البعث . ولا يتسرب إلى الذهن أننا نقصد كل الجزاءات في القواعد الدينية أخروية فقط . ولكن ما ينبغي فهمه أن القاعدة الدينية ولو اقترنت بجزاء دنيوي يوقعه ولي الأمر فأنها لابد وان تقترن بجزاء أخروي وهذا هو محل الخاف بينهما وبين قاعدة الأخلاق من جهة وبينها وبين قاعدة القانون من جهة أخرى . (2) قواعد الدين واضحة يسهل التعرف عليها من بين دفأت الكتب السماوية فخلاصة الأمر أن قاعدة الدين تختلف عن قاعدة القانون في أنها تعني بالنوايا بالبواعث مثلها مثل قاعدة الأخلاق ( إن بعض الظن إثم ) وكذلك قاعدة الدين غايتها حفظ الحد الأعلى من السلوك في المجتمع, قال تعالى ( قل المؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فرجوهم ) ( ولا تتجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه ) ( ولكم في رسول الله أسوة حسنة ) وحري بالبيان انه على الرغم من التمايز الواضح بين قاعدة القانون من جهة وقواعد الدين وقواعد الأخلاق من جهة أخرى, ألا انه في الواقع لا تنفرد كل منها بدائرة مستقلة، فكثير من القواعد القانونية نشأت من قواعد الدين أو قواعد الأخلاق.