الفصل السابع النقود Money ثانياً : أنواع النقود وتطورها . أولاً: عيوب نظام المقايضة ونشأة الحاجة إلى النقود . ثانياً : أنواع النقود وتطورها . ثالثاً : وظائف النقود وتعريفها . رابعاً : فكرة موجزة عن النقود في الإسلام . خامساً : قياس عرض النقود (كمية النقود) .
أولاً: عيوب نظام المقايضة ونشأة الحاجة إلى النقود من المعروف تاريخياً أن نظام التجارة في مرحلته الابتدائية كان يقوم على أساس المقايضة أو المبادلة أي مبادلة سلعة بسلعة أخرى. حيث كان أفراد القبيلة أو القرية يتقابلون في مكان معين يسمونه السوق فكان المشتغل بالصيد يستبدل ما يملك من فراء وجلود ولحم بما عند المشتغل بالزراعة من قمح وحطب وغيرها مما تنبت الأرض. ولكن تطبيق نظام المقايضة واجهته العديد من الصعوبات من أبرزها: 2
1. صعوبة تحقيق التوافق المزدوج بين رغبات المتعاملين : فلو كان مثلاً رجلاً لديه رأس غنم فائض عن حاجته وهو بحاجة إلى قمح، فذهب للسوق باحثاً عن شخص آخر يعرض قمحاً ويطلب غنماً، وبعد وقت وجهد وجد رجلاً يعرض قمحاً ولكنه لم يكن في حاجة إلى رأس غنم بل كان يطلب سلعة أخرى غير الغنم فهذا يعني أن رغبات هذين الرجلين لم تتوافق وعليه ذهب كل منهما يبذل جهداً ووقتاً من جديد وذلك للبحث عن شخص تتوافق معه رغبته وأخيراً عثر صاحب رأس الغنم على شخص يعرض قمحاً ويطلب غنماً . 3
2. صعوبة تقدير نسب المقايضة: فعندما تقابل صاحب القمح مع صاحب الغنم وذلك لعقد صفقة التبادل بينهما يدخلان في مشكلة جديدة وهي كيفية الاهتداء إلى التوافق على مقياس يحددان على أساسه نسبة المقايضة بين القمح والغنم ، فالمشكلة هنا هي كم يساوي رأس الغنم من كيلات القمح ، فلا بد من إيجاد وحدة قياسية تنسب إليها وحدات كل من السلعتين حتى نعرف كم يساوي رأس الغنم من كيلات القمح، ولكي يسهل تصورنا لمشكلة تقدير نسب المقايضة، نفرض للتبسيط أن السوق يوجد فيه أربع سلع فقط هي القمح والغنم والشعير والدجاج، وبالرغم من ذلك فإن على المتعاملين أن يقوموا بتقدير ست نسب للمقايضة، فلا بد أن يقدروا كم يساوي رأس الغنم بالنسبة للقمح والشعير والدجاج، وكذلك القمح بالنسبة للشعير والدجاج، وأيضاً الشعير بالنسبة للدجاج ، ويمكن أن نحصل على هذه النتيجة باستخدام المعادلة التالية : 4
عدد نسب المقايضة = عدد السلع المعروضة × (عدد السلع المعروضة -1) 2 ووفقاً لذلك فإن عدد نسب المقايضة = 4 × (4-1) = 4 × 3 = 6 2 2 أما لو كان لدينا في السوق 100 سلعة فإن نسب المقايضة ستكون كبيرة جداً حيث أن : عدد نسب المقايضة = 100 × (100 – 1 ) = 100 × 99 = 9900 = 4950 نسبة مقايضة 2 2 2 5
رأس الغنم = 10 دجاجات ، كيلة القمح = دجاجتان إذن هذه الصعوبة في تقدير نسب المقايضة فرض على المتعاملين ضرورة الاتفاق على مقياس مقبول من جميع المتعاملين تنسب إليه قيم السلع المختلفة، وفي مثالنا السابق نفترض أن المتعاملين قد تراضوا على استعمال سلعة الدجاج كمقياس للقيم وذلك على أساس أن : رأس الغنم = 10 دجاجات ، كيلة القمح = دجاجتان إذن رأس الغنم = 5 كيلات قمح 6
3. عدم قابلية بعض السلع للتجزئة : فعلى فرض أنه تم الاتفاق أن رأس الغنم من حجم ونوع معينين تعادل خمس كيلات قمح، وعليه كان يتحتم على صاحب الغنم الذي يرغب في مبادلة رأس الغنم بالقمح أن يقبل تلك الكمية من القمح سواء كان في حاجة إليها أو إلى بعضها فمثلاً لو كان في حاجة إلى نصف هذه الكمية من القمح فقط فلا يمكنه أن يبيع نصف رأس الغنم ، فالغنم سلعة غير قابلة للتجزئة. 7
ثانياً / أنواع النقود وتطورها: بناءً على التطور التاريخي للنقود يمكننا أن نوضح أن النقود تنقسم إلى خمسة أنواع هي : 1- النقود السلعية : والنقود المعدنية الكاملة جزءاً منها. 2- النقود الورقية : وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام : ( أ ) : نقود ورقية نائبة عن الذهب بنسبة 100% . (ب ) نقود ورقية نائبة بنسبة 50% . (ج ) نقود ورقية إلزامية. 3- النقود المصرفية . 4- النقود الائتمانية. 5- النقود الالكترونية. وفيما يلي نفصل هذه الأنواع الخمسة: 8
1. النقود السلعية ( السلع النقدية ) : نتيجة للصعوبات التي اكتنفت نظام المقايضة نشأت الحاجة إلى البحث عن سلعة وسيطة أو مقياس عام تنسب إليه كل السلع المختلفة ويكون مقبولاً لدى جميع المتعاملين ، وهنا استعمل الانسان بعض أنواع الحيوانات كسلع وسيطة، وفي بعض الأحيان استعملت المعادن كالنحاس والبرونز، والتاريخ النقدي يذكر مثلاً أن الاغريق استخدموا الماشية كنقود، الهنود الحمر استخدموا التبغ والصينيون استخدموا السكاكين أما المصريون فقد استخدموا القمح كنقود، وقد سميت هذه السلع الوسيطة بالسلع النقدية أو بالنقود السلعية، وباستخدام هذه السلع النقدية وسيطاً للتبادل تحول نظام التجارة القائم على المقايضة إلى نظام تبادل يقوم على استعمال النقود، وأصبحت عملية المبادلة تمر بمرحلتين بيع منفرد، وشراء منفرد، فصاحب الغنم يبيعها أو يستبدلها بالنقود ثم بهذه النقود أو جزء منها يشتري قمحاً، وبعد تطور الأحوال شيئاً فشيئاً عم استخدام المعادن النفيسة (الذهب والفضة) كوسيلة للتبادل وفيما يتعلق بالمعادن النفيسة يمكن أن نسجل الملاحظات التالية: 9
ملاحظات حول استخدام المعادن النفيسة(الذهب والفضة) كوسيلة للتبادل. (أ ) يرجع السبب في اختيار المعادن النفيسة للتبادل النقدي وتفضيلها عن سائر السلع الأخرى امتيازها بعدة صفات ومن هذه الصفات : الصلابة ، عدم قابليتها للهلاك مع الزمن، النقود التي تصنع منها يسهل جعلها متجانسة وقابلة للتجزئة، يسهل حملها وتخزينها، ولكن أهم من هذا كله أنهما يتمتعان بالندرة النسبية. 10
(ب ) النقود المعدنية الكاملة ”التي تكون على هيئة مسكوكات ذهبية أو فضية“ يمكن أن نعرفها بأنها (هي النقود التي تتعادل قيمتها كنقد ”القيمة القانونية أو الاسمية“ مع قيمتها كسلعة ”القيمة السوقية أو الذاتية“ ) ، ولو حدث أن ارتفعت القيمة السوقية للنقود المعدنية الكاملة عن القيمة القانونية فإن هذا سيدفع الجمهور إلى صهر الجنيهات الذهبية وتحويلها إلى سبائك وهذا سيؤدي إلى زيادة عرض السبائك الذهبية في السوق فتنخفض القيمة السوقية للذهب حتى تتعادل مرة أخرى مع القيمة النقدية أو القانونية، العكس يحدث عند انخفاض القيمة السوقية، وتكون النتيجة هي تعادل القيمة النقدية مع القيمة السوقية. ومن أمثلة النقود المعدنية الكاملة الجنية المصري الذهبي والجنيه الانجليزي قبل الحرب العالمية الأولى وكذلك الدولار الأمريكي قبل عام 1934.
(ج ) قبل استعمال المعادن النفيسة كنقود كانت قيمتها تتحدد بالمعروض منها والطلب عليها للأغراض الصناعية وأغرض الزينة وغيرها، ولكن اختيار هذه المعادن للاستعمال النقدي خلق طلباً جديداً عليها هو الطلب النقدي وبالطبع ذلك أدى إلى ارتفاع قيمة هذه المعادن وبالتالي زيادة القوة الشرائية لها.
2. النقود الورقية : ومع تطور الأحوال والظروف ظهرت النقود الورقية ويمكن تعريف النقود الورقية بأنها ” هي عبارة عن وثائق متداولة تصدر لحاملها وتمثل ديناً معيناً في ذمة السلطات النقدية التي أصدرتها“ . وعادة تصدرها البنوك المركزية أو أي سلطة نقدية أخرى مسئولة في البلد الذي تتداول فيه وقد تطورت هذه الوثائق المتداولة بالنسبة للغطاء الذي ترتكز عليه، ومن الممكن أن نصور هذا التطور في مراحل رئيسية ثلاث: 13
مراحل تطور النقود الورقية:- ( أ ) نقود ورقية نائبة عن الذهب بنسبة 100% : أي أن الغطاء الذهبي لهذه النقود يساوي 100%، وهذه النقود النائبة تشبه النقود المعدنية الكاملة ولكنها تمتاز عنها في أن نفقات طبعها أقل من نفقات سك المعدن نفسه، كما أن استعمالها بدلاً من المعدن يحول دون تآكل المعدن واقتطاع أجزاء منه من جانب الجمهور، وكذلك سهولة حملها، ويوجد هناك حرية تامة في تحويل هذه النقود الورقية إلى الذهب والعكس وهذا جعل قيمة هذه الأوراق المتداولة تعادل قيمة الذهب الذي تمثله، وأٌقرب مثال على هذه النقود الورقية هو الشهادات الذهبية التي كانت تصدرها خزانة الولايات المتحدة الأمريكية والتي كانت تحتفظ مقابلها بكمية من الذهب تعادل قيمتها قيمة هذه الشهادات تماماً أي أن غطاء الذهب لهذه الشهادات كان يعادل 100% ولهذا السبب يطلق عليها شهادات الذهب. 14
(ب ) نقود ورقية نائبة بنسبة 50% : وبعد ذلك تطور استخدام هذه النقود الورقية النائبة عندما كسبت ثقة الجمهور في الجهة التي أصدرتها ولملاءمتها في التداول، وعليه وجدت السلطات النقدية أنها في غير حاجة إلى الاحتفاظ بغطاء ذهبي يعادل 100% من قيمة المعدن ومن ثم أخذت هذه النسبة تقل حتى وصلت إلى 50% وهذه هي النقود الورقية النائبة بنسبة 50%، حيث أن 50% من قيمتها آتية من قيمة المعدن. أما الـ 50% الأخرى فتأتي من قوة الإبراء العام التي يضفيها عليها القانون، ومن أمثلة ذلك أوراق البنكنوت التي أصدرها البنك الأهلي المصري حتى أوائل الحرب العالمية الأولى حيث كان المُصدر من البنكنوت وإن كان قابلاً للصرف بالذهب إلا أن نسبة الغطاء الذهبي كانت تعادل 50% فقط من مجموع الغطاء. 15
(ج ) نقود ورقية إلزامية : ومع تطور الظروف وتحت ضغط الاحداث التي جعلت كميات الذهب غير كافية لسد حاجة الغطاء أوقفت السلطات النقدية الصرف بالذهب وبالتالي أصبحت النقود الورقية إلزامية، وقد حدث هذا التطور في النقود الورقية في مصر عندما سُمح للبنك الأهلي المصري ”بنك الاصدار حينذاك“ بإصدار البنكنوت بدون تحويله إلى ذهب في عام 1914. ويمكن تعريف النقود الورقية الالزامية ”هي تلك النقود الورقية الغير قابلة للصرف بالذهب وتستند قيمتها إلى قوة الإبراء العام التي يضفيها عليها القانون“ . وطالما تتوافر ثقة الجمهور بهذه النقود وتستمر تحظى بقبول عام في التبادل فعلى السلطات النقدية أن لا تفرط في إصدار كميات كبيرة منها وذلك لأن الافراط في إصدارها سوف يؤدي إلى تدهور قيمتها الحقيقية أي قوتها الشرائية وبالتالي يرفض الجمهور التعامل بها. 16
( 3 ) النقود المصرفية: وقد ظهرت هذه النقود مع حدوث الرقي والتقدم في العالم، وهي تتكون من الحسابات الجارية أو الودائع تحت الطلب لدى البنوك، وتنتقل ملكية هذه الودائع من شخص لآخر بواسطة الشيكات، والشيك هو أمر موجه من صاحب الوديعة (الدائن) إلى البنك (المدين) لكي يدفع لأمره أو لأمر شخص آخر أو لحامله مبلغاً معيناً من النقود. وتتفق النقود المصرفية مع النقود الورقية من حيث كونهما نقوداً ائتمانية، والنقود الائتمانية هي التي تنقطع الصلة بين قيمتها الاسمية كنقد وقيمتها التجارية كسلعة، حيث أن القيمة السلعية لكل من النقود المصرفية والنقود الورقية زهيدة جداً وبالتالي فان قيمتها تأتي من قوة القانون وقبول الأفراد التعامل بها. كذلك النقود المصرفية تشترك مع النقود الورقية في كونها ديوناً لصالح حاملها أو مالكها في ذمة الجهة التي تلتزم بها وهي البنك المركزي في حالة النقد الورقي والبنوك التجارية في حالة النقد المصرفي أو الدولة نفسها في حالة تأميم البنك المركزي والبنوك التجارية. 17
أما نقطة الخلاف بين النقود المصرفية والنقود الورقية فتتمثل في أن النقود المصرفية لا تتمتع بالقبول العام في التداول حيث لا يُلزم القانون الدائنين على قبولها، وعلى ضوء ذلك فإن الشيك من الناحية القانونية لا يمكن أن نعتبره نقوداً لأنه يحق للشخص أن يمتنع عن قبوله، وهنا لا بد أن نتذكر أن الوديعة نفسها وليس الشيك هي التي تعتبر نقوداً فالشيك لا يعد نقداً مثل ورقة البنكنوت التي تتمتع بصفة القبول العام. 18
وبالرغم من أن النقود المصرفية لا تتمتع بصفة القبول العام مثل النقود الورقية إلا أنه بسبب اتساع النشاط الاقتصادي أصبح التعامل بالشيكات على نطاق واسع في البلاد المتقدمة بسبب انتشار الوعي المصرفي، ونلاحظ كذلك أن النقود المصرفية تمثل الجانب الغالب من العرض الكلي للنقود في البلاد المتقدمة اقتصادياًُ ففي الولايات المتحدة مثلاً يبلغ حجم النقد المصرفي حوالي 90% من العرض الكلي للنقود.
4- النقود الائتمانيةCredit Money ومن أمثلتها بطاقة الائتمان Credit card بأنواعها مثل بطاقات الصرف المؤجل National Express وبطاقات الفيزا Visa Cards وغيرها. 5- النقود الالكترونية Electronic Money حيث تطورت نظم المعلومات فأصبح بإمكاننا استخدام الانترنت ووسائل الاتصال الالكترونية الحديثة في نقل الاموال وتداولها عبر الاجهزة الالكترونية والحاسوبية.
ثالثاً/ وظائف النقود وتعريفها: يمكن تلخيص أهم وظائف النقود في النقاط التالية: النقود كوسيط للتبادل : وهي أقدم الوظائف للنقود ومنها اشتقت كافة الوظائف الأخرى وللقيام بهذه الوظيفة لا بد أن تكون هذه النقود مقبولة قبولاً عاماً من جميع المتعاملين، وقد ظهرت هذه الوظيفة للنقود من أجل التغلب على صعوبات نظام المقايضة. 21
2- النقود كمقياس للقيمة: واستخدام النقود كمقياس للقيم ذلل أكبر عقبة اعترضت نظام المقايضة وهي صعوبة تقدير نسب المقايضة، فمثلاً عندما يتواضع أفراد مجتمع معين على استخدام وحدة نقدية معينة ولتكن الجنيه كمقياس للقيمة فإن قيم جميع السلع الأخرى سوف تنسب للجنيه، فيقال مثلاً أن قيمة رأس الغنم = 10 جنيه، قيمة كيلة القمح = 2 جنيه وهكذا فإن رأس الغنم يساوي 5 كيلات قمح.
3. النقود كمستودع للقيمة : حيث يمكن تخزين النقود بغرض استخدامها في المستقبل، مع مراعاة أنه يمكن استخدام أدوات أخرى تقوم بوظيفة مستودعات للقيمة كالأوراق المالية والأصول الثابتة كالمنازل والأراضي، ولكن هذه الأدوات تعتبر أقل سيولة من النقود لعدم تمتعها بصفة القبول العام ولصعوبة بيعها أو تحويلها إلى نقد سائل عند الحاجة بسرعة وبدون أن يتحمل صاحبها أية خسارة أما النقود فهي أصل كامل السيولة لأنها تتمتع بالقبول العام من جانب الجمهور. 23
4. النقود كوسيلة للمدفوعات الآجلة: حيث يسرت النقود عمليات الائتمان، حيث يمكن للأفراد الحصول على حاجاتهم ودفع الاثمان في وقت لاحق، كما تمكنت المؤسسات والأفراد عن طريق النقود من الاقتراض لتمويل مشروعاتهم وتسديد القروض في وقت لاحق، ولكي تقوم النقود بهذه الوظيفة فلا بد أن يطمئن أفراد الجمهور أن قيمة النقود أي قوتها الشرائية لن تنخفض في المستقبل، وذلك لأنهم إذا اعتقدوا أن القوة الشرائية للنقود ستنخفض في المستقبل فلا بد أن يحجموا عن إقراض نقودهم خوفاً من الخسارة الحقيقية التي قد تلحق بهم نتيجة لهذه العملية. ولتوضيح ذلك نضرب المثال التالي: لو أن شخصاً اشترى مثلاً سنداً حكومياً قيمته الاسمية 100جنيه وفائدته السنوية 3% ومدته عشر سنوات، بحيث قام هذا الشخص بدفع 100 جنيه في بداية العشر سنوات وحصل على سنداً أو وثيقة تخوله الحصول على فائدة سنوية قدرها ثلاثة جنيهات واستعادة المائة جنيه في نهاية العشر سنوات . 24
فلا بد أن يطمئن هذا الشخص أن القوة الشرائية للجنيه لن تنخفض في نهاية العشر سنوات لأن انخفاضها معناه أن خسارة حقيقية سوف تلحق بهذا الشخص، فمثلاً لو كانت القوة الشرائية للجنيه في بداية العشر سنوات تساوي عشر وحدات من السلع أي المائة جنيه يمكن بها شراء 1000 وحدة من السلع والخدمات، ولكن لو أصبحت القوة الشرائية للجنيه في نهاية العشر سنوات تساوي خمس وحدات من السلع، فمعنى ذلك أن القوة الشرائية للجنيه تكون قد انخفضت إلى النصف، حيث أن المائة جنيه يمكن بها شراء 500 وحدة من السلع والخدمات، وهذا يعني أن هذا الشخص حامل هذا السند ”الدائن“ يكون قد لحقته خسارة حقيقية تعادل نصف قيمة السند بالرغم من أنه قد استلم في نهاية مدة السند وهي عشر سنوات مائة جنيه، ومثل ذلك يحد من قيام النقود بهذه الوظيفة. 25
5. النقود كقوة شرائية حاضرة تلقي قبولاً عاماً : أن توافر صفة القبول العام للنقود تمكن للأفراد من أن تتم المعاملات بينهم في صورة نقدية، بحيث يمكنهم الحصول على حاجياتهم من السلع والخدمات في أي وقت يرغبونه، ولهذا أصبح الأفراد يفضلون الحصول على مقابل خدماتهم نقداً بدلاً من الحصول عليها عيناً . 6. النقود كأصل سائل : حيث يفضل الأشخاص الاحتفاظ بجزء من ممتلكاتهم في صورة نقدية سائلة خاصة إذا توقعوا انخفاضاً في أسعار السلع وذلك ليتمكنوا من تلبية حاجاتهم الاستهلاكية كما يحتفظ الأفراد بأموالهم في صورة نقدية سائلة لاستثمارها إذا توقعوا انخفاضاً في سعر الفائدة وليدخروها إذا توقعوا ارتفاعاً في هذا السعر. 7. النقود كقوة محركة للنشاط الاقتصادي: أن النظر للنقود من خلال الوظائف السابقة يضفي صفة السكون على الدور الذي تلعبه النقود في النشاط الاقتصادي، إلا أن النقود في الواقع تقوم بدور حيوي وهام بحيث تؤدي إلى زيادة الطلب على الاستهلاك والاستثمار وبالتالي القضاء على البطالة. 26
تعريف النقود والمواصفات اللازمة للوحدة النقدية: تعريف النقود: بناءً على الوظائف السابقة للنقود يمكن تعريفها كالتالي ( النقود هي الشيء الذي يلقي قبولاً عاماً في التداول وتستخدم وسيطاً للتبادل ومقياساً للقيم ومستودعاً لها كما تستخدم وسيلة للمدفوعات الآجلة وتمثل قوة شرائية حاضرة ويحتفظ بها كأصل سائل). 27
الصفات التي يجب توافرها في الوحدة النقدية حتى تؤدي وظائفها: ( أ ) يجب أن تتمتع بصفة القبول العام. (ب ) يجب أن تكون صغيرة الحجم. (ج ) أن تكون سهلة الحمل. ( د ) تجانس الوحدات . ( هـ) سهولة قابليتها للتجزئة إلى وحدات صغيرة جداً متجانسة ”وحدات كسرية“ . (و ) عدم قابليتها للهلاك بسرعة. (ع ) وجود استقرار نسبي في قيمتها. (ح ) يجب أن تكون نادرة ولكن بشرط ألا تكون نادرة جداً بمعنى أن تتمتع بالندرة النسبية.
رابعاً/ فكرة موجزة عن النقود في الإسلام : وتحت هذا العنوان نتحدث عن نقطتين هما: النظام النقدي الذي سار عليه المسلمون: المعروف أن الدولة الإسلامية وخلال تاريخها الطويل قد سارت على قاعدة نظام المعدنين ”الذهب والفضة“. ولم تقم الدولة الإسلامية في بداية قيامها على عهد الرسول صلى الله عليه وسلم بسك نقود خاصة بها، إنما كانت تتخذ من الدنانير البيزنطية ”الرومانية“ والدراهم الكسروية ”الفارسية“ نقداً لها. والمعروف أن الدولة الرومانية كانت تسير على نظام الذهب وكان الدينار البيزنطي يمثل دينار ذهبي أما الدولة الفارسية فكانت تسير على نظام الفضة وكان الدرهم الكسروي يمثل درهم فضي. 29
وقد كان الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أول من أمر بسك النقود في الإسلام سنة 18هـ وقد كتب على بعضها ”الحمد لله“ وعلى البعض الآخر ”محمد رسول الله“ ولكن التطور الحقيقي في إصدار النقود الإسلامية جاء في عهد الأمويين على يد عبد الملك بن مروان فقد أمر بسك نقداً إسلامياً خاصاً سنة 77هـ , وجعل هذا النقد قائماً على وحدة الذهب ووحدة الفضة، بوزن الدينار والدرهم الشرعيين، وقد كان وزن الدينار الشرعي 4.25 جراماً من الذهب الخالص، ووزن الدرهم الشرعي2.975 جراماً من الفضة الخالصة ، وفي أواخر أيام العباسيين ، سك المسلمون بجانب الذهب والفضة نقوداً من النحاس لشراء محقرات الأشياء بها، باعتبار أن قيمة النحاس الذاتية قليلة ، ولم يكن نائباً عن الذهب والفضة، وإنما كان قائماً بذاته معتمداً على قيمته كنحاس، لذلك كان لشراء محقرات الأمور والأشياء. 30
وقد استمر المسلمون يسيرون على نظام الذهب والفضة حتى سقط هذا النظام في أوائل القرن العشرين وذلك بعد الحرب العالمية الأولى، وقد تزامن سقوط نظام المسكوكات الذهبية مع سقوط الدولة العثمانية والتي كانت تمثل الكيان السياسي للمسلمين.
2. النظام النقدي الورقي من منظور اسلامي: تكلم الفقهاء المعاصرون في خصائص ووظائف النقود الورقية وكان على رأس هؤلاء الفقهاء فضيلة الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي حيث قال في كتابه فقه الزكاة – المجلد الأول ما يلي : ( لم تُعرف النقود الورقية إلا في العصر الحاضر، فلا نطمع أن يكون لعلماء السلف فيها حكم، وقد أصبحت الأوراق النقدية – باعتماد السلطات الشرعية إياها، وجريان التعامل بها – أثمان الأشياء ورؤوس الأموال، وأصبح لها قوة الذهب والفضة أو العملات المعدنية من غير الذهب والفضة كالفلوس، كما أنها تحقق داخل كل دولة ما تحققه النقود المعدنية، وينظر المجتمع إليها نظرته إلى تلك، ومعنى هذا كله أن لها وظائف النقود الشرعية وأهميتها). وعلى ضوء ذلك فإنه لا حرج من المنظور الإسلامي في التعامل بالنقود الورقية ما دامت تقوم بنفس الوظائف التي كانت تقوم به النقود المعدنية. 32
أما وظائف النقود الورقية في الفكر الغربي: فإنها تتفق مع وظائفها في الفكر الإسلامي ما عدا الأمور التالية: ( أ ) يرى بعض الفقهاء المسلمون أن الأوراق النقدية وإن كانت تعد مقياساً دقيقاً لقيم الأشياء إلا أن الذهب كان أدق قياساً وأوسع شمولاً وكان يسير حكمه في الميزان في كل الأقطار والأمصار. (ب ) كذلك يرى الفقهاء المسلمون أن النقود الائتمانية الورقية تقوم بوظيفة مخزن للقيمة بصفة مقيدة وذلك بسبب الانخفاض الذي قد يطرأ على قيمتها، أما النقود المعدنية الكاملة ”الذهب والفضة“ فإنها تقوم بهذه الوظيفة بصفة مطلقة حيث أنها تحتفظ بقيمتها بصفة عامة ولهذا فإن الناس قد يلجأون إليها عند الاضطرابات الاقتصادية والسياسية ويتخلصون من النقود الورقية. (ج ) أن بعض الفقهاء يتحفظون على قيمة النقود الورقية الاسمية باعتبار أن قيمتها الحقيقية هي بما تعادله من الذهب، ولذلك وجدنا هؤلاء الفقهاء يطلقون على النقود المعدنية ”الذهب والفضة“ النقود المطلقة وعلى النقود الائتمانية الورقية النقود المقيدة. 33
خامساً/ قياس عرض النقود (كمية النقود) : تحتفظ المجتمعات بأحجام معينة من النقود التي نتداولها في الاقتصاد وهو ما يسمى بكمية أو عرض النقود، وقد تم الاتفاق على مقياسين رئيسين لعرض النقود هما المقياس الضيق والمقياس الموسع. المقياس الأول : هو المقياس الضيق لعرض النقود Narrow Money Supply ويرمز للمقياس الضيق بالرمز M1 ، ويشتمل هذا المقياس على (النقد المتداول خارج البنوك (العملات الورقية والمعدنية) Money in Circulation ويرمز لها بالرمز CR ) + ( الودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية) Demand Deposits ويرمز لها بالرمز DD ). لذلك تصبح المعادلة كما يلي : M1 = CR + DD 34
حسابات التوفير Saving ويرمز لها بالرمز S لذلك تصبح المعادلة كالتالي: المقياس الثاني : وهو المقياس الموسع Broad Money ويرمز له بالرمز M2 ويشتمل على : المقياس الضيق m1 . الودائع الزمنية والادخارية (الودائع لأجل) Time Deposits ويرمز لها بالرمز TD . حسابات التوفير Saving ويرمز لها بالرمز S لذلك تصبح المعادلة كالتالي: M2 = m1 + TD + S 35
خامساً/ علاقة النقود بالمستوى العام للأسعار : بشكل عام يمكن القول أنه عند زيادة عرض النقود، يؤدي ذلك إلى انخفاض قيمة النقود، وهذا يعني أن عدد الوحدات من السلع والخدمات التي تشتريها الوحدة النقدية الواحدة سوف تقل، ومن ثم فإن المستوى العام للأسعار سوف يرتفع، أي أن هناك علاقة عكسية بين قيمة النقود والمستوى العام للأسعار. 36
أسئلة وتمارين السؤال الأول: ما هو المقصود بنظام المقايضة؟ ثم اشرح بإيجاز أهم عيوب هذا النظام؟ السؤال الثاني: عرف النقود ثم اشرح بإيجاز تطور الأنواع المختلفة للنقود؟ السؤال الثالث: اشرح بإيجاز أهم وظائف النقود؟ السؤال الرابع: أهم ما يميز النقود المعدنية الكاملة أن القيمة السوقية لها تساوي القيمة القانونية. اشرح ذلك؟ السؤال الخامس: ما هو الفرق بين عرض النقود بالمعنى الضيق وعرض النقود بالمعنى الموسع؟
السؤال السادس: 1- من هو أول من أمر بسك النقود في الإسلام؟ 2- ما هو النظام النقدي الذي سار عليه المسلمون؟ 3- ما هو الحكم الشرعي في التعامل بالنقود الورقية؟ 4- ما هي أوجه الاختلاف بين وظائف النقود الورقية في الفكر الغربي ووظائف النقود الورقية في الفكر الإسلامي؟
ضع علامة (صح) أمام العبارة الصحيحة وعلامة (خطأ) أمام العبارة الخاطئة: السؤال السابع: ضع علامة (صح) أمام العبارة الصحيحة وعلامة (خطأ) أمام العبارة الخاطئة: 1.( )يشمل المقياس الموسع للنقود النقد المتداول خارج البنوك والودائع تحت الطلب والودائع لأجل وحسابات التوفير. 2.( )التطور الحقيقي في إصدار النقود الإسلامية جاء في عهد الأمويين على يد عبد الملك بن مروان، فقد أمر بسك نقداً إسلامياً خاصاً سنة 77هـ. 3.( )سارت الدولة الإسلامية خلال تاريخها الطويل على نظام الذهب. 4.( )من عيوب نظام المقايضة صعوبة تقدير نسب المقايضة. 5.( )تعتبر الشيكات نقوداً قانونية وذلك نظراً للاستخدام الواسع لها وخاصة في الدول المتقدمة. 6.( )ارتفاع المستوى العام للأسعار يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للنقود.
7.( )يتضمن عرض النقود بالمفهوم الضيف ودائع التوفير والودائع الجارية. 8.( )الوظيفة التي عالجت مشكلة تعدد الأسعار في نظام المقايضة هي أن النقود مخزن للقيمة. 9.( )إذا كان لدينا في السوق 40 سلعة فإن عدد نسب المقايضة = 780 نسبة المقايضة. 10.( )من أهم خصائص النقود الورقية أن القيمة القانونية لها أكبر من القيمة السوقية. 11.( )من خصائص النقود المعدنية الكاملة أن قيمتها كنقد = قيمتها كسلعة. 12.( )قيام النقود بوظيفة مقياس للقيمة ذلك أكبر عقبة اعترضت نظام المقايضة وهي صعوبة تقدير نسب المقايضة. 13.( )يمكن استخدام أدوات أخرى غير النقود تقوم بوظيفة مستودع للقيمة كالأوراق المالية والأصول الثابتة.
14.( )أفتى الدكتور يوسف القرضاوي بجواز التعامل بالنقود الورقية المعاصرة لأنها تقوم بنفس وظائف النقود الشرعية. 15.( )يرى الفقهاء المسلمون أن النقود الورقية تقوم بوظيفة مخزن للقيمة بصفة مقيدة وذلك بسبب الاختلاف الذي قد يطرأ على قيمتها. 16.( )من الصفات الواجب توافرها في الوحدة النقدية حتى تؤديها وظائفها تمتعها بالندرة المطلقة. 17.( )الشرط الأساسي لقيام النقود بوظيفة وسيلة للمدفوعات الآجلة هو وجود استقرار نسبي في قيمتها. 18.( )تعبير النقود يمكن أن يطلق على أي وسيط للتبادل له صفة القبول العام. 19.( )تشتمل النقود بمفهومها الواسع على السندات الحكومية وغيرها. 20.( )الودائع تحت الطلب تعتبر نقداً قانونياً.