المحددات الاجتماعیة المشكلة للنشاط السياحي المحددات الاجتماعیة المشكلة للنشاط السياحي
شھدت البشریة حضارات اجتماعیة متنوعة جراء ما عایشته من تنظیمات اجتماعیة متحولة عبر الزمن إثر مؤثرات قد دفعت بالفرد ضمن مجتمعه إلى إیجاد ما یتناسب مع ما یحقق استقراره ویلبي احتیاجاته، ویسھم في تحقیق إنتاجیته المعیشیة والإیوائیة، وھذا قد تم من خلال استخدامه للقدرات العقلیة الفردیة وإبداعاتھا في الاختراع والاكتشاف لوسائل الإنتاج التي قلصت من قوتھ العضلیة( الیدویة) لیستعیض عنھا بالآلة المیكانیكیة لیتحول مؤخراً إلى التقنیة التكنولوجیة التي سھلت حیاته ومعیشته، ونظمت أموره الاجتماعیة بشكل عام وبالتالي:
فإن السیاحة كحركة اجتماعیة أو ظاھرة إنسانیة اجتماعیة تأثرت بمجمل تلك التحولات والتطورات التي شھادھا المجتمع، فالسیاحة كنشاط یمارسه الإنسان، تطورت بتطور باقي المكونات الاجتماعیة والاقتصادیة للإنسان، وھذا یؤكد على الصبغة الاجتماعیة للسیاحة وتفاعلھا مع المجتمع، من أجل ذلك كان من المھم أن نتناول أھم المحددات الاجتماعیة التي أثرت بشكل فعلي في تشكیل السیاحة كظاھرة اجتماعیة.
التطور الحضاري والثقافي والاجتماعي على مر العصور شارك الإنسان في العدید من الأنظمة الاجتماعیة المتحولة بدایة من مرحلة الرعي والبداوة، مروراً بمرحلة الزراعة، ثم المرحلة الصناعیة، ثم المرحلة المعلوماتیة وقد شكلة الثورة الصناعیة المحطة الأساس في حیاة الشعوب وحضارتھا ،انطلاق من نھایة القرن الثامن عشر ومع بدایة القرن التاسع عشر حیث مارست الآلة دورھا البارز في تغییر حیاة الإنسان وسلوكیاتھ ونظامھ المھني ودوره الإنتاجي، وأحدثت نقلة نوعیة مھمة في طریقة عیشھ إثر ھذه التغیرات التي واكبھا مع التطور التقني الصناعي ضمن حضارتھ وبیئتھ الثقافیة المنتمي إلیھا.
لقد عرفت البشریة منذ العھود الأولى التي أدرك الإنسان العاقل وجوده في العھود القدیمة التي تعود إلى أكثر من ٤٠ ألف سنھ عدداً كبیراً من نماذج الحضارات البشریة التي طالت بلاد المشرق وبلاد أوربا الغربیة، والتي شكلت العالم البشري القدیم والتي تم إدراكھا من خلال الآثار والرسوم والرموز التي عثر علیھا في مختلف مناطق قارات آسیا وأروبا وشمال أفریقیا، ومنھا حضارة بلاد ما بین النھرین في العراق
في آسیا التي تعود إلى الألف الرابع قبل المیلاد حتى الألف الثالث ق في آسیا التي تعود إلى الألف الرابع قبل المیلاد حتى الألف الثالث ق.م والحضارة الفینیقیة (لبنان) في آسیا التي تعود إلى الألف الثالث ق.م حتى الألف الثامن ق.م الممتدة من جبل كرمل حتى رأس شمرا ،والحضارة الفرعونیة (مصر) التي إلى ٣١٥٠ ق.م، حتى٥٢٥ ق.م، في وادي النیل وھناك أیضاً العدید من الحضارات الأخرى مثل الحضارة الھندوسیة والإغریقیة والفارسیة والصینیة والرومانیة، والحضارة الأمریكیة ماقبل"كولومبس" من خلال حضارة المایا ،الأنكل، التولتك في المكسیك والأزتك من ١١٦٠م حتى القرن الخامس المیلادي.
ورغم تعدد الحضارات وتنوعھا عبر العصور شھدت البشریة تنقلات عبر القارات بفعل الاكتشافات الجغرافیة التي أحدثتھا وتطور وسائل النقل، وتشكلت بذلك مدن سیاحیة مھمة عبر المناطق الحضاریة، من أبرز ھذه المدن كل من باریس، لندن، روما، أثینا، إسطنبول ،براغ، فینا، بودابست، موسكو في أروبا، حلب، دمشق (سوریا) بیروت، جبیل، صیدا ،صور، بعلبك (لبنان) عمان، جرش، البتراء، العقبة على البحر الأحمر (المملكة الأردنیة) القدس، الخلیل ،أریحا، بیت لحم (فلسطین) بغداد، كربلاء النجف (العراق) وذلك في قارة آسیا القاھرة ، الإسكندریة (مصر) قرطاجة، القیروان (تونس) فاس، مكناس (المغرب) شمال القارة الإفریقیة.
وقد شكلت ھذه القارات الثلاث امتداداً للتطور الحضاري التي عاشتھ شعوبھا فقد شكلت الشعوب القدیمة مستعمراتھا، وتركت العدید من آثارھا المھمة التي استغلھا الإنسان المعاصر في النشاط السیاحي عبر ابتكاراتھ في الترویج السیاحي الثقافي تبعاً لخصوصیة كل مدینة من تلك المدن التاریخیة التي احتضنت المجتمعات البشریة عبر العقود الزمنیة. وبرز دور الثقافة في تأثیراتھا وعلاقتھا بالنشاط السیاحي من خلال الدور البارز الذي یقوم بھ التراث الثقافي خاصة التراث المتعلق بالآثار المادیة، في كونھ عاملاً جاذباً للسیاح.
العوامل البشریة
الفرق بين الموارد البشرية و القوى العاملة للمجتمع الموارد البشرية هي جميع الأفراد الذين يعيشون في بلد ما وتضم ثلاث فئات المشغلين ، العاطلين ، الخارجين عن القوة العاملة مثل (ربات البيوت و الأطفال وكبار السن) ليمثلون جميعا في النهاية الطاقة البشرية. القوى العاملة هي الفئة من البشر القادرة و الراغبة في العمل، أي انهم مجموعة من الأفراد الذين يعملون قي قطاعات الإنتاج والخدمات والمتعلين الباحثين عن العمل.
تطور أدارة الموارد البشرية كائن اقتصادي النظرة الكلاسيكية العلاقات الإنسانية كائن اجتماعي النظرة الحديثة رأس مال فكري
المرحلة الأولى: النظرة الكلاسيكية في منتصف القرن التاسع عشر بدا ظهور علم الإدارة، ومع ظهور الثورة الصناعية وظهور فكرة المصانع الضخمة و الالات والمعدات و الانتاج الكمى الكبير. كانت النظرة الادارية للعنصر البشري في ذلك الوقت ( العمال أو الموظفين) قاصرة فقط على كونهم كائن اقتصادي تقاس أهميته بحجم الإنتاج والعمل و العائد الاقصادي منه بغض النظر عن أي اعتبارات إنسانية أو اجتماعية وعدم الإهتمام بأي اعتبارات انسانية أو اجتماعية وعدم الاهتمام بساعات العمل أو ظروف العمل.
المرحلة الثانية: العلاقات الإنسانية نشط فية كلا من ( علم النفس الصناعي ) و (علم الإجتماع) في إجراء أبحاث ودراسات ميدانية على بيئة العمل في المصانع و الشركات ، ابحاث على تأثير عدد الساعات العمل و الإجازات وظرف العمل المحيطة مثل الحرارة و التهوية و الإضارة وتأثير علاقات العمل وغيرها على العمال و الانتاج.
المرحلة الثانية: العلاقات الإنسانية عام 1912 صدر قانون العمل الدولي والذي يعتبر هو أساس قوانين العمل الجارية حتى الأن والذي يقتضي أن الانسان كائن إجتماعي يتاثر بالظروف من حولة وتؤثر على انتاجة. احترام ساعات العمل و الإجازات وعلاقات العمل الجيدة وظروف العمل المناسبه.
المرحلة الثالثة: النظرة الحديثة تحولت فيها نظرة الإدارة وتطورت إلى إعتبار ( العنصر البشري ) هو أهم موارد العمل و الإنتاج على الإطلاق واعتباره ( الميزة التنافسية ) للمنظمات و المؤسسات وإعتباره هو ( رأس المال الحقيقي بتسميته رأس المال الفكري ) وليس النقدي أو المالي. ظهرت مفاهيم ومصطلحات مثل ( الموارد البشرية ) بدلا من العمال أو الموظفين أو العاملين. ظهر مصطلح ( إدارة الموارد البشرية ) بدلا من شئون العاملين.
العوامل البشریة المؤثرة في التنمیة السیاحیة وتشمل العوامل البشریة المرتبطة بالنشاط السیاحي جمیع الفئات الناشطة والمستفیدة من القطاعات السیاحیة بشكل مباشر وغیر مباشر، وقد شكل النمو الدیموغرافي، ونمو الدخل لدى الأفراد مع وجود العطل السنویة والإداریة و ارتفاع القدرة الشرائیة و اتساع أوقات الفراغ بسبب تناقص ساعات العمل ،ودفع بالفرد إلى إیجاد طرق بدیلة تملأ أوقاتھ بالتسلیة والاستجمام والراحة ھرباُ من الحیاة الصاخبة في المدن الكبرى وتخفیفاً من معاناتھ النفسانیة التي یتعرض إلیھا مع ضغوطات عملھ المتواصل لفترة طویلة، كل ذلك شكل عوامل أساس ومھمة وحیویة في تنشیط السیاحة المحلیة، حیث نشطت حركة الأفراد تجاه ظاھرة الاستجمام وقضاء العطل الفصلیة في مراكز سیاحیة مھمة تاریخیاً أو ثقافیاً وشكلت عاملاً فاعلاً في تنشیط القطاع السیاحي.
العوامل المادیة المؤثرة في التنمیة السیاحیة تستند المشاریع السیاحیة على الموارد المادیة المتاحة للفرد ضمن مجتمعھ حیث إن موارد الأرض من بیئة طبیعیة شكلت البنیة الأساس للاستثمار السیاحي، إذ یتم استثمار جمال الطبیعة في انتشار المرافق الحیویة السیاحیة من مؤسسات إیوائیة إلى مطاعم ونوادي إلى شبكة خدماتیة تستھدف تقدیم الراحة وجمیع احتیاجات السائح الوافد إلى ھذه المرافق.
وتعد الطبیعة الجغرافیة من أبرز العوامل المادیة المتفاعلة في تنشیط القطاع السیاحي فالمواصلات ووسائل النقل والاتصال، والمرفق الإیوائي والبنوك كل تلك العوامل تعد عنصراُ فاعلاً في تنشیط السیاحة، حیث تتفاعل كل تلك العوامل في تنشیط القطاع السیاحي الذي أخذ یتطور مع تطور التكنولوجیا الترفیھیة من تقنیات تنقل الإنسان وتقدم لھ الراحة والاستجمام بأفضل وسائل وأقل تكلفة.
وتلعب أیضاً الطبیعة الجغرافیة دوراً رئیساً في تنشیط حركة السیاحة تبعاً لما یتمتع بھالمجتمع من بیئة خضراء وبیئة مائیة تعكس جمالیة الرؤیة تسر لھا العین وتنسجم معھا النفس البشریة، لما تعكسھ تكل الطبیعة من جمال وحسن منظر ورائحة زكیة، وھواء نظیف تنتعش لھ الرئة من ضغط المدن وتلوثھا وفق مناخ معتدل یستطیع الإنسان أن یتأقلم معھ وما یحقق للإنسان من إشباع ھوایاته.
إلا أن الطبیعة وحدھا لا تكفي لتنشیط السیاحة من دون وجود سیاسة منتظمة للبنیة التحتیة وبالأخص شبكة المواصلات والصرف الصحي والاتصالات والتي تحرص الكثیر من الدول على تطویرھا.
انتهت المحاضرة