مساق أصول الفقه (3) مدرس المساق د. ياسر فوجو.

Slides:



Advertisements
عروض تقديميّة مشابهة
الاسْمُ المَجرورُ بحرفِ الجرِّ إعداد : محمد حامد العقيلي
Advertisements

شـــــــــروط الميــراث
أنواع الإرث.
المدخل إلى الثقافة الإسلامية
الجنايات.
سورة التين.
الوحدة الثانية‘ الحياء وعمل القلب.
قواعد أخرى في الاستدلال
هذه القصة أوردها مصطفى صادق الرافعي في كتابه الشهير والقيم "وحي القلم"
العينات الهدف العام: معرفة مفهوم العينة و أنواعها وطرق تحديدها. عندما تكمل هذه الوحدة يكون المتدرب قادراً وبكفاءة على أن: يعرف مجتمع وعينة الدراسة. يفهم.
أحكام النجاسة.
مادة النحو 4 ARAB 415.
مادة النحو 4 ARAB 415.
الوقف والابتداء الوقف:.
أصول التفسير أسباب اختلاف المفسرين.
رابعًا: أدوات الربط.
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
الحديث ومصطلحه.
الإحداد.
ج1-1- السؤال عما ينفع س1-اختر الإجابة الصحيحة فيما يلي:
الظاهر والمؤول أصول فقه (3) مباحث الدلالات المحاضرة الثالثة
من قول أو فعل أو تقرير وهى المصدر الثانى للتشريع بعد القرآن الكريم
المحرمات في النكاح حرمة مؤقتة.
حق المؤجر في إجراء الترميمات اللازمة لحفظ العين
تفسير سورة آل عمران من آية ( 102 : 108 ).
بعض الدروس المهمة لعامة الأمة
الناقض الثالث والرابع الأستاذ أبو يوسف منتدى التربية والتعليم بالمدينة المنورة لا تنسونا من صالح دعائكم الأستاذ أبو يوسف منتدى التربية والتعليم بالمدينة.
حقوق النبي صلى الله عليه وسلم
الأجور العظيمة.
الأجور العظيمة.
ادعاء حق التشريع والتحليل والتحريم
العقيدة وأهميتها.
قواعد في صفات الله تعالى
الموضوع : الفهم القرائي
العدد.
الرجعة.
االواحدة الرابعة ‘ الأسلوب اللغوي 13.
تطبيقات.
الأستاذ أبو يوسف منتدى التربية والتعليم بالمدينة المنورة
صلة الرحــم {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجُنُب والصاحب بالجَنب وابن السبيل.
بسم الله الرحمن الرحيم ثواب العمل الصالح ”الأذان و الإقامة“
الموضوع : استراتيجية الكتابة الفن الكتابي ( كتابة مذكرات يومية )
بسم الله الرحمن الرحيم توحيد للصف الخامس الابتدائي
أ / مجدي مختار إبراهيم - مصر - المنصورة
ظهور البدع فى حياة المسلمين وأسبابها
تفسير سورة البقرة من آية ( 106 : 110 ).
دلالة الألفاظ وأقسامها
الوحدة الثانية المتممات المنصوبة (2).
توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية
أصول الإيمان الأصل الأول: الإيمان بالله. الأول: وجود الله تعالى:.
لماذا نقرأ.
الفسق.
اعداد: ا.م.د. محمد سراج الدين قحطان
الناقض الأول الأستاذ أبو يوسف منتدى التربية والتعليم بالمدينة المنورة
تفسير سورة البقرة من آية ( 177 : 179 ).
كــم وزنــك؟؟ 50 كيلو 70 كيلو 90 كيلو لا .. لا ... لا
بسم الله الرحمن الرحيم أسماء الإشارة.
حرص الرسول على هداية أمته عناية الرسول بتعليم أمته
الوحدة الثالثة الوظيفة النحوية المستثنى.
الأستاذ أبو يوسف منتدى التربية والتعليم بالمدينة المنورة
جامعة بغداد كلية العلوم الاسلامية قسم العقيدة والفكر الاسلامي
الظهار.
المقرر:- علم الحديث النبوي/ المرحلة الاولى
المبتدأ والخبر المبتدأ : أسم معرفة يقع ظاهرً أو مصدراً مؤولاً , ويكـون مرفوعاً ويسند اليه الخبر . والخبر : أسم مفرد أو جملة أو شبه جملة , ويكون مرفوعاً
شخص عنده 100,000 ريال، وعليه دين يزيد عن هذا المبلغ أو يساويه، بمعنى في حالة سداده الدين لا يبقى عنده شيء فهل يزكي (100,000) ؟!!
جامعة بغداد كلية العلوم الاسلامية قسم العقيدة والفكر الاسلامي
اعداد: ا.م.د. محمد سراج الدين قحطان
اعداد: ا.م.د. محمد سراج الدين قحطان
الكفر الأصغر الأستاذ أبو يوسف منتدى التربية والتعليم بالمدينة المنورة
ترتيب مدرس المساق: د. أحمد إدريس عودة
نسخة العرض التّقديمي:

مساق أصول الفقه (3) مدرس المساق د. ياسر فوجو

يشتمل كتاب منهاج الوصول على مقدمة وسبعة كتب على النحو التالي: الكتاب الرابع في القياس الكتاب الثالث في الإجماع الكتاب الثاني في السنة الكتاب الأول في الكتاب الكتاب الخامس في دلائل اختلف فيها الكتاب السابع في الاجتهاد والإفتاء الكتاب السادس في التعادل والتراجيح

الكتاب(القرآن الكريم) الكتاب الأول في الكتاب(القرآن الكريم) وفيه خمسة أبواب الباب الثالث في العموم والخصوص الباب الأول في اللغات الباب الخامس في الناسخ والمنسوخ الباب الرابع في المجمل والمبين الباب الثاني في الأوامر والنواهي

الباب الثالث في العموم والخصوص وفيه ثلاثة فصول: الفصل الأول في العموم الفصل الثالث في المُخَصِّص الفصل الثاني في الخصوص

الفصل الأول في العموم وفيه مقدمة، وأربع مسائل: المسألة الأولى في قسائم العموم المسألة الرابعة هل يقتضي نفي المساواة بين الشيئين العموم أم لا؟ المسألة الثانية في أقسام العموم ومعياره المسألة الثالثة هل يقتضي الجمع المُنَكَّر العموم أم لا؟

المتن العامُّ: لفظٌ يستغرق جميعَ ما يصلح له بوضعٍ واحدٍ. المقدمة في مفهوم العموم المتن العامُّ: لفظٌ يستغرق جميعَ ما يصلح له بوضعٍ واحدٍ. العموم المقصود هنا بالدراسة هو المستفاد من لفظة واحدة مفردة وليس المستفاد من المركب( من ألفاظ متعددة).

مسألة: هل يعرض العموم للفظ والمعنى تحرير محل النزاع واختلفوا في وصف المعاني بالعموم على أقوال ثلاثة اتفقوا على أن العموم من عوارض الألفاظ حقيقة

الدلالة اللفظية هي الدلالة المستفادة من الألفاظ بحيث إذا أطلق اللفظ فهم منه معناه أو فهم السامع من الكلام تمام المسمى أو جزأه أو لازمه الدلالة اللفظية الطبيعية كدلالة لفظ (آه) على الألم الدلالة اللفظية العقلية كدلالة الكلام الصادر من شخص على حياته الدلالة اللفظية الوضعية كدلالة الألفاظ على معانيها الواضع قد يكون الشارع، وقد يكون الناس

الدلالة غير اللفظية هي الدلالة المستفادة من غير الألفاظ الدلالة غير اللفظية الوضعية كدلالة إشارة المرور الحمراء على الوقوف الواضع قد يكون الشارع، وقد يكون الناس الدلالة غير اللفظية الطبيعية كدلالة حمرة الوجه على الخجل دلالة الأعراض الخاصة بكل مرض عليه الدلالة غير اللفظية العقلية كدلالة أثر الأقدام على مرور شخص

واختلفوا في وصف المعاني بالعموم على أقوال ثلاثة: ابن الحاجب: أن المعاني توصف بالعموم حقيقة كالألفاظ نقله الآمدي عن الجمهور أن المعاني توصف بالعموم مجازاً المعاني لا توصف بالعموم لا حقيقة ولا مجازاً حكاه ابن الحاجب عن البعض

مصطلحات أصولية مهمة الحقيقة استعمال اللفظ فيما وضع له. الشمس مشرقة المجاز استعمال اللفظ في غير ما وضع له. محمد أسد المشترك اللفظ المشترَك، هو اللفظ الذي تعددت معانيه ولا يصدق على جميع أفراده دفعة واحدة ولكن على جهة البدلية، ولا بد لمعرفته من القرائن والسياق. مثال لذلك لفظ العين الذي يطلق على باصرة الإنسان وعلى منبع الماء. المستعمل اللفظ الذي له معنى قلم-كتاب-ماء- سماء المهمل اللفظ الذي ليس له معنى ديز

شرح حد العام العامُّ: لفظٌ يستغرق جميعَ ما يصلح له بوضعٍ واحدٍ. اللفظ: هو ما تركب من بعض الحروف الهجائية وهو جنس في التعريف يشمل المفرد والمركب والمهمل والمستعمل والمستغرق لكل ما يصلح له وغير المستغرق سواءً كان الاستغراق بوضع واحد أو بأوضاع متعددة. لفظ: (خرج به المعنى) جنس، وقد تقدم غير مرة أن الكلمة أولى منه لكونه جنسا بعيدا بدليل إطلاقه: على المهمل والمستعمل مركبا كان أو مفردا بخلاف الكلمة، ويؤخذ من التعبير باللفظ أن العموم عند المصنف ليس من عوارض المعاني، لكنه قد نص بعد ذلك على تخصيص العلة والمفهوم وغيرهما، والتخصيص فرع العموم. يستغرق: خرج به المطلق، وإنه سيأتي أنه لا يدل على شيء من الأفراد فضلا عن استغراقها، وخرج به النكرة في سياق الإثبات سواء كانت مفردة كرجل أو مثناة كرجلين أو مجموعة كرجال أو عددا كعشرة، فإن العشرة مثلا لا تستغرق جميع العشرات وكذلك البواقي، نعم هي عامة عموم البدل عند الأكثرين إن كانت أمرا نحو: اضرب رجلا، فإن كانت خبرا نحو: جاءني رجل, فلا تعم. ذكره في المحصول في الكلام على أن النكرة في سياق النفي تعم، ومعنى عموم البدل أنها تصدق على كل واحد بدلا عن الآخر

الاستغراق: معناه التناول لما وضع له اللفظ دفعة واحدة. يستغرق: قيد في الحد خرج به: اللفظ المهمل: لأن الاستغراق فرع الوضع والمهمل غير موضوع. المطلق: لأن المطلق لم يوضع للأفراد وإنما وضع للماهية؛ فلا يكون مستغرقاً لها. مفهوم المطلق: اللفظ الدال على الحقيقة من حيث هي هي: لأن قولنا (رقبة) هو لفظ تناول واحداً من جنسه غير معين، وهو لفظ دل على ماهية الرقبة من حيث هي هي، أي: مجردة عن العوارض، وهو نكرة في سياق الإثبات. 3. النكرة في سياق الإثبات: لأن النكرة حتى وإن وضعت لفرد شائع إلا أنها لم تستغرق ما وضعت له دفعة واحدة بمعنى أنها لم تتناول ما وضعت له دفعة واحدة وإنما تتناوله وتشمله على سبيل البدل وتسمى: بالعموم البدلي، ومثاله لو قلت: اضرب طالباً فيتحقق الضرب بضرب أي طالب زيد بكر أحمد، ولا يقتضي ذلك تحقيق الضرب في زيد وبكر وأحمد دفعة واحدة وفي وقت واحد؛ لأن اللفظ لم يدل على ذلك. لماذا لم يقل النكرة في سياق النفي؟

ما هو الفرق بين العام والمطلق؟ 1. إن العام يمكن الاستثناء منه أما المطلق فلا. 2. إن اللفظ إذا دل على فرد معين فهو العلم، وإن دل على فرد أو أفراد غير معينين فهو المطلق، وإن دل على أفراد غير محصورين فهو العام. 3. إن المطلق يكون في الصفات(المعاني)، والعام يكون في الذوات. 4. إن المطلق يكون دائماً نكرة، أما العام فقد يكون نكرة وقد يكون معرفة. العام = كل واحد المطلق = أي واحد والعام : يشمل جميع الأفراد بلا حصر ( عمومه شمولي ) المطلق : لا يعم جميع الأفراد , وإنما يخص فرد بلا تعيين ( عمومه بدلي ) المطلق: نكرة في سياق الإثبات , العام: نكرة في سياق النفي

جميع ما يصلح له لهذا القيد فائدتان: تحقيق معنى العموم، فإن عدم استغراق (من) لما لا يعقل لا يمنع كونه عاما في جميع أفراده، لعدم صلاحيته لأفراد غيره (ما). 2. الاحتراز عن اللفظ الذي استعمل في بعض ما يصلح له كقوله تعالى: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ... فإن الناس في الآية مراد بها نعيم بن مسعود الأشجعي فقط فمثل هذا لا يكون عاماً لأنه لم يستغرق جميع ما يصلح له بل استعمل في بعض ما يصلح له. ومثله:  أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ....

بوضع واحد قوله (بوضع واحد) إما أن يكون متعلقاً بقوله (يصلح) ويكون المعنى أن استغراق اللفظ لما يصلح له إنما يكون بواسطة وضع واحد لا بواسطة أوضاع متعددة وإما أن يكون حالاً من (ما) في قوله ما يصلح له ويكون المعنى أن العام هو اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له حال كون المعنى الذي يصلح له اللفظ قد ثبت بوضع واحد لا بأوضاع متعددة. ( أي في آنٍ واحد، أو دفعة واحدة) وهو قيد في الحد احترز به عن: اللفظ المشترك: كالعين، وما له حقيقة ومجاز كالأسد.

المتن قال: "الأولى: إن لكل شيءٍ حقيقةً هو بها هو, فالدال عليها المسألة الأولى العموم وقسائمه المتن قال: "الأولى: إن لكل شيءٍ حقيقةً هو بها هو, فالدال عليها المطلقُ. وعليها مع وَحْدةٍ معينةٍ: المعرفةُ. وغيرِ معينةٍ: النكرةُ. ومع وحدات معدودة: العددُ. ومع كل جزئياتها العامُّ".

مفهوم القسائم القسائم جمع قسيم، وقسيم الشيء: هو ما يكون مقابلاً للشيء ومندرجاً معه تحت شيء أخر، كالاسم، فإنه مقابل للفعل ومندرجان تحت شيء آخر وهي الكلمة التي هي أهم منهما‏.‏ وعليه فإن العام قسيم كل من: المطلق، والمعرفة، والنكرة، والعدد.

قال: "الأولى: إن لكل شيءٍ حقيقةً هو بها هو. شرح المتن قال: "الأولى: إن لكل شيءٍ حقيقةً هو بها هو. حقيقة الإنسان: عبارة عن ماهيته التي صار بها إنساناً وهي الحيوانية والناطقية بغض النظر عن الوحدة والكثرة. أقول: غرضه الفرق بين المطلق والنكرة والمعرفة والعام والعدد

اللفظ الدال على الحقيقة فقط دون استغراق أو شمول: هو المطلق، ومثاله: الرجل خير من المرأة (أي حقيقة)قال تعالى .. وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ . ومثالة (فتحرير رقبة). اللفظ الدال على الحقيقة مع وحدات معينة: هو المعرفة، ومثاله: الفرس فإن أل التعريف عهدية هنا، قوله تعالى: (كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا) المراد بالرسول هنا (الناس) اللفظ الدال على الحقيقة مع وحدات غير معينة: هو النكرة، ومثاله: مررت برجل. اللفظ الدال على الحقيقة مع وحدات معدودة: هو العدد، ومثاله: عشرة رجال يصلح لكل عشرة من الرجال ولكن لا يستغرقهم فلا يسمى عامٌ. اللفظ الدال على الحقيقة مع وحدات غير معدودة ( مع كل جزئياتها): هو العام، الذي يفيد الاستغراق وعدم الحصر ومثاله: المسلمون، الطلاب،

المتن المسألة الثانية أقسام العموم ومعياره قال: "الثانية: العموم:- إما لغة بنفسه، كـ:(أي) للكل، - و(مَن) للعالِمِين و(ما) لغيرهم، و(أين) للمكان، و(متى) للزمان. أو بقرينة في الإثبات، كـ: الجمع المحلى بالألف واللام، والمضاف, وكذا اسم الجنس؛ أو النفي، كـ: النكرة في سياقه. أو عرفا: مثل {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}، فإنه يوجب حرمة جميع الاستمتاعات. - أو عقلا: كترتيب الحكم على الوصف. ومعيار العموم جواز الاستثناء، فإنه يُخرج ما يجب اندراجه لولاه، وإلا لجاز من الجمع المنكر. قيل: لو تناول لامتنع الاستثناء لكون نقضا. قلنا: منقوض بالاستثناء من العدد. وأيضا. استدلال الصحابة بعموم ذلك في مثل: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ}، (وأمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله) و "الأئمة من قريش"، "نحن معاشر الأنبياء لا نورث" 3 "شائعا من غير نكير"".

أقسام العام القسم الأول القسم الثالث القسم الثاني عام من جهة اللغة عام من جهة العقل القسم الأول عام من جهة اللغة القسم الثاني عام من جهة العرف

القسم الأول عام من جهة اللغة وهو المستفاد من وضع اللغة عام محتاج إلى قرينة عام بنفسه أي: من غير احتياج إلى قرينة

القسم الأول: عام من جهة اللغة عام بنفسه للعالمين وغير العالمين عام بنفسه في الأزمنة فقط عام بنفسه للعالمين فقط عام بنفسه في الأمكنة فقط عام بنفسه لغير العالمين

للعالمين وغير العالمين عام بنفسه للعالمين وغير العالمين ألفاظ العام بنفسه للعالمين وغير العالمين: أي: الاستفهامية أو الشرطية، كل، جميع، الذي، التي، سائر: إذا كانت مأخوذة من سور المدينة فإن كانت بمعنى الباقي فلا تعم كقوله عليه الصلاة والسلام لمن كان متزوجاً أكثر من أربع أمسك أربعاً وفارق سائرهن. أي: الشرطية: أي رجل يأتيني فله درهم، وأي ثوب تلبسه فأنت فيه جميل. أي: الاستفهامية: أي شي عندك. كل: في العالم: قوله عليه الصلاة والسلام (وكل راع مسئول عن رعيته). كل: في غير العالم: قول الشاعر: (وكل نعيم لا محالة زائل). جميع: في العالم: جميع طلبة الإسلامية مسلمون. جميع: في غير العالم: جميع الدراهم من فضة. سائر: سائر الناس يطلبون الرزق من الله تعالى.

لا تعم أي في الحالات الآتية : 1. موصولة نحو: مررت بأيهم قام أي: بالذي. 2. أو صفة نحو: مررت برجل أي رجل بمعنى كامل. 3. أو حالا نحو: مررت بزيد أي رجل بفتح أي بمعنى كامل أيضا. 4. أو منادى نحو: "يا أيها الرجل”.

قوله تعالى: (ومنهم من يمشي على بطنه) عام بنفسه للعالمين فقط ألفاظ العام بنفسه للعالمين فقط : مَن: الاستفهامية أو الشرطية، واستعمالها في غير العالم قليل ومنه قوله تعالى: (ومنهم من يمشي على بطنه) مَن: الشرطية: من دخل دارك فأكرمه. مَن: الاستفهامية: من جاءك؟

لا تعم (مَن) في الحالات الآتية : إذا كانت نكرة موصوفة نحو: مررت بمن معجب لك, بجر معجب أي: رجل معجب. 2. إذا كانت موصولة نحو: مررت بمن قام أي: بالذي قام فإنها لا تعم.

سبب العدول باللفظ من العاقل وإنما عدل عن التعبير بمن يعقل وإن كانت هي العبارة المشهورة، إلى التعبير بأولي العلم لمعنى حسن غفل عنه الشارحون, ذكره ابن عصفور في شرح المقرب وغيره، وهو أن من يطلق على الله تعالى كقوله تعالى: {وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرَازِقِينَ} [الحجر: 20] وكذلك أي: كقوله تعالى: {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ} [الأنعام: 19] والبارئ سبحانه وتعالى يوصف بالعلم ولا يوصف بالعقل, فلو عبر به لكان تعبيرا غير شامل. سبب العدول باللفظ من العاقل إلى العالم

عام بنفسه في غير العالمين ألفاظ العام بنفسه في غير العالمين: ما: اشتر ما رأيت, فلا يدخل فيه العبيد والإماء. لا تعم (ما) في الحالات الآتية : إذا كانت (ما) نكرة موصوفة نحو: نحو: مررت بما معجب لك أي بشيء 2. إذا كانت (ما) نكرة غير موصوفة نحو: ما أحسن زيدا, فإنها لا تعم.

عام بنفسه في الأزمنة فقط عام بنفسه في الأمكنة فقط متى تجلس أجلس. أين تجلس أجلس. عام بنفسه في الأمكنة فقط

وهو المستفاد من وضع اللغة لكن بقرينة عام محتاج إلى قرينة وهو المستفاد من وضع اللغة لكن بقرينة في الإثبات في النفي

عام بنفسه ولكن بقرينة في الإثبات وهي أل والإضافة الداخلان على الجمع كالعبيد وعبيدي، وعلى المفرد، وهو الذي عبر عنه المصنف باسم الجنس، كقوله تعالى: {وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى}، {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}، لكن إن كانت أل عهدية فإن تعميمها لأفراد المعهودين خاصة، وعليه فإن أل العهدية أو الجنسية فلا تعم.

عام بنفسه ولكن بقرينة في الإثبات أمثلة الجمع المعرف بأل للاستغراق أو الإضافة (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ) . (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ). الإضافة: 1. (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ ). 2. (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا). 3. (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ).

عام بنفسه ولكن بقرينة في الإثبات أمثلة المفرد المعرف بأل المفيدة للاستغراق أو الإضافة. (وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ). (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) . (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ). 3. (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ). وعليه فإن أل العهدية أو الجنسية فلا تعم. المفرد المعرف بالإضافة: 1. (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ). 2. (هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ).

عام بنفسه ولكن بقرينة في النفي وحاصله أن النكرة في سياق النفي تعم سواء باشرها النفي نحو: ما أحد قائم أو باشر عاملها نحو: ما قام أحد، وسواء كان النافي ما أو لم أو لن أو ليس أو غيرها، ثم إن كانت النكرة صادقة على القليل والكثير كشيء، أو ملازمة للنفي نحو: أحد، أو داخلا عليها من نحو: ما جاء من رجل، أو واقعة بعد لا العاملة عمل إن وهي لا التي لنفي الجنس, فواضح كونها للعموم،

عام بنفسه ولكن بقرينة في النفي أمثلة (وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ). قوله عليه الصلاة والسلام: (لَا يُقْتَلُ وَالِدٌ بِوَلَدِهِ)

أقسام العام القسم الأول القسم الثالث القسم الثاني عام من جهة اللغة عام من جهة العقل القسم الأول عام من جهة اللغة القسم الثاني عام من جهة العرف

القسم الثاني عام من جهة العرف هذا هو القسم الثاني من أصل التقسيم وهو عطف على قوله: لغة، أي: العموم إما أن يكون لغة أو عرفا كقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] فإن أهل العرف نقلوا هذا المركب من تحريم العين إلى تحريم جميع وجوه الاستمتاعات؛ لأنه المقصود من النسوة دون الاستخدام ونحوه. ومثله قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} فإن حملناه على الأكل للعرف, وفيه قول مذكور في باب المجمل والمبين أن هذا كله مجمل

العام من جهة العرف، وهو: ما استفيد عمومه من جهة عرف أهل الشريعة، مع كون اللفظ لا يفيد العموم من جهة اللغة كقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) ، فإن هذا اللفظ لو نظرنا إليه نظرة لغوية فإنه لا يعم، حيث إنه يفيد: تحريم الأكل فقط، ولكن عرف الفقهاء جعله مفيداً لتحريم كل ما يتعلق بالميتة من أكلها، وجميع أنواع الانتفاعات.

القسم الثالث عام من جهة العقل هذا هو القسم الثالث, وضابطه ترتيب الحكم على الوصف، نحو: حرمت الخمر للإسكار, فإن ترتيبه عليه يشعر بأنه علة له والعقل يحكم بأنه كلما وجدت العلة يوجد المعلول، وكلما انتفت فإنه ينتفي، وأما في اللغة فإنها لم تدل على هذا العموم، أما في المفهوم فواضح, وأما في المنطوق فلما مر من أن تعليق الشيء بالوصف لا يدل على التكرار من جهة اللفظ

القسم الثالث: العام من جهة العقل، وهو: ما استفيد عمومه من جهة العقل، دون العرف واللغة، وهو ثلاثة أنواع: النوع الأول: أن يكون اللفظ مفيداً للحكم ولعلته، فيقتضي ثبوت الحكم أينما وجدت العلة، كاللفظ المشتمل على ترتيب الحكم على الوصف كقولنا: " حرم الخمر للإسكار "، فهذا اللفظ لا يفيد العموم من جهة اللغة، كل ما أفاده هو: أن الوصف عِلَّة للحكم فقط. وإنما عم من جهة العقل؛ لأن العقل يحكم بأن العِلَّة كلما وجدت وجد المعلول، وكلما انتفت ينتفي المعلول، وعن طريق ذلك نقول: إن كل مسكر حرام، وبذلك يكون عموم هذا اللفظ ثابتاً بالعقل.

النوع الثاني: أن يكون المفيد للعموم: ما يرجع إلى سؤال السائل كما إذا سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عمن جامع في نهار رمضان، فيقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اعتق رقبة "، فنعلم أنه يعم كل مجامع وهو مكلف. النوع الثالث: مفهوم المخالفة كقوله عليه الصلاة والسلام: " في سائمة الغنم الزكاة "، فإنه يدل على أنه لا زكاة في كل ما ليس بسائمة.

مسألة دلالة العموم على أفراده أكثر الحنفية دلالة العموم على أفراده قطعية جمهور الشافعية وبعض الحنفية دلالة العموم على أفراده ظنية

هل الصيغ المتقدمة حقيقة في العموم والخصوص أم مجاز مسألة هل الصيغ المتقدمة حقيقة في العموم والخصوص أم مجاز اعلم أن الشافعي رضي الله عنه وكثيرا من العلماء ذهبوا إلى أن ما سبق ذكره من الصيغ حقيقة في العموم مجاز في الخصوص, واختاره ابن الحاجب وذهب جماعة إلى العكس, وقال جماعة: إنها مشتركة بينهما, وآخرون بالوقف وهو عدم الحكم بشيء، واختاره الآمدي وقيل بالوقف في الأخبار والوعد والوعيد دون الأمر والنهي, واختار المصنف مذهب الشافعي

المتن المسألة الثانية أقسام العموم ومعياره قال: "الثانية: العموم:- إما لغة بنفسه، كـ:(أي) للكل، - و(مَن) للعالِمِين و(ما) لغيرهم، و(أين) للمكان، و(متى) للزمان. أو بقرينة في الإثبات، كـ: الجمع المحلى بالألف واللام، والمضاف, وكذا اسم الجنس؛ أو النفي، كـ: النكرة في سياقه. أو عرفا: مثل {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ}، فإنه يوجب حرمة جميع الاستمتاعات. - أو عقلا: كترتيب الحكم على الوصف. ومعيار العموم جواز الاستثناء، فإنه يُخرج ما يجب اندراجه لولاه، وإلا لجاز من الجمع المنكر. قيل: لو تناول لامتنع الاستثناء لكون نقضا. قلنا: منقوض بالاستثناء من العدد. وأيضا. استدلال الصحابة بعموم ذلك في مثل: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ}، (وأمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله) و "الأئمة من قريش"، "نحن معاشر الأنبياء لا نورث" 3 "شائعا من غير نكير"".

أو الأدلة على عموم اللفظ معيار العموم أو الأدلة على عموم اللفظ المتن ومعيار العموم جواز الاستثناء، فإنه يُخرج ما يجب اندراجه لولاه، وإلا لجاز من الجمع المنكر. قيل: لو تناول لامتنع الاستثناء لكون نقضا. قلنا: منقوض بالاستثناء من العدد. وأيضا. استدلال الصحابة بعموم ذلك في مثل: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ}، (وأمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله) و "الأئمة من قريش"، "نحن معاشر الأنبياء لا نورث” 3 "شائعا من غير نكير"".

الدليل الأول: جواز الاستثناء: ميزان العموم: أي ما يُعلم به كون اللفظ عاماً هو جواز الاستثناء فإن الاستثناء يخرج من اللفظ ما لولا الاستثناء لوجب اندراجه تحت اللفظ. الشرح: (وَمِعْيَارُ الْعُمُومِ: صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ غَيْرِ عَدَدٍ). هذا ضابط فيما إذا شك المرء في هذا اللفظ، هل هو مستغرِقٌ أم لا؟ هل هو دالٌ على العموم أم لا؟ (مِعْيَارُ) يعني: ما يُوزَن به العموم، ويدل على أن اللفظ بالفعل مستغرِقٌ لما يصلح. (صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ) يعني: الإخراج منه. فإن صَحَّ الإخراج فحينئذٍ فاحكم عليه بأن المستثنى منه لفظٌ عام، وإن لم يصح الإخراج فحينئذٍ لا يكون اللفظ عاماً بل يكون خاصاً. (مِنْ غَيْرِ عَدَدٍ) لأنه يقال: له عليّ عشرة إلا ثلاثة، استُثني أو لا؟ استثني. والعشرة ليست بعامة عند الجمهور؛ لأنها ليست مستغرقة بلا حصر، والعام إنما يكون مستغرقاً بلا حصرٍ، والعشرة بحصرٍ. إذاً: لا يكون من العموم. والمراد الاستثناء هنا : الاستثناء المتصل.. هذا الأصل فيه، وأما المنقطع فهذا قد يكون وقد لا يكون.

الدليل الثاني: الإجماع: استدلال الصحابة بعموم هذه الصيغ استدلالاً شائعاً من غير نكير فكان إجماعاً.

أمثلة على الإجماع الذي هو الدليل الثاني على العموم وبيانه أنهم قد استدلوا: 1. بعموم اسم الجنس المحلى بأل كقوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي}. 2. وبعموم الجمع المضاف، فإن فاطمة احتجت على أبي بكر -رضي الله عنهما- في توريثها من النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء: 11] الآية. 3. واستدل أيضا أبو بكر بعمومه فإنه رد على فاطمة بقوله -صلى الله عليه وسلم: "نحن معاشر الأنبياء لا نورث, ما تركناه صدقة”. 4. واستدل عمر -رضي الله عنه- بعموم الجمع المحلى، فإنه قال لأبي بكر حين عزم على قتال مانعي الزكاة: كيف تقاتلهم وقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله"؟! فقال أبو بكر: أليس أنه قال: "إلا بحقها"؟ وتمسك أيضا أبو بكر فإن الأنصار لما قالوا للمهاجرين: منا أمير ومنكم أمير رد عليهم أبو بكر بقوله -صلى الله عليه وسلم: "الأئمة من قريش”

الفصل الأول في العموم وفيه مقدمة، وأربع مسائل: المسألة الأولى في قسائم العموم المسألة الرابعة هل يقتضي نفي المساواة بين الشيئين العموم أم لا؟ المسألة الثانية في أقسام العموم ومعياره المسألة الثالثة هل يقتضي الجمع المُنَكَّر العموم أم لا؟

هل يقتضي الجمع المُنَكَّر العموم أم لا؟ المسألة الثالثة هل يقتضي الجمع المُنَكَّر العموم أم لا؟ الجمع المنكر: هو الذي لم يقترن بالألف والام ولم يُضف إلى الضمير ولم يقع في سياق النفي؛ لأن النكرة في سياق النفي تعم بالاتفاق سواء كانت مفردةً أو مثناةً أو جمعاً. مثاله: جاء عبيد لزيد . هل يكون عاماً أم لا ؟ أبو علي الجبائي يقتضي العموم الجمهور لا يقتضي العموم بل يدل على الخصوص

دليل الجمهور لأن الجمع المنكر صالح لكل مرتبة من مراتب الجماعة التي تبتدي من الثلاثة إلى العشرة، فيصح أن تقول: "رجال ثلاثة وأربعة وخمسة"، وهذا كله جائز، لكن لا تشير بذلك إلى أقل من ثلاثة، إذن الثلاثة لا بد منها، فثبت أنها تفيد الثلاثة فقط؛ لأنه أقل الجمع، ولا يحمل على ما زاد عليه إلا بدليل.

أن المرتبة المستغرقة لهذه المراتب إحدى مراتب الجمع المنكر، دليل أبي علي الجبائي أن المرتبة المستغرقة لهذه المراتب إحدى مراتب الجمع المنكر، فيحمل عليها؛ لأنه أحوط، فإن ما عداها داخل فيها، أما هي فلا تدخل في غيرها، وما دام الجمع المنكر يصح حمله على المرتبة المستغرقة لجميع المراتب كان عاما؛ لأنه يصدق عليه تعريف العام، وهو: أنه لفظ استغرق جميع ما يصلح له. - - - - - - - - - - - - - - - - - -

جوابه لا نسلم أن الأحوط هو حمل الجمع المنكر على المرتبة المستغرقة، بل هذا ممنوع؛ لجواز أن يكون الأحوط هو حمله على أقل مراتبه، خصوصاً إذا وقع الجمع في جانب الأمر؛ لأن ذلك فيه براءة الذمة بخلاف حمله على المرتبة المستغرقة، فإن ذلك يكون شغل الذمة بما لم يقم الدليل على شغلها به، والأصل أن الذمة بريئة من التكاليف. بيان أثر الخلاف: الخلاف معنوي، وهو ظاهر، فلو قال السيد لعبده: " أكرم علماء "، فإنه بناء على المذهب الأول: يكرم العبد ثلاثة فقط وتبرأ ذمته، وبناء على المذهب الثاني: فإنه لا تبرأ ذمة العبد إلا بعد أن يكرم جميع العلماء.

هل يقتضي نفي المساواة بين الشيئين العموم أم لا؟ المسألة الرابعة هل يقتضي نفي المساواة بين الشيئين العموم أم لا؟ هل نفي المساواة بين الشيئين يقتضي نفي المساواة بينهما من كل الوجوه؟ فمثلاً إذا قلنا: " لا يستوي زيد وعمر "، فهل هذا يقتضي نفي المساواة في جميع الوجوه: في الكرم والعلم، والخلق، وغير ذلك أو هو: يقتضي نفي المساواة من بعض الوجوه - فقط - كالكرم، أو نحو ذلك؟

أقوال الأصوليين في المسألة اختلفوا في ذلك على مذهبين: المذهب الأول: أن نفي المساواة بين الشيئين يقتضي نفي المساواة بينهما من كل الوجوه التي يمكن نفيها عنهما، وهو مذهب جمهور العلماء. لأن هذا من قبيل النكرة في سياق النفي، والنكرة في سياق النفي من صيغ العموم - كما سبق - وهي تفيد العموم من جميع الوجوه. المذهب الثاني: أن نفي المساواة بين الشيئين لا يقتضي نفي المساواة بينهما من كل الوجوه، بل من بعضها - فقط -. وهو مذهب بعض الشافعية كفخر الدين الرازي، والبيضاوي، وكثير من الحنفية.

الأثر المترتب على الخلاف في المسألة الخلاف هنا معنوي، حيث إنه أثر في بعض الفروع، ومنها: إذا قتل المسلمُ الكافر الذمي فهل يقتل المسلم به؟ اختلفوا في ذلك على قولين : القول الأول: إن المسلم لا يقتل بالكافر الذمي؛ لقوله تعالى: (لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة) ، ونفي الاستواء يقتضي نفيه من جميع الوجوه، فلو قتل المسلم بالكافر: لحصل بينهما استواء في القصاص، والذمي غير مساو للمسلم، بل هو أقل منه في العصمة. القول الثاني: إن المسلم يقتل بالكافر الذمي، واستدلوا بآثار، منها: أن النبي – صلى الله عليه وسلم - قتل مسلما بذمي وقال: " أنا أحق من وفى بذمته ". ولمَّا قيل لهم: إن هذا ينافي نص الآية التي نفت المساواة بينهما، وهذا النفي عام للدنيا والآخرة.

قالوا: إن المراد بنفي المساواة في الآية، هو: نفي المساواة من وجه واحد وهو: نفيها في الفوز بالجنة بدليل قوله: (أصحاب الجنة هم الفائزون) . فعند أصحاب القول الثاني: إن المساواة متحققة بين المسلم والكافر الذمي في الدنيا، فالذمي دمه معصوم كالمسلم، فمن قتله قتل به، ولو كان مسلما.

فروع حكاها الإمام في المحصول 1. أن خطاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِي}. لا يتناول أمته على الصحيح، وظاهر كلام الشافعي في البويطي أنه يتناولهم. 2. أن خطاب الذكور الذي يمتاز عن خطاب الإناث بعلامة المسلمين وفعلوا لا يدخل فيه الإناث على الصحيح، ونقله القفال في الإشارة عن الشافعي، وكذلك ابن برهان في الوجيز. 3. لفظ كان لا يقتضي التكرار وقيل: يقتضيه 4. إذا أمر جمعا بصيغة جمع كقوله: أكرموا زيدا أفاد الاستغراق. 5. خطاب المشافهة كقوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ} لا يتناول من يحدث بعدهم إلا بدليل منفصل.

فروع حكاها الإمام في المحصول 6. إذا لم يكن إجراء الكلام على ظاهره إلا بإضمار شيء وكان هناك أمور كثيرة يستقيم الكلام بإضمار كل منهما, لم يجز إضمار جميعها؛ لأن الإضمار على خلاف الأصل, وهذا هو المراد من قول الفقهاء: المقتضي لا عموم له, مثاله قوله -عليه الصلاة والسلام: "رفع عن أمتي الخطأ" 1 والتقدير: حكم الخطأ وذلك الحكم قد يكون في الدنيا كإيجاب الضمان، وقد يكون في الآخرة كرفع التأثيم، قال: وللخصم أن يقول: ليس أحدهما بأولى من الآخر فيضمونها جميعا.

الفصل الثاني في الخصوص وفيه ست مسائل: المسألة الأولى في التخصيص المسألة الخامسة المخصص بمعين حجة المسألة السادسة يُستدل بالعام ما لم يظهر مخصص المسألة الثانية في الشيء القابل للتخصيص المسألة الثالثة الغاية التي يجوز انتهاء التخصيص إليها

متن المسألة الأولى والثانية المتن متن المسألة الأولى والثانية وفيه مسائل، الأولى: التخصيص إخراجُ بعض ما يتناوله اللفظ. والفرقُ بينه وبين النسخ: أنه يكون للبعض، والنسخُ قد يكون عن الكل. والمخصَّص: المُخْرَج عنه. والمخصِّص: المخرِجُ وهو: إرادة اللافظ ويقال للدال عليها مجازاً. الثانية: القابلُ للتخصيص حكمٌ ثبت ل:- متعددٍ لفظا كقوله تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ}. أو معنى وهو ثلاثة: الأول: العلة وجوز تخصيصُها كما في العرايا. الثاني: مفهومُ الموافقة فيُخصَّص بشرط بقاء الملفوظ مثل: جواز حبس الوالد لحق الولد. الثالث: مفهوم المخالفة فيخَصَّص بدليل راجح كتخصيص مفهوم "إذا بلغ الماء قلتين" بالراكد. قيل: يوهم البداءَ أو الكذبَ. قلنا: يندفع بالمخصَّص".

التخصيص والمخصَّص والمخصِّص مفهوم كل من التخصيص والمخصَّص والمخصِّص التخصيص: إخراج بعض ما يتناوله اللفظ ،أو قصر العام على بعض أفراده. فقوله: إخراج أي: عما يقتضيه ظاهر اللفظ من الإرادة، والحكم لا عن الحكم نفسه، ولا عن الإرادة نفسها فإن ذلك الفرد لم يدخل فيهما حتى يخرج، ولا عن الدلالة فإن الدلالة هي كون اللفظ بحيث إذا طلق فهم منه المعنى، وهذا حاصل من التخصيص فافهمه. وقوله: اللفظ: دخل فيه العام وغيره كالاستثناء من العدد، فسيأتي أنه من المخصصات. فقوله: قصر العام : قصر حكمه، وإن كان لفظ العام باقياً على عمومه، لكن لفظاً لا حكما. وقوله: على بعض أفراده أي: أن هذا العام يخصص ويكون المراد به بعض أفراده بسبب قرينة مخصصة.

أمثلة قوله تعالى: (وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ) ، لكن هذا العموم غيرُ مراد لله تعالى في حُكم الاعتداد بالقروء فقد أورد اللَّه تخصيص ذلك بقوله: (وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) ، فهنا قد خصص الشارع المطلقة الحامل، وجعل عدتها وضع الحمل، فلم يبق لفظ العموم - وهو المطلقات – على عمومه، بل قصره على بعض أفراده. فالآية الثانية لم تخرج الحامل من كونها من المطلقات، وإنما منَعت عنها حُكمًا شرعيًّا، هو الاعتداد بالقروء؛ فالمخصوصُ حقيقةً هو الحُكم لا اللفظ. 2. أكرم الطلاب الناجحين ، فهنا قد قصر هذا اللفظ العام - وهو: الطلاب على أفراد معينة وهم الناجحون. وإذا قيل: هذا كلام مخصوص معناه: أنه قصر على بعض فائدته، وكان غرض المتكلم به: بعض ما وضع له.

الفرق بين التخصيص والنسخ أن التخصيص يبين أن ما خرج عن العموم – وهو المخصوص - لم يكن المتكلم قد أراد بلفظه الدلالة عليه، بخلاف النسخ، فإنه يدل على أن ما خرج - وهو المنسوخ – لم يرد التكليف به، وإن كان قد أراد بلفظه الدلالة عليه. 2. أن النسخ يشترط فيه أن يكون الناسخ متأخراً عن المنسوخ بخلاف التخصيص، فلا يشترط ذلك فيه: فيجوز أن يكون المخصِّص مقترنا مع العام كالتخصيص بالصفة، والشرط، والغاية، والاستثناء، ويجوز أن يكون المخصِّص متأخراً عن العام. 3. أن التخصيص لا يدخل ولا يرد على الأمر بمأمور واحد مثل: " أكرم زيداً "؛ لأنه لا يكون إلا من متعدد. بخلاف النسخ، فإنه يجوز وروده على الأمر بمأمور واحد كما نسخ التوجه إلى بيت المقدس بالتوجه إلى البيت الحرام.

4. أن التخصيص تبقى معه دلالة اللفظ العام على ما تحته حقيقة على رأي الجمهور، أو مجازاً على رأي أبي ثور وعيسى ابن أبان فيما عدا الصورة المخصَّصة، بخلاف النسخ فلا يبقى معه دلالة اللفظ على ما تحته. أي: أن العام يبقى حُجَّة فيما بقي بعد التخصيص، فلا يخرج العام عن الاحتجاج به مطلقا في مستقل الزمان، فإنه يبقى معمولاً به فيما عدا الصورة المخصوصة. أما النسخ فإنه يبطل الدليل المنسوخ حكمه عن العمل به في مستقبل الزمان بالكلية، وذلك عندما يرد النسخ على الأمر بمأمور واحد. 5. أنه لا يجوز تخصيص شريعة بشريعة أخرى، ويجوز نسخ شريعة بشريعة أخرى. 6. أن التخصيص لا يكون إلا لبعض أفراد العام. أما النسخ فقد يرفع جميع أفراد العام، وقد يرفع بعض أفراده. 7. أن التخصيص لا يرد إلا على العام. بخلاف النسخ، فإنه يرد على العام والخاص.

8. أن التخصيص يجوز بالأدلة النقلية كالكتاب والسُّنَّة، ويجوز بالأدلة العقلية كالقياس، ويجوز بالقرائن، بخلاف النسخ، فإنه لا يجوز إلا بالأدلة النقلية كالكتاب والسُّنَّة. 9. أن العام المقطوع بدليله يجوز أن يُخصص بمقطوع مثله، ويجوز أن يخصص بمظنون كالقياس، وخبر الواحد ونحوهما من الأدلة المخصصة. بخلاف النسخ، فإن الحكم المقطوع بدليله لا ينسخ إلا بقاطع مثله.

مفهوم كل من المخصَّص والمخصِّص المخصَّص: بفتح الصاد هو العام الذي أُخرج عنه البعض لا البعض المخرج عن العام على ما زعمه بعضهم، فإن المخصوص هو الذي تعلق به التخصيص أو دخله التخصيص وهو العام، ويقال: عام مخصص ومخصوص. المخصِّص: بكسرها هو المخرج بكسر الراء, والمُخرِج حقيقة هو إرادة المتكلم؛ لأنه لما جاز أن يرد الخطاب خاصا وعاما لم يترجح أحدهما على الآخر إلا بالإرادة.

في الشيء القابل للتخصيص المسألة الثانية في الشيء القابل للتخصيص القابل للتخصيص هو الحكم الثابت لمتعدد فالحكم الثابت للواحد بالشخص لا يقبل التخصيص لما سبق من أن التخصيص: إخراج بعض ما يتناوله اللفظ والحكم الثابت للواحد لا يتناول غيره فلا يمكن فيه الإخراج مثل قوله عليه الصلاة والسلام لأبي بردة حينما ضحى بالعناق: تجزئك ولا تجزئ غيرك. أقسام المتعدد: ينقسم المتعدد الذي يثبت له الحكم إلى قسمين: القسم الأول: أن يكون التعدد ثابتاً من جهة اللفظ ويعرف بالعام لفظاً كقوله: ( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) فإن لفظ المشركين عام والحكم المتعلق به هو القتل قد خصص بغير أهل الكتاب من اليهود والنصارى وبغير المستأمن من الحربيين.

القسم الثاني: أن يكون التعدد ثابتاً من جهة المعنى والاستنباط ويعرف بالعام معنىً وهو أنواع ثلاثة: النوع الأول: العلة: فإنه يجوز تخصيصها بمعنى تخلف الحكم عنها في بعض الصور ويعرف ذلك عند الأصوليين بنقض العلة وقد تكلم الأصوليون على ذلك في باب القياس وذكروا فيه مبادئ كثيرة. مثال تخصيص العلة ما ثبت من أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الرطب بالتمر وعلل ذلك بالنقصان عند الجفاف وذلك يفضي بزيادة أحد العوضين على الآخر وهو ربا مع أنه عليه الصلاة والسلام رخص في العرايا وأجازها وهي بيع الرطب على رؤوس النخل بالتمر على الأرض مع أن العلة وهي النقصان بالجفاف موجودة فيها وبذلك تكون العلة قد وجدت وتخلف الحكم عنها فتكون العرايا مخصصة للعلة بما عداها.

النوع الثاني: مفهوم الموافقة: فيجوز تخصيصه بشرط أن يبق حكم المنطوق فإن زال حكم المنطوق زال حكم المفهوم معه لأنه تابع له والمتبوع ذهابه فيه ذهاب لتابعه مثال تخصيص مفهوم الموافقة قوله تعالى: (فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ) فإنه يدل بمفهوم الموافق على تحريم الضرب وغيره من أنواع الإيذاء ولكن خرج عن الحكم هذا المفهوم جواز حبس الوالد في دين ولده إذا ماطل فيه وبذلك يكون المفهوم قد أخرج منه بعض ما يتناوله فكان تخصيصاً له. النوع الثالث: مفهوم المخالفة: مثال تخصيص مفهوم المخالفة قوله عليه الصلاة والسلام:" إذَا بَلَغَ الْمَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلْ خَبَثًا" فإن الحديث يدل بمفهومه المخالف على أن الماء إذا بلغ أقل من القلتين فإنه يحمل الخبث ويتنجس مطلقاً سواء كان الماء راكداً أو جارياً ولكن هذا المفهوم قد أخرج منه الماء الجاري فإنه لا ينجس عند الشافعية إلا بالتغيير ولو كان أقل من القلتين لقوله عليه الصلاة والسلام:" خلق الله الماء طهوراً لا ينجسه شيء إلا ما غير طعمه أو لونه أو ريحه”

هل يجوز التخصيص في الأمر والنهي والخبر؟ مسألة هل يجوز التخصيص في الأمر والنهي والخبر؟ لقد اختلف في ذلك على مذاهب: المذهب الأول: أن تخصيص العموم يجوز مطلقا، أي: سواء كان اللفظ العام أمراً، أو نهياً، أو خبراً، وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لدليلين: الدليل الأول: وقوعه في كتاب اللَّه وسُنَّة رسوله، والوقوع دليل الجواز. فمن أمثلة وقوعه في الأمر: قوله تعالى: (والسارق والسارقة) وقوله: (والزانية والزاني ... ) مع أنه ليس كل سارق يقطع، وكل زان يجلد. 2. قوله تعالى: (يوصيكم اللَّه في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين) مع خروج الكافر، والعبد، والقاتل عنه. ومن أمثلة وقوعه في النهي: نهيه صل الله عليه وسلم عن بيع الرطب بالتمر مخصوص بالعرايا. . قوله تعالى: (وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) مع أن بعض القربان غير منهي عنه.

ومن أمثلة وقوعه في الخبر: قوله تعالى: (وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) مع أنها لم تؤت السموات والأرض وملك سليمان، 2. قوله تعالى: (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ) مع أنها لم تدمر السموات والأرض والجبال. وأكثر العمومات الواردة في الآيات والأحاديث قد خصصت حتى قيل: " ما من عام إلا وقد خصص " إلا قوله تعالى: (وهو بكل شيء عليم) ، كما سبق بيانه، ولو لم يكن التخصيص جائزاً لما وقع في الكتاب والسُّنَّة. الدليل الثاني: أنه لا معنى لتخصيص العموم سوى صرف اللفظ عن جهة العموم الذي هو حقيقة فيه إلى جهة الخصوص بطريق المجاز، والتجوز غير ممتنع لذاته، ولهذا لو قدرنا وقوعه لم يلزم المحال عنه لذاته، ولا بالنظر إلى وضع اللغة، ولهذا يصح من اللغوي أن يقول: " زارني كل أهل البلد "، وإن تخلف عنه بعضهم.

المذهب الثاني: التفريق بين الخبر وبين غيره. فيجوز تخصيص اللفظ العام إذا كان أمراً أو نهيا، أما إذا كان خبراً فلا يجوز، وهو لبعض الطوائف. المذهب الثالث: التفريق بين الأمر، وغيره. فيجوز تخصيص اللفظ العام إذا كان غير أمر، أما إذا كان أمراً فلا يجوز، وهو

الغاية التي يجوز انتهاء التخصيص إليها المسألة الثالثة الغاية التي يجوز انتهاء التخصيص إليها المتن قال: "الثالثة: يجوز التخصيص ما بقي غيرَ محصور لسماجة "أكلت كل رمان" ولم يأكل غير واحدة. وجوز القفال إلى أقلِّ المراتب، فيجوز في الجمع ما بقي ثلاثةٌ، فإنه الأقلُّ عند الشافعي وأبي حنيفة بدليل تفاوت الضمائر وتفصيلِ أهل اللغة. واثنان عند القاضي والأستاذ بدليل قوله تعالى: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ}. فقيل: أضاف إلى المعمولين. وقوله تعالى: {فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا}. فقيل: المراد به الميولُ. وقوله عليه الصلاة والسلام: "الاثنانِ فما فوقَهما جماعة”. فقيل: أرادَ جوازَ السفرِ وفي غيره إلى الواحد وقومٌ إلى الواحد مطلقاً".

أقوال الأصوليين في المسألة اختلفوا القائلون بجواز التخصيص في الضابط المقداري الذي لا بد من بقائه في العام بعد التخصيص على أقوال أهمها أربعة: القول الأول: أبو الحسين البصري والمختار عند البيضاوي أنه لا بد من بقاء جمع كثير سواء كان العام جمعا كالرجال أو غير جمع كمن وما إلى أن يستعمل ذلك العام في الواحد تعظيما له وإعلاما بأنه يجري مجرى الكثير كقوله تعالى: {فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ}. وهذا المذهب نقله الآمدي وابن الحاجب عن الأكثرين, واختاره الإمام وأتباعه. واختلفوا في تفسير هذا الكثير ففسره ابن الحاجب بأنه الذي يقرب من مدلوله قبل التخصيص، ومقتضى هذا أن يكون أكثر من النصف. وفسره المصنف بأن يكون غير محصور فقال: ما بقي غير محصور أي: ما بقي من المخرج عنه عدد غير محصور، وما ههنا مصدرية تقديرية يجوز التخصيص مدة بقاء عدد غير محصور من المخرج عنه، فإن كان محصورا فلا، والدليل عليه أنه لو قال: أكلت كل رمان في البيت ولم يأكل غير واحدة لكان ذلك مستهجنا في اللغة سمجا أي: قبيحا.

القول الثاني: يجوز أن يكون الباقي أقل المراتب التي يطلق عليها اللفظ الذي دخله التخصيص فإن كان اللفظ المخصوص غير جمع كالمفرد المحل بالألف والام ومن وما صح أن يكون الباقي واحداً لأنه أقل مراتب المفرد وإن كان جمعاً كان الباقي أقل مراتب الجمع وعلى هذا فيجوز التخصيص في الجمع كالرجال ونحوه إلى ثلاثة؛ لأنها أقل مراتب الجمع على الصحيح وهذا القول هو المختار للقفال الشاشي من الشافعية. القول الثالث: يجوز أن يكون الباقي بعد التخصيص واحدا مطلقاً سواء كان اللفظ الذي دخله التخصيص جمعاً أو غير جمع وهذا القول هو المعروف عن الحنفية. القول الرابع: وهو لابن الحاجب ولم يعرف عن غيره على التفصيل الآتي: أولاً: في التخصيص بالمتصل: إن كان التخصيص بالاستثناء أو البدل جاز أن يكون الباقي بعد الإخراج واحداً نحو علي عشرة إلا تسعة. وإن كان التخصيص بالصفة أو الشرط جاز أن يكون الباقي اثنين نحو أكرم الناس العلماء أو إن كانوا علماء وقصد من الناس محمداً وخالداً.

ثانياً: في التخصيص بالمنفصل: إن كان العام محصوراً وكان قليلاً جاز التخصيص إلى أن يبقى اثنان نحو قتلت كل زنديق ولم يقتل إلا اثنين من أربعة. وإن كان غير محصور نحو قتلت كل من في المدينة أو كان محصوراً كثيراً نحو أكلت كل الرمان جاز التخصيص إلى أن يبق من العام عدد قريب من مدلوله قبل التخصيص ويعرف ذلك بكون الذي خرج عدداً قليلاً أو بدليل آخر.

مسألة في أقل الجمع لتحرير محل النزاع في هذه المسألة لا بد أن أذكر ما يلي: أولاً: ليس محل النزاع في هذه المسألة في معنى لفظ " الجمع " المركب من " ج، م، ع "، وذلك لأن موضوع هذا اللفظ يقتضي ضم شيء إلى شيء، وهذا منطبق على الاثنين والثلاثة، وما زاد بلا خلاف. ثانيا: وليس محل لخلاف في لفظ " الجماعة " في غير صلاة، فإن أقله ثلاثة بلا خلاف. ثالثاً: وليس محل الخلاف في تعبير الاثنين عن نفسيهما، أو الواحد عن نفسه بضمير الجمع، سواء كان ضمير المتكلم متصلاً كقوله: "فعلنا"، أو منفصلاً كقوله: " نحن ".

رابعاً: وليس محل الخلا ف مدلول مثل قوله تعالى: (فقد صغت قلوبكما) ، وقول القائل: " ضربت رؤوس الرجلين "، و"وطئت بطونهما "، وذلك لأن التعبير عن عضوين من جسدين بلفظ الجمع يقصد منه التخفيف، فإنه لو قيل: " قلباكما " لثقل اجتماع ما يدل على التثنية فيما هو كالكلمة الواحدة مرتين. خامسا: وليس محل التخفيف هو الجمع المعرف بـ " أل " كالرجال، فإنه للاستغراق. إذن ما هو محل النزاع؟

محل النزاع محل النزاع هو: جمع القلة المنكر، وهي التي تكون على وزن أربعة أمور هي كما يلي: 1 - أفعلة كأرغفة 2 - أفعل كأرجل. 3 - أفعال كأثواب 4 - فِعْلَة كصبية. 5 - وكذلك جمع المذكر السالم المنكر كمسلمين، وجمع المؤنث السالم كـ " مسلمات ". 6 - وكذلك جمع الكثرة المنكر كرجال. 7 - وكذلك " واو الجمع " مثل الواو في قوله: " خرجوا ". فاختلف العلماء في أقل الجمع هل هو ثلاثة أو اثنان أو واحد.

أقوال الأصوليين في مسألة أقل الجمع المذهب الأول: أن أقل الجمع ثلاثة حقيقة، ويطلق على الاثنين والواحد مجازاً، وهو مذهب جمهور العلماء، وهو الحق. المذهب الثاني: أن أقل الجمع اثنان حقيقة، ويطلق على الواحد مجازاً، وهو مذهب القاضي الباقلاني، وداود الظاهري. المذهب الثالث: أن أقل الجمع واحد حقيقة، وهو مذهب أبي حامد الإسفراييني، ونسبه بعضهم إلى إمام الحرمين، ولكن هذه النسبة ليست صحيحة. المذهب الرابع: أن أقل الجمع ثلاثة حقيقة، ويطلق على الاثنين مجازاً، ولا يطلق على الواحد لا حقيقة ولا مجازاً. المذهب الخامس: أن أقل الجمع ثلاثة حقيقة، ولا يطلق على الاثنين حقيقة ولا مجازاً.

بيان نوع الخلاف الخلاف هنا معنوي، قد أثر في بعض المسائل الفقهية، ومنها: 1 - لو حلف وقال: " والله لا أكلم بني آدم ". فإنه لا يحنث إلا إذا كلم ثلاثة؛ بناء على المذهب الأول وهو: أن أقل الجمع ثلاثة. وقيل: يحنث إذا كلم اثنين، بناء على المذهب الثاني وهو: أن أقل الجمع اثنان. ويلزم على المذهب الثالث - وهو: أن أقل الجمع واحد: أنه يحنث إذا كلم واحداً. 2 - الصلاة على الميت. قيل: لا بد أن يصلي عليه ثلاثة؛ بناء على أن أقل الجمع ثلاثة. وقيل: يكفي أن يصلي عليه اثنان؛ بناء على أن أقل الجمع اثنان. وقيل: يكفي أن يصلي عليه واحد؛ بناء على أن أقل الجمع واحد. 3 - لو قال الزوج: " إن تزوجت نساء فأمرأتى طالق ": لم تطلق إلا إذا تزوج ثلاث نسوة؛ بناء على أن أقل الجمع ثلاثة. ويلزم على المذهب الثاني - وهو: أن أقل الجمع اثنان -: إن امرأته تطلق إذا تزوج امرأتين. ويلزم على المذهب الثالث - وهو؛ أن أقل الجمع واحد -: إن امرأته تطلق إذا تزوج امرأة واحدة.

4 - إذا نذر صوم أيام - ولم يبين مقصده - فإنه يلزمه ثلاثة أيام؛ بناء على أن أقل الجمع ثلاثة. ويلزمه يومان؛ بناء على أن أقل الجمع اثنان. ويلزمه يوم واحد؛ بناء على أن أقل الجمع واحد. 5 - لو قال لزوجته: " أنت طالق طلقات " - ولم يبين مقصده - فإنه يلزمه ثلاث طلقات، بناء على أن أقل الجمع ثلاثة. ويلزمه طلقتان، بناء على أن أقل الجمع اثنان. ويلزمه طلقة واحدة؛ بناء على أن أقل الجمع واحد.

المتن قال: "الخامسة: المخصص بمعين حجة. ومنعها عيسى بن أبان وأبو ثور. المسألة الخامسة المخصص بمعين حجة المتن قال: "الخامسة: المخصص بمعين حجة. ومنعها عيسى بن أبان وأبو ثور. وفصل الكرخي. لنا أن دلالته على فرد لا تتوقف على دلالته على الآخر لاستحالة الدور, فلا يلزم من زوالها زوالها".

أقول: العام إن خص بمبهم فلا يحتج به على شيء من الأفراد بلا خلاف، كما قاله الآمدي وغيره؛ لأنه ما من فرد إلا ويجوز أن يكون هو المخرج, مثاله قوله تعالى: {أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} [المائدة: 1] وإن خص بمعين كما لو "قيل: اقتلوا المشركين" إلا أهل الذمة, فالصحيح عند الآمدي والإمام وابن الحاجب والمصنف أنه حجة في الباقي مطلقا. والصواب التمسك بعمل الصحابة رضي الله عنهم فإنهم قد استدلوا بالعمومات المخصوصة من غير نكير فكان إجماعا.

يُستدل بالعام ما لم يظهر مخصص المسألة السادسة يُستدل بالعام ما لم يظهر مخصص المتن قال: "السادسة: يستدل بالعام ما لم يظهر المخصص. وابن سريج أوجب طلبه أولا. لنا: لو وجَبَ لوجَبَ طلبُ المجاز للتحرز عن الخطأ واللازم منتفٍ. قال: عارض دلالته احتمالُ المخصِّص. قلنا: الأصل يدفعه".

أقول: هل يجوز التمسك بالعام قبل البحث عن المخصص؟ فيه مذهبان جوزه الصيرفي، ومنعه ابن سريج هكذا حكاه الإمام وأتباعه، ولم يرجح شيئا منهما في كتابيه المحصول والمنتخب هنا, لكنه أجاب عن دليل ابن سريج1 وفيه إشعار بميله إلى الجواز؛ ولهذا صرح صاحب الحاصل بأنه المختار فتابعه المصنف عليه لكنه جزم بالمنع فيه, أعني في المحصول في أواخر الكلام على تأخير البيان عن وقت الخطاب. واعلم أن إثبات الخلاف على هذا الوجه غير معروف ولا مستقيم، فإن الذي قاله الغزالي والآمدي وابن الحاجب وغيرهم أنه لا يجوز التمسك بالعام قبل البحث عن المخصص بالإجماع،

الفصل الثالث في المُخَصِّص وهو قسمان: القسم الثاني المخصص المنفصل القسم الأول المخصص المتصل

القسم الأول المخصص المتصل وهو أربعة أقسام: القسم الثالث التخصيص بالصفة القسم الأول التخصيص بالاستثناء القسم الثاني التخصيص بالشرط القسم الرابع التخصيص بالغاية

في حكم الاستثناءات المتعددة الاستثناء المذكور عقب الجمل القسم الأول التخصيص بالاستثناء وفيه أربعة مسائل: المسألة الثالثة في حكم الاستثناءات المتعددة المسألة الأولى شرطا الاستثناء المسألة الثانية الاستثناء من الإثبات والعكس المسألة الرابعة الاستثناء المذكور عقب الجمل

مقدمة في مفهوم الاستثناء وهو متصل ومنفصل, فالمتصل أربعة: الأول: الاستثناء وهو: الإخراج بإلا غيرِ الصفة ونحوها والمنقطعُ مجازٌ، وفيه مسائل". المتن التخصيص هو: قصر العام على بعض أفراده. المخصِّص هو: القاصر للعام على بعض أفراده، أي: هو فاعل التخصيص فهو المخرج، وهو: إرادة المتكلم الإخراج. والمخصِّص ينقسم إلى قسمين: مخصص منفصل وهو: ما يستقل بنفسه، فلا يكون مرتبطا بكلام آخر. ومخصص متصل وهو: ما لا يستقل بنفسه، بل هو مرتبط بكلام آخر.

مفهوم الاستثناء الإخراج بإلا غير الصفة ونحوها، والمنقطع مجاز. الإخراج: جنس شامل للمخصصات كلها. وقوله: بالإ مخرج لما عدا الاستثناء. وقوله: غير الصفة احتراز عن إلا إذا كانت للصفة بمعنى غير وهي التي تكون تابعة لجمع منكور غير محصور، كقوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} أي: غير الله فإنها ليست للاستثناء. وقوله: "ونحوها" أي: كحاشا وخلا وعدا وسوى أدوات وصيغ الاستثناء إحدى عشرة صيغة وهي: " إلا "، وهي أم الباب، و " غير "، و " سوى "، و " ما عدا "، و " ليس "، و"لا يكون "، و " حاشا "، و " خلا "، و " سيما "، و " ما خلا "، و "عدا". قوله: "والمنقطع مجاز" هو جواب عن سؤال مقدر وهو أن الاستثناء قد يكون متصلا كقام القوم إلا زيدا أو منقطعا كقام القوم إلا حمارًا والمنقطع لا إخراج فيه فيكون واردا على الحد.

المتن المسألة الأولى شرطا الاستثناء قال: "الأولى: شرطُه الاتصال عادةً بإجماع الأدباء. وعن ابن عباسٍ خلافُه قياساً على التخصيص بغيره. والجواب: النقصُ بـ: الصفة، والغاية، وعدمُ الاستغراق. وشرَط الحنابلة: أن لا يزيد على النصف. والقاضي: أن ينقُص منه. لنا: لو قال: علي عشرةٌ إلا تسعةً, لزمَهُ واحدٌ إجماعاً. وعلى القاضي: استثناء الغاوين من المخلصين, وبالعكس. إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ - قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ قال: الأقلُّ يُنسى فيستدرَكُ. ونوقض بما ذكرناه".

شرط الاستثناء الأول الشرط الأول: الاتصال في الاستثناء. اختلف العلماء في شرط الاتصال في الاستثناء على مذهبين: المذهب الأول: أنه يشترط - لصحة الاستثناء -: أن يكون المستثنى متصلاً بالمستثنى منه، فلا يجوز الفصل بينهما. أي: أن يكون متصلاً بالكلام حقيقة مثل: " نجح الطلاب إلا زيداً " بدون انقطاع، أو يكون في حكم المتصل بأن يكون انفصاله قبل أن يستوفى المتكلم غرضه من الكلام نحو: أن يسكت عن الاستثناء لانقطاع نفسه، أو لبلع ريقه، أو سعال، أو ما أشبه ذلك، وهذا مذهب جمهور العلماء، وهو الحق؛ لدليلين: الدليل الأول: أن الاستثناء غير مستقل بنفسه، فهو جزء من

من الكلام أتي به لإتمامه وإفادته، لذلك لا يفيد شيئاً إلا إذا اتصل به مباشرة، لكن لو انفصل الاستثناء عن المستثنى منه لم يكن ذلك الاستثناء متمما لذلك الكلام الأول، فمثلاً لو قال: "أكرم الطلاب " ثم قال بعد شهر: " إلا زيداً "، وقال: إني أردت به الاستثناء من الكلام الذي قلته منذ شهر: فإنه يقبح عند أهل اللغة، ويعدون ذلك لغواً؛ لأن الكلام يورد لإفهام الغير وإفادته، وقوله: " إلا زيداً " لا يفهم منه شيء، حيث إنه لا يرتبط بقوله: " أكرم الطلاب ". وهذا قياساً على الخبر مع المبتدأ، فكما أن الخبر لا يفيد شيئاً بدون المبتدأ، والمبتدأ لا يفيد شيئاً بدون الخبر، فكذلك المستثنى لا يفيد شيئاً بدون المستثنى منه.

الدليل الثاني: أنه لو جاز الفصل في الاستثناء لما علم صدق صادق، ولا كذب كاذب؛ لأن من تكلم بكلام يحكم من خلاله أنه يكون كاذباً قد يستثني، فلا يكون كاذبا، وهذا باطل؛ حيث يفضي إلى عدم استقرار الأمور، فلا تتم عقود، ولا تصح مواثيق ولا معاملات، وهذا لا يمكن أن يقصده عاقل، لذلك لم يجز الفصل في الاستثناء طلباً للاستقرار ومعرفة حقائق الأمور.

المذهب الثاني: أنه لا يشترط اتصال المستثنى بالمستثنى منه، بل يجوز انفصال المستثنى عن المستثنى منه، وهو لبعض العلماء، وقد حكى عن ابن عباس، والحسن البصري، وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير، وغيرهم - وسيأتي ذكر خلافهم في مدة هذا الفصل -. أدلة هذا المذهب: الدليل الأول: أنه روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: " والله لأغزون قريشاً مرتين أو ثلاثاً " ثم سكت، ثم قال: " إن شاءَ اللَّه "، ولولا صحة الاستثناء بعد السكوت لما فعله؛ لكونه مقتدى به. جوابه: يجاب عنه بجوابين: الجواب الأول: أنه ليس المراد به الاستثناء - هنا -، وإنما المراد به أن الأفعال المستقبلية لا بد أن تقيد بمشيئة اللَّه - تعالى - امتثالاً لقوله تعالى: (وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا (23) إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) ،

ولقوله تعالى: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ) . الجواب الثاني: على فرض أن المراد به الاستثناء، فإن بسكوته قبل الاستثناء يحتمل احتمالاً قوياً: أنه من السكوت الذي لا يحل بالاتصال الحكمي - كما ذكرنا فيما سبق - ويجب العمل على ذلك. الدليل الثاني: أن الاستثناء بيان وتخصيص للكلام الأول فجاز تأخيره كالنسخ، والأدلة المنفصلة المخصصة للعموم. جوابه: إن قياسكم على النسخ، وعلى الأدلة المنفصلة المخصصة قياس فاسد؛ لأنه قياس مع الفارق، حيث إنا أثبتنا فرقين بين الاستثناء والمخصص المنفصل في المسألة الثالثة السابقة، وكذلك أثبتنا ثلاثة فروق بين الاستثناء والنسخ في المسألة الرابعة السابقة، ومع وجود الفرق فلا قياس.

بيان نوع الخلاف: الخلاف معنوي؛ حيث إن المتكلم لو فصل بين المستثنى منه والمستثنى، فإن المستثنى لا يؤثر على المستثنى منه إلا إذا فصله بشيء اضطر إليه كسعال ونحوه كما لو قال. " عليّ ألف ريال استغفر الله إلا مائة "، فإنه لا يصح الاستثناء، وذلك لأنه فصل بشيء يستطيع تركه، هذا بناء على المذهب الأول. أما بناء على المذهب الثاني، فإنه يصح الاستثناء، وقالوا: إنه فصل يسير فلم يؤثر، وقد رجحه بعض الشافعية، وإني أتعجب من ذلك؛ حيث خالفوا في ذلك الأصل الذي قالوا به وهو: اشتراط الاتصال.

شرط الاستثناء الثاني الشرط الثاني: عدم الاستغراق. قوله: "وعدم الاستغراق" هذا هو الشرط الثاني من شروط الاستثناء وهو معطوف على الاتصال أي: شرطه الاتصال وعدم الاستغراق، فلا يضر استثناء المساوي ولا الأكثر، فإن كان مستغرقا نحو: له علي عشرة إلا عشرة كان باطلا بالاتفاق كما نقله الإمام والآمدي وأتباعهما لإفضائه إلى اللغو، ونقل القرافي عن المدخل لابن طلحة أن في صحته قولين. وشرط الحنابلة أن لا يزيد المستثنى على نصف المستثنى منه بل يكون إما مساويا أو ناقصا. وشرط القاضي أي: في القول الأخير من أقواله كما قاله الآمدي وغيره أن يكون ناقصا عن النصف. واعلم أن الآمدي وابن الحاجب نقلا عن الحنابلة امتناع المساوي أيضا على عكس ما قاله المصنف. ولم يتعرض الإمام ولا مختصرو كلامه النقل عنهم.

أثر الخلاف أن الرجل لو قال لامرأته: " أنت طالق ثلاثاً إلا ثلاثا "، ففيه قولان: القول الأول: أنه استثناء ينفعه. والثاني: أنه لا ينفعه، ويلزمه الثلاث، ويعد نادما. فعلى القول الأول: لا تطلق زوجته، وذلك يدل على صحة استثناء الكل.

المسألة الثانية من مسائل الاستثناء الاستثناء من الإثبات والعكس المتن قال: "الثانية: الاستثناء من الإثبات نفي وبالعكس خلافا لأبي حنيفة. لنا: لو لم يكن كذلك لم يكف لا إله إلا الله. احتج بقوله -عليه الصلاة والسلام: "لا صلاة إلا بطهور”. قلنا للمبالغة.

الاستثناء من الإثبات نفي محل اتفاق بين الأصوليين. تحرير محل النزاع الاستثناء من الإثبات نفي محل اتفاق بين الأصوليين. ولكن هل الاستثناء من النفي إثبات؟ الفريق الأول: الجمهور نعم الاستثناء من النفي إثبات. الفريق الثاني: أبو حنيفة الاستثناء من النفي ليس إثباتاً.

لقد اختلف العلماء في الاستثناء من النفي هل هو إثبات أو لا؟ مثل قوله: " لا عالم في البلد إلا زيد " على مذهبين: المذهب الأول: جمهور العلماء، الاستثناء من النفي إثبات وهو الراجح. أن الاستثناء له مفهوم، أي: أن الاستثناء من النفي إثبات، فإذا قلنا: " لا عالم في المدينة إلا زيد "، فإنه يدل على نفي كل عالم سوى زيد، وإثبات كون زيد عالما. أدلة الجمهور: الدليل الأول: أن القائل: " لا إله إلا اللَّه " يُعتبر موحداً مثبتا للإلوهية لله تعالى، ونافيا لها عما سواه بالإجماع، ولو كان نافيا للإلوهية عما سوى اللَّه تعالى غير مثبت لها بالنسبة إلى اللَّه تعالى لما كان ذلك توحيداً لله تعالى؛ لعدم إشعار لفظه بإثبات للإلوهية لله تعالى، وذلك خلاف الإجماع.

الدليل الثاني: أن كون الاستثناء من النفي إثباتا يتبادر إلى فهم كل سامع، فمثلاً لو قال: " لا عالم إلا زيد "، و " لا فتى إلا علي "، فإنه يتبادر إلى ذهن كل سامع لغوي: أن هذا من أدل الألفاظ على علم زيد وفضله ومن أدل الألفاظ على فتوة علي. الدليل الثالث: أنه ثيت عن أهل اللغة أنهم قالوا: الاستثناء من الإثبات نفي، ومن النفي إثبات، وكلامهم حُجَّة؛ حيث إنهم أعلم الناس بما وضعت له الألفاظ، وبذلك يكون الاستثناء دالاً على ثبوت نقيض حكم المستثنى منه للمستثنى، فيكون الاستثناء من النفي إثباتا، ومن الإثبات نفياً.

المذهب الثاني: وهو مذهب أبي حنيفة، وأكثر أصحابه أن الاستثناء من النفي ليس بإثبات. فقولك: "لا عالم إلا زيد " لا يدل على كون زيد عالما. دليل هذا المذهب: أنه لو كان الاستثناء من النفي إثباتاً لكان قوله عليه الصلاة والسلام: " لا صلاة إلا بطهور "، وقوله: " لا نكاح إلا بولي ” مقتضيا تحقق الصلاة عند وجود الطهارة، وتحقق النكاح عند وجود الولي؛ حيث إن الطهور والولي مستثنى من نفي الصلاة، ونفي النكاح، والاستثناء من النفي إثبات - على زعمكم - فيلزم من ذلك صحة الصلاة عند وجود الطهارة، وصحة النكاح عند وجود الولي، وهذا ليس بصحيح باتفاق العلماء؛ لأن الطهارة قد تكون موجودة، ومع ذلك لا تصح الصلاة؛ نظراً لفقدان شرط آخر، وكذلك قد يوجد الولي، ومع ذلك لا يصح النكاح؛ نظراً لفقدان شرط آخر، وهكذا.

فإذا كان الأمر كذلك: فليس الاستثناء من النفي إثبات، بل إن الاستثناء هو: إخراج المستثنى عن دخوله في المستثنى منه، وأنه غير متعرض لنفيه ولا إثباته. يجاب عنه بجوابين: الجواب الأول: أنه يحتمل أن يكون قد قصد بهذين الحديثين وما شابههما: بيان أن الطهارة شرط في صحة الصلاة، وأن الولي شرط في صحة النكاح، فإن هذا لا يفيد ثبوت صحة الصلاة عند الطهارة، وثبوت صحة النكاح عند وجود الولي؛ قياساً على قولنا: " لا قضاء إلا بعلم وورع "، فإن هذا القول لا يفيد ثبوت القضاء لكل ورع وعالم، وإنما يفيد اشتراط العلم والورع فيمن يتولى القضاء.

الجواب الثاني: أنه يحتمل أنه قد قصد بالحصر في هذين الحديثين المبالغة والاهتمام بالشيء، وبيان أنه أهم شروطه؛ حيث إن أهم شروط الصلاة: الطهارة، وأهم شروط النكاح: وجود الولي؛ قياساً على قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "الحج عرفة ". فهذا الحديث لم يقصد منه ثبوت الحج عند الوقوف، ونفيه عند عدم الوقوف؛ لأن الحج قد يبطل مع الإتيان بالوقوف؛ لكونه قد ترك ركناً آخر من أركانه، ولكنه ذكر ذلك لأن الوقوف بعرفة أهم أركان الحج.

أثر الخلاف بيان نوع الخلاف: الخلاف معنوي؛ لأنه أثر في بعض الفروع الفقهية، ومنها: 1 - إذا قال المقر: " ليس له عليّ شيء إلا درهما "، فإن أصحاب المذهب الأول وهم القائلون: إن الاستثناء من النفي إثبات - يوجبون على المقر درهماً، لأن الاستثناء من النفي إثبات. وأما أصحاب المذهب الثاني - وهم الحنفية - فلا يوجبون شيئا على المقر؛ لأن الاستثناء من النفي ليس بإثبات، ويقولون: إن المستثنى مسكوت عنه، لا يحكم عليه بنفي ولا إثبات. 2 - إذا قال: " والله لا آكل إلا هذا الرغيف "، فإنه على المذهب الأول يحنث إن لم يأكل الرغيف؛ لأن الاستثناء من النفي إثبات. أما بناء على المذهب الثاني: فإنه إذا لم يأكل شيئاً من الرغيف فإنه لا يحنث؛ لأن الاستثناء من النفي ليس بإثبات.

في حكم الاستثناءات المتعددة المسألة الثالثة في حكم الاستثناءات المتعددة المتن الثالثة: المتعددة إن تعاطفت أو استغرق الأخير الأول عادت إلى المتقدم عليها وإلا يعود الثاني إلى الأول لأنه أقرب".

صور الاستثناءات المتعدِّدة: الصورة الأولى: أن يكون استثناء معطوف على ما قبله كقولك: " علي عشرة إلا ثلاثة وإلا اثنين "، فترجع جميعها إلى العشرة، فيكون المقربة خمسة؛ لأن العطف يقتضي المشاركة بين المعطوف والمعطوف عليه في الحكم، والمعطوف عليه خارج من المستثنى منه، فكذلك المعطوف. الصورة الثانية: أن لا يعطف الاستثناء، ويكون الثاني مستغرقاً لما قبله كقولك: " عليّ عشرة إلا اثنين إلا ثلاثة " فترجع جميعها إلى العشرة وهو الأولى؛ لأن استغراق القسم الثاني من المستثنى للقسم الأول منه يمنع من رجوعه إليه؛ حيث قلنا: إن الاستثناء لا يستغرق.

الصورة الثالثة: عدم وجود العطف، وعدم استغراق الثاني للأول. مثاله: " عليّ عشرة إلا ثمانية إلا سبعة إلا ستة " فهنا كل استثناء يرجع إلى ما قبله مباشرة؛ لقربه منه فيختص به، فتكون السبعة مستثناة من الثمانية، والثمانية مستثناة من العشرة، والستة مستثناة من السبعة، ويعمل في ذلك قاعدة: " أن الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي "، ونطبق المثال على هذه القاعدة فتقول: إن " الثمانية " منفية؛ لأننا قد استثنيناها من " العشرة " المثبتة. وتكون " السبعة " مثبتة؛ لأننا قد استثنيناها من " الثمانية " المنفية. وتكون " الستة " منفية؛ لأننا قد استثنيناها من " السبعة " المثبتة. فيلزمه على هذا ثلاثة فقط. قد تقول: كيف أخرجت ذلك؛ نقول: إنه لما استثنى الثمانية من العشرة يكون الباقي اثنين. ولما استثنى السبعة من الثمانية " المنفية " أي: التي نفاها عنه يكون بذلك قد أثبت السبعة، فإذا ضممت إلى السبعة الاثنين السابقين يكون جملة ما لزمه تسعة، فإذا أخرج من التسعة ستة بقي ثلاثة.

الاستثناءات المتعدِّدة من غيرعطف ولا استغراق إثبات _ نفي + 10 ألا 8 7 6 = 3 2 7=9

الاستثناء المذكور عقب الجمل المسألة الرابعة الاستثناء المذكور عقب الجمل المتعاطفة بالواو خاصة المتن قال: "الرابعة: قال الشافعي: المتعقب للجمل كقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} يعود إليها. وخص أبو حنيفة بالأخيرة. وتوقف القاضي/ والمرتضى. وقيل: إن كان بينهما تعلق فللجميع مثل: أكرم الفقهاء والزهاد أو أنفق عليهم إلا المبتدعة وإلا فللأخيرة. لنا ما تقدم أن الأصل اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في المتعلقات كالحال والشرط وغيرهما, فكذلك الاستثناء. قيل: خلاف الدليل حولف في الأخيرة للضرورة, قبقيت الأولى على عمومها. قلنا: منقوض بالصفة والشرط".

محل الخلاف في هذه المسألة إذا لم يكن هناك قرينة تدل على إرادة الجميع، أو قرينة تدل على أن المراد الجملة الأخيرة أو الأولى، فإن كان هناك قرينة وجب العمل بما تقتضي تلك القرينة. ومثال الاستثناء الذي يعود إلى الجميع بقرينة: قوله تعالى: (إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (33) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (34) ، فإن الاستثناء هنا راجع إلى الجميع اتفاقا. وأيضاً يمكن أن يمثل لذلك بقوله تعالى: ومثال الاستثناء الذي يرجع إلى الجملة الأولى بقرينة قوله تعالى: (فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ) ، فالاستثناء هنا راجع إلى الجملة الأولى؛ لأن المعنى: فمن شرب منه فليس مني إلا من اغترف غرفة بيده فإنه مني، ولو كان الاستثناء راجعاً إلى الأخيرة لكان المعنى: ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده، وهذا لا يراد.

ومثال الاستثناء الذي يرجع إلى الجملة الأخيرة بقرينة. قوله تعالى: (وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا) ، فإن الاستثناء راجع إلى الأخيرة؛ لأن تحرير الرقبة هو حق لله، فلا يسقط بإسقاطهم. والنزاع واقع في الاستثناء الواقع بعد الجمل المتعاطفة بالواو، أما إذا كان العاطف غيرها كالفاء، وثم، فإن الاستثناء يختص بالأخيرة، حيث إن الفاء وثم يقتضيان الترتيب كما سبق قوله في معاني الحروف، أما الواو فلا تقتضي ذلك. إذن: اختلف العلماء في الاستثناء الواقع بعد الجمل المتعاطفة بالواو خاصة هل يرجع إليها جميعاً، أو يرجع إلى الأخيرة فقط؛

أقول: شرع في حكم الاستثناء المذكور عقب الجمل كقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} فإن هذا الاستثناء وقع بعد ثلاث جمل, الجملة الأولى: آمرة بجلدهم. والثانية: ناهية عن قبول شهادتهم. والثالثة: مخبرة بفسقهم. اختلف الأصوليون في ذلك على مذاهب: المذهب الأول: مذهب الشافعي: أن الاستثناء يعود إلى الجميع إذا لم يدل الدليل على إخراج البعض لكن بشرطين: أحدهما: أن تكون الجمل معطوفة، كما صرح به الآمدي وابن الحاجب وغيرهما واستدلال الإمام والمصنف وغيرهما يقتضيه. الثاني: أن يكون العطف بالواو خاصة كما صرح به الآمدي وابن الحاجب وإمام الحرمين في النهاية.

المذهب الثاني: مذهب أبي حنيفة: أنه يعود إلى الجملة الأخيرة خاصة قال في المعالم: وهو المختار. وفائدة هذا الخلاف في قبول شهادة القاذف بعد التوبة فعندهما تقبل؛ لأن الاستثناء يعود إليها أيضا، وعنده لا تقبل، وأما الجملة الأولى الآمرة بالجلد فوافقناه على أن الاستثناء هنا لا يعود إليها لكونه حق آدمي فلا يسقط بالتوبة. المذهب الثالث: التوقف وهو مذهب القاضي والشريف المرتضى من الشيعة، قال في المحصول: إلا أن القاضي توقف لعدم العلم بمدلوله في اللغة، والمرتضى توقف للاشتراك أي: لكونه مشتركا بين عوده إلى الكل وعوده إلى الأخيرة؛ لأنه قد ورد عوده للكل في قوله تعالى: {أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، خَالِدِينَ فِيهَا لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} .

المذهب الرابع: ما ذهب إليه أبو الحسين البصري وقال في المحصول: إنه حق مع كونه قد اختار التوقف كما تقدم: إن كان بين الجمل تعلق عاد الاستثناء إليها وإلا يعود إلى الأخيرة خاصة. والمراد بالتعليق كما قال في المحصول هو أنه يكون حكم الأولى أو اسمها مضمرا في الثانية، فالحكم كقولنا: أكرم الفقهاء والزهاد إلا المبتدعة، وتقديره: وأكرم الزهاد وأما الاسم فكقولنا: أكرم الفقهاء أو أنفق عليهم إلا المبتدعة فقوله: عليهم أي على الفقهاء. وقد أشار المصنف إلى المثالين بذكر أو فقال: أو أنفق عليهم فافهمه، واجتنب غيره، وإنما أعيد الاستثناء هنا إلى الكل لأن الثانية لا تستقل إلا مع الأولى بخلاف ما إذا لم يكن بين الجمل تعلق؛ لأن الظاهر أنه لم ينتقل عن الجملة المستقلة بنفسها إلى جملة أخرى إلا وقد تم غرضه من الأولى، فلو كان الاستثناء راجعا إلى الجميع لم يكن مقصوده من الأولى قد تم.

دليل المذهب الأول: الشافعي. قوله: "لنا" أي الدليل على المذهب المختار وهو مذهب الشافعي: أن الأصل اشتراك المعطوف والمعطوف عليه في جميع المتعلقات كالحال والشرط وغيرهما، أي: كالصفة والظرف والمجرور، فيجب أن يكون الاستثناء كذلك، والجامع عدم الاستقلال مثاله: أكرم بني مضر وأطعم بني ربيعة محتاجين، أو إن كانوا محتاجين، أو المحتاجين, أو عند زيد أو يوم الجمعة. واعلم أن الإمام نقل عن الحنفية هنا أنهم وافقونا على عود الشرط إلى الكل كما نقله المصنف, قال: وكذلك الاستثناء بالمشيئة. دليل أبي حنيفة: قوله: "قيل: خلاف الدليل" أي: احتج أبو حنيفة بأن الاستثناء خلاف الدليل لكونه إنكارا بعد الإقرار، لكن خولف مقتضى الدليل في الجملة الأخيرة للضرورة؛ وذلك لأنه لا يمكن إلغاء الاستثناء، وتعلقه بالجملة الواحدة كافٍ في تصحيح الكلام، والأخيرة لا شك أنها أقرب فخصصناه بها، فبقي ما عداها من الأصل. وأجاب المصنف بأن هذا الدليل منقوض بالصفة والشرط, فإنهما عائدان إلى الكل عندكم، مع أن المعنى الذي قلتموه موجود بعينه فيهما، وفيما قاله المصنف في الصفة نظر لما قدمناه من عوده إلى الأخيرة عندهم.

أثر الخلاف بيان نوع الخلاف: الخلاف معنوي؛ لأنه أثر في بعض الفروع الفقهية، ومنها: 1 - قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا) فإنه بناء على المذهب الأول فإن هذا الاستثناء راجع إلى الجملتين السابقتين معا، وهما الواردتان في قوله تعالى: (ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً) ،وقوله: (وأولئك هم الفاسقون) ، والتقدير: " لا تقبلوا لهم شهادة أبداً إلا الذين تابوا منهم فاقبلوا شهادتهم فيما بعد "، وكذلك يقال: " وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا، فلا يحكم عليهم بفسق ". أي: أنه على المذهب الأول: القاذف إذا تاب تقبل شهادته،وتعود إليه عدالته؛ بناء على أن الاستثناء يرجع إلى الجملتين السابقتين. أما أصحاب المذهب الثاني فإنهم أرجعوا الاستثناء إلى الجملة الأخيرة فقط، فلذلك قالوا: إن التوبة لا تسقط عدم قبول الشهادة، بل إن شهادته تبقى مردودة، ولكنها - أي: التوبة - ترفع عنه وصف الفسق.

2 - قوله - صلى الله عليه وسلم -: " لا يؤم الرجل في أهله، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه ". فإن الاستثناء على المذهب الأول يرجع إلى الجملتين السابقتين معا وهما: " لا يؤم الرجل في أهله "، و " لا يجلس على تكرمته ". إذن يكون الإذن في الأمرين، أي: لا يؤم الرجل في أهله إلا بإذنه، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه. أما على المذهب الثاني، فإن الاستثناء يرجع إلى الجملة الأخيرة فقط، وعلى ذلك يكون الإذن يشترط في جلوسه على تكرمته فقط، دون الإمامة في الصلاة، وهكذا تقول في كل ما يماثل ذلك.