عصفورة النفس تأليف : ميخال سنونيت
في أعماق أعماقِنا ، في داخلِنا ، تسكنُ النّفسُ أحدٌ لم يرَها بعدُ ، لكنّ الكلَّ يعرفونَ أنها موجودة ٌ : ويعرفونَ ما في داخلِها .
في داخل النّفس ِ ، في وسطِها وعلى رِجلٍ واحدةٍ تقفُ عصفورة ٌ. عصفورةٌ ، اسمُها عصفورةُ النّفسِ وهي تشعرُ ، بكلِّ ما نشعُرُ بهِ
عندما يؤذينا أحدٌ ، تتراكضُ عصفورةُ النّفس في جسدنا ، هنا وهناك ، في كلّ اُتّجاهٍ ، تعاني آلاماً شديدةً .
عندما يحبّنا أحدٌ ما تقفزُ عصفورةُ النّفس ِ قفزاتٍ صغيرةً للأمامِ والوراءِ ذِهاباً وإياباً
إلى هذا الحدِّ تبلغُ بالعناق ِ سعادتَها وعندما يعانِقُنا أحدٌ تكبُرُ عصفورةُ النّفس المقيمةُ في عُمقِِ أعماق ِ أجسادِنا ، التّي تسكنُ عميقاً عميقاً ... في داخِلنا تكبُر وتكبرُ ، حتّى تملأ كلّ َمكانٍ في داخلنا ، تقريباً إلى هذا الحدِّ تبلغُ بالعناق ِ سعادتَها
في داخلِ الجسم عميقاً عميقاً ، تسكنُ النفسُ َ ما رآها أحدٌ حتّى الآن .... لكنّ الكلَّ يعرفُ أنّها موجودةٌ . ولم يحدثْ ، ولن يحدثَ أن يولَدَ إنسانٌ بدونِ نفسٍ
لأنّ النفسَ تدخلُ جسمَنا في لحظةِ ميلادنا ولا تترُكُنا ولا لمرّةٍ واحدةٍ ما دُمنا أحياءَ كالهواءِ ، الذّي يتنفّسهُ الانسانُ منذُ الولادة ِ ، وحتّى الموتِ
من المؤكّد تريدون أن تعرفوا ممَّ تتكوّن عصفورةُ النّفس . ها ، هذا سهلٌ جدّاً تتكوّن من أدراجٍ ، أدراجٍ ... أدراج لا يمكن فتحُها بغيرِ قصدٍ ، لأنّ كلَّ دُرجٍ مقفلٌ بمفتاحٍ خاصٍّ به وعصفورةُ النفسِ ، هي الوحيدة التّي تقدرُ فتحَ أدراجها، كيف ؟
وهذا أيضاً سهلٌ جدّاً : برجلِها الثّانية . تقفُ عصفورةُ النّفسِ على رجلٍ واحدةٍ ، وبرجلِها الثّانيةِ _ المطويّةِ تحتَ بطنِها وقتَ الرّاحةِ ، تديرُ مفتاحَ الدُّرجِ ِ الذّي تريدُ أن تفتحَهُ ، تسحبُ المِقبضَ ، وكلُّ ما في داخلِ الدُّرجِ ِ يخرجُ حرّاً طليقاً داخلَ الجسمِ .
وبما أنّ لا شيءَ نشعرُ به إلاّ ولهُ درجٌ فهناكَ أدراجٌ كثيرة ٌ لعصفورة ِ النّفس ِ . الحسد الحزن الفرح الصّبر العصبيّة الامل
وهناك دُرجٌ للأسرار ِ الدّفينةِ ، هذا الدّرجُ الذي لا يكادُ يُفتَحُ تقريباً وتوجَدُ أدراجٌ أخرى ....يمكنُكم أنْ تضيفوا إليها كلَّ ما تريدون . סודות כמוסים
أحياناً يستطيعُ الانسانُ أن يختارَ لنفسهِ ، درجاً معيّناً، فيُشيرُ للعُصفورة أيَّ مفتاحٍ ٍ تُديرُُ وأيَّ دُرجٍ تفتحُ . وأحياناً ، العصفورةُ ، هي التّي تقرّرًُ لصاحِبِها . مثلاً : هو يريدُ أن يصمِتَ ويطلُبُ من العصفورةِ أن تفتحَ درجَ الصّمتِ ، لكنّها ، وحسبَ رأيِها الخاصِّ تفتحُ لهُ درجَ الكلامِ .... فيتَكلَّمُ ، ويتكلّمُ دونَ إرادتهِ ... مثلٌ آخر : يطلبُ أن يصغيَ برويّةٍ لكنّها تفتحُ لهُ درجَ التوتّرِِ .. ويصبحُ في حالةِ ثورةٍ عصبيّةٍ .. בלה בלה בלה….
ويحدثُ أن يغارَ دونَ قصدٍ ويحدُثُ أن يخرّبَ خاصّةً عندما يريدُ أن يساعدَ لأنَّ عصفورة َ النفس ِ ليست مطيعةً ٌ دائماً . وتخلِقُ لهُ المتاعبَ أحياناً.
هنا يمكنُ أن نفهمَ أنّ كلّ إنسانٍ مختلفٌ عن غيرهِ ، بسببِ عصفورة النّفسِ التي في داخلهِ . العصفورةُ التي تفتحُ كلَّ صباح ٍ دُرجَ المرحِ ، فيَتَدَفَّقُ منهُ المرحُ في داخلِ الجسمِ كلِّهِ وصاحبُها مرحٌ سعيدٌ ...
بينَما العصفورةُ التي تفتحُ لهُ درجَ الغضبِ يتدفّقُ منهُ الغضبُ ويسيطرُ على صاحبهِ تماماً . وطالما لم تُغلقِ ِ العصفورةُ الدّرجَ فلن يتوقّفَ صاحبُها عن الغضبِ .
هناكَ عصفورةٌ لا يطيبُ عيشُها تفتحُ أدراجاً محزنةً . غيرة عصبيّة
وعصفورةٌ يطيبُ عيشُها تختارُ أدراجاً مفرحة ً فرحٌ صبرٌ أملٌ
وأهمُّ شيءٍ الاصغاءُ جيّداً للعصفورةِ وما أهمُّ شيءٍ ؟ وأهمُّ شيءٍ الاصغاءُ جيّداً للعصفورةِ فقد تنادينا عصفورةُ النّفسِ ونحنُ لا نسمعها.. خُسارةٌ .. فهي تريدُ أن تحكيَ لنا عن أنفُسِنا تريدُ أن تحكي عن الاحاسيسِ الكامنةِ في الادراجِ التّي في داخلها .
هناكَ من يسمعُها مراراً .. وهناكَ من يسمعُها نادراً.. وهناكَ من يسمعُها مرّةً واحدةً في حياتهِ ..
لذلكَ ، منَ الافضلِ _ وربّما في ساعاتِ اللّيلِ المتأخّرةِ ، والسّكونُ يخيّم حولَناُ _ أن نصغي لعصفورةِ النّفسِ التي في داخلِنا عميقاً .... عميقاً داخلَ الجسمِ .
متى كانت آخرُ مرّةٍ سمعتم فيها عصفورةُ نفسِكُم ؟