الأشباه والنظائر للسيوطي قواعد الفقه الكلية الأشباه والنظائر للسيوطي مدرس المساق الدكتور عاطف محمد أبو هربيد أستاذ الفقه المقارن المشارك في كلية الشريعة والقانون بالجامعة الإسلامية -غزة كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية مصطلحات الشافعية 1- الأقوال: هي اجتهادات الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى -، سواء كانت قديمة أو جديدة. 2- القول القديم: هو ما قاله الإمام الشافعي قبل انتقاله إلى مصر تصنيفا أو إفتاء، سواء أكان رجع عنه وهو الأكثر أم لم يرجع عنه، ويسمى أيضا بالمذهب القديم. وأبرز رواته الزعفراني والكرابيسي وأبو ثور. 3- القول الجديد: هو ما قاله الشافعي بمصر تصنيفا أو إفتاء، ويسمى بالمذهب الجديد. وأبرز رواته: البويطي والمزني والربيع المرادي. 1. بعض مصطلحات المذهب الشافعي كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية 4- الأظهر: هو الرأي الراجح من القولين أو الأقوال من للإمام الشافعي، وذلك إذا كان الاختلاف بين القولين قويا، بالنظر إلى قوة دليل كل منهما، وترجح أحدهما على الآخر، فالراجح من أقوال الإمام الشافعي حينئذ هو الأظهر. ويقابله الظاهر الذي يشاركه في الظهور، لكن الأظهر أشد منه ظهورا في الرجحان. 5- المشهور: هو الرأي الراجح من القولين أو الأقوال للإمام الشافعي، وذلك إذا كان الاختلاف بين القولين ضعيفاً، فالراجح من أقوال الإمام الشافعي حينئذ هو المشهور. ويقابله الغريب الذي ضعف دليله. 1. بعض مصطلحات المذهب الشافعي كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية 6- الأصحاب: هم فقهاء الشافعية الذين بلغوا في العلم مبلغا عظيما حتى كانت لهم اجتهاداتهم الفقهية الخاصة، التي خرّجوها على أصول الإمام الشافعي، واستنبطوها من خلال تطبيق قواعدهº وهم في ذلك منسوبون إلى الإمام الشافعي ومذهبه. ويسمون أصحاب الوجوه. 7- الوجوه (الأوجه): هي اجتهادات الأصحاب المنتسبين إلى الإمام الشافعي ومذهبه، التي استنبطوها على ضوء الأصول العامة للمذهب، والقواعد التي رسمها الإمام الشافعي، وهي لا تخرج عن نطاق المذهب. 1. بعض مصطلحات المذهب الشافعي كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية 8- الطرق: يطلق هذا الاصطلاح على اختلاف الأصحاب في حكاية المذهب. كأن يقول بعضهم: في المسألة قولان، ويقول آخرون: لا يجوز إلا قول واحد أو وجه واحد. أو يقول أحدهم: في المسألة تفصيل، ويقول الآخر: فيها خلاف مطلق. ونحو ذلك من الاختلاف. 9- المذهب: يطلق على الرأي الراجح في حكاية المذهب، وذلك عند إختلاف الأصحاب في حكايته بذكرهم طريقين أو أكثر، فيختار المصنف ما هو الراجح منها ويقول: على المذهب... 1. بعض مصطلحات المذهب الشافعي كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية 10- الأصح: هو الرأي الراجح من الوجهين أو الوجوه لأصحاب الإمام الشافعي، وذلك إذا كان الاختلاف بين الوجهين قويا، بالنظر إلى قوة دليل كل منهما، وترجّح أحدهما على الآخر، فالراجح من الوجوه حينئذ هو الأصح. ويقابله الصحيح الذي يشاركه في الصحة، لكن الأصح أقوى منه في قوة دليله فترجّح عليه لذلك. 11- الصحيح: هو الرأي الراجح من الوجهين أو الوجوه لأصحاب الإمام الشافعي، وذلك إذا كان الاختلاف بين الوجهين ضعيفا، بأن كان دليل المرجوح منهما في غاية الضعف، فالراجح من الوجوه حينئذ هو الصحيح. ويقابله الضعيف أو الفاسد، ويعبّر عنه يقولهم: وفي وجه كذا.. 1. بعض مصطلحات المذهب الشافعي كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية 12- النص: هو القول المنصوص عليه في كتاب الإمام الشافعي، وسمي نصا لأنه مرفوع القدر بتنصيص الإمام عليه، ويقابله القول المخرّج. 13- التخريج: بين الخطيب الشربيني مصطلح التخريج فقال: والتخريج هو أن يجيب الشافعي بحكمين مختلفين في صورتين متشابهتين ولم يظهر ما يصلح للفرق بينهما، فينقل الأصحاب جوابه في كل صورة إلى الأخرى، فيحصل في كل صورة منهما قولان: منصوص ومخرج، المنصوص في هذه هو المخرج في تلك، والمنصوص في تلك هو المخرج في هذه، فيقال فيهما قولان بالنقل والتخريج. والغالب في مثل هذا عدم إطباق الأصحاب على التخريج، بل منهم من يخرّج، ومنهم من يبدي فرقا بين الصورتين، والأصح أن القول المخرج لا ينسب للشافعي لأنه ربما روجع فيه، فذكر فرقا. 1. بعض مصطلحات المذهب الشافعي كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية 14- الأشبه: هو الحكم الأقوى شبها بالعلة، وذلك فيما لو كان للمسألة حكمان مبنيان على قياسين، لكن العلة في أحدهما أقوى من الآخر. 15- صيغ التضعيف: قولهم: زعم فلان....: فهو بمعنى قال، إلا أنه أكثر ما يستعمل فيما يشك فيه. قولهم: إن قيل، أو قيل كذا، أو قيل فيه...: فهي لإشارة إلى ضعف الرأي المنقول، أو ضعف دليله. قولهم: وهو محتمل: بفتح الميم الثانية (محتمَل) فهو مُشعر بالترجيح، لأنه بمعنى قريب. وبكسر الميم الثانية (محتمِل) فلا يُشعر بالترجيح لأنه بمعنى ذي احتمال، أي قابل للتأويل. قولهم: وقع لفلان كذا: فإن صرحوا بعده بتضعيف أو ترجيح وهو الأكثر فهو كما قالوا، وإن لم يصرِّحوا كان رأيا ضعيفا. قولهم إن صح هذا فكذا....: فهو عند عدم ارتضاء الرأي. 1. بعض مصطلحات المذهب الشافعي كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية 16- صيغ التوضيح: بعض الصيغ جاءت بقصد توضيح المراد، أو التنبيه على أمور دقيقة منها: قولهم: محصل الكلام: هو إجمال بعد تفصيل في عرض المسألة. قولهم حاصل الكلام: هو تفصيل بعد إجمال في عرض المسألة. قولهم: تحريره أو تنقيحه: يستعملها أصحاب الحواشي والشروح للإشارة إلى قصور في الأصل، أو إلى اشتماله على الحشو، وأحيانا يستعملونها لزيادة توضيح. قولهم في ختام الكلام: تأمل: فهو إشارة إلى دقة المقام أو إلى خدش فيه، والسياق هو الذي يبين أي المعنين قصده المصنف. قولهم: اعلم...: لبيان شدة الاعتناء بما بعده من تفصيل للآراء وأدلتها. قولهم: لو قيل كذا لم يَبعُد، وليس ببعيد، أو لكان قريبا، أو هو أقرب...: فهذه كلها من صيغ الترجيح. 1. بعض مصطلحات المذهب الشافعي كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية وقول الرافعي والنووي: وعليه العمل فهي صيغة ترجيح أيضا. قولهم: اتفقوا، وهذا مجزوم به، وهذا لا خلاف فيه: كلها تعني اتفاق فقهاء المذهب الشافعي، دون غيرهم من المذاهب الفقهية. أما قولهم: هذا مجمعٌ عليه: فيستعملونها في الدلالة على مواطن الإجماع بوصفه المصدر الثالث للتشريع الإسلامي، كما عرّفه علماء أصول الفقهº أي اتفاق أئمة الفقه عموما في حكم مسألة. قولهم: ينبغي: يستعملونها للدلالة على الوجوب تارة، وعلى الندب تارة أخرى، والسياق هو الذي يبين أي المعنيين قصد المصنف. وكذا قولهم: لا ينبغي: فتستعمل للتحريم وللكراهة. 1. بعض مصطلحات المذهب الشافعي كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية 17- مصطلحات الأعلام: يطلق فقهاء الشافعية في مصنفاتهم بعض الألقاب والكنى، ويريدون عددا من كبار أعلامهم وذلك عوضا عن ذكر اسم العلم كاملا، بقصد الاختصار. ومن أبرز هذه الإطلاقات: حيث قالوا الإمام: يريدون به إمام الحرمين. (ت: 478هـ) وحيث أطلقوا القاضي: يريدون به القاضي حسين. (ت: 462هـ) وحيث يطلقون القاضيين: يريدون بهما الروياني (ت: 502هـ)، والماوردي (ت: 450هـ) وحيث يطلقون الربيع: يريدون به الربيع بن سليمان المرادي. (ت: 270هـ) وإذا أرادوا الربيع بن سليمان الجيزي (ت: 256هـ) قيدوه به. وحيث يطلقون الشارح معرفا، أو الشارح المحقق: يريدون به جلال الدين المحلي (ت: 864هـ) وهو أحد الذين شرحوا المنهاج للنووي. 1. بعض مصطلحات المذهب الشافعي كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية أما إن قالوا شارح من غير تعريف: فالمراد به واحد من الشراح لأي كتاب كان. وحيث قالوا الشيخين: يريدون بهما النووي (ت: 676هـ)، والرافعي (ت: 623هـ). وحيث قالوا الشيوخ: يريدون بهم النووي والرافعي وتقي الدين السبكي (ت: 756هـ). وحيث قال كل من الخطيب الشربيني (ت: 977هـ) وشمس الدين الرملي (ت: 1004هـ) في مصنفاتهما: شيخنا فالمراد شيخ الإسلام زكريا الأنصاري (ت: 926هـ). أما إن قال الخطيب الشربيني: شيخي فمراده شهاب الدين الرملي (ت: 957هـ)، وهو المراد أيضا من قول شمس الدين الرملي: أفتى به الوالد - رحمه الله -. 1. بعض مصطلحات المذهب الشافعي كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية وإذا أطلق الشيرازي (ت: 476هـ) في كتابه المهذب أبا العباس فهو ابن سريج (ت: 306هـ). وإذا أطلق أبا سعيد فهو الإصطخري (ت: 328هـ). وإذا أطلق أبا اسحاق فهو المروزي (ت: 340هـ). وحيث أطلق النووي في كتابه المجموع ذكر القفال: فمراده به المروزي (ت: 417هـ). أما إذا أراد القفال الشاشي (ت: 365هـ) قيده فوصفه بالشاشي. وإذا ذكر الشافعية مصطلح المحمدون الأربعة: أرادوا بهم: 1- محمد بن نصر، أبو عبدالله المروزي (ت: 294هـ) 2- محمد بن ابراهيم بن المنذر (ت: 310هـ) 3- محمد بن جرير الطبري (ت: 310هـ) 4- محمد بن اسحاق بن خزيمة (ت: 311هـ) 1. بعض مصطلحات المذهب الشافعي كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية بعد أن شرع السيوطي بخطبة الحاجة قال: ...وَطَالَمَا جَمَعْت مِنْ هَذَا النَّوْعِ جُمُوعًا, وَتَتَبَّعْت نَظَائِرَ الْمَسَائِل أُصُولًا وَفُرُوعًا حَتَّى أَوْعَيْتُ مِنْ ذَلِكَ مَجْمُوعًا جَمُوعًا, وَأَبْدَيْت فِيهِ تَأْلِيفًا لَطِيفًا, لَا مَقْطُوعًا فَضْلُهُ وَلَا مَمْنُوعًا وَرَتَّبْتُهُ عَلَى كُتُبٍ سَبْعَةٍ : الْكِتَابِ الْأَوَّلِ: فِي شَرْحِ الْقَوَاعِدِ الْخَمْسِ الَّتِي ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّ جَمِيعَ مَسَائِلِ الْفِقْهِ تَرْجِعُ إلَيْهَا . الْكِتَابِ الثَّانِي: فِي قَوَاعِدَ كُلِّيَّةٍ يَتَخَرَّجُ عَلَيْهَا مَا لَا يَنْحَصِرُ مِنْ الصُّوَرِ الْجُزْئِيَّةِ , وَهِيَ أَرْبَعُونَ قَاعِدَةً : الْكِتَابِ الثَّالِثِ: فِي الْقَوَاعِدِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا , وَلَا يُطْلَقُ التَّرْجِيحُ لِظُهُورِ دَلِيلِ أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي بَعْضِهَا وَمُقَابِلِهِ فِي بَعْضٍ , وَهِيَ عِشْرُونَ قَاعِدَةً . الْكِتَابُ الرَّابِعُ: فِي أَحْكَامٍ يَكْثُرُ دَوْرُهَا , وَيَقْبُحُ بِالْفَقِيهِ جَهْلُهَا : كَأَحْكَامِ النَّاسِي , وَالْجَاهِلِ وَالْمُكْرَهِ وَالنَّائِمِ وَالْمَجْنُون وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالسَّكْرَانِ وَالصَّبِيِّ وَالْعَبْدِ وَالْمُبَعَّضِ , وَالْأُنْثَى , وَالْخُنْثَى .... 2. مقدمة كتاب السيوطي كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية الْكِتَابِ الْخَامِسِ: فِي نَظَائِرِ الْأَبْوَابِ , أَعْنِي الَّتِي هِيَ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ , مُرَتَّبَةً عَلَى , أَبْوَابِ الْفِقْهِ وَالْمُخَاطَبُ بِهَذَا الْبَابِ وَاَلَّذِي يَلِيهِ الْمُبْتَدِئُونَ . الْكِتَابِ السَّادِسِ: فِيمَا افْتَرَقَتْ فِيهِ الْأَبْوَابُ الْمُتَشَابِهَةُ . الْكِتَابِ السَّابِعِ: فِي نَظَائِرَ شَتَّى . 2. مقدمة كتاب السيوطي كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية فَصْل اعْلَمْ أَنَّ فَنّ الْأَشْبَاه وَالنَّظَائِر فَنّ عَظِيم, بِهِ يُطَّلَع عَلَى حَقَائِق الْفِقْه وَمَدَارِكه, وَمَآخِذه وَأَسْرَاره, وَيُتَمَهَّر فِي فَهْمه وَاسْتِحْضَاره, وَيُقْتَدَر عَلَى الْإِلْحَاق وَالتَّخْرِيج, وَمَعْرِفَة أَحْكَام الْمَسَائِل الَّتِي لَيْسَتْ بِمَسْطُورَةٍ, وَالْحَوَادِث وَالْوَقَائِع الَّتِي لَا تَنْقَضِي عَلَى مَمَرّ الزَّمَان, وَلِهَذَا قَالَ بَعْض أَصْحَابنَا: الْفِقْه مَعْرِفَة النَّظَائِر. وَقَدْ وَجَدْت لِذَلِكَ أَصْلًا مِنْ كَلَام عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إلَى أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ: أَمَّا بَعْدُ : فَإِنَّ الْقَضَاءَ فَرِيضَةٌ مُحْكَمَةٌ وَسُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ فَافْهَمْ إذَا أُدْلِيَ إلَيْكَ فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُ تَكَلُّمٌ بِحَقٍّ لَا نَفَاذَ لَهُ , لَا يَمْنَعُكَ قَضَاءٌ قَضَيْتَهُ , رَاجَعْتَ فِيهِ نَفْسَكَ , وَهُدِيتَ فِيهِ لِرُشْدِكَ , أَنْ تُرَاجِعَ الْحَقَّ , فَإِنَّ الْحَقَّ قَدِيمٌ , وَمُرَاجَعَةُ الْحَقِّ خَيْرٌ مِنْ التَّمَادِي فِي الْبَاطِلِ , الْفَهْمَ الْفَهْمَ فِيمَا يَخْتَلِجُ فِي صَدْرِكَ , مِمَّا لَمْ يَبْلُغْكَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ , اعْرِفْ الْأَمْثَالَ وَالْأَشْبَاهَ ثُمَّ قِسْ الْأُمُورَ عِنْدَكَ, فَاعْمِدْ إلَى أَحَبِّهَا إلَى اللَّهِ وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ, فِيمَا تَرَى". 2. مقدمة كتاب السيوطي كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية الْكِتَاب الْأَوَّل: فِي شَرْح الْقَوَاعِد الْخَمْس الَّتِي ذَكَرَ الْأَصْحَاب أَنَّ جَمِيع مَسَائِل الْفِقْه تَرْجِع إلَيْهَا حَكَى الْقَاضِي أَبُو سَعِيدٍ الْهَرَوِيُّ: أَنَّ بَعْض أَئِمَّة الْحَنَفِيَّة بِهَرَاةَ بَلَغَهُ أَنَّ الْإِمَام أَبَا طَاهِرٍ الدَّبَّاسَ إمَام الْحَنَفِيَّة بِمَا وَرَاءَ النَّهَرِ, رَدَّ جَمِيع مَذْهَب أَبِي حَنِيفَة إلَى سَبْع عَشْرَة قَاعِدَة, فَسَافَرَ إلَيْهِ. وَكَانَ أَبُو طَاهِرٍ, ضَرِيرًا وَكَانَ يُكَرِّرُ كُلَّ لَيْلَةٍ تِلْكَ الْقَوَاعِدِ بِمَسْجِدِهِ بَعْدَ أَنْ يَخْرُجَ النَّاسُ مِنْهُ فَالْتَفَّ الْهَرَوِيُّ بِحَصِيرٍ, وَخَرَجَ النَّاسُ, وَأَغْلَقَ أَبُو طَاهِرٍ الْمَسْجِدَ وَسَرَدَ مِنْ تِلْكَ الْقَوَاعِدِ سَبْعًا, فَحَصَلَتْ لِلْهَرَوِيِّ سَعْلَةٌ فَأَحَسَّ بِهِ أَبُو طَاهِرٍ فَضَرَبَهُ وَأَخْرَجَهُ مَنْ الْمَسْجِد, ثُمَّ لَمْ يُكَرِّرْهَا فِيهِ بَعْد ذَلِكَ, فَرَجَعَ الْهَرَوِيُّ إلَى أَصْحَابه, وَتَلَا عَلَيْهِمْ تِلْكَ السَّبْع . قَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعِيدٍ : فَلَمَّا بَلَغَ الْقَاضِي حُسَيْنًا ذَلِكَ رَدَّ جَمِيع مَذْهَب الشَّافِعِيِّ إلَى أَرْبَع قَوَاعِد: الْأُولَى : الْيَقِين لَا يُزَال بِالشَّكِّ: وَأَصْل ذَلِكَ قَوْله صلى الله عليه وسلم { إنَّ الشَّيْطَانَ لَيَأْتِي أَحَدَكُمْ وَهُوَ فِي صَلَاته , فَيَقُولُ لَهُ : أَحْدَثْتَ فَلَا يَنْصَرِفْ , حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا } . 2. مقدمة كتاب السيوطي كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية وَالثَّانِيَة : الْمَشَقَّة تَجْلِب التَّيْسِير قَالَ تَعَالَى { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } وَقَالَ صلى الله عليه وسلم { بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ } . الثَّالِثَة : الضَّرَر يُزَال . وَأَصْلُهَا قَوْله صلى الله عليه وسلم { لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ } . الرَّابِعَة : الْعَادَة مُحَكَّمَةٌ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم { مَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ } انْت وَضَمّ بَعْض الْفُضَلَاء إلَى هَذِهِ قَاعِدَة خَامِسَة وَهِيَ : الْأُمُور بِمَقَاصِدِهَا , لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم { إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ } وَقَالَ { بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ}وَالْفِقْه عَلَى خَمْس . قَالَ الْعَلَائِيُّ : وَهُوَ حَسَن جِدًّا , فَقَدْ قَالَ الْإِمَام الشَّافِعِيُّ يَدْخُل فِي هَذَا الْحَدِيث ثُلُث الْعِلْم. 2. مقدمة كتاب السيوطي كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية وفيها مباحث أولاً: تعريف قاعدة الأمور بمقاصدها: الأمور: جمع أمر وهو يشمل التصرفات القولية والفعلية والاعتقادية. مقاصدها: جمع مقصد والمقصد هو الإرادة المتوجهة إلى الشيء. الأمور بمقاصدها اصطلاحاً: أن تصرفات المكلّف القولية والعملية والاعتقادية تختلف أحكامها باختلاف إرادته ونيته0 ثانياً: أصل القاعدة: الْأَصْل فِي هَذِهِ الْقَاعِدَة: 1. قَوْله صلى الله عليه وسلم { إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ } 2. { لَا عَمَلَ لِمَنْ لَا نِيَّةَ لَهُ } 3. { نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ } 4. { إنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بِهَا وَجْهَ اللَّهِ إلَّا أُجِرْتَ فِيهَا حَتَّى مَا تَجْعَلَ فِي فِي امْرَأَتِكَ , } 5. { وَلَكِنْ جِهَادٌ وَنِيَّةٌ } , 6. { رُبَّ قَتِيلٍ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِنِيَّتِهِ } . كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية 7. { يُبْعَثُ النَّاسُ عَلَى نِيَّاتِهِمْ } , 8. { إنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ بِالسَّهْمِ الْوَاحِدِ ثَلَاثَةً الْجَنَّةَ , وَفِيهِ : وَصَانِعُهُ يَحْتَسِبُ فِي صَنْعَتِهِ الْأَجْرَ } , 9. { مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ حَتَّى يُصْبِحَ كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى } . 10. { أَيُّمَا رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَنَوَى أَنْ لَا يُعْطِيَهَا مِنْ صَدَاقِهَا شَيْئًا مَاتَ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ زَانٍ , وَأَيُّمَا رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ بَيْعًا فَنَوَى أَنْ لَا يُعْطِيَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا مَاتَ يَوْمَ يَمُوتُ وَهُوَ خَائِنٌ } , 11. { مَنْ ادَّانَ دَيْنًا وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يُؤَدِّيَهُ أَدَّاهُ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَمَنْ ادَّانَ دَيْنًا وَهُوَ يَنْوِي أَنْ لَا يُؤَدِّيَهُ فَمَاتَ قَالَ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ : ظَنَنْتَ أَنِّي لَا آخُذُ لِعَبْدِي بِحَقِّهِ ؟ فَيُؤْخَذُ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَتُجْعَلُ فِي حَسَنَاتِ الْآخَرِ , فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ الْآخَرِ , فَجُعِلَتْ عَلَيْهِ } . كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية اعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ تَوَاتَرَ النَّقْل عَنْ الْأَئِمَّة فِي تَعْظِيم قَدْر حَدِيث النِّيَّة, وَاتَّفَقَ الْإِمَام الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَابْنُ مَهْدِيٍّ , وَابْنُ الْمَدِينِيِّ , وَأَبُو دَاوُد , والدارقطني وَغَيْرُهُمْ عَلَى أَنَّهُ ثُلُث الْعِلْم , وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : رُبْعه , وَوَجَّهَ الْبَيْهَقِيُّ كَوْنه ثُلُث الْعِلْم : بِأَنَّ كَسْب الْعَبْد يَقَع بِقَلْبِهِ وَلِسَانه وَجَوَارِحه , فَالنِّيَّة أَحَد أَقْسَامهَا الثَّلَاثَة وَأَرْجَحُهَا ; لِأَنَّهَا قَدْ تَكُون عِبَادَة مُسْتَقِلَّة, وَغَيْرهَا يَحْتَاج إلَيْهَا وَمِنْ ثَمَّ وَرَدَ {نِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ.} فيما يرجع إلى قاعدة الأمور بمقاصدها من أبواب الفقه قَالَ ابْنُ مَهْدِيٍّ أَيْضًا : حَدِيث النِّيَّة يَدْخُل فِي ثَلَاثِينَ بَابًا مِنْ الْعِلْمِ . وَقَالَ الشَّافِعِيُّ : يَدْخُل فِي سَبْعِينَ بَابَا . قُلْت : وَهَذَا ذِكْر مَا يَرْجِعُ إلَيْهِ مِنْ الْأَبْوَاب إجْمَالًا : 1. ربع العبادات بكماله كالوضوء والغسل والمسح والصلاة...... كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية 2. نَشْر الْعِلْم تَعْلِيمًا وَإِفْتَاءً وَتَصْنِيفًا , وَالْحُكْم بَيْن النَّاس وَإِقَامَة الْحُدُود , وَكُلّ مَا يَتَعَاطَاهُ الْحُكَّام وَالْوُلَاة , وَتَحَمُّل الشَّهَادَات وَأَدَاؤُهَا. 3. الْمُبَاحَات إذَا قُصِدَ بِهَا التَّقَوِّي عَلَى الْعِبَادَة أَوْ التَّوَصُّل إلَيْهَا , كَالْأَكْلِ , وَالنَّوْم , وَاكْتِسَاب الْمَال وَغَيْر ذَلِكَ , وَكَذَلِكَ النِّكَاح وَالْوَطْء إذَا قُصِدَ بِهِ إقَامَة السُّنَّةِ أَوْ الاعفاف أَوْ تَحْصِيل الْوَلَد الصَّالِح . 4. الْعُقُود وَنَحْوهَا : كِنَايَات الْبَيْع وَالْهِبَة , وَالْوَقْف , وَالْقَرْض , وَالضَّمَان , وَالْإِبْرَاء , وَالْحَوَالَة , وَالْإِقَالَة , وَالْوَكَالَة وغيرها. وَيَدْخُل أَيْضًا فِيهَا فِي غَيْر الْكِنَايَات فِي مَسَائِل شَتَّى: كَقَصْدِ لَفْظ الصَّرِيح لِمَعْنَاهُ, وَنِيَّة الْمَعْقُود عَلَيْهِ فِي الْمَبِيع وَالثَّمَن , وَعِوَض الْخُلْع , وَالْمَنْكُوحَة. 5. الْقِصَاص فِي مَسَائِل كَثِيرَة مِنْهَا تَمْيِيز الْعَمْد وَشِبْهِهِ مِنْ الْخَطَأ , 6. الردة والسرقة والزنا وعصر العنب للخلية أو الخمر وترك الطيب والزينة فوق ثلاث أيام لموت غير الزوج. كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية فيما شرعت النية لأجله الْمَقْصُودُ الْأَهَمّ مِنْهَا: 1. تَمْيِيز الْعِبَادَات مِنْ الْعَادَات: كَالْوُضُوءِ وَالْغُسْل , يَتَرَدَّد بَيْن التَّنَظُّف وَالتَّبَرُّد , وَالْعِبَادَة. الْإِمْسَاك عَنْ الْمُفْطِرَات قَدْ يَكُون للصوم أو لِلْحُمِّيَّةِ وَالتَّدَاوِي. وَالْجُلُوس فِي الْمَسْجِد , قَدْ يَكُون لِلِاسْتِرَاحَةِ، أو للاعتكاف. وَدَفْعُ الْمَال لِلْغَيْرِ, قَدْ يَكُون هِبَة أَوْ وَصْلَة لِغَرَضٍ دُنْيَوِيّ, وَقَدْ يَكُون قُرْبَة كَالزَّكَاةِ , وَالصَّدَقَة , وَالْكَفَّارَة. وَالذَّبْح قَدْ يَكُون بِقَصْدِ الْأَكْل, وَقَدْ يَكُون لِلتَّقَرُّبِ بِإِرَاقَةِ الدِّمَاء. 2. تَمْيِيز رُتَب الْعِبَادَات بَعْضهَا مِنْ بَعْض: كالصلاة فرضاً أو نفلاً أو نذراً أو أداءً أو إعادة أو قضاءً. كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية ما يترتب على ما شرعت النية لأجله تَرَتَّبَ عَلَى ما شرعت لأجله النية أُمُورٌ: أَحَدهَا: عَدَم اشْتِرَاط النِّيَّة فِي عِبَادَة لَا تَكُون عَادَة أَوْ لَا تَلْتَبِس بِغَيْرِهَا: حُصُول كَالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ تَعَالَى, وَالْمَعْرِفَة وَالْخَوْف وَالرَّجَاء, وَالنِّيَّة, وَقِرَاءَة الْقُرْآن, وَالْأَذْكَار; لِأَنَّهَا مُتَمَيِّزَة بِصُورَتِهَا. يَجِب فِي الْقِرَاءَة إذَا كَانَتْ مَنْذُورَة, لِتَمْيِيزِ الْفَرْض مِنْ غَيْره، وَأَمَّا الْأَذَان : فَالْمَشْهُور أَنَّهُ لَا يَحْتَاج إلَى نِيَّة. وَفِيهِ وَجْه فِي الْبَحْرِ, وَكَأَنَّهُ رَأَى أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِغَيْرِ الصَّلَاة, فَأَوْجَبَ فِيهِ النِّيَّة لِلتَّمْيِيزِ. وَأَمَّا خُطْبَة الْجُمُعَة: فَفِي اشْتِرَاط نِيَّتهَا وَالتَّعَرُّض لِلْفَرْضِيَّةِ فِيهَا خِلَاف فِي الشَّرْحِ وَالرَّوْضَةِ بِلَا تَرْجِيح, وَفِي الْكِفَايَةِ: أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهَا بِمَثَابَةِ رَكْعَتَيْنِ. وَمُقْتَضَاهُ تَرْجِيح أَنَّهَا شَرْط. وَأَمَّا التُّرُوكُ : كَتَرْكِ الزِّنَا وَغَيْره , فَلَمْ يَحْتَجْ إلَى نِيَّةٍ لِحُصُولِ الْمَقْصُود مِنْهَا وَهُوَ اجْتِنَاب الْمَنْهِيِّ بِكَوْنِهِ لَمْ يُوجَد, وَإِنْ يَكُنْ نِيَّة , نَعَمْ يُحْتَاج إلَيْهَا فِي حُصُول الثَّوَاب الْمُتَرَتِّب عَلَى التَّرْك . كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية ما يترتب على ما شرعت النية لأجله ضَابِط : قَالَ بَعْضهمْ : لَيْسَ لَنَا عِبَادَةَ يَجِب الْعَزْمُ عَلَيْهَا وَلَا يَجِب فِعْلهَا سِوَى الْفَارِّ مِنْ الزَّحْف لَا يَجُوز إلَّا بِقَصْدِ التَّحَيُّز إلَيَّ فِئَة , وَإِذَا تَحَيَّزَ إلَيْهَا لَا يَجِب الْقِتَال مَعَهَا فِي الْأَصَحّ ; لِأَنَّ الْعَزْم مُرَخَّص لَهُ فِي الِانْصِرَاف لَا مُوجِب لِلرُّجُوعِ. الْأَمْر الثَّانِي : اشْتِرَاطُ التَّعْيِين فِيمَا يَلْتَبِس دُون غَيْره . قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ : وَدَلِيل ذَلِكَ قَوْله صلى الله عليه وسلم { . وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى } فَهَذَا ظَاهِر فِي اشْتِرَاط التَّعْيِين, لِأَنَّ أَصْل النِّيَّة فُهِمَ مِنْ أَوَّل الْحَدِيث { إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ } . فَمِنْ الْأَوَّل : الصَّلَاة , فَيُشْتَرَط التَّعْيِين فِي الْفَرَائِض, لِتَسَاوِي الظُّهْر وَالْعَصْر فِعْلًا وَصُورَة, فَلَا يُمَيِّز بَيْنهمَا إلَّا التَّعْيِينُ, وَفِي النَّوَافِل غَيْر الْمُطْلَقَة, كَالرَّوَاتِبِ, فَيُعَيِّنهَا بِإِضَافَتِهَا إلَى الظُّهْر مَثَلًا, وَكَوْنهَا الَّتِي قَبْلهَا أَوْ الَّتِي بَعْدهَا. وَمِنْ ذَلِكَ: الصَّوْم, وَالْمَذْهَب الْمَنْصُوص الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ اشْتِرَاط كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية ما يترتب على ما شرعت النية لأجله التَّعْيِين فِيهِ, لِتَمْيِيزِ رَمَضَان مِنْ الْقَضَاء وَالنَّذْر, وَالْكَفَّارَة, وَالْفِدْيَة, وَعَنْ الْحَلِيمِيِّ, وَجْه أَنَّهُ لَا يُشْتَرَط فِي رَمَضَان, قَالَهُ النَّوَوِيُّ, وَهُوَ شَاذٌّ مَرْدُود , نَعَمْ لَا يُشْتَرَط تَعْيِين السَّنَة عَلَى الْمَذْهَب, وَنَظِيره فِي الصَّلَاة أَنَّهُ لَا يُشْتَرَط تَعْيِين الْيَوْم, لَا فِي الْأَدَاء وَلَا فِي الْقَضَاء, فَيَكْفِي فِيهِ فَائِتَة الظُّهْر, وَلَا يُشْتَرَط أَنْ يَقُولَ يَوْم الْخَمِيس. ضَابِط: قَالَ الشَّيْخُ فِي الْمُهَذَّبِ: كُلّ مَوْضِع افْتَقَرَ إلَى نِيَّة الْفَرِيضَة افْتَقَرَ إلَى تَعْيِينهَا إلَّا التَّيَمُّم لِلْفَرْضِ فِي الْأَصَحّ . قَاعِدَة: وَمَا لَا يُشْتَرَط التَّعَرُّض لَهُ جُمْلَة وَتَفْصِيلًا إذَا عَيَّنَهُ وَأَخْطَأَ لَمْ يَضُرّ كَتَعْيِينِ مَكَانِ الصَّلَاةِ وَزَمَانهَا , وَكَمَا إذَا عَيَّنَ الْإِمَام مَنْ يُصَلِّي خَلْفه , أَوْ صَلَّى فِي الْغَيْم , أَوْ صَامَ الْأَسِير , وَنَوَى الْأَدَاء وَالْقَضَاء فَبَانَ خِلَافه , وَمَا يُشْتَرَط فِيهِ التَّعْيِين , فَالْخَطَأ فِيهِ مُبْطِل , كَالْخَطَأِ مِنْ الصَّوْم إلَى الصَّلَاة وَعَكْسه , وَمِنْ صَلَاةِ الظُّهْر إلَى الْعَصْرِ . كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية وَمَا يَجِب التَّعَرُّضُ لَهُ جُمْلَة لَا يُشْتَرَط تَعْيِينُهُ تَفْصِيلًا إذَا عَيَّنَهُ وَأَخْطَأَ ضَرَّ . وَفِي ذَلِكَ فُرُوع: أَحَدهَا: نَوَى الِاقْتِدَاء بِزَيْدٍ , فَبَانَ عَمْرًا لَمْ يَصِحّ . الثَّانِي: نَوَى الصَّلَاة عَلَى زَيْدٍ فَبَانَ عَمْرًا, أَوْ عَلَى رَجُل فَكَانَ امْرَأَة أَوْ عَكْسه لَمْ تَصِحّ, وَمَحِلّه فِي الصُّورَتَيْنِ: مَا لَمْ يُشِرْ, وَقَالَ السُّبْكِيُّ فِي الصُّورَة الْأُولَى: يَنْبَغِي بُطْلَان نِيَّة الِاقْتِدَاءِ لَا نِيَّة الصَّلَاة, ثُمَّ إذَا تَابَعَهُ خَرَجَ عَلَى مُتَابَعَة مَنْ لَيْسَ بِإِمَامٍ, بَلْ يَنْبَغِي هُنَا الصِّحَّة وَجُعِلَ ظَنّه عُذْرًا, وَتَابَعَهُ فِي الْمُهِمَّاتِ عَلَى هَذَا الْبَحْث, وَأُجِيب بِأَنَّهُ قَدْ يُقَال: فَرْض الْمَسْأَلَة حُصُول الْمُتَابَعَة, فَإِنَّ ذَلِكَ شَأْن مَنْ يَنْوِي الِاقْتِدَاءَ, وَالْأَصَحّ فِي مُتَابَعَة مَنْ لَيْسَ بِإِمَامِ الْبُطْلَانِ. الثَّالِثُ: لَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُ عَدَدِ الرَّكَعَاتِ, فَلَوْ نَوَى الظُّهْرَ خَمْسًا أَوْ ثَلَاثًا , لَمْ يَصِحَّ. كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية وَلَوْ غَلِطَ فِي عَدَد الرَّكَعَات, فَنَوَى الظُّهْر ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا, قَالَ أَصْحَابنَا: لَا يَصِحُّ ظُهْره, هَذِهِ عِبَارَته, وَيُؤَيِّدهُ تَعْلِيله الْبُطْلَان فِي بَاب الصَّلَاة بِتَقْصِيرِهِ . وَنَظِير هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: مَنْ صَلَّى عَلَى مَوْتَى, لَا يَجِب تَعْيِين عَدَدهمْ وَلَا مَعْرِفَته, فَلَوْ اعْتَقَدَهُمْ عَشَرَةً فَبَانُوا أَكْثَر, أَعَادَ الصَّلَاة عَلَى الْجَمِيع لِأَنَّ فِيهِمْ مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ, وَهُوَ غَيْرُ مُعَيَّن, قَالَهُ فِي الْبَحْرِ . قَالَ: وَإِنْ بَانُوا أَقَلّ , فَالْأَظْهَر الصِّحَّة, وَيُحْتَمَل خِلَافه لِأَنَّ النِّيَّة قَدْ بَطُلَتْ فِي الزَّائِد لِكَوْنِهِ مَعْدُومًا, فَتَبْطُلُ فِي الْبَاقِي. الرَّابِع: نَوَى قَضَاء ظُهْر يَوْم الِاثْنَيْنِ, وَكَانَ عَلَيْهِ ظُهْر يَوْم الثُّلَاثَاء, لَمْ يُجْزِئْهُ. الْخَامِس: نَوَى لَيْلَة الِاثْنَيْنِ صَوْم يَوْم الثُّلَاثَاء, أَوْ فِي سَنَة أَرْبَع صَوْم رَمَضَان سَنَة ثَلَاث, لَمْ يَصِحّ بِلَا خِلَاف . كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية السَّادِس: عَلَيْهِ قَضَاء يَوْم الْأَوَّل مِنْ رَمَضَان, فَنَوَى قَضَاء الْيَوْم الثَّانِي, لَمْ يُجْزِئْهُ عَلَى الْأَصَحّ . السَّابِع: عَيَّنَ زَكَاة مَالِهِ الْغَائِب, فَكَانَ تَالِفًا لَمْ يُجْزِئْهُ عَنْ الْحَاضِر. الثَّامِن: نَوَى كَفَّارَة الظِّهَار فَكَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَة قَتْل لَمْ يُجْزِئهُ. التَّاسِع: نَوَى دَيْنًا, وَبَانَ أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ, لَمْ يَقَع عَنْ غَيْرِهِ, ذَكَرَهُ السُّبْكِيُّ وَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ صُوَرٌ: مِنْهَا: لَوْ نَوَى رَفْعَ حَدَث النَّوْم , مَثَلًا, وَكَانَ حَدَثه غَيْره, أَوْ رَفَعَ جَنَابَة الْجِمَاع وَجَنَابَته بِاحْتِلَامِ, أَوْ عَكْسه, أَوْ رَفَعَ حَدَث الْحَيْض وَحَدَثهَا الْجَنَابَة, أَوْ عَكْسه, خَطَأ لَمْ يَضُرّ وَصَحَّ الْوُضُوء وَالْغُسْل فِي الْأَصَحّ . وَاعْتُذِرَ عَنْ خُرُوج ذَلِكَ عَنْ الْقَاعِدَة بِأَنَّ النِّيَّة فِي الْوُضُوء وَالْغُسْل لَيْسَتْ لِلْقُرْبَةِ, بَلْ لِلتَّمْيِيزِ, بِخِلَافِ تَعْيِين الْإِمَام وَالْمَيِّت مَثَلًا, وَبِأَنَّ الْأَحْدَاث وَإِنْ تَعَدَّدَتْ أَسْبَابهَا فَالْمَقْصُود مِنْهَا وَاحِد وَهُوَ الْمَنْع مِنْ الصَّلَاة, وَلَا أَثَر لِأَسْبَابِهَا مِنْ نَوْمٍ أَوْ غَيْره. كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية تَنْبِيهٌ: أَمَّا لَوْ وَقَعَ الْخَطَأُ فِي الِاعْتِقَادِ دُونَ التَّعْيِينِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ, كَأَنْ يَنْوِي لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ صَوْم غَدٍ, وَهُوَ يَعْتَقِدهُ الثُّلَاثَاء, أَوْ يَنْوِي صَوْم غَدٍ مِنْ رَمَضَان هَذِهِ السَّنَة وَهُوَ يَعْتَقِدهَا سَنَة ثَلَاث. فَكَانَتْ سَنَة أَرْبَع, فَإِنَّهُ يَصِحّ صَوْمه. وَنَظِيره فِي الِاقْتِدَاء: أَنْ يَنْوِي الِاقْتِدَاءَ بِالْحَاضِرِ مَعَ اعْتِقَاد أَنَّهُ زَيْدٌ, وَهُوَ عَمْرو فَإِنَّهُ يَصِحّ قَطْعًا, صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي الْبَحْرِ. وَفِي الصَّلَاة: لَوْ أَدَّى الظُّهْر فِي وَقْتهَا, مُعْتَقِدًا أَنَّهُ يَوْم الِاثْنَيْنِ فَكَانَ الثُّلَاثَاء صَحَّ. تَنْبِيهٌ: مِنْ الْمُشْكِل عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ مَا صَحَّحُوهُ مِنْ أَنَّ الَّذِي أَدْرَكَ الْإِمَام فِي الْجُمُعَةِ بَعْد رُكُوع الثَّانِيَة يَنْوِي الْجُمُعَة مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا يُصَلِّي الظُّهْر, وَعَلَّلَهُ الرَّافِعِيُّ بِمُوَافَقَةِ الْإِمَام, قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَلَا يَخْفَى ضَعْف هَذَا التَّعْلِيل, بَلْ الصَّوَاب مَا ذَكَرُوهُ فِيمَنْ لَا عُذْر لَهُ, إذَا تَرَكَ الْإِحْرَامَ بِالْجُمُعَةِ, حَتَّى رَفَعَ الْإِمَام مِنْ الرَّكْعَة الثَّانِيَة, ثُمَّ أَرَادَ الْإِحْرَام بِالظُّهْرِ قَبْل السَّلَام, فَإِنَّهُمْ قَالُوا: كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية إنَّ الْأَصَحّ عَدَم انْعِقَادهَا, وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّا تَيَقَّنَا انْعِقَاد الْجُمُعَة وَشَكَكْنَا فِي فَوَاتِهَا; إذْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْإِمَامُ قَدْ تَرَكَ رُكْنًا مِنْ الرَّكْعَةِ الْأُولَى وَيَتَذَكَّرهُ قَبْل السَّلَام, فَيَأْتِي بِهِ, وَعَلَى هَذَا فَلَيْسَ لَنَا مَنْ يَنْوِي غَيْر مَا يُؤَدِّي إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَة . الْأَمْر الثَّالِث: مِمَّا يَتَرَتَّب عَلَى مَا شُرِعَتْ النِّيَّة لِأَجْلِهِ. وَهُوَ التَّمْيِيز الْعِبَادَات فِي التَّعَرُّض لِلْفَرْضِيَّةِ عَلَى أَرْبَعَة أَقْسَام: 1. مَا يُشْتَرَط فِيهِ بِلَا خِلَاف , وَهُوَ الْكَفَّارَات : 2. مَا لَا يُشْتَرَط فِيهِ بِلَا خِلَاف , وَهُوَ الْحَجّ وَالْعُمْرَة وَالْجَمَاعَة . و3. َمَا يُشْتَرَط فِيهِ عَلَى الْأَصَحِّ, وَهُوَ الْغُسْل وَالصَّلَاة وَالزَّكَاة بِلَفْظِ الصَّدَقَة . 4. وَمَا لَا يَشْتَرِط فِيهِ عَلَى الْأَصَحّ , وَهُوَ الْوُضُوء وَالصَّوْم وَالزَّكَاة بِلَفْظِهَا وَالْخُطْبَة . كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية تَنْبِيهَات: الْأَوَّل: لَا خِلَاف أَنَّ التَّعَرُّض لِنِيَّةِ الْفَرْضِيَّة فِي الْوُضُوء أَكْمَل, إذَا لَمْ نُوجِبهُ, وَفِيهِ إشْكَال إذَا وَقَعَ قَبْل الْوَقْت, لأَنَّ الْوُضُوء لَا يَجِب بِالْحَدَثِ. وَجَوَابه: أَنَّ الْمُرَاد بِهَا فِعْل طَهَارَة الْحَدَث الْمَشْرُوطَة فِي صِحَّة الصَّلَاة, وَلَوْ كَانَ الْمُرَاد حَقِيقَة الْفَرْضِيَّة, لَمَا صَحَّ وُضُوء الصَّبِيّ بِهَذِهِ النِّيَّة. الثَّانِي: يَخْتَصّ وُجُوب نِيَّة الْفَرْضِيَّة فِي الصَّلَاة بِالْبَالِغِ, أَمَّا الصَّبِيّ فَنَقَلَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الرَّافِعِيّ أَنَّهُ كَالْبَالِغِ, ثُمَّ قَالَ إنَّهُ ضَعِيف وَالصَّوَاب أَنَّهُ لَا يُشْتَرَط فِي حَقّه نِيَّة الْفَرْضِيَّة وَكَيْف يَنْوِيهَا وَصَلَاته لَا تَقَع فَرْضًا؟ الثَّالِث: مِنْ الْمُشْكِل مَا صَحَّحَهُ الْأَكْثَرُونَ فِي الصَّلَاة الْمُعَادَة أَنْ يَنْوِيَ بِهَا الْفَرْضَ مَعَ قَوْلِهِمْ بِأَنَّ الْفَرْضَ أَوْلَى, وَلِذَلِكَ اخْتَارَ فِي زَوَائِدِ الرَّوْضَةِ وَشَرْحِ الْمُهَذَّبِ قَوْلَ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ: إنَّهُ يَنْوِي لِلظُّهْرِ أَوْ الْعَصْر مَثَلًا وَلَا يَتَعَرَّض لِلْفَرْضِ . َوقَالَ السُّبْكِيُّ : لَعَلَّ مُرَاد الْأَكْثَرِينَ أَنَّهُ يَنْوِي إعَادَة الصَّلَاة الْمَفْرُوضَة, حَتَّى لَا يَكُون نَفْلًا مُبْتَدَأً . كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية الرَّابِع: لَا يَكْفِي فِي التَّيَمُّم نِيَّة الْفَرْضِيَّة فِي الْأَصَحّ: فَلَوْ نَوَى فَرْض التَّيَمُّم أَوْ التَّيَمُّم الْمَفْرُوض أَوْ فَرْض الطَّهَارَة لَمْ يَصِحّ, وَفِي وَجْه يَصِحّ كَالْوُضُوءِ, قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ: وَالْفَرْق أَنَّ الْوُضُوء مَقْصُود فِي نَفْسه وَلِهَذَا اُسْتُحِبَّ تَجْدِيدُهُ, بِخِلَافِ التَّيَمُّم. قُلْت: وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَال: إنَّ التَّمْيِيزَ لَا يَحْصُل بِذَلِكَ; لِأَنَّ التَّيَمُّم عَنْ الْحَدَث وَالْجَنَابَة فَرْض, وَصُورَته وَاحِدَة, بِخِلَافِ الْوُضُوء وَالْغُسْل, فَإِنَّهُمَا يَتَمَيَّزَانِ بِالصُّورَةِ. وَإِنَّمَا قُلْت هَذَا لِيَتَخَرَّج عَلَى قَاعِدَة التَّمْيِيز, كَمَا قَالَ الشَّيْخ عَزَّ الدِّينِ: إنَّمَا شُرِعَتْ النِّيَّة فِي التَّيَمُّم, وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَلَبِّسًا بِالْعَادَةِ, لِتَمْيِيزِ رُتْبَته, فَإِنَّ التَّيَمُّمَ عَنْ الْحَدَث الْأَصْغَر عَيْنُ التَّيَمُّم عَنْ الْأَكْبَر, وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ. الْخَامِس: لَا يُشْتَرَط فِي الْفَرَائِض تَعْيِين فَرْض الْعَيْن بِلَا خِلَاف وَكَذَا صَلَاة الْجِنَازَة لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا نِيَّة فَرْض الْكِفَايَة عَلَى الْأَصَحّ, وَالثَّانِي يُشْتَرَط, لِتَتَمَيَّز عَنْ فَرْض الْعَيْن. كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية الأمر الرابع: اشْتِرَاط الْأَدَاء وَالْقَضَاء . وَفِيهِمَا فِي الصَّلَاة أَوْجُه : أَحَدُهَا: الِاشْتِرَاط , وَاخْتَارَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ , طَرْدًا لِقَاعِدَةِ الْحِكْمَةِ الَّتِي شُرِعَتْ لَهَا النِّيَّةُ ; لِأَنَّ رُتْبَة إقَامَة الْفَرْض فِي وَقْته تُخَالِف رُتْبَة تَدَارُك الْفَائِت , فَلَا بُدَّ مِنْ التَّعَرُّض فِي كُلٍّ مِنْهُمَا لِلتَّمْيِيزِ . وَالثَّانِي: تُشْتَرَط نِيَّة الْقَضَاء دُون الْأَدَاء; لِأَنَّ الْأَدَاء يَتَمَيَّز بِالْوَقْتِ, بِخِلَافِ الْقَضَاء. وَالثَّالِث: إنْ كَانَ عَلَيْهِ فَائِتَة اشْتَرَطَ فِي الْمُؤَدَّاة نِيَّة الْأَدَاء, وَإِلَّا فَلَا, وَبِهِ قَطَعَ الْمَاوَرْدِيُّ. وَالرَّابِعُ: وَهُوَ الْأَصَحّ لَا يُشْتَرَطَانِ مُطْلَقًا, لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ عَلَى صِحَّة صَلَاة الْمُجْتَهِد فِي يَوْم الْغَيْم, وَصَوْم الْأَسِير إذَا نَوَى الْأَدَاء, فَبَانَا بَعْد الْوَقْت. وَلِلْأَوَّلَيْنِ أَنْ يُجِيبُوا بِأَنَّهُمَا مَعْذُورَانِ, وَأَمَّا غَيْرُ الصَّلَاةِ فَقَلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ. كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية قَالَ الْعَلَائِيّ: مَا لَا يُوصَف مِنْ الْعِبَادَات بِأَدَاءٍ وَلَا قَضَاء, فَلَا رَيْب فِي أَنَّهُ لَا يَحْتَاج إلَى نِيَّة أَدَاء وَلَا قَضَاء وَيَلْحَق بِذَلِكَ مَاله وَقْت مَحْدُود, وَلَكِنَّهُ لَا يَقْبَل الْقَضَاء كَالْجُمُعَةِ فَلَا يُحْتَاج فِيهَا إلَى نِيَّة الْأَدَاء إذْ لَا يَلْتَبِس بِهَا قَضَاء فَتَحْتَاج إلَى نِيَّة مُمَيِّزَة, وَأَمَّا سَائِر النَّوَافِل الَّتِي تُقْضَى, فَهِيَ كَبَقِيَّةِ الصَّلَوَات فِي جَرَيَان الْخِلَاف. وَأَمَّا الصَّوْم فَاَلَّذِي يَظْهَر تَرْجِيحه أَنَّ نِيَّة الْقَضَاء لَا بُدَّ مِنْهَا. قُلْت: وَقَدْ ذَكَرَ الشَّيْخَانِ فِي الصَّوْم الْخِلَاف فِي نِيَّة الْأَدَاءِ, وَبَقِيَ الْحَجّ وَالْعُمْرَة وَلَا شَكَّ أَنَّهُمَا لَا يُشْتَرَطَانِ فِيهِمَا; إذْ لَوْ نَوَى بِالْقَضَاءِ الْأَدَاءَ لَمْ يَضُرُّهُ وَانْصَرَفَ إلَى الْقَضَاءِ, وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاء حَجّ أَفْسَدَهُ فِي صِبَاهُ أَوْ رِقِّهِ, ثُمَّ بَلَغَ أَوْ عَتَقَ فَنَوَى الْقَضَاء, انْصَرَفَ إلَى حَجَّة الْإِسْلَام وَهِيَ الْأَدَاء. وَأَمَّا صَلَاة الْجِنَازَة: فَاَلَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ يُتَصَوَّر فِيهَا الْأَدَاء وَالْقَضَاء لِأَنَّ وَقْتهَا مَحْدُود بِالدَّفْنِ, فَإِنْ صَحَّ أَنَّهَا بَعْده قَضَاء فَلَا يَبْعُد جَرَيَان الْخِلَاف فِيهِمَا. وَأَمَّا الْكَفَّارَة: فَنَصَّ الشَّافِعِيُّ فِي كَفَّارَة الظِّهَار عَلَى أَنَّهَا تَصِير قَضَاء إذَا جَامَعَ قَبْل أَدَائِهَا وَلَا شَكَّ فِي عَدَم الِاشْتِرَاط فِيهَا. وَأَمَّا الزَّكَاة: فَيُتَصَوَّر الْقَضَاء فِيهَا فِي زَكَاة الْفِطْر, وَالظَّاهِر أَيْضًا عَدَم الِاشْتِرَاط . كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية الأمر الخامس: ِممَّا يَتَرَتَّب عَلَى التَّمْيِيز: الإخلاص: وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تُقْبَل النِّيَابَة; لِأَنَّ الْمَقْصُود اخْتِبَار سِرّ الْعِبَادَة, قَالَ ابْنُ الْقَاصِّ وَغَيْرُهُ: لَا يَجُوز التَّوْكِيل فِي النِّيَّة إلَّا فِيمَا اقْتَرَنَتْ بِفِعْلٍ, كَتَفْرِقَةِ زَكَاة, وَذَبْح أُضْحِيَّة, وَصَوْم عَنْ الْمَيِّت وَحَجّ وَقَالَ بَعْض الْمُتَأَخِّرِينَ: الْإِخْلَاص أَمْر زَائِد عَلَى النِّيَّة لَا يَحْصُل بِدُونِهَا وَقَدْ تَحْصُل بِدُونِهِ, وَنَظَرُ الْفُقَهَاء قَاصِر عَلَى النِّيَّة, وَأَحْكَامهمْ إنَّمَا تَجْرِي عَلَيْهَا, وَأَمَّا الْإِخْلَاص فَأَمْره إلَى اللَّه, وَمِنْ ثَمَّ صَحَّحُوا عَدَم وُجُوبِ الْإِضَافَة إلَى اللَّه فِي جَمِيع الْعِبَادَات. لِلتَّشْرِيكِ فِي النِّيَّة نَظَائِر; وَضَابِطهَا أَقْسَامٌ: الْأَوَّلُ: أَنْ يُنْوَى مَعَ الْعِبَادَةِ مَا لَيْسَ بِعِبَادَةٍ فَقَدْ يُبْطِلُهَا: وَصورتها مَا إذَا ذَبَحَ الْأُضْحِيَّة لِلَّهِ وَلِغَيْرِهِ; فَانْضِمَام غَيْره يُوجِب حُرْمَة الذَّبِيحَة. كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية مِنْهَا : مَا لَوْ نَوَى الْوُضُوء أَوْ الْغُسْل وَالتَّبَرُّد , فَفِي وَجْه لَا يَصِحّ لِلتَّشْرِيكِ ; وَالْأَصَحّ الصِّحَّة وَمِنْهَا : مَا لَوْ نَوَى الصَّوْم , أَوْ الْحَمِيَّة أَوْ التَّدَاوِي , وَفِيهِ الْخِلَاف الْمَذْكُور . وَمِنْهَا : مَا لَوْ نَوَى الصَّلَاة وَدَفْعَ غَرِيمه صَحَّتْ صَلَاته لِأَنَّ اشْتِغَاله عَنْ الْغَرِيم لَا يَفْتَقِر إلَى قَصْد , وَفِيهِ وَجْه خَرَّجَهُ ابْنُ أَخِي صَاحِبِ الشَّامِلِ مِنْ مَسْأَلَة التَّبَرُّد . وَمِنْهَا : لَوْ نَوَى الطَّوَافَ وَمُلَازَمَة غَرِيمه , أَوْ السَّعْي خَلْفه , وَالْأَصَحّ الصِّحَّة. وَنَظِير ذَلِكَ فِي الْوُضُوء : أَنْ تَعْزُب نِيَّة رَفْع الْحَدَث ثُمَّ يَنْوِي التَّبَرُّد أَوْ التَّنْظِيف , وَالْأَصَحّ أَنَّهُ لَا يُحْسَب الْمَغْسُول حِينَئِذٍ مِنْ الْوُضُوء . وَمِنْهَا : مَاحَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ جَمَاعَة مِنْ الْأَصْحَاب فِيمَنْ قَالَ لَهُ إنْسَان : صَلِّ الظُّهْر وَلَك دِينَار , فَصَلَّى بِهَذِهِ النِّيَّة أَنَّهُ تُجْزِئُهُ صَلَاته , وَلَا يَسْتَحِقّ الدِّينَار , وَلَمْ يَحْكِ فِيهَا خِلَافه . وَمِنْهَا : مَا إذَا قَرَأَ فِي الصَّلَاة آيَة وَقَصَدَ بِهَا الْقِرَاءَة وَالْإِفْهَام , فَإِنَّهَا لَا تَبْطُل . تَنْبِيهٌ: مَا صَحَّحُوهُ مِنْ الصِّحَّة فِي هَذِهِ الصُّوَر هُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْإِجْزَاء , وَأَمَّا الثَّوَاب فَصَرَّحَ ابْنُ الصَّبَّاغِ بِعَدَمِ حُصُوله فِي مَسْأَلَةِ التَّبَرُّد . كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية وَمِنْ نَظَائِر ذَلِكَ : مَسْأَلَة السَّفَر لِلْحَجِّ وَالتِّجَارَة , وَاَلَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا أَجْر لَهُ مُطْلَقًا , تَسَاوَى الْقَصْدَانِ أَمْ لَا , وَاخْتَارَ الْغَزَالِيُّ وهو ما اختاره السيوطي اعْتِبَار الْبَاعِث عَلَى الْعَمَل , فَإِنْ كَانَ الْقَصْد الدُّنْيَوِيّ هُوَ الْأَغْلَب لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَجْر , وَإِنْ كَانَ الدِّينِيّ أَغْلَب كَانَ لَهُ الْأَجْر بِقَدْرِهِ , وَإِنْ تَسَاوِيَا تَسَاقَطَا . لأنَّ الصَّحَابَةَ تَأَثَّمُوا أَنْ يَتَّجِرُوا فِي الْمَوْسِم بِمِنًى فَنَزَلَتْ { لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ } فِي مَوَاسِمِ الْحَجِّ. الْقِسْم الثَّانِي: أَنْ يُنْوَى مَعَ الْعِبَادَة الْمَفْرُوضَة عِبَادَة أُخْرَى مَنْدُوبَة . وَفِيهِ صُوَر: مِنْهَا مَا لَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ وَيَحْصُلَانِ مَعًا : كمن َأحْرَمَ بِصَلَاةٍ وَنَوَى بِهَا الْفَرْض وَالتَّحِيَّة ; صَحَّتْ , وَحَصَلَا مَعًا؛ لأنَّ الْفَرْض وَالتَّحِيَّةَ قُرْبَتَانِ . إحْدَاهُمَا : تَحْصُل بِلَا قَصْد , فَلَا يَضُرّ فِيهَا الْقَصْد , كَمَا لَوْ رَفَعَ الْإِمَام صَوْته بِالتَّكْبِيرِ لَيُسْمِع الْمَأْمُومِينَ, فَإِنَّ صَلَاته صَحِيحَة بِالْإِجْمَاعِ كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية وَمِنْهَا مَا يَحْصُلُ الْفَرْضُ فَقَطْ : كمن نَوَى بِحَجِّهِ الْفَرْض وَالتَّطَوُّع , وَقَعَ فَرْضًا ; لِأَنَّهُ لَوْ نَوَى التَّطَوُّعَ انْصَرَفَ إلَى الْفَرْض. وكمن صَلَّى الْفَائِتَة فِي لَيَالِي رَمَضَان, وَنَوَى مَعَهَا التَّرَاوِيح فَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ حَصَلَتْ الْفَائِتَة دُون التَّرَاوِيح. قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ; لِأَنَّ التَّشْرِيك مُقْتَضٍ لِلْإِبْطَالِ . وَمِنْهَا مَا يَحْصُل النَّفَل فَقَطْ : كمن َأخْرَجَ خَمْسَة دَرَاهِم, وَنَوَى بِهَا الزَّكَاة وَصَدَقَة التَّطَوُّع, لَمْ تَقَع زَكَاة وَوَقَعَتْ صَدَقَة تَطَوُّع بِلَا خِلَاف. وكمن خَطَبَ بِقَصْدِ الْجُمُعَة وَالْكُسُوف لَمْ يَصِحّ لِلْجُمُعَةِ ; لِأَنَّهُ تَشْرِيك بَيْن فَرْض وَنَفْل. وَمِنْهَا : مَا يَقْتَضِي الْبُطْلَان فِي الْكُلّ: كأن كَبَّرَ الْمَسْبُوق وَالْإِمَام رَاكِع تَكْبِيرَة وَاحِدَة, وَنَوَى بِهَا التَّحْرِيم وَالْهُوِيَّ إلَى الرُّكُوعِ , لَمْ تَنْعَقِد الصَّلَاة أَصْلًا, لِلتَّشْرِيكِ. وَفِي وَجْه: تَنْعَقِد نَفْلًا كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية الْقِسْم الثَّالِث : أَنْ يَنْوِي مَعَ الْمَفْرُوضَة فَرْضًا آخَر . قَالَ ابْنُ السُّبْكِيّ : وَلَا يُجْزِئ ذَلِكَ إلَّا فِي الْحَجّ وَالْعُمْرَة . قُلْت : بَلْ لَهُمَا نَظِير آخَر وَهُوَ أَنْ يُنْوَى الْغُسْل وَالْوُضُوء مَعًا, فَإِنَّهُمَا يَحْصُلَانِ عَلَى الْأَصَحّ , وَفِي قَوْل نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأَمَالِي لَا يَحْصُلَانِ ; لِأَنَّهُمَا وَاجِبَانِ مُخْتَلِفَانِ, فَلَا يَتَدَاخَلَانِ, كَالصَّلَاتَيْنِ . وَإِذَا تَيَمَّمَ لِفَرْضَيْنِ, صَحَّ لِوَاحِدٍ عَلَى الْأَصَحِّ . القسم الرَّابِعُ : أَنْ يَنْوِي مَعَ النَّفْلِ نَفْلًا آخَر: فَلَا يَحْصُلَانِ . قَالَهُ الْقَفَّالُ وَنُقِضَ عَلَيْهِ بِنِيَّتِهِ الْغُسْل لِلْجُمُعَةِ وَالْعِيد , فَإِنَّهُمَا يَحْصُلَانِ . قُلْت: وَكَذَا لَوْ اجْتَمَعَ عِيد وَكُسُوف, خَطَبَ لَهُمَا خُطْبَتَيْنِ, بِقَصْدِهِمَا جَمِيعًا لأنَّهُمَا سُنَّتَانِ, بِخِلَافِ الْجُمُعَة وَالْكُسُوف, وَيَنْبَغِي أَنْ يُلْحَق بِهَا مَا لَوْ نَوَى صَوْم يَوْم عَرَفَة وَالِاثْنَيْنِ مَثَلًا , فَيَصِحّ. كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية القسم الْخَامِس: أَنْ يَنْوِي مَعَ غَيْر الْعِبَادَة شَيْئًا آخَر غَيْرهَا, وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ فِي الْحُكْم . وَمِنْ فُرُوعه : أَنْ يَقُول لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَام, وَيَنْوِي الطَّلَاق وَالظِّهَار, فَالْأَصَحّ أَنَّهُ يُخَيَّرُ بَيْنهمَا, فَمَا اخْتَارَهُ ثَبَتَ وَقِيلَ: يَثْبُت . الطَّلَاق لِقُوَّتِهِ. وَقِيلَ : الظِّهَار ; لِأَنَّ الْأَصْل بَقَاء النِّكَاح . مبحث فِي وَقْت النِّيَّة الْأَصْل أَنَّ وَقْتهَا أَوَّل الْعِبَادَات وَنَحْوهَا . وَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ الصَّوْم , فَجُوِّزَ تَقْدِيم نِيَّته عَلَى أَوَّل الْوَقْت , لِعُسْرِ مُرَاقَبَته ثُمَّ سَرَى ذَلِكَ إلَى أَنْ وَجَبَ . فَلَوْ نَوَى مَعَ الْفَجْر لَمْ يَصِحّ فِي الْأَصَحِّ . قُلْت : وَعَلَى حَدّه جَوَاز تَأْخِير نِيَّة صَوْم النَّفَل عَنْ أَوَّله . كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية وَبَقِيَ نَظَائِر يَجُوز فِيهَا تَقْدِيم النِّيَّة عَلَى أَوَّل الْعِبَادَة . مِنْهَا : الزَّكَاة , فَالْأَصَحّ فِيهَا جَوَاز التَّقْدِيم لِلنِّيَّةِ عَلَى الدَّفْع لِلْعُسْرِ , قِيَاسًا عَلَى الصَّوْم , وَفِي وَجْه : لَا يَجُوز , بَلْ يَجِب حَالَة الدَّفْع إلَى الْأَصْنَاف , أَوْ الْإِمَام , كَالصَّلَاةِ . وَمِنْهَا : الْكَفَّارَة , وَفِيهَا الْوَجْهَانِ فِي الزَّكَاة . وَذُكِرَ فِي الْفَرْق بَيْن الزَّكَاة وَالْكَفَّارَة وَبَيْن الصَّلَاة أَنَّهُمَا يَجُوز تَقْدِيمهمَا عَلَى وُجُوبهمَا فَجَازَ تَقْدِيم نِيَّتهمَا , بِخِلَافِ الصَّلَاة , وَأَنَّهُمَا تَقْبَلَانِ النِّيَابَة , بِخِلَافِهَا . فَرْعٌ : مِمَّا جَرَى عَلَى هَذَا الْأَصْل مِنْ اعْتِبَار النِّيَّة أَوَّل الْفِعْل : أَنَّهُ لَوْ ضَرَبَ زَوْجَته بِالسَّوْطِ عَشْر ضَرَبَات , فَصَاعِدًا مُتَوَالِيَة فَمَاتَتْ ; فَإِنْ قَصَدَ فِي الِابْتِدَاء الْعَدَد الْمُهْلِك وَجَبَ الْقِصَاص , وَإِنْ قَصَدَ تَأْدِيبهَا بِسَوْطَيْنِ أَوْ ثَلَاثَة , ثُمَّ بَدَا لَهُ فَجَاوَزَ فَلَا ; لِأَنَّهُ اخْتَلَطَ الْعَمْد بِشَبَهِ الْعَمْد . كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية تَنْبِيهَات: التنبيه الْأَوَّل : مَا أَوَّله مِنْ الْعِبَادَات ذِكْرٌ , وَجَبَ اقْتِرَانهَا بِكُلِّ اللَّفْظ . وَقِيلَ: يَكْفِي بِأَوَّلِهِ, فَمِنْ ذَلِكَ الصَّلَاة . التَّنْبِيه الثَّانِي : قَدْ يَكُون لِلْعِبَادَةِ أَوَّل حَقِيقِيّ , وَأَوَّل نِسْبِيّ , فَيَجِب اقْتِرَان النِّيَّة بِهِمَا . مِنْ ذَلِكَ : التَّيَمُّم , فَيَجِب اقْتِرَان نِيَّته بِالنَّقْلِ ; لِأَنَّهُ أَوَّل الْمَفْعُول مِنْ أَرْكَانه , وَبِمَسْحِ الْوَجْه ; لِأَنَّهُ أَوَّل الْأَرْكَان الْمَقْصُودَة , وَالنَّقْل وَسِيلَة إلَيْهِ . التَّنْبِيه الثَّالِث : الْعِبَادَات ذَات الْأَفْعَال يُكْتَفَى بِالنِّيَّةِ فِي أَوَّلهَا , وَلَا يُحْتَاج إلَيْهَا فِي كُلّ فِعْل , اكْتِفَاءً بِانْسِحَابِهَا عَلَيْهَا كَالْوُضُوءِ وَالصَّلَاة , وَكَذَا الْحَجّ , فَلَا يُحْتَاج إلَى إفْرَاد الطَّوَافِ وَالسَّعْي وَالْوُقُوفِ بِنِيَّةٍ عَلَى الْأَصَحِّ . كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية الْمَبْحَثُ الْخَامِس فِي مَحِلّ النِّيَّةِ مَحِلّهَا الْقَلْب فِي كُلّ مَوْضِع ; لِأَنَّ حَقِيقَتهَا الْقَصْد مُطْلَقًا , وَقِيلَ : الْمُقَارَن لِلْفِعْلِ , وَذَلِكَ عِبَارَة عَنْ فِعْل الْقَلْب . قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ : النِّيَّة عِبَارَة عَنْ انْبِعَاث الْقَلْب نَحْو مَا يَرَاهُ مُوَافِقًا مِنْ جَلْب نَفْع أَوْ دَفْع ضُرّ , حَالًا أَوْ مَآلًا , وَالشَّرْعُ خَصَّصَهُ بِالْإِرَادَةِ الْمُتَوَجِّهَة نَحْو الْفِعْل لِابْتِغَاءِ رِضَا اللَّه تَعَالَى , وَامْتِثَال حُكْمه . وَالْحَاصِل أَنَّ هُنَا أَصْلَيْنِ : الْأَوَّل : أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّلَفُّظ بِاللِّسَانِ دُونه . وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَا يُشْتَرَط مَعَ الْقَلْب التَّلَفُّظ . أَمَّا الْأَوَّل فَمِنْ فُرُوعه : لَوْ اخْتَلَفَ اللِّسَان وَالْقَلْب , فَالْعِبْرَة بِمَا فِي الْقَلْب , فَلَوْ نَوَى بِقَلْبِهِ الْوُضُوء وَبِلِسَانِهِ التَّبَرُّد , صَحَّ الْوُضُوء , أَوْ عَكْسه فَلَا , وَكَذَا لَوْ نَوَى بِقَلْبِهِ الظُّهْر وَبِلِسَانِهِ الْعَصْر , أَوْ بِقَلْبِهِ الْحَجّ وَبِلِسَانِهِ الْعُمْرَة , أَوْ عَكْسه صَحَّ لَهُ مَا فِي الْقَلْب . كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية الْمَبْحَثُ الْخَامِس فِي مَحِلّ النِّيَّةِ مَحِلّهَا الْقَلْب فِي كُلّ مَوْضِع; لِأَنَّ حَقِيقَتهَا الْقَصْد مُطْلَقًا, وَقِيلَ: الْمُقَارَن لِلْفِعْلِ, وَذَلِكَ عِبَارَة عَنْ فِعْل الْقَلْب. قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: النِّيَّة عِبَارَة عَنْ انْبِعَاث الْقَلْب نَحْو مَا يَرَاهُ مُوَافِقًا مِنْ جَلْب نَفْع أَوْ دَفْع ضُرّ, حَالًا أَوْ مَآلًا, وَالشَّرْعُ خَصَّصَهُ بِالْإِرَادَةِ الْمُتَوَجِّهَة نَحْو الْفِعْل لِابْتِغَاءِ رِضَا اللَّه, وَامْتِثَال حُكْمه. والْحَاصِل أَنَّ هُنَا أَصْلَيْنِ: الْأَوَّل : أَنَّهُ لَا يَكْفِي التَّلَفُّظ بِاللِّسَانِ دُونه . وَالثَّانِي : أَنَّهُ لَا يُشْتَرَط مَعَ الْقَلْب التَّلَفُّظ . أَمَّا الْأَوَّل فَمِنْ فُرُوعه: لَوْ اخْتَلَفَ اللِّسَان وَالْقَلْب , فَالْعِبْرَة بِمَا فِي الْقَلْب , فَلَوْ نَوَى بِقَلْبِهِ الْوُضُوء وَبِلِسَانِهِ التَّبَرُّد , صَحَّ الْوُضُوء , أَوْ عَكْسه فَلَا , وَكَذَا لَوْ نَوَى بِقَلْبِهِ الظُّهْر وَبِلِسَانِهِ الْعَصْر , أَوْ بِقَلْبِهِ الْحَجّ وَبِلِسَانِهِ الْعُمْرَة , أَوْ عَكْسه صَحَّ لَهُ مَا فِي الْقَلْب . وَمِنْهَا: إنْ سَبَقَ لِسَانه إلَى لَفْظ الْيَمِين بِلَا قَصْد فَلَا تَنْعَقِد, وَلَا يَتَعَلَّق بِهِ كَفَّارَة, أَوْ قَصَدَ الْحَلِف عَلَى شَيْء فَسَبَقَ لِسَانه إلَى غَيْره, هَذَا فِي الْحَلِف بِاَللَّهِ, فَلَوْ جَرَى مِثْل ذَلِكَ فِي الْإِيلَاءِ أَوْ الطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ, لَمْ يَتَعَلَّقَ بِهِ شَيْءٌ بَاطِنًا, وَيُدَيَّنُ, وَلَا يُقْبَلُ فِي الظَّاهِرِ لِتَعَلُّقِ حَقّ الْغَيْر بِهِ . كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية وَأَمَّا الْأَصْل الثَّانِي: وَهُوَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَط مَعَ نِيَّة الْقَلْب التَّلَفُّظ فِيهِ , فَفِيهِ فُرُوع كَثِيرَة: مِنْهَا كُلّ الْعِبَادَات . وَمِنْهَا : إذَا أَحْيَا أَرْضًا بِنِيَّةِ جَعْلهَا مَسْجِدًا, فَإِنَّهَا تَصِير مَسْجِدًا بِمُجَرَّدِ النِّيَّة , وَلَا يَحْتَاج إلَى لَفْظ . وَمِنْهَا : مَنْ حَلَفَ لَا يُسَلِّم عَلَى زَيْدٍ , فَسَلَّمَ عَلَى قَوْم هُوَ فِيهِمْ وَاسْتَثْنَاهُ بِالنِّيَّةِ , فَإِنَّهُ لَا يَحْنَث , بِخِلَافِ مَنْ حَلَفَ لَا يَدْخُل عَلَيْهِ ; فَدَخَلَ عَلَى قَوْم هُوَ فِيهِمْ وَاسْتَثْنَاهُ بِقَلْبِهِ , وَقَصَدَ الدُّخُول عَلَى غَيْره , فَإِنَّهُ يَحْنَث فِي الْأَصَحّ , وَالْفَرْق أَنَّ الدُّخُول فِعْل لَا يَدْخُلهُ الِاسْتِثْنَاء. الَّذِي يَقَع فِي النَّفْس مِنْ قَصْد الْمَعْصِيَة عَلَى خَمْس مَرَاتِب : 1. الْهَاجِس : وَهُوَ مَا يُلْقَى فِيهَا , 2. ثُمَّ جَرَيَانه فِيهَا وَهُوَ الْخَاطِر , 3. ثُمَّ حَدِيث النَّفْس : وَهُوَ مَا يَقَع فِيهَا مِنْ التَّرَدُّد هَلْ يَفْعَل أَوْ لَا ؟ 4. ثُمَّ الْهَمّ : وَهُوَ تَرْجِيح قَصْد الْفِعْل , 5. ثُمَّ الْعَزْم : وَهُوَ قُوَّة ذَلِكَ الْقَصْد وَالْجَزْم بِهِ , كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية فَالْهَاجِس لَا يُؤَاخَذ بِهِ إجْمَاعًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْله ; وَإِنَّمَا هُوَ شَيْء وَرَدَ عَلَيْهِ , لَا قُدْرَة لَهُ وَلَا صُنْع , وَالْخَاطِر الَّذِي بَعْده كَانَ قَادِرًا عَلَى دَفْعه بِصَرْفِ الْهَاجِس أَوَّلَ وُرُوده , وَلَكِنَّهُ هُوَ وَمَا بَعْده مِنْ حَدِيث النَّفْس مَرْفُوعَانِ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيح , وَإِذَا ارْتَفَعَ حَدِيث النَّفْس ارْتَفَعَ مَا قَبْله بِطَرِيقِ الْأَوْلَى . وَهَذِهِ الْمَرَاتِبُ الثَّلَاثَةُ أَيْضًا لَوْ كَانَتْ فِي الْحَسَنَات لَمْ يُكْتَب لَهُ بِهَا أَجْر . أَمَّا الْأَوَّل فَظَاهِر , وَأَمَّا الثَّانِي وَالثَّالِث فَلِعَدَمِ الْقَصْد , وَأَمَّا الْهَمّ فَقَدْ بَيَّنَ الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ " إنَّ الْهَمَّ بِالْحَسَنَةِ , يُكْتَبُ حَسَنَةً , وَالْهَمَّ بِالسَّيِّئَةِ لَا يُكْتَبُ سَيِّئَة , وَيُنْتَظَر فَإِنْ تَرَكَهَا لِلَّهِ كُتِبَتْ حَسَنَةً , وَإِنْ فَعَلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً " وَالْأَصَحّ فِي مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُكْتَب عَلَيْهِ الْفِعْل وَحْده ; وَهُوَ مَعْنَى قَوْله " وَاحِدَة " , وَأَنَّ الْهَمّ مَرْفُوع . الْمَبْحَث السَّادِس فِي شُرُوط النِّيَّة الْأَوَّل : الْإِسْلَام: وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَصِحّ الْعِبَادَات مِنْ الْكَافِر , وَقِيلَ يَصِحّ غُسْله دُون وُضُوئِهِ وَتَيَمُّمه , وَقِيلَ يَصِحّ الْوُضُوء أَيْضًا , وَقِيلَ يَصِحّ التَّيَمُّم أَيْضًا , وَمَحِلّ الْخِلَاف فِي الْأَصْلِيّ, أَمَّا الْمُرْتَدّ فَلَا يَصِحّ مِنْهُ غُسْل وَلَا غَيْره , وجَمَاعَة أَجْرُوا الْخِلَاف فِي الْمُرْتَدِّ. كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية وَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ صُوَر : الْأُولَى: الْكِتَابِيَّة تَحْت الْمُسْلِم, يَصِحّ غُسْلهَا عَنْ الْحَيْض لِيَحِلّ وَطْؤُهَا بِلَا خِلَاف لِلضَّرُورَةِ, فإذَا طَهُرَتْ الذِّمِّيَّة مِنْ حيْض وَنِّفَاس أَلْزَمَهَا الزَّوْج الِاغْتِسَال, فَإِنْ امْتَنَعَتْ أَجْبَرَهَا عَلَيْهِ وَاسْتَبَاحَهَا; وَإِنْ لَمْ تَنْوِ لِلضَّرُورَةِ, كَمَا يُجْبِر الْمُسْلِمَة الْمَجْنُونَة. الشَّرْط الثَّانِي : التَّمْيِيز: فَلَا تَصِحّ عِبَادَة صَبِيّ لَا يُمَيِّز وَلَا مَجْنُون: وَخَرَجَ عَنْ ذَلِكَ الطِّفْل يُوَضِّئهُ الْوَلِيّ لِلطَّوَافِ حَيْثُ يُحْرِم عَنْهُ, وَالْمَجْنُونَة يُغَسِّلهَا الزَّوْج عَنْ الْحَيْض, وَيَنْوِي عَلَى الْأَصَحّ . وصَحَّحُوا أَنَّ عَمْد المجنونة عَمْد , وَخَصَّ الْأَئِمَّة الْخِلَاف بِمَنْ لَهُ نَوْع تَمْيِيز. فَغَيْر الْمُمَيِّز مِنْهُمَا عَمْده خَطَأٌ قَطْعًا. الشَّرْط الثَّالِث : الْعِلْم بِالْمَنْوِيِّ: مَنْ جَهِلَ فَرْضِيَّة الْوُضُوء أَوْ الصَّلَاة لَمْ يَصِحّ مِنْهُ فِعْلهَا, وَكَذَا لَوْ عَلِمَ أَنَّ بَعْض الصَّلَاة فَرْض وَلَمْ يَعْلَم فَرْضِيَّة الَّتِي شَرَعَ فِيهَا, وَإِنْ عَلِمَ الْفَرْضِيَّة وَجَهِلَ الْأَرْكَان فَإِنْ اعْتَقَدَ الْكُلّ سُنَّة أَوْ الْبَعْض فَرْضًا وَالْبَعْض سُنَّة وَلَمْ يُمَيِّزهَا لَمْ تَصِحّ قَطْعًا, أَوْ الْكُلّ فَرْضًا فَوَجْهَانِ: أَصَحّهمَا الصِّحَّة لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ أَكْثَر مِنْ أَنَّهُ أَدَّى سُنَّة بِاعْتِقَادِ الْفَرْض وَذَلِكَ لَا يُؤَثِّر . كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية الشَّرْطُ الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَأْتِيَ بِمُنَافٍ: فَلَوْ ارْتَدَّ فِي أَثْنَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّوْمِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ التَّيَمُّمِ بَطَلَ , أَوْ الْوُضُوءِ أَوْ الْغُسْلِ لَمْ يَبْطُلَا; لِأَنَّ أَفْعَالَهُمَا غَيْرُ مُرْتَبِطَةٍ بِبَعْضِهَا , وَلَكِنْ لَا يُحْسَبُ الْمَغْسُولُ فِي زَمَنِ الرِّدَّةِ; وَلَوْ ارْتَدَّ بَعْدَ الْفَرَاغِ , فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَبْطُلُ الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ وَيَبْطُلُ التَّيَمُّمُ لِضَعْفِهِ ; وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ بَعْدَ فَرَاغ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّوْمِ أَوْ الْحَجِّ أَوْ أَدَاءِ الزَّكَاةِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْإِعَادَةُ. فصول من المنافي: الأول: نية القطع: وفِي ذَلِكَ فُرُوعٌ : نَوَى قَطْعَ الْإِيمَانِ - وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى - صَارَ مُرْتَدًّا فِي الْحَالِ . نَوَى قَطْعَ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهَا , لَمْ تَبْطُلْ بِالْإِجْمَاعِ , وَكَذَا سَائِرُ الْعِبَادَاتِ وَفِي الطَّهَارَةِ وَجْهٌ لِأَنَّ حُكْمَهَا بَاقٍ بَعْدَ الْفَرَاغِ . نَوَى قَطْعَ الصَّلَاةِ أَثْنَاءَهَا , بَطَلَتْ بِلَا خِلَافٍ ; لِأَنَّهَا شَبِيهَةٌ بِالْإِيمَانِ . نَوَى قَطْعَ الطَّهَارَةِ أَثْنَاءَهَا, لَمْ يَبْطُلْ مَا مَضَى فِي الْأَصَحِّ لَكِنْ يَجِبُ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ لِمَا بَقِيَ . كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية نَوَى قَطْعَ الصَّوْمِ وَالِاعْتِكَافِ , لَمْ يَبْطُلَا فِي الْأَصَحِّ لِأَنَّ الصَّلَاةَ مَخْصُوصَةٌ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ الْعِبَادَاتِ بِوُجُوهٍ مِنْ الرَّبْطِ وَمُنَاجَاةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ. نَوَى الْأَكْلَ أَوْ الْجِمَاعَ فِي الصَّوْمِ, لَمْ يَضُرّهُ . نَوَى فِعْلَ مُنَافٍ فِي الصَّلَاةِ كَالْأَكْلِ وَالْفِعْلِ الْكَثِيرِ, لَمْ تَبْطُلْ قَبْلَ فِعْلِهِ . الثاني: نِيَّةُ الْقَلْبِ: قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ : نَقْلُ الصَّلَاةِ إلَى أُخْرَى أَقْسَامٌ : أَحَدُهَا: نَقْلُ فَرْضٍ إلَى فَرْضٍ فَلَا يَحْصُلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا . الثَّانِي: نَقْلُ نَفْلٍ رَاتِبٍ إلَى نَفْلٍ رَاتِبٍ كَوَتْرٍ إلَى سُنَّةِ الْفَجْرِ, فَلَا يَحْصُلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا الثَّالِثُ: نَقْلُ نَفْلٍ إلَى فَرْضٍ فَلَا يَحْصُلُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا . الرَّابِعُ: نَقْلٌ فَرْضٍ إلَى نَفْلٍ فَهَذَا نَوْعَانِ: نَقْلُ حُكْمٍ كَمَنْ أَحْرَمَ بِالظُّهْرِ قَبْلَ الزَّوَالِ جَاهِلًا فَيَقَع نَفْلًا . وَنَقْلُ نِيَّةٍ بِأَنْ يَنْوِيَ قَبْلَهُ نَفْلًا عَامِدًا فَتَبْطُلُ صَلَاتُهُ , وَلَا يَنْقَلِبُ نَفْلًا عَلَى الصَّحِيحِ , فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ , كَأَنْ أَحْرَمَ بِفَرْضٍ مُنْفَرِدًا ثُمَّ أُقِيمَتْ جَمَاعَةٌ , فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ لِيُدْرِكَهَا , صَحَّتْ نَفْلًا فِي الْأَصَحِّ. كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد
قواعد الفقه الكلية الثالث: َعدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمَنْوِيِّ: إمَّا عَقْلًا , وَإِمَّا شَرْعًا , وَإِمَّا عَادَةً. فَمِنْ الْأَوَّلِ: نَوَى بِوُضُوئِهِ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةً وَأَنْ لَا يُصَلِّيَهَا : لَمْ يَصِحّ لِتَنَاقُضِهِ . وَمِنْ الثَّانِي: نَوَى بِهِ الصَّلَاةَ فِي مَكَان نَجِسٍ , قَالَ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ عَنْ الْبَحْرِ : يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ . وَمِنْ الثَّالِثِ: نَوَى بِهِ صَلَاةَ الْعِيدِ وَهُوَ فِي أَوَّل السَّنَةِ أَوْ الطَّوَافِ وَهُوَ بِالشَّامِ فَفِي صِحَّتِهِ خِلَافٌ , قُلْت: لَكِنَّ الْأَصَحَّ الصِّحَّةُ. الرابع: التَّرَدُّدُ وَعَدَمُ الْجَزْم: تَرَدَّدَ هَلْ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ أَوْ لَا, أَوْ عَلَّقَ إبْطَالَهَا عَلَى شَيْءٍ بَطَلَتْ, وَكَذَا فِي الْإِيمَانِ. تَرَدَّدَ: فِي أَنَّهُ نَوَى الْقَصْرَ أَوْ لَا ؟ وَهَلْ يُتِمُّ , أَوْ لَا ؟ لَمْ يَقْصُرْ . تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ وَشَكَّ فِي الْحَدَثِ فَاحْتَاطَ وَتَطَهَّرَ, ثُمَّ بَانَ أَنَّهُ مُحْدِثٌ لَمْ يَصِحّ وَعَلَيْهِ الْإِعَادَةُ فِي الْأَصَحِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي الطَّهَارَةِ, وَقَدْ تَيَقَّنَ الْحَدَثَ لِأَنَّ مَعَهُ أَصْلًا, وَبِخِلَافِ مَا لَوْ شَكَّ فِي نَجَاسَةٍ فَغَسَلَهَا; لِأَنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ . نَوَى لَيْلَةَ الثَّلَاثِينَ مِنْ شَعْبَانَ صَوْمَ غَدٍ عَنْ رَمَضَانَ , إنْ كَانَ مِنْهُ , فَكَانَ مِنْهُ : لَمْ يَقَعْ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ وَقَعَ لَيْلَة الثَّلَاثِينَ مِنْ رَمَضَانَ , لِاسْتِصْحَابِ الْأَصْلِ . عَلَيْهِ فَائِتَةٌ , فَشَكَّ هَلْ قَضَاهَا , أَوْ لَا فَقَضَاهَا ثُمَّ تَيَقَّنَهَا : لَمْ تُجْزِئْهُ . كلية الشريعة والقانون - الجامعة الإسلامية – غزة د. عاطف محمد أبو هربيد