الإرهاب والنشاط السياحي الإدارة العامة لشرطة الشارقة مركز بحوث الشرطة الإرهاب والنشاط السياحي إعــــــــــداد الخبير صلاح الدين عبد الحميد رئيس شعبة بحوث الأمن العام والباحثة آمنة جمعه الكتبي بمركز بحوث شرطة الشارقة 3 – 5 إبريل 2006
بسم الله الرحمن الرحيم
مشكلة الدراسة. أهمية الدراسة. أهداف الدراسة. تساؤلات الدراسة. منهج الدراسة.
تقسيمات الدراسة : سوف يتم تقسيم الدراسة على النحو التالي : المبحث الأول : ماهية الإرهاب. المطلب الأول : مفهوم الإرهاب. المطلب الثانـي : سمات الإرهاب. المطلب الثالـث : أنماط الإرهاب. المبحث الثاني : ماهية النشاط السياحي. المطلب الأول : مفهوم النشاط السياحي. المطلب الثانـي : صور النشاط السياحي.
تابع تقسيمات الدراسة : المبحث الثالث : الانعكاسات السلبية للإرهاب على النشاط السياحي المطلب الأول : أثر الإرهاب على المقومات البشرية للنشاط السياحي. المطلب الثانـي : أثر الإرهاب على البنية الأساسية للنشاط السياحي. المطلب الثالـث : أثر الإرهاب على العائد المادي من النشاط السياحي. المطلب الرابـع : أثر الإرهاب على الاستثمار في النشاط السياحي. المطلب الخامس : أثر الإرهاب على الصناعات المغذية للنشاط السياحي.
مفهوم الإرهاب ما زال الخلاف محتدم بين الدول والمنظمات وواضعي التشريعات والفقهاء حول وضع تعريف جامع مانع للإرهاب. الغالبية من دول العالم باستثناء الدول العربية والتي توصلت إلى تحديد مفهوم الإرهاب بالاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب لم تتفق على تحديد مفهوم محدد ومتفق عليه بشأن الإرهاب. أشار البعض من الباحثين إلى بعض أسباب الاختلاف أو عدم القدرة على تحديد مفهوم جامع مانع للإرهاب والتي تمثلت في الآتي :
اختلاف المصالح السياسية والاقتصادية بين الدول. عدم وجود إجماع أو اتفاق بين الفقهاء والباحثين والعلماء حول وضع مفهوم محدد للإرهاب. التداخل الشديد بين طبيعة الأفعال المادية المكونة للأعمال الإرهابية وتلك المكونة لأعمال العنف السياسي أو العنف الطائفي أو الإجرام المنظم وكذلك الخاصة بأعمال المقاومة المشروعة ضد الاحتلال الأجنبي. يمكن تحديد مفهوم الإرهاب بأنه "كافة الأفعال المادية أو المعنوية التي تلحق الضرر بالأشخاص الطبيعية أو المعنوية والممتلكات العامة أو الخاصة وتؤدي إلى خلق حالة من الذعر والخوف والارتباك دون أن يكون لهؤلاء الأشخاص علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالسبب المؤدي لارتكاب هذه الأفعال".
سمات الإرهاب البعد العالمي للأفعال الإرهابية. الاتصال الوثيق بين النشاط الإرهابي وبعض الأنشطة الإجرامية ذات الطابع المنظم. توظيف العلم وإفرازاته التقنية في مجال الاختيار والتخطيط والإعداد والتنفيذ للأعمال الإرهابية. البعد عن النمطية والتكرارية. اعتماد العمل الجماعي في القيام بالأعمال الإرهابية. التوجه نحو إحداث أكبر قدر من الضحايا والخسائر المادية. استخدام أساليب وحيل إجرامية غير مألوفة. إتباع أساليب التضليل الفكري. التقارب والتواصل بين الجماعات الإرهابية.
أنماط الإرهاب أشارت الدراسات إلى وجود أنماط متعددة للإرهاب. ومن هذا المنطلق أوضحت إحدى الدراسات ثلاث أنماط للإرهاب تمثلت في الآتي : أ- الإرهـاب الدولـي. ب- الإرهاب الداخلي. ج- إرهـاب الدولـة. وأعتمدت دراسة أخرى على معايير أربعة للتميز بين أنماط الإرهاب هي : أ- المعيــار التاريخـــي. ب- معيـــار الفاعليــن. ج- معيــار النطــــاق. د- معيــار الطبيعــــة.
ويرى الباحثان أنه يمكن تحديد أنماط الإرهاب استناداً إلى نوع النشاط الموجه إليه العمل الإرهابي. وعلى ذلك يمكن تحديد هذه الأنماط على النحو التالي :- أ- الإرهاب الفكــــري. ب- الإرهاب البيولوجــي. ج- الإرهاب الإلكترونــي. د- الإرهاب الاقتصــادي. هـ- الإرهاب العقائــدي. ز- الإرهاب الموجه ضد النشاط السياحي.
مفهوم النشاط السياحي عرف مؤتمر الأمم المتحدة للسياحة والسفر الدولي والذي عقد بروما عام 1963م النشاط السياحي بكونه (ظاهرة اجتماعية وإنسانية تقوم على انتقال الفرد من مكان إقامته الدائمة إلى مكان آخر لفترة مؤقتة لا تقل عن أربع وعشرين ساعة ولا تزيد عن أثنى عشر شهراً بهدف السياحة الترفيهية أو العلاجية أو التاريخية. والنشاط السياحي كالطائر له جناحان هما السياحة الخارجية والسياحة الداخلية). كما عرف مؤتمر (أوتاوا) والذي عقد بكندا في يونيو 1991 السياحة بكونها (تلك الأنشطة التي يقوم بها الشخص المسافر إلى مكان خارج بيئته المعتادة لمدة أقل من فترة معينة من الزمن وأن لا يكون غرضه من السفر ممارسة نشاط يكتسب منه دخلاً في المكان الذي يسافر إليه). ويرى الباحثان أنه يمكن تعريف النشاط السياحي بأنه "تلك المجموعة من الأنشطة الاقتصادية والإدارية والثقافية والترويحية التي تقوم بها الدولة أو الحكومة أو إحدى المؤسسات أو الشركات أو أحد الأفراد سواء بصورة فردية أو بالاشتراك والتعاون مع آخرين بغرض استقطاب حركة السياحة الدولية أو الداخلية أو الاثنين معاً ومما يمكن الأفراد والجماعات القائمين بالرحلات السياحية من تحقيق أهدافهم المنشودة من القيام بها.
صــور النشاط السياحي هناك صور متعددة للنشاط السياحي منها:- السياحة التاريخية. السياحة الدينية. سياحة التسوق. السياحة العلمية والثقافية. السياحة الرياضية. السياحة العلاجية. السياحة الموسمية. السياحة المختلطة. السياحة البحرية.
الانعكاسات السلبية للإرهاب على النشاط السياحي أولا : أثر الإرهاب على المقومات البشرية للنشاط السياحي بالنسبة للسائح : عند وقوع حادثاً إرهابياً أو توقع حدوثه بمنطقة ما بالعالم الآن تتأثر الحركة السياحية للسائح على النحو التالي : يسارع السائح سواء كان بمفرده أو بصحبه أسرته إلى مغادرة الموقع السياحي الذي قصده عائداً إلى دولته. يقوم السائح بالامتناع عن السفر إلى المناطق التي يخشى فيها من تعرضه للخطر أو مغادرتها إذا كان موجوداً بها حتى ولو وقع العمل الإرهابي بمنطقة أخرى بعيدة تماماً عن موقع وجوده وبصفة خاصة إذا أتضح من هذا العمل إنه قد يكون مقدمة لأعمال إرهابية أخرى.
أوضحت العمليات الإرهابية التي وقعت في العقود الأخيرة تعرض السائحين لمخاطر كبيرة من جراء هذه العمليات ومثال ذلك ما يلي : التعرض للقتل أو الإصابة. التعرض للخطف. إن الحرب ضد الإرهاب أو بمعنى آخر عمليات الملاحقة الأمنية تؤدي إلى حدوث الخوف والذعر لدى السائحين وعزوفهم عن مواصلة رحلاتهم السياحية أو عدم التوجه إلى المناطق التي تتم بها عمليات الملاحقة الأمنية.
ب - بالنسبة لرجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال : يتخوفون من الآثار السلبية الناجمة عن الأفعال الارهابية وتداعياتها المختلفة والتي تؤدي إلى تعرض أموالهم ومشروعاتهم السياحية لمخاطر جسيمة مما يدفعهم إلى ترك هذا النشاط والتوجه إلى أنشطة أخرى أكثر أمناً وربحية أو التوقف عن المشاركة في هذا النشاط سواء بصفة دائمة أو لفترات زمنية يتحدد مقدارها في ضوء المخاطر والمهددات التي تشكلها الأحداث الإرهابية.
جـ - العاملون بمواقع النشاط السياحي والصناعات المغذية والمرتبطة به : الأحداث الإرهابية ينجم عنها تعرض هؤلاء العاملون لمخاطر جسيمة ومنها على سبيل المثال :- فقدان العمل نتيجة لاستغناء قطاع السياحة وأنشطته المختلفة أو الصناعات المغذية له بالموقع الذي وقعت به الأحداث الإرهابية عن عدد كبير من العاملين بها في ضوء الخسائر المادية التي تعرضت لها. قد يتعرض هؤلاء العاملون إلى تقليل رواتبهم أو انقطاع الحوافز والمزايا المادية الأخرى والتي كانوا يحصلون عليها وهو الأمر الذي يؤدي إلى تعرضهم وأسرهم لكثير من المشكلات المادية. تضطر المؤسسات السياحية إلى تسريح جزء كبير من العاملين بها والاستغناء عن خدماتهم. إضافة إلى عدم إلحاق أعداداً جديدة منهم بهذا النشاط مما يؤدي بالتالي إلى زيادة نسبة البطالة بين الأيدي العاملة الموجودة بالفعل في سوق العمل أو المتوقع لها الالتحاق به.
ثانيا : أثر الإرهاب على البنية الأساسية للنشاط السياحي تعريض المنشآت السياحية لخطر التدمير أو الإتلاف. استهداف المطارات وتعريضها للتدمير أو لخطر التدمير. تعرض الطائرات المستخدمة في مجال النقل السياحي لمخاطر عديدة. إلحاق التدمير أو التخريب بالمباني الفندقية والمنتجعات السياحية أو تعريضها لهذا الأمر. استهداف وسائل النقل البري والبحري المخصصة لنقل السائحين ومواقع وجودها .
ثالثا : أثر الإرهاب على الدخل المادي العائد من النشاط السياحي الأعمال الإرهابية تؤدي إلى الإخلال بما نطلق عليه الأمن السياحي مما يؤثر على النشاط السياحي وحركة السياحة العالمية والإقليمية والمحلية ويصيبها بالانكماش والانحسار مما ينجم عنه تراجعاً كبيراً في الدخل المادي الذي تحصل عليه الدول من جراء هذا النشاط. أشار بعض المحللون بقطاع السياحة المصري إلى أن الإرهاب قد أدى إلى فقد السياحة عملات صعبة يومياً إذ أن هذا القطاع كان يدر على مصر وقبل الأحداث الإرهابية أكثر من أربعة مليارات دولار سنوياً والتي بدأت في التناقص بدرجة كبيرة عقب وقوع العديد من الأحداث الإرهابية المحلية والعالمية.
أشارت وزارة التخطيط المصرية إلى أن النمو الاقتصادي تراجع إلى حوالي خمسة في المائة تقريباً على غير المتوقع منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر وذلك نتيجة لقلة الدخل المالي العائد للدولة من بعض القطاعات وعلى رأسها القطاع السياحي. في تونس ذكر البنك المركزي التونسي أن النشاط السياحي حقق انتعاشا كبيراً خلال عام 2004م إذ أرتفع الدخل العائد من السياحة بالعملة الأجنبية بمقدار 17.7% خلال هذا العام بعد تراجع بنسبة 5.6% في الأعوام التي تلت وقوع أحداث الحادي عشر من سبتمبر. وفي لبنان وبعد اغتيال الحريري أشارت العديد من الجهات المختصة في المجال السياحي أن هذا الحدث سيؤثر كثيراً على مستقبل لبنان وبصفة خاصة في المجال السياحي الذي سيشهد تراجعاً كبيراً سيؤدي إلى حدوث انخفاض كبير في العائد المادي المتوقع منه.
رابعا : أثر الإرهاب على الاستثمار في النشاط السياحي وقوع الأحداث الإرهابية أو التهديد بوقوعها يسبب ثبط الحافز على الاستثمار في النشاط السياحي بشكل كبير لما ينجم عنها من مخاطر حقيقية أو مهددات فعلية لهذا النشاط تؤدي إلى التأثير بدرجة كبيرة على الاتجاه للاستثمار في النشاط السياحي أو توقف هذا الأمر تماماً. أشارت إحدى الدراسات التي أعدها الاتحاد اليمني للفنادق عن الآثار التي لحقت بقطاع السياحة اليمني في أكثر من مستوى نتيجة للمناخ الإرهابي الذي ساد المنطقة والعالم إضافة إلى تراكم العديد من العوامل الأخرى والتي تمثلت في إيجاد العديد من التداعيات السلبية على كل مكونات القطاع السياحي ومنها الاستثمار في القطاع الفندقي. امتداد تأزم الوضع في القطاع الفندقي إلى أطراف أخرى خاصة البنوك وقطاع المال والأعمال نظراً لأن إقامة المنشآت السياحية والفنادق عادة ما يمول كليا أو جزئياً من القطاع المصرفي وهو ما أدى إلى تعثر أدائها ونشاطها نتيجة لعجز المستثمرين في المجال السياحي عن سداد أقساط قروض التمويل التي حصلوا عليها من البنوك من جراء الضرر الذي أصاب النشاط السياحي.
خامسا : أثر الإرهاب على الصناعات المغذية للنشاط السياحي توقف أنشطة هذه الصناعات ويشمل ذلك على سبيل المثال : توقف صناعة الطائرات أو وسائل النقل البري أو البحري. التأثير على الصناعات الغذائية وصناعة المشروبات والملبوسات والمنتجات السياحية الأخرى المتعلقة بالنشاط السياحي. التأثير على صناعة التأمين والنقل والاتصالات في ضوء ارتفاع أسعار بوالص التأمين لارتفاع درجة خطر النقل أو التحرك بالطائرات ووسائل النقل السياحية المختلفة في المناطق المعرضة للإرهاب. التأثير على الصناعات التقليدية للتحف والحلي والقطع الأثرية المقلدة والملابس والمفروشات والتي تعد ثروة سياحية هامة تلعب دوراً أساسياً في غزو الأسواق المصدرة للسياح. انخفاض أعداد السائحين وتأثر النشاط السياحي سيؤدي إما إلى توقف بعض هذه الصناعات مما يؤدي إلى هجرة الصانعين المهرة العاملون بها واختفائها أو إلى عدم ازدهارها وحدوث انكماش بها.
النتائـــــــــج عدم وجود مفهوم جامع مانع للإرهاب حتى الآن سواء بين الدول على المستوى العالمي أو بين المنظمات والهيئات وواضعي النصوص التشريعية أو بين الفقهاء والباحثين. إن الاختلاف في وضع مفهوم محدد للإرهاب يرجع للتباين الواضح بين المصالح السياسية والأمنية والاقتصادية للدول. وجود العديد من السمات والأنماط للإرهاب والتي يستدل منها على خطورته الداهمه وأثاره وانعكاساته بالغة الخطورة على المجتمعات والأنشطة. أن النشاط السياحي يعد مصدراً رئيسياً للدخل القومي بكافة الدول الآن لا سيما مع وجود العديد من صور هذا النشاط. إن الإرهاب أصبح يشكل خطرا كبيرا على صناعة السياحة وقد ازداد هذا الأمر في الآونة الأخيرة في ضوء ما اتضح من استهدافة للمنشآت السياحية والسائحين في الكثير من الأعمال الإرهابية التي وقعت مؤخرا. أن الانعكاسات السلبية للإرهاب لا تقتصر على جانب واحد من جوانب النشاط السياحي بل تمتد لتشمل كافة الجوانب المتعلقة به أو ذات العلاقة بهذا النشاط.
التوصيـــــات ضرورة قيام المجتمع الدولي من خلال هيئاته ومنظماته ومؤسساته المختلفة بحل الصراعات والمشكلات الدولية والإقليمية والمحلية التي تعد عاملاً رئيسياً في زيادة تيار الإرهاب وانتشار أفعاله التدميرية ذات الأثر الضار بالنشاط السياحي. دعوة المجتمع الدولي إلى تبني سياسة أمنية دولية تهدف إلى حماية مقومات النشاط السياحي وركائزه المختلفة ودفع المخاطر والمهددات التي يشكلها الإرهاب على هذا النشاط. ضرورة وضع سياسة إعلامية تهدف إلى زيادة الوعي لدى كافة فئات المجتمع بمدى أهمية النشاط السياحي ومساهمته في كافة مجالات التنمية وبيان المخاطر التي تهدده بما يؤدي إلى قيام هذه الفئات بنبذ أية أفكار أو أعمال تدعو إلى مساندة أفعال إرهابية وسرعة الإبلاغ عن المحرضين عليها أو القائمين بها والعمل على الحفاظ على هذا النشاط ومقوماته وركائزه المختلفة.
وضع الإستراتيجيات الهادفة إلى تعظيم الاستفادة من المجالات المختلفة التي يوفرها النشاط السياحي في خلق فرص العمل التي تكفل الاستفادة بأكبر قدر ممكن من الطاقات البشرية لأبناء المجتمع مما يقلل نسب البطالة بينهم التي قد تدفع إلى سلوك طريق الإرهاب أو الجريمة أو مساندة القائمين بهذا الأمر. عقد المزيد من المؤتمرات والندوات الدولية بهدف حسم الخلاف حول تحديد مفهوم الإرهاب بما يساعد على وجود آلية عمل دولية مشتركة للوقاية منه ومكافحته مع العمل على التوصل إلى الآليات التي تكفل الاستفادة الكاملة من كافة مقومات النشاط السياحي المتوافرة على النطاق الدولي أو الإقليمي وهو الأمر الذي يعود بالنفع على المشاركين في هذا الأمر ويزيد من فاعلية الإجراءات المتخذة لمواجهة والتصدي للأعمال الإرهابية والأفكار الداعية لها.
نشكركم على حسن إصغائكم،،،