الفصل التاسع: السكان والتعليم والتنمية

Slides:



Advertisements
عروض تقديميّة مشابهة
عدة العمل المجتمعي (الفصل الثاني، القسم التاسع) استعداد المجتمع المحلّي *
Advertisements

أهم المناهج المستخدمة في البحوث الاجتماعي
المحاضرة الخامسة النظريات العاملية في الذكاء
*إدارة الصراع فى المنظمات*
تدريس العلوم – طريقة العرض
لجنة التكنولوجيا من أجل التنمية
دراسة مقارنة لقياس العائد على التعليم دراسة حالة مصر والمملكة العربية السعودية خلال الفترة د. فاطمة أحمد حسن أستاذ الاقتصاد المساعد- كلية الادارة.
قياس العائد المتوقع والمخاطر المتوقعة
أدوار ضباط إتصال مرفق البيئة العالمية الوطنيين
إندماج البيئة والتنمية:
الأمن و في الخليج العربي
أ.د. السيد أبو هاشم قسم علم النفس
إشراف الأستاذ الدكتور/ عبدالرحمن بن عبدالعزيز الجنوبي
الدخل والانتاج Production and Income
الاحصاء السكاني والديمغرافيا
التعليم الفني(التقني) والتدريب المهني
استراتيجية الشمول المالي في العراق (الرؤية، الاهداف والتحديات)
الظواهر الاقتصادية Economic Phenomena
رابعا : معايير التقييم الاقتصادي للاستثمار هناك العديد من المعايير الاقتصادية المتخصصة في تقييم أي نشاط ومنها النشاط السياحي ولكن سنتناول اكثر المعايير.
محاضرة الدكتورة بيداء عبد السلام
شبكة تقويم موضوع اختبار
الأمية بجهة طنجة –تطوان –الحسيمة إحصاء2014
برامج وأساليب و استراتيجيات علاج صعوبات القراءة
بيئات السكن Session د. علي فرح أحمد.
العبء أو الحمل البيئي د. علي فرح Friday, July 26, 2019 د. علي فرح.
مقرر الاحصاء عرض 160 المحاضرة (6) أ . عهد الشائع.
الشباك الإلكتروني لطلب وثائق الحالة المدنية
[اسم المشروع] فحص بعد الفشل
لجنة التكنولوجيا من أجل التنمية - الدورة الثانية
التقويم التشخيصي المؤسسي للمدرسة
المصارف والائتمان والعمق المالي العراق والتجربة الدولية الدكتور احمد بريهي علي نائب محافظ البنك المركزي سابقاً
المستوى التعليمي في إسرائيل
الترابط بين التخطيط الاقتصادي والاجتماعي
إدارة المعرفة وأهميتها في مؤسسات التعليم العالي
مناهج السياسة الخارجية
الجامعة المستنصرية / الكلية الآداب القسم: الانثروبولوجيا والاجتماع
دور إدارة الموارد البشرية تشييد البناء المعرفي للمنظمة
المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين
التكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة: إتاحة فرص عمل لائقة وتمكين الشباب في الدول العربية 20 آذار 2019.
انواع البيئات 2. البيئة الاقتصادية Economical Environment : تؤثر على شاطات وقرارات الضيف والسوق معاً وان الظروف الاقتصادية المتغيرة تؤثر وتتاثر.
تعتبر الموارد البشرية ومؤسسات التعليم التقني والمهني والمجتمع المحلي أو سوق العمل من المحاور الأساسية للتعليم التقني والمهني،ولكل من هذه المحاور الدور.
المحاضرة الثالثة والعشرون: مدخل نظرية صنع القرار: المادة: علم اجتماع التنظيم أستاذ المادة: د. رباح احمد مهدي.
التأمين الصحي م.م. سناء عريبي محمد.
دكتوراه إدارة الأعمال DBA من بريطانيا
استراتيجيات اختيار الأسواق الدولية للخدمة السياحية والفندقية
الفصل الثاني: العائد والمخاطر في الاستثمار
الفصل الرابع: توازن الدخل القومي
الفصل الاول العولمة والترابطات الدولية
مفهوم صعوبات التعلم.
تساهم المراة في الانتاج الزراعي بفعالية في مختلف مناطق السودان
الرابطة السورية للمواطنة (ر.س.م.)
إدارة الموارد البشرية 3 تخطيط الموارد البشرية.
التعلم ماهيته وشروطه ١٦٠نهج – أ.الجوهرة آل تويم.
مبادئ الاقتصاد الكلي: مفاهيم وأساسيات
الفئة الثالثة : هؤلاء ا لقادمين من عمق الفقر والمناطق العشوائية-يستهلكوا المواد الاعلامية المعولمة / يترسخ لديهم الشعور بالدونية تختنق تلك الفئة بين قدرات.
أعداد السكان.
المحور الاول – الفصل الثالث السنة الاولى
الشيخوخة العالمية للسكان UN. World Population Ageing 2007
الفصل الرابع الموازنة الراسمالية / التدفقات النقدية
تحديد الأهداف الباب الثاني – الفصل الثاني
مهارات التوجه و الحركة المحاضرة الثامنة.
المحاضرة العشرون د. مصطفى كامل
المحـاضـرة الـخـامـســة الفـصــل الثـالـث الـطـــــوب
تحليل البيئة التسويقية
مقاييس النزعة المركزية
تعرض دالة الانتاج التي تمت مناقشتها اعلاه قانون تناقص العائد الحدي نلاحظ ابتداءاً ان استخدام عدد اكبر من العمال لتشغيل معدات استخراج المعادن ( العنصر الثابت.
الحوكمــــة.
العوامل المؤثرة في التجوية
ثانياً: الحقبة الثانية :
الشباب العربى والعولمة
نسخة العرض التّقديمي:

الفصل التاسع: السكان والتعليم والتنمية اقتصاديات السكان اق 312 الفصل التاسع: السكان والتعليم والتنمية

الاهداف الخاصة بالتعليم تم التأكيد على أهمية التعليم في مجموعة المؤتمرات الدولية المعنية بالسكان فقد اعتمد برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية 1994 أهدافا كمية متصلة بالتعليم، تؤيد الهدف المعتمد في مؤتمر جومتيين بتايلاند بشأن: القضاء على الأمية وتعميم الحصول على التعليم الابتدائي قبل عام 2015. سد الفجوة بين الجنسين في التعليم الابتدائي والثانوي بحلول عام 2005. وفي عام 1999 تم تحديد هدف متوسط الأجل هو ضرورة أن يبلغ صافي نسبة التحاق الأطفال من كلا الجنسين بالمدارس 90% على الأقل بحلول عام 2010. كما لوحظ أن ثمة حاجة خاصة لتحسين معدل بقاء البنات في المدارس الابتدائية والثانوية.

لماذا الاهتمام بالتعليم تؤكد الدراسات السكانية بأن للتعليم صلة قوية بالسلوك الديموجرافي. وهناك دلائل على أن انتشار التعليم لدى فئة سكانية ما له أهمية محورية بالنسبة للتحول الديموجرافي في الاجل الطويل من مستويات الخصوبة العالية إلى مستويات منخفضة. فقد أكد كالدويل أن مستويات الخصوبة العالية لن تستمر في أي مجتمع يوفر التعليم لعامة الناس، أي عندما تلتحق الأغلبية الساحقة من الأطفال بالمدارس. وهناك اتفاق على أن التعليم يؤثر على العوامل الديموجرافية، ويتأثر بها مع مرور الزمن.

معدل الخصوبة الاجمالي حسب متوسط سنوات التعليم

متوسط العمر المتوقع عند الولادة حسب متوسط سنوات التعليم

الاتجاهات العامة في مجالات السكان والتعليم والتنمية على الرغم من التأكيد على قوة الصلة بين السكان والتعليم والتنمية، الا ان الأولوية المعطاة لهذه العلاقات كانت متفاوتة. بعد الحرب العالمية الثانية، كان للتعليم أولوية عليا بالنسبة لكثير من الحكومات، وحدث توسع سريع في النظم التعليمية. بحلول الثمانينات اضطرت بعض البلدان إلى تقليص الخدمات العامة بما فيها التعليم، نظرا لتعثر اقتصادياتها، وارتفاع أعباء خدمة الدين، وأثر برامج التكيف الهيكلي. بصفة عامة، فإن ميزانيات التعليم في البلدان الفقيرة تأثرت أكثر من غيرها، وانخفضت معدلات القيد في المدارس في بعض الحالات، ولا سيما في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. على أنه في ذات الوقت، كان فهم العملية التنموية يتغير أيضا وهو ما أدى إلى إعطاء التعليم دورا أهم.

في أعقاب الحرب العالمية الثانية مباشرة، كان علماء التنمية يركزون أساسا على النمو في الناتج القومي الإجمالي بوصفه مؤشر التقدم، ولا سيما على قضايا التصنيع والتجارة بوصفهما أمرين يتوقف عليهما النمو. وقد توصل عدد متزايد من علماء الاقتصاد إلى ما يثبت أن رأس المال البشري – ولا سيما الانفاق على التعليم والصحة – له فوائد اقتصادية هامة على المجتمع. من هذا المنطلق، تطور مفهوم التنمية ككل، إذ تحول من رؤية ضيقة إلى رؤية تشمل العلاقات الأوسع نطاقا بين التنمية الاجتماعية والاقتصادية والفقر والبيئة. وتزايد الاعتراف بأن التعليم، فضلا عن آثاره الاقتصادية، يساعد على تعزيز التقدم نحو تحقيق أهداف أخرى مثل: تحسين الصحة وإطالة العمر الارتقاء بمستوى الافراد وتعزيز المشاركة في المجتمع المدني اتاحة الفرص بشكل افضل امام الافراد

وهناك توافق في الآراء على أنه لا يمكن تحقيق مستوى عال من التنمية الاقتصادية إذا كانت الأمية منتشرة لدى أغلبية السكان. أثبتت البحوث أن التعليم يرفع مستوى الدخل الفردي في الكثير من الحالات، بالرغم من أن حجم العوائد يختلف حسب الزمان والمكان. باستعراض عدة دراسات في بلدان من جميع مستويات التنمية، خلص سكاروبولوس وباترينوس (2002) إلى أن متوسط العوائد الخاصة من الاستثمار في التعليم الابتدائي يساوي 27%. كما اثبتت البحوث ان الحد من مشاركة المرأة في قوة العمل أو فرض قيود على أنواع العمل الذي يمكن أن تقوم به، يؤدي إلى تخفيض العوائد الاقتصادية من الاستثمار في تعليم الإناث. وأن المرأة عموما تجني من الاستثمار في التعليم عوائد أكبر مما يجني الرجل. وفيما يتعلق بالعوائد على مستوى المجتمع، أكدت الدراسات الحديثة أنه، فيما عدا استثناءات قليلة، هناك علاقة إيجابية هامة بين التعليم والإنتاجية والنمو الاقتصادي.

وتطرقت دراسات أخرى إلى الانعكاسات الإيجابية الاخرى التي تتجاوز أثر التعليم على نمو الناتج المحلي الإجمالي والتي عادة ما لا تؤخذ في الاعتبار. فاتضح أن الإنتاجية العالية لبعض العمال تحفز أيضا إنتاجية زملائهم، بينما يؤدي ارتفاع المستويات التعليمية للعمال إلى اكتشاف عمليات إنتاج أكثر فعالية وتكييفها واستخدامها. وخُلص مينغات وتان (1996) إلى أن معدلات العائد تختلف ليس فقط حسب مستوى التعليم وإنما أيضا حسب مستوى النمو. فبالنسبة للدول المنخفضة الدخل يشكل التعليم الابتدائي أفضل استثمار، وفي البلدان المتوسطة الدخل، حيث التعليم الابتدائي منتشر عادة على نطاق أوسع، يحقق الاستثمار في التعليم الثانوي أعلى العوائد الاجتماعية. ولدى البلدان المرتفعة الدخل تتحقق أكبر العوائد من التعليم العالي. وهذا يدل على أن التعليم الابتدائي يستحق الأولوية في تخصيص الموارد في البلدان المنخفضة الدخل.

واستنادا إلى هذه الحقيقة، أكد البنك الدولي (1995) أن كثيرا من البلدان أساءت توزيع المخصصات بين قطاعات التعليم الفرعية، إذ رصدت حصة كبيرة من الموارد للتعليم الثانوي والجامعي. وبحثت دراسات أخرى دور التعليم الابتدائي في تخفيف حدة الفقر وتفاوت الدخل. وقد توصلت هذه الدراسات إلى أن التعليم الابتدائي وسيلة فعالة لتخفيف حدة الفقر والتفاوت في توزيع الدخل، حيث يحقيق عوائد ملحوظة بصفة خاصة بالنسبة للفئات الافقر في المجتمع. وهناك عددا من العوائد الأخرى التي يحققها الاستثمار في التعليم والتدريب. فعلى سبيل المثال، خُلصت بعض الدراسات إلى أن التعليم الابتدائي يسهم في تحسين إدارة الموارد الطبيعية وتعجيل التكيف التكنولوجي والابتكار؛ وأن للتعليم صلة بزيادة نشر المعلومات، التي تشكل عاملا حاسما في حفز الإنتاجية.

ما هو أثر حجم الأسرة على مقدار التعليم الذي يتلقاه الأطفال؟ خُلصت الدراسات عن هذه العلاقة إلى أن أثر حجم الاسرة على مقدار التعليم الذي يتلقاه الاطفال ليس له في الغالب أهمية إحصائية، ولكن في الحالات التي تكون فيها تلك الاثار ذات أهمية، يلاحظ أن معدل الالتحاق بالمدارس والتحصيل التعليمي يكون منخفضا لدى أطفال الأسر الكبيرة العدد مقارنة بغيرهم. وتشير النتائج إلى ضعف هذه العلاقة مقارنة بالعلاقة بين مقدار التعليم الذي يتلقاه الاطفال والعوامل الأخرى – مستوى فقر الأسرة، على سبيل المثال – التي تؤثر على التحاق الأطفال بالمدارس. وتشير النتائج إلى أن العلاقة بين حجم الأسرة والاستثمار في الأطفال تختلف حسب مستوى النمو ومرحلة التحول الديموجرافي، ومستوى النفقات الاجتماعية للحكومة، والعوامل الثقافية.

كيف تمكنت البلدان النامية من توفير التعليم أمام النمو السكاني السريع؟ بالرغم من الضغوط الديموجرافية في كثير من البلدان النامية خلال الفترة 1960-1980 فقد ازداد القيد في المدارس بصورة لم يسبق لها مثيل، وارتفعت معدلات القيد وانخفضت أحجام الفصول عموما. توصل شولتس (1987) إلى أنه عند أخذ الدخل الفردي في الاعتبار، فان معدلات القيد في المدارس ليست منخفضة في الدول التي توجد بها نسبة كبيرة من الافراد في سن الدراسة، أما آثار النمو السريع لعددهم على نوعية المدارس فهي أقل وضوحا. غير ان النتائج المستقاة من عدة بلدان تشير إلى أن الانفاق على التعليم لا يزيد عادة استجابة للزيادة في عدد الافراد في سن الدراسة، وأنه عندما يزيد عدد السكان فان الإنفاق لكل طفل في سن الدراسة يقل. كذلك توصلت دراسة شولتس إلى أنه مع زيادة عدد السكان في سن الدراسة، تنخفض نسب المعلمين إلى الطلبة إلى حد ما، وتنخفض مرتبات المعلمين والنفقات العامة لكل كل طفل انخفاضا كبيرا.

كذلك خلصت دراسة مينغات وتان (1998) التي استندت إلى بيانات تتعلق بالفترة 1993-1995 إلى أن الدول الأغنى توفر مزيدا من الموارد للتعليم لكل طفل في سن الدراسة، وأن عبئها الديموجرافي الأخف يسهم بما بين 17% و 32% في المزايا التي تتمتع بها تلك الدول. وفي عام 1993، قام تسعة من أكثر البلدان النامية اكتظاظا بالسكان في العالم بمبادرة الدول التسعة لتعميم التعليم E9 لتحقيق اهداف توفير التعليم للجميع، بوصفه حقا من حقوق الإنسان الأساسية، وبوصفه استراتيجية للحد من نمو السكان (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، 1993) وهذه البلدان التسعة هي إندونيسيا، وباكستان، والبرازيل، وبنغلاديش، والصين ومصر، والمكسيك، ونيجيريا، والهند، ويوجد في هذه البلدان أكبر عدد من السكان الذين بلغوا سن الدراسة في العالم (الجدول)؛ إذ يمثلون في كل بلد من هذه البلدان بين 30%-43% من مجموع السكان.

الا أنه بالنسبة لبعض هذه البلدان الذي يرتفع فيها الضغط السكاني، كان تحقيق أهداف توفير التعليم للجميع صعبا للغاية. حيث يتوقع أن يزداد عدد الذين يبلغون سن الدراسة في باكستان ونيجيريا بمقدار الثلثين بين عامي 2000-2050. ولكن بالنسبة للبلدان الأخرى التي انخفضت فيها الخصوبة إلى مستويات معتدلة أو منخفضة، سيقل دور العامل الديموجرافي في التأثير على الالتحاق. فمثلا، خلال السنوات الخمسين القادمة، يتوقع أن ينخفض عدد الذين يبلغون سن الدراسة بنسبة 23% في الصين، وبنسبة 10% في المكسيك.

التغيرات المتوقعة في عدد الذين بلغوا سن الدراسة في 9 بلدان مكتظة بالسكان

ومنذ عام 1950 كانت للانخفاض في الوفيات والخصوبة آثارا رئيسية على زيادة عدد الذين بلغوا سن الدراسة. وقد ازدادت احتمالات البقاء على قيد الحياة منذ الولادة حتى بلوغ سن الدراسة، وحتى مرحلة النضوج ازديادا كبيرا. وأدت هذه الزيادة في احتمالات البقاء على قيد الحياة إلى زيادة عدد الذين يبلغون سن الدراسة، ومن ثم، إلى طلب موارد أكبر لقطاع التعليم، لا سيما في المناطق الأقل نموا. ويعني انخفاض الوفيات أن الاستثمار في تعليم الأطفال سوف يستمر في الزيادة بسبب تزايد نسبة أطفال المدارس الذين يبقون على قيد الحياة حتى يصلون إلى سن المدرسة. وإذا اعتُبر التعليم استثمارا، فإن المستويات العالية لوفيات البالغين ستميل إلى تخفيض عوائد هذا الاستثمار، ذلك لأن عوائد التعليم هي بصفة أساسية طويلة الأجل، ولا تتحقق إلا خلال فترة النضج في حياة الأشخاص.

ويتوقع أن يؤدي انخفاض الوفيات إلى ازدياد العوائد الاقتصادية من التعليم. ولكن العكس صحيح أيضا، وربما تؤدي آثار فيروس نقص المناعة البشرية بصفة خاصة إلى انخفاض في مردود التعليم خلال حياة الأشخاص في البلدان الأكثر إصابة بالمرض. فمثلا، يقدر جيميسون وغيره (2001) أن الدخل المتوقع خلال حياة شخص من بوتسوانا تلقى تعليما لمدة 12 سنة سيكون تقريبا أعلى بمقدار الثلثين في غياب احتمالات الوفاة المتزايدة الناجمة عن فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز. وعلى الرغم من أنه يتوقع أن تقل الوفيات في جميع المناطق، إلا أن أحداث الماضي القريب لا سيما في أفريقيا دليل على أن هذا التقدم لا يمكن أن يعتبر من الأمور المسلَّم بها.

الالتحاق بالمدارس والتحصيل التعليمي في السنوات التسع التي أعقبت المؤتمر العالمي لتوفير التعليم للجميع، أي بين عامي 1990 و 1999 ازداد الالتحاق بكل من المدارس الابتدائية والثانوية بمقدار يزيد مرة ونصف المرة على الزيادة خلال الثمانينات. فقد ازداد عدد الملتحقين بالمدارس الابتدائية في العالم من 597 مليون في عام 1990 إلى 683 مليون في عام 1999. وحدثت هذه الزيادة بصفة حصرية في العالم النامي. ازداد عدد الملتحقين بالمدارس الثانوية في كل أنحاء العالم بمقدار 103 ملايين بين عامَي 1990 و 1999 وكان نصيب البلدان النامية أكثر من 90% من هذه الزيادة. يقاس الإقبال على التعليم باستخدام المعدلات الإجمالية (مجموع الذين التحقوا بالمدارس في مرحلة تعليمية معينة، بغض النظر عن سنِّهم، كنسبة مئوية من الذين بلغوا السن الرسمي للالتحاق بالمدارس) والصافية (التحاق فئة الذين بلغوا السن الرسمي في مرحلة تعليمية معينة على كنسبة مئوية من السكان في الفئة) للالتحاق بالمدارس. وبما أن الالتحاق بالمدارس يختلف تماما عن الحضور الفعلي واستكمال الدراسة، فينبغي النظر إلى هذه الإحصاءات في إطار مؤشرات التعليم الأخرى.

نسب الالتحاق ومؤشر المساواة بين الجنسين

ويمكن أخذ صورة أوضح عن نطاق الالتحاق بالتعليم من خلال النظر في نسبتي الالتحاق الإجمالية والصافية معا، فضلا عن الفجوة القائمة بينهما. فنسبة الالتحاق الصافية تقيس الدرجة التي بلغتها البلدان في إنشاء مرحلة تعليم ابتدائي منتظم بالنسبة للفئة التي بلغت السن الرسمية للالتحاق بالمدارس الابتدائية. ويقيس الفرق بين نسبة الالتحاق الصافية والإجمالية توفير التعليم للأطفال الذين يكونون دون سن الالتحاق بالمدرسة والأطفال الذين يتجاوزون السن المناسبة. وتبين الأدلة أن نسبة الالتحاق الاجمالية تفوق كثيرا الصافية في منطقتين رئيسيتين هما أفريقيا جنوب الصحراء وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي. ويعني ذلك أن التحاق التلاميذ بالمدرسة في سن مبكرة و/أو متأخرة، فضلا عن ارتفاع نسبة اعادة الصفوف الدراسية قد يسودان هاتين المنطقتين. ومعظم تلك البلدان بها نسبة كبيرة من التلاميذ الذين يفوقون السن المناسبة ومعدل كبير نسبيا من الراسبين.

ويعد الرسوب مظهرا مهما من مظاهر جودة التعليم الكفاءة الداخلية لنظام التعليم، إلى جانب البقاء فيه. وعلاوة على ذلك، كثيرا ما يدل ارتفاع معدلات الرسوب على ارتفاع معدلات الانقطاع. وتعتبر نسبة الرسوب مرتفعة ارتفاعا كبيرا في العديد من البلدان النامية. إذ أن أكثر من 10% من التلاميذ يرسبون في أحد صفوف التعليم الابتدائي في أكثر من نصف البلدان الواقعة في أفريقيا جنوب الصحراء. وفي سنة 2000، كانت نسبة الكبار (البالغين 15 عاما فما فوق) الذين أكملوا التعليم الابتدائي 85% في البلدان الأكثر نموا و 43% في البلدان النامية (بارو ولي، 2000). وقد ارتفع متوسط العدد التقديري للسنوات التي قضاها الكبار في التعليم، على الصعيد العالمي، من 5.2 سنوات في سنة 1970 إلى 6.7 في سنة 2000. ورغم أن الفجوة القائمة بين البلدان الأكثر نموا والبلدان الأقل نموا في التحصيل التعليمي قد تقلصت بعض الشيء، الا انها ظلت شاسعة، حيث بلغت 4.6 سنوات في سنة 2000 (بلغ متوسط سنوات التحصيل 9.7 في البلدان الأكثر تقدما و 5.1 سنوات في البلدان النامية). وفي سنة 2000، وصل التحصيل التعليمي في أفريقيا جنوب الصحراء، إلى أدنى مستوى، حيث بلغ 3.5 سنوات.

الأمية شهدت الفترة من 1970 إلى 2000 انخفاضا في تقديرات نسب الأمية لدى الكبار (البالغين 15 عاما فما فوق) على النطاق العالمي من 37 إلى 20%، بفضل الزيادات في نسب الالتحاق بالتعليم الابتدائي. وبحلول سنة 2015، يتوقع أن يستمر انخفاض الأمية في أوساط الكبار حيث ستصل إلى 15% (الجدول). ورغم التقدم الملموس الذي أحرز في جميع المناطق، تظل الأمية ظاهرة شائعة في رقعة كبيرة من العالم النامي. في سنة 2000 ، كانت الأمية تشمل حوالي 25% من كبار السكان في المناطق النامية، وبلغت 50% تقريبا في أقل البلدان نموا. وبلغت النسبة 45% في جنوب آسيا وغربها، و 40% في أفريقيا جنوب الصحراء والدول العربية وشمال أفريقيا على السواء، ولكنها بلغت أقل من 15% في شرق آسيا وأوقيانوسيا وفي أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي. ورغم المكاسب التي تحققت على النطاق العالمي في معدلات محو الأمية، يظل عدد الأميين الكبار مرتفعا جدا وثابتا تقريبا بسبب أثر النمو السكاني.

ففي سنة 1990، كان عدد الأميين الكبار في العالم يبلغ حوالي 879 مليون شخص؛ وتدل التقديرات على أن عددهم لم يشهد سوى انخفاض ضئيل، حيث بلغ 862 مليون في سنة 2000. وفي المناطق النامية، ازداد عدد الأميين الكبار بين سنتي 1990 و 2000 في أفريقيا جنوب الصحراء، والدول العربية وشمال أفريقيا وجنوب آسيا وغربها، وكانت هذه المناطق، في سنة 2000، تضم 70% من الأميين الكبار في العالم. وستحوي هذه المناطق 80% من الأميين في العالم بحلول سنة 2015، ما لم تحدث تغييرات كبرى.

وفي مجتمع تسوده معرفة الكتابة والقراءة، يخضع الجميع لضغط اجتماعي شديد من أجل التعلم. الا انه يحتمل أن يكون الضغط من أجل التعلم أقل على الذين يجهلون القراءة والكتابة في المجتمعات التي تسودها الأمية. وفي سنة 1990، بلغت معدلات محو الأمية أقل من 50% في 28 بلدا من البلدان التي توفرت عنها بيانات. وفي سنة 2000، لا يزال 21 بلدا تبلغ فيها معدلات محو الامية أقل من نسبة 50% ( 13 بلدا في أفريقيا جنوب الصحراء، و 4 في الدول العربية وشمال أفريقيا، و 3 في جنوب آسيا وغربها، و 1% في منطقة البحر الكاريبي). ويتوقع أن نسبة محو الأمية قد تظل دون 50% في ستة بلدان من تلك المناطق بحلول سنة 2015، ما لم تبذل جهود كبرى لتعميم التعليم الأساسي للأطفال والشباب ومحو الأمية في أوساط الكبار. كما يتوقع أن تبلغ نسبة محو الأمية 70% على الأقل في جميع بلدان شرق آسيا والمحيط الهادئ، وأمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي، ما عدا هايتي.

وفيما يتعلق بالهدف الذي اعتمده منتدى داكار (2000) والمتمثل في تخفيض الأمية بنسبة النصف بحلول سنة 2015، إذا تواصلت الاتجاهات الحالية سيتمكن 25 بلدا ناميا من بلوغ ذلك الهدف؛ وهناك إمكانية بأن يحقق 32 بلدا تحسنا يتراوح بين 40 و 50%؛ كما سيحقق 26 بلدا آخر تحسنا يتراوح بين 20 و 40%؛ أما البلدان النامية الثلاثون المتبقية، ومنها عدد كبير في فئة البلدان التي تسجل أشد معدلات محو الأمية انخفاضا، فيتوقع ألا تتجاوز فيها نسبة التحسن 30%. ويعكس معدل الأمية في أوساط الشباب، الذين يمثلون الفئة العمرية بين 15 و 24 سنة، نتائج عملية التعليم الأساسي. فحسب تقديرات اليونسكو، انخفض المعدل العالمي للأمية في صفوف الشباب من 26% في سنة 1970 إلى 16% في سنة 1990 وإلى 13% في سنة 2000. وإذا استمر هذا الاتجاه، يرجح أن ينخفض المعدل إلى 9% بحلول سنة 2015 وبالأرقام المطلقة، انخفضت تقديرات عدد الأميين بين صفوف الشباب في العالم من 157 مليونا في سنة 1990 إلى 141 مليونا في سنة 2000، ويتوقع أن ينخفض العدد إلى 113 مليونا في سنة 2015

وتدل التقديرات على أن معدل الأمية لدى الشباب في المناطق النامية ككل، قد تراجع من 19 إلى 16% خلال الفترة من 1990 إلى 2000، ويتوقع أن ينخفض إلى 11% بحلول عام 2015 إذا استمرت الاتجاهات الحالية. كما حدث تقدم في أقل البلدان نموا، حيث تشير التقديرات إلى أن معدل الأمية في أوساط الشباب تراجع من 44 إلى 35% خلال التسعينات، ويتوقع أن ينخفض إلى 23% بحلول عام 2015. التفاوت بين الجنسين يعتبر التوازن بين الجنسين في الالتحاق بالتعليم الابتدائي مؤشرا أوليا على مدى نجاح أو فشل الجهود المبذولة من أجل تضييق الفجوة القائمة بينهما في ميدان التعليم. وتبلغ نسبة الفتيات 49% من مجموع الأطفال البالغين سن الالتحاق بالمدرسة (6 أعوام) على الصعيد العالمي. على أن النسبة الفعلية للفتيات من الملتحقين الجدد بالمدرسة قد بلغت حوالي 46% خلال التسعينات.

وتتراوح نسبة الفتيات من الملتحقين الجدد بالمدرسة بين 44% في جنوب آسيا وغربها و 49% في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي. وانخفض التفاوت بين الجنسين في بعض البلدان التي تعرف أكبر الفجوات بينهما أثناء الفترة الممتدة بين 1990-1991 و 1999-2000 مما يدل على أن الاجراءات التي اتخذت لتحسين المساواة بين الجنسين قد بدأت تحقق اهدافها. ومؤشر تكافؤ الجنسين هو نسبة معدل التحاق الفتيات بالمدرسة إلى نظيره لدى الذكور. واستنادا لإجمالي نسب الالتحاق بالمدرسة، يقترب مؤشر تكافؤ الجنسين في الالتحاق بالتعليم الابتدائي والثانوي على السواء من 1 أو يزيد عنه زيادة طفيفة في البلدان الأكثر نموا، مما يدل على ارتفاع نسب التحاق الفتيات بالمدرسة مقارنة بنظيرتها لدى الذكور. غير أنه في معظم البلدان النامية، تظل هناك فجوة كبيرة بين الجنسين في نسب الالتحاق بالمدرسة لصالح الذكور، وذلك على مستويي التعليم الابتدائي والثانوي على السواء

في البلدان النامية وفي الفترة من 1990 إلى 1999، ارتفع مؤشر تكافؤ الجنسين (استنادا إلى إجمالي نسب الالتحاق بالمدرسة) من 0.87 إلى 0.92 بالنسبة للأطفال الملتحقين بالتعليم الابتدائي، ومن 0.75 إلى 0.89 بالنسبة للملتحقين بالتعليم الثانوي. وتظل نسبة الاناث في الالتحاق بالتعليم الابتدائي والثانوي أقل كثيرا من نظيرتها لدى الذكور في أنحاء عديدة من العالم النامي، ولا سيما جنوب آسيا، والدول العربية وشمال أفريقيا، وأفريقيا جنوب الصحراء. وفي هذه المناطق، كان مؤشر تكافؤ الجنسين في التعليم الابتدائي في سنة 1999 لا يزال متراوحا بين 0.84 و 0.89 ومن جهة أخرى، فإن الفجوة بين الجنسين فيما يتعلق بعدد الأطفال البالغين سن المدرسة الملتحقين بالتعليم الابتدائي أقل على نحو ملموس في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي وشرق آسيا وأوقيانوسيا، حيث تميل هذه الفجوة الى التقلص حاليا بل واصبحت منعدمة في بعض البلدان.

ويعد الفرق في قيم مؤشر تكافؤ الجنسين أكبر في نسب الالتحاق بالتعليم الثانوي منه في التعليم الابتدائي. ففي البلدان الأكثر نموا وفي أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، تفوق نسبة التحاق الفتيات بالتعليم الثانوي نظيرتها عند الذكور في غالبية الحالات. بيد أن نسب التحاق الفتيات بمرحلتي الابتدائي والثانوي على السواء أقل بكثير من نظيرتها لدى الذكور في معظم البلدان الأفريقية والآسيوية. وبالنسبة للتعليم الثانوي، فإن البلدان التي يكون فيها التفاوت لصالح الذكور متوسطا (يتراوح مؤشر تكافؤ الجنسين بين 0.81 و 0.98) فان تحقيق التكافؤ أمرا ممكنا. أما في البلدان التي يشتد فيها التفاوت لصالح الذكور (يكون مؤشر تكافؤ الجنسين أقل من 0.8)، يبدو تحقيق تكافؤ الجنسين في التعليم الابتدائي والثانوي قد يعد أمرا مستبعدا، وكما هو الشأن بالنسبة للتعليم الابتدائي، فإن معظم تلك البلدان هي من وسط أفريقيا وغربها وتدخل في قائمة أقل البلدان نموا.

ولمعالجة هذه الحالة، يتعين وضع سبل فعالة ومبتكرة ومراعاة التكامل بين الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لعدم المساواة بين الجنسين. ويلاحظ بشكل عام أن التفاوت في التعليم أشد على مستوى الكبار منه على مستوى الأطفال الملتحقين بالمدرسة حاليا. ويمكن أيضا ملاحظة اتجاه الفجوة بين الجنسين في معرفة القراءة والكتابة في جميع مناطق العالم نحو التناقص. فبالنسبة للمناطق النامية مجتمعة، انخفضت الفجوة بين الجنسين في الأمية من 18% في سنة 1990 إلى 15% في سنة 2000، ويتوقع أن تنخفض إلى 10% في سنة 2015. الا انه باستثناء أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، حيث تم تقريبا سد الثغرة القائمة، تظل المرأة في سائر المناطق النامية الأخرى تعاني فجوة صارخة في مجال محو الأمية.

جودة التعليم تشير مجموعة من أهداف توفير التعليم للجميع إلى الحاجة للتعليم الجيد. ويعتبر أنسب الأطر في هذا الصدد هو ذلك الذي يشمل مدخلات النظام التعليمي وعملياته ونتائجه. وتغطي العديد من المؤشرات الحالية لحركة توفير التعليم للجميع مدخلات النظام التعليمي، وذلك على الأقل فيما يخص أعداد الطلبة. وقد تكون من بين المدخلات الأخرى التي تتطلب القياس الكتب المدرسية، والمباني المدرسية، وغيرها من المرافق. وتقيس مؤشرات العمليات الطريقة التي تحول المدخلات إلى نتائج. وتمثل نسبة عدد التلاميذ إلى المدرسين أوسع مؤشرات العمليات المستخدمة في التعليم نطاقا. وينظر إلى هذه النسبة عادة باعتبارها مؤشرا لحجم الفصول الدراسية. بيد أن بلدانا كثيرة تشمل في إحصاءاتها عديدا من الموظفين الذين ليست لهم مسؤوليات تتعلق بالفصول الدراسية، أو من ذوي المسؤوليات المحدودة في هذا الصدد، ومن ثم فلعله من الأفضل أن ينظر إلى نسبة عدد التلاميذ إلى المدرسين باعتبارها مؤشرا أوسع دلالة يعكس الموارد البشرية المسخرة للنظام التعليمي.

ومن المؤشرات الأخرى التي تتوفر عنها بيانات هي معدلات الرسوب، ومعدلات البقاء في المدرسة. وتبين النتائج المستمدة من الدراسات المتوفرة ما يلي: في بعض الأوضاع – وإن لم يكن في جميعها – حققت الفصول المتعددة الرتب (أي تلك التي تجمع في فصل دراسي واحد بين تلاميذ ينتمون إلى صفوف مختلفة)، أثرا إيجابيا على الدرجات. أن المدارس التي تعمل بنظام النوبات (الأمر الذي يفضي غالبا إلى ساعات مدرسية أقل) كان لها أثر سلبي على التحصيل. هناك ارتباط بين توفر الكتب المدرسية والتحصيل الاعلى ونيل درجات أعلى. أن صعوبة الحصول على المواد التعليمية تؤدي إلى تدني الدرجات. من الأمور ذات الأهمية توفر الخبرة في مجال التعليم، اذ يوجد أكثر المدرسين خبرة في العواصم أو المناطق الحضرية الكبيرة، ويوجد أقلهم خبرة في المناطق الريفية أو النائية.

يساهم التعليم الإضافي خارج نطاق الفصل الدراسي في تحقيق درجات أعلى وتحصيل أكبر. تلعب الخصائص التي يتسم بها التلاميذ دورا مهما بالنسبة للتحصيل على سبيل المثال: الأرجح أن يكون التلاميذ المنتمون إلى خلفيات اجتماعية أكثر ثراء نسبيا قد حققوا حدا أدنى من التمكن من مهارات القراءة. نوع جنس التلميذ ليس له أثر كبير على الدرجات المتحصل عليها. إقامة التلميذ في منطقة حضرية أو ريفية لها تأثير على التحصيل، حيث يكون للإقامة في المناطق الريفية أثر سلبي. يتمكن التلاميذ الذين يتمتعون بالمهارات اللغوية المطلوبة من تحقيق درجات أفضل في الاختبارات.

العلاقة بين التعليم والخصوبة يلعب التعليم دورا هاما في تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي العام، مما يؤثر تأثيرا كبيرا على تحديد العدد المرغوب من الأطفال وفترات التباعد المرغوبة بين الاولاد. وهو دور تم التأكيد في مؤتمرات الأمم المتحدة للسكان، ومن أبرزها المؤتمر الدولي للسكان والتنمية الذي عقد في القاهرة في عام 1994. وتظهر بيانات الدراسات الاستقصائية الحديثة أن التعليم مازال له تأثيرا كبير على مستويات الخصوبة والتفضيل بين النوع والتنظيم. ويمكن القول إجمالا بأنه حيثما ارتفع معدل الإلمام بالقراءة والكتابة والتحصيل التعليمي في البلد، انخفضت معدلات الخصوبة الإجمالية به عن غيره من البلدان التي تدنوه من حيث مستويات تعليم سكانها. وتأثير المستوى العام للتعليم في البلد على معدلات الخصوبة الإجمالية به ظاهرة موجودة في البلدان النامية والمتقدمة النمو على السواء.

ففي البلدان النامية، تنخفض الخصوبة بارتفاع حد التعليم المكتسب ففي البلدان النامية، تنخفض الخصوبة بارتفاع حد التعليم المكتسب. وفيما عدا استثناءات بالغة القلة، فإن مستويات الخصوبة تنخفض بارتفاع المستوى التعليمي. ويلخص الجدول التالي البيانات المتاحة من 69 بلدا. وتظهر أعظم الفروق في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وغرب آسيا: فالمرأة التي حصلت على تعليم ثانوي أو عال يقل عدد أطفالها في نهاية الأمر بمعدل ثلاثة أطفال عن المرأة غير المتعلمة. ويقل الفارق في معدل الخصوبة بين الفئة الأكثر تعليما وفئة غير المتعلمين في شمال أفريقيا وجنوب - وسط آسيا وجنوب شرق آسيا، إذ يبلغ في العادة طفلا أو طفلين. وبالطبع فإن هذه الفوارق الإقليمية في الخصوبة بسبب التعليم تخفي فروقا واسعة بين البلدان، فالبلدان التي تضيق فيها فجوات الخصوبة إلى أقصى حد بين فئتي السفح والقمة في هرم التعليم هي عموما بلدان ذات مستويات خصوبة منخفضة بالفعل.

معدلات الخصوبة حسب مستوى تعليم المرأة

وهناك فوارق الخصوبة بفعل اختلاف المستوى التعليمي أيضا في البلدان المتقدمة النمو، وإن اختلفت هذه الفوارق عن مثيلتها بالبلدان النامية في أمرين رئيسيين: أولهما أن الفجوة القائمة في الخصوبة بين النساء الأقل تعليما والنساء الأكثر تعليما هي فجوة أضيق في البلدان المتقدمة النمو منها في البلدان النامية – حيث يقل الفارق في العادة عن طفل واحد – وهي نتيجة متصلة بالانخفاض العام في مستوى الخصوبة في البلدان المتقدمة النمو. وثانيهما أن الفوارق في الخصوبة بفعل التعليم لم تعد بهذا الوضوح في الكثير من البلدان، مثل كندا، وبلجيكا، وهنغاريا، وإيطاليا، ولاتفيا، والنرويج، والبرتغال، وسلوفينيا، وإسبانيا، والسويد، حيث تنجب المرأة في أعلى فئة تعليمية (الحاصلة على مؤهل يفوق مرحلة التعليم الثانوي) عددا من الأولاد مساويا لما تنجبه المرأة من فئة التعليم المتوسط (الحاصلة على مؤهل التعليم الثانوي) بل قد يزيد. وفي أوروبا الشرقية وبلدان الكتلة الشرقية السابقة الأخرى، يبلغ الفارق في الخصوبة المكتملة بين النساء الأقل تعليما والنساء الأكثر تعليما حوالي طفل واحد أو أقل.

يؤثر التعليم في البلاد المتقدمة النمو على الاستمرار في الانجاب، فقد لوحظ عند إجراء المحاورات أن المرأة كلما ارتفع مستوى تعليمها قل عدد أولادها بسبب تأخر سن الولادة الأولى. ففي إيطاليا إبان التسعينات مثلا كان متوسط سن الولادة الأولى بين النساء البالغات من العمر 35 عاما أو أكثر 22.5 عاما في أدنى فئة تعليمية بالمقارنة ب 28.2 عاما في أعلى فئة تعليمية، وكان في إسبانيا 24.4 عاما و 25.8 عاما على التوالي. وفي البلدان الاسكندنافية، يتراوح متوسط العمر عند الولادة الأولى من 21 عاما و 21.7 عاما في أدنى فئة تعليمية إلى ما بين 25.4 سنة و 25.7 سنة في أعلى فئة تعليمية. وللتعليم تأثير كبير أيضا على عدم الانجاب في البلدان المتقدمة النمو. فبالمقارنة مع النساء من أدنى مستوى تعليمي يتضح أن احتمالات عدم الانجاب ترتفع بارتفاع مستوى تعليم المرأة في أمريكا الشمالية، وجنوب أوروبا، وأوروبا الغربية، وإلى حد أقل شمال أوروبا. فخلال عقد التسعينات بالولايات المتحدة مثلا، تفاوتت نسبة النساء اللاتي بلغن سن الثلاثين دون أن ينجبن من 17% لدى من لم يتممن مرحلة التعليم الثانوي إلى 56% بين من حصلن على مؤهل أعلى من المرحلة الثانوية.

وتزداد رغبة المرأة في تكوين أسرة صغيرة بارتفاع مستوى تعليمها وتزداد رغبة المرأة في تكوين أسرة صغيرة بارتفاع مستوى تعليمها. وتصل الفوارق التعليمية في متوسط العدد المثالي للأطفال إلى حدها الأعلى في أفريقيا، جنوب الصحراء الكبرى، حيث ترغب المرأة غير المتعلمة في أن تنجب عددا من الأطفال يزيد في المتوسط بطفلين أو أكثر عما تنجبه المرأة التي حصلت على تعليم ثانوي أو عال. كما أن معدلات الخصوبة المرغوبة تقل بشدة عن معدلات الخصوبة الفعلية، وهي فجوة تتفاوت أيضا باختلاف الفئات التعليمية الفرعية، فهي تزيد بكثير لدى غير المتعلمات أو الحاصلات على تعليم ابتدائي عنها لدى الحاصلات على تعليم ثانوي أو عال. وهي حقيقة تنطبق بالذات على أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي حيث الفارق بين معدلات الخصوبة المرغوبة ومعدلات الخصوبة الفعلية لدى النساء غير المتعلمات يكاد يعادل ضعف الفارق لدى النساء الأعلى تعليما. وفي البلدان النامية، تتفاوت نسبة استخدام وسائل الحد من النسل بصورة كبيرة من طبقة تعليمية إلى أخرى، وينتشر استخدامها بانتظام وعلى نطاق واسع في أوساط النساء المتعّلمات أكثر من أوساط النساء الأقل تعليما والنساء غير المتعّلمات.

وأخيرا تؤكد الأدلة على أن التعليم يؤثر بصورة جوهرية على مستوى الخصوبة، وبخاصة في البلدان النامية وفي البلدان المتقدمة النمو على توقيت الولادات الأولى وعلى البقاء بدون أطفال أكثر مما يؤثر على مستوى الخصوبة. وإن كان الأثر الصافي لتعليم المرأة ينخفض بصفة كبيرة عندما تؤخذ في الاعتبار العوامل الأخرى المتصلة بالخصوبة مثل الخصائص الاجتماعية والاقتصادية للأسرة المعيشية والمجتمع المحلي (كالدخل والتحضر ومجموع مستويات الالتحاق بالمدارس)، فإنه يظل يشكل عاملا مهما في تحديد الخصوبة، ويؤثر عادة على الخصوبة أكثر مما تؤثر ثقافة الزوج أو الدخل الأسري.

التعليم والصحة والوفاة منذ بداية القرن العشرين تمكنت البلدان المتقدمة والبلدان النامية من تحقيق مكاسب كبيرة في الصحة والبقاء على قيد الحياة. بيد أن هذه المزايا لم تتحقق على قدم المساواة بالنسبة لمختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية. ففي أي مكان، متى ارتفع المستوى التعليمي تحسنت الصحة وكان وقت العمل أطول. ونظرا للعلاقات الوطيدة بين التعليم والصحة والوفيات، فإن الآثار المترتبة على استمرار وتفاقم الفروق التي يحدثها التعليم في الصحة والوفيات هي آثار حادة. البلاد المتقدمة يعتبر التعليم أحد العوامل القوية التي تنبئ بما ستكون عليه نمط الأفراد وأسرهم في مجال الصحة والوفيات في البلدان المتقدمة النمو. وتوجد الفروق التعليمية في الصحة والوفيات في كافة المجتمعات بغض النظر عن سياسات التنمية أو نظم الرعاية الصحية أو مستويات الوفيات. كما لا تقتصر هذه الفروق على فئات عمرية محددة، رغم أن الدليل الذي يناقش في هذا السياق يتعلق بكبار السن.

وهناك فروق كبيرة بين الجنسين في سنوات العمر المكتسبة من سنة تعليم إضافية بالنسبة للدانمارك والسويد وهنغاريا . وفي جميع الحالات، باستثناء انكلترا وويلز، تزيد أعمار الذكور أكثر مما تزيد أعمار الإناث بسبب سنة إضافية من التعليم. بيد أنه في كل مستوى من مستويات التعليم تظل معدلات وفيات الذكور أكبر بكثير من معدلات وفيات الإناث. البلدان النامية اتضح أن التعليم في البلدان النامية، وبخاصة تعليم الأمهات، يحدث فروقا هامة في معدلات وفيات الأطفال. وفي كافة البلدان تقريبا، يتعرض أطفال الأميات إلى أخطار الموت في مرحلة مبكرة من طفولتهم أكثر مما يتعرض له أطفال من تلقين تعليما ابتدائيا. كذلك فإن نسبة وفيات أطفال للامهات ذوات التعليم الابتدائي تفوق نسبة وفيات أطفال الأمهات ذوات التعليم الثانوي أو العالي. والفروق بين ذوات التعليم الثانوي وذوات التعليم الابتدائي تكون عادة أكبر من الفروق بين غير المتعّلمات وذوات التعليم الابتدائي.

وتكمن الفروق التعليمية وراء الفروق في المعارف والسلوك الصحي ومن ثم في وفيات الأطفال في البلدان النامية. اذ من الأرجح، أن تعرف النساء المتعلمات أكثر من غير المتعلمات كيفية استخدام وسائل معالجة الإسهال. ومن المرجح كذلك أن تقوم الأمهات المتعلمات بتحصين أطفالهن أكثر من الأمهات غير المتعلمات. ففي بلدان مثل إثيوبيا وتشاد ومدغشقر والنيجر ونيجيريا، لا يكاد يحصن من الحصبة سوى طفل واحد من كل أربعة أطفال يولدون لأمهات غير متعلمات. ومن الأرجح أن يكون ابن الأم الأقل تعليما أسوأ تغذية من ابن المتعلمة. كما يرتبط الوصول إلى الرعاية الصحية المتخصصة والاستفادة منها عند الولادة ارتباطا وثيقا بمستوى تعليم الأم. وعلاوة على أن المتعلمات في الأغلب واعيات بالتقنيات الصحية ويستفدن من الخدمات الصحية فإنهن يتزوجن ويلدن في سن أكبر وينجبن عددا أقل من الأطفال، مما يحد من إمكانية وفانهن عند الولادة