ثقـافـة التطـوع : مـن أيـن تبـدأ ؟ الدكتـور : محمـد عـودة العـنزي كاتـب وطـبيب سعـودي 13 مارس 2007
ثقـافة التطـوع التطوع وحب الخير وخدمة المجتمع في التراث العربي والاسلامي صلب الحضارة والتقاليد العربية الاصيلة العمل التطوعي والخيري لم يحظ في أي ثقافة بمثل المكانة التي حظي بها في الثقافة العربية والإسلامية
فثقـافة التطـوع هـي : مجموعة من القيم والاتجاهات والممارسات التي تحث على التطوع وتدعمه وتعلي من قيمة السلوك التطوعي عند أفراد المجتمع فهي جزء من الإطار الثقافي للمجتمع وتعكس مستوى تفكير الناس ومدى وعيهم وثقافتهم العمل التطوعي : غير حكومي وبدون مردود مادي أعمال الخير والبر : قسمين 1- حكومية غير تطوعية 2- تطوعية غير حكومية
رغـم ذلك فثقـافة التطـوع : أصبحت شبه معدومة عند المواطن العادي أصابها نوع من الفتور والخمول تعرضت للتشويه والاختطاف تتسم بدرجة متدنية من عدم الفاعلية أو أنها موجودة ولكن ينقصها التنظيم
ولكن أين المشكلة ؟ وماهو العـلاج ؟ ماهي أسباب انعدام ثقافة التطوع في المجتمعات العربية ؟ لماذا غابت روح المبادرة لدى المواطن ؟ لماذا غلبت النزعة الفردية وحب الذات على الاهتمام بالصالح العام ؟
ولكي ندرك ذلك فلابد من التذكير بأن إطار الدولة الحديثة يعتمد على ثلاثة أضلاع : الضلع الأول هو الحكومة أو الدولة بصفتها راعية للقانون ومسئولة عن ضمان ضروريات الحياة الضلع الثاني فهو القطاع الخاص المسئول عن قطاع الخدمات في المجتمع على أساس ربحي
الضلع الثالث وهو الضلع المفقود : مؤسسات المجتمع المدني ( الأهلي ) المؤسسات الغير حكومية التي يشترك فيها الناس لخدمة مجتمعاتهم على أساس من التعاون والتكاتف وروح الجماعة التطوع هو القاعدة الأساسية والعمود الفقري لمؤسسات المجتمع المدني
مؤسسات المجتمـع المـدني ( الأهلي ) مفهوم الرعاية من المهد الى اللحد لم يعد صالحا مفهوم التطوع الإرادي الحر كشكل من اشكال الشراكة الاجتماعية ومؤسسات المجتمع المدني هي المسئولة عن القيام بمثل هذه الشراكة تنظيم العلاقة بين الدولة والمجتمع على أنها علاقة تعاقدية أساسها القانون والحقوق والواجبات وشراكة تحدد فيها المسئوليات والأدوار على الطرفين
الركائز التي يقوم عليها المجتمع المدني التطوع الإختياري الحر في العمل الجماعي النمط المؤسسي في العمل القائم على التنظيم والإدارة مبدأ الإستقلالية في العمل والنشاط بعيدا عن المركزية والبيروقراطية الإلتزام بمنظومة القوانين المرعية في البلاد والتقيّد بها فهو عمل تكاملي وتعاوني مع الحكومة وليس ندا تنافسيا
واقع ثقافة التطوع في المجتمع السعودي تعرض للتشويه والتغيير لتكريس ما هو قائم في الثقافة السائدة اقتصاره على مفهوم واحد فقط هو مفهوم الإغاثة أو الدعوة أو العمل الخيري الذي يعتمد على الصدقات وغالبا ما يكون على شكل غير مؤسسي لا يتجاوز ردود الأفعال أو ما يطلق عليه عند عامة الناس بـ(الفزعات)
واقع ثقافة التطوع في المجتمع السعودي يرتبط عند البعض بتمرير فكر معين واتخاذ مواقف مسبقة من الآخرين حسب اعتقاداتهم الفكرية يعتمد على اسلوب الضغط النفسي على المستفيد مستغلا حاجته المادية للتأثير الايدولوجي عليه يتجاوز احيانا حدود عمل الخير ليتدخل في حياة الناس الشخصية بحجة النصح والارشاد قصير النفس يعالج القشور وينتهي بانتهاء الحدث المؤقت ولا يقدم حلولا عملية للمشاكل
واقع ثقافة التطوع في المجتمع السعودي اعتماده على الاسلوب التقليدي في النصح والإرشاد ازدواج الشخصية بين الكلام النظري وبين السلوك والممارسة قصير النفس يعالج القشور وينتهي بانتهاء الحدث المؤقت ولا يقدم حلولا عملية للمشاكل
مفهوم التطـوع أعمق وأكبر من ذلك يتجاوز كل الاعتبارات ليرسخ مفهوم ( خدمة الإنسان لأخيه الإنسان ) من خلال الارتباط بما يسمى بالتطوع التنموي الذي يقدم برامج تنموية وإنمائية للفرد والأسرة والمجتمع والتي تخدم الجانب الصحي والثقافي و الترفيهي والقانوني والعلمي وجانب الحفاظ على البيئة وفي جميع مجالات الحياة
أسباب ضعف ثقافة التطـوع التشريعات الحكومية التي تتعلق بإنشاء الجمعيات الأهلية والتطوعية وتهميش هذه الجمعيات وتدخل الحكومات في عملها عدم توافر بيئة تشريعية مشجعة للمبادرات التطوعية القصور الكبير لدى وسائل الإعلام في نشر ثقافة التطوع
أسباب ضعف ثقافة التطـوع غياب هذه الثقافة من مناهج التعليم في المدارس والجامعات تهميش دور المرأة وغياب الثقافة المدنية ضعف المكونات العلمية البحثية وغياب المسوح الميدانية وقواعد البيانات الفقر والبطالة مستوى دخل الدولة
النتيجـة ؟ تغلب نزعة الأنانية وحب الذات لدى الناس انعدام روح المسئولية وفقدان الإحساس بالجماعة انعدام الروح الوطنية وعدم الإحساس بالانتماء للأرض والمجتمع
شروط نمو ثقافة التطوع : ثقافة التطوع لا تنمو ولا تزدهر الا في ظل وجود مؤسسات مجتمع مدني قوية وفعالة ثقافة التطوع لا تنمو إلا في ظل سيادة القانون ثقافة التطوع لا تنمو إلا في وجود المؤسسات الديمقراطية والاستقرار السياسي والاقتصادي
شروط نمو ثقافة التطوع : ثقافة التطوع لا تنمو إلا في ظل الشفافية والمسائلة ومكافحة الفساد وثقافة التطوع لا تترعرع إلا في ظل ثقافة التعدد والانفتاح والقبول بالرأي والرأي الآخر والايمان بالحب والتسامح بين الجميع وبكرامة الفرد وقيمته ولا ينشأ مفهوم التطوع إلا في المجتمعات التي تؤمن بدور الرجل والمرأة على حد سواء في خدمة المجتمع كشراكة حقيقية قائمة على الكفاءة وليس على الجنس
ثقافة التطوع : من أين تبدأ ؟ تبدأ من خلال : سيادة القانون مؤسسات المجتمع المدني