السيطرة على السلوكيات غير اللائقة في الفصول الدراسية إعداد الدكتور علي بن أحمد السالم باحث واستشاري اجتماعي جامعة الملك سعود 1438/2/7
بسم الله الرحمن الرحيم، وبه نستعين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...
تمهيد إن التعليم حق أساسي من حقوق الإنسان: ولكل طفل الحق فيه. والتعليم أمر في غاية الأهمية لتنميتنا كأفراد ومجتمعات، وهو يساعد على تمهيد الطريق من أجل مستقبل ناجح ومثمر. يتأثر التعليم الجيد الأساسي (الابتدائي) الذي يرمي إلى تحقيق تعلم حقيقي وتنمية بشرية، بالعوامل السائدة داخل الفصل الدراسي وخارجه، وبتوافر اللوازم المناسبة، وطبيعة بيئة الطفل المنزلية. بالإضافة إلى تمكين نقل المعارف والمهارات اللازمة للنجاح في ممارسة مهنة ما، وكسر حلقة الفقر، وغيرها. فإن جودة التعليم تؤدي دوراً حاسماً في التعليم الأساسي على وجهة التحديد (منظمة اليونسيف). ما هي المرحلة الابتدائية؟. هي المرحلة الدراسية الأولى التي يبدأ فيها الطفل بالاستعداد لتقبل فكرة المدرسة، وتعلّم المهارات الأساسية الأولى المرتبطة بالقراءة، والكتابة، والعلوم المختلفة، وتُعرف أيضاً بأنّها المراحل الدراسيّة الثلاثة الأولى في حياة الطفل، والتي ترتبط عادةً بالصف الأول، والثاني، والثالث، ويتم الاستعداد فيها لمرحلة الدراسة الأساسية، والتي تتطور فيها المواد الدراسية، وتحتوي على مجالات دراسة أكثر تفصيلاً، مع الاعتماد على وجود معلومات، وأفكار، ومهارات جديدة سيكتسبها الطفل بشكل جيد عند تأسيسه بأسلوب صحيح في المرحلة الابتدائية.
ما هو النمو في المرحلة الابتدائية؟ ما هو النمو في المرحلة الابتدائية؟. هو التغيّر الجسدي، والنفسي، والفكري الذي ينقل الطفل من مرحلة الطفولة الأولى (الروضة)، إلى مرحلة الطفولة الثانية (الابتدائية)، والتي يصبح فيها مستعداً للحصول على معلومات دراسية جديدة، ولإكمال بناء شخصيتهِ المستقلة عن العائلة، وربطها مع البيئة المحيطة بهِ بشكل أكبر، وذلك من خلال تفاعله مع الطلاب الذين يتشابهون معه في المرحلة العمرية، والدراسية في المدرسة. بماذا يساهم النمو في المرحلة الابتدائية؟. يساهم بالتأثير إيجابياً على الطفل في حال اعتمد على مجموعة من الأساسات السليمة، وخصوصاً أنّ الإدراك العقلي يصير قادراً على استيعاب العديد من المعلومات الجديدة، والمرتبطة بالمهارات الأولى التي تعلمها في المرحلة العمرية السابقة. كما أنه يتمكّن من التصرف وحده في بعض المواقف التي تواجهه، كتلك المرتبطة باتخاذ القرارات، أو المشاركة في الحصة الدراسية، أو النشاط اللامنهجي، أو غيرها من الأمور الأخرى التي قد تحدث معه خلال اليوم. ما خصائص النمو في المرحلة الابتدائية؟. النمو العقلي (كنمو مهارات القراءة والكتابة، القدرة على التمييز بن الصواب والخطأ) النمو الحركي (كزيادة الطاقة الجسدية اثناء الحركة، التحكم الجيد بالقلم اثناء الكتابة) النمو الانفعالي (كتغير طبيعة الأشياء التي تجعله يغضب. في الماضي الألعاب الآن عدم قدرته على حل الواجب المدرسي). كيف تستغلال خصائص النمو؟. من خلال التدريب، الاهتمام، التشجيع، الوسائل النشطة، ربط الطفل بخالقه عن طريق ترغيبه بالعبادات، وهكذا.
موضوع المحاضرة السيطرة على السلوكيات غير اللائقة في الفصول الدراسية موضوع المحاضرة السيطرة على السلوكيات غير اللائقة في الفصول الدراسية مفهوم السلوك الغير اللائق: هناك تعريفات عديدة أحد تلك التعريفات تشير إلى أنه " سلوك منحرف غير حاد مع رغبة غير مدركة في إحداث الأذى". (اندرسون وبيرسون 1999، ص 457) . وهناك تعريف آخر فيلدمان (2001) الذي يعرف السلوك غير اللائق بأنه " أي سلوك يعكر صفو مناخ التعلم الذي يسوده التآلف والتعاون بالفصل". صور من السلوك الغير اللائق: تتنوع تلك السلوكيات في الشكل والمضمون بدءا من النوم في قاعة الدرس، ومضغ العلكة، الأكل، عدم تدوين الملاحظات، التأخر عن موعد بدء الدرس، الكلام أثناء الدرس، الغش في الاختبار، حتى التهجم على المعلم. أسباب السلوكيات غير اللائقة: 1- عدم إدراك الطلاب للمقصود بالسلوك الفظ، وفي الغالب سيستمر الطلاب في تعطيل الدرس بسلوكياتهم الفظة طالما لا يدركون بأنها كذلك. الطالب الذي يستمر في الكلام مثلا أثناء إلقاء المعلم لدرسه قد لا يدرك بأن حديثه يعوق قدرة الجالسين من حوله على الإنصات والفهم. يتعين على المعلم التصدي لهذه السلوكيات وعدم التجاهلها.
2- قد يتسبب المعلم أيضاً في حدوث بعض من السلوكيات الفظة بممارسات التدريس الغير سليمة كالتعليقاته السلبية على الطلاب أو إظهار عدم الاحترام؛ مما يصيب الطلاب بالإحباط ويدفعهم لمثل تلك السلوكيات. وبالمثل فإن تجاهل السلوكيات أو الفشل في وقفها من قبل المعلم يجعل الطلاب يتصورون بأنها مقبولة. لهذا يجب على المعلم التفكير المستمر في أساليب تدريسه وتحسينها واستطلاع رأي طلابه وزملائه بشأنها حتى يستطيع تحديد وتفادي جوانب التدريس التي ينجم عنها مشاكل وتساهم في ظهور السلوكيات غير المرغوبة. كيف يمكن منع السلوكيات غير اللائقة (السيطرة على السلوكيات الفظة)؟ 1- مواجهة سوء السلوك المحتمل منذ أول يوم في الدراسة. (خلق بيئة إيجابية في الفصل من خلال حماس المعلم لمادته واهتمامه الحقيقي بتعليم طلابه وإنجازهم الدراسي – مظاهر الاهتمام إظهار الاحترام لكل طالب بالتحلي بسعة الصدر تجاه أسئلتهم وإسهاماتهم، التعرف على أسماءهم والابتسام لهم وتحيتهم ببشاشة خارج الفصل في فناء المدرسة أو السوق المركزي،..). 2- عمل عقد خاص بين المعلم والطلاب بالسلوكيات غير المقبولة – مناقشة موجزة بين المعلم والطلاب بشأن السلوكيات التي يعدونها معطلة للفصل – خطوط عريضة بتلك السلوكيات وعواقب ارتكابها – قد يصبح العقد غير ذي قيمة إذا لم يعاقب الطلاب الذين يخرقونه فعليه الثبات على العقد، وبدون تفرقة بين الطلاب – المعلم يدخل في العقاب مثلا إذا دق جواله عقابه يكون بتلقى الطلاب درجات إضافية في اختبارهم القادم أو ما شابه.
3- قد يستخدم المعلم بعض التصرفات لمواجهة السلوكيات الفضة مثل مقاطعة الطالب اثناء الحديث أو حرمانه مما يستحق من الدرجات بلا مبرر. تلك التصرفات قد تقوض التواصل بالفصل. 4- هناك ممارسات أخرى قد تساهم في ظهور السلوكيات الفظة، فعلى سبيل المثال فإن عدم استخدام أدوات التدريس الفعالة والنشطة يصرف الطلاب عن دراسة محتوى المقرر ويفقدهم الاهتمام بالمقرر ويضعف تركيزهم مع المعلم. ما الحل؟ تجنب الطريقة التقليدية بالاستعانه بالعمل الجماعي، والاسئلة المحفزة للنقاش، وبهذه الطريقة يقلل المعلم من حدوث السلوكيات غير المرغوبة). 5- التجول في الفصل اثناء إلقاء الدرس، توجيه سؤال إلى طالب بالقرب من المتحدثين لجذب الانتباه نحوهم بدون وضعهم في دائرة الضوء المباشر، أو قد يسألهم مباشرة إذا كان لديهم سؤالا. 6- النوم في الفصل أو الغش في الاختبارات مثلاً. ما علاجه؟ «ترتيب العقاب» حسب الدراسة علمية 2006 من وجهة النظر الطلاب ( التحدث معه خارج الفصل، مطالبة زميله بإيقاظه، إصدار ضجه لإيقاظه، لايفضل تجاهل هذا الطالب أو طرده).
7- الطالب كثير الجدل، ومن يظهرون العداوة سواء مع معلمه أو زملاءه 7- الطالب كثير الجدل، ومن يظهرون العداوة سواء مع معلمه أو زملاءه. ما العلاج؟ من الأفضل الاستماع لوجهة نظره باحترام ولكن بدون تشجيع سلوكه والإنصات بإمعان للتأكيد على أن الشكوى لاقت آذانا صاغية. ينصح العالم سفنيسكي وماكيتشي المعلم بالتفكير في المشكلة في إطار الفصل للتقليل من حدة العداء ويقدم المشكلة كأمر متصل بالجميع وليس بالطالب الشاكي فقط، ولكن لسوء الحظ هذه الحلول قد لا تجدي نفعا ويزداد العداء عندها يمكن للمعلم أن يطلب من الدارس أن يحدثه على انفراد خارج الفصل. 8- قد تنجح الاقتراحات السابقة في التعامل مع السلوكيات غير المرغوبة ولكن ليست بصورة دائمة. وقد يستفيد المعلم بتذكر الأساليب التي نجحت والأخرى التي فشلت في فصوله السابقة، وأيضاً التفكير في الظروف المحيطة بالمشكلة (مثلا حجم الفصل ونوعية السلوك وردة فعل الطالب تجاه تصرف المعلم). قد يستفيد المعلم بالاستعداد شخصياً لمواجهة سلوكيات بعينها من خلال برامج تطوير وتنمية مهاراته كمعلم وترشده على سبل التصرف حيال السلوكيات غير المقبولة.
التجربة اليابانية في التصدي للسلوكيات غير اللائقة روح الجماعة والعمل الجماعي والنظام والمسؤولية: يركز النظام الياباني للتعليم على تنمية الشعور بالجماعة والمسؤولية لدى التلاميذ والطلاب تجاه المجتمع بادئًا بالبيئة المدرسية المحيطة بهم، مثل المحافظة على المباني الدراسية والأدوات التعليمية والأثاث المدرسي وغير ذلك. كيف يتم ذلك؟. يقوم التلميذ عند نهاية اليوم الدراسي بكنس وتنظيف القاعات الدراسية بل وكنس ومسح الممرات بقطع قماش مبللة. بل والأكثر من ذلك غسل دورات المياه وجمع أوراق الشجر المتساقط في فناء المدرسة وكذلك القمامة إذا وجدت!. وكثيرًا ما ينضم إليهم المدرسون في أوقات معينة لإجراء نظافة عامة سواء للمدرسة أو للأماكن العامة أيضًا مثل الحدائق العامة والشواطئ في العطلة الصيفية، وذلك بدون الشعور بالضِعة سواء من التلاميذ أو المعلمين. (إطعام الطيور – إعداد الوجبات المدرسية) وتتجلى هذه الروح أيضًا ليس فقط في مجموعات العمل الخاصة بالطعام والنظافة، بل في المجموعات الدراسية التي يقوم بتكوينها المدرس عندما يطلب من التلاميذ أو الطلاب الإجابة عن بعض الأسئلة أو حل مسألة مثلاً في الرياضيات أو إنجاز بعض الأعمال أو الأنشطة للفصل، وبعد المشاورات الجماعية بينهم يُعلن واحد من هذه المجموعة باسمها الانتهاء من هذه المهمة. على أن يعاد تشكيل هذه المجموعات من فترة لأخرى أو حسب ما تحتاج الضرورة من وقت لآخر حتى لا تتكون أحزاب أو تكتلات داخل الفصل.
النتيجة: أن هذا النظام لايعوّد التلاميذ الروح الجماعية فحسب، بل القيادة التي تتجلى أيضًا في تعيين شخصية مراقب الفصل أو رائده والذي يقوم في وقت غياب المدرس بتهيئة الفصل وتنظيمه وحل مشكلاته بما فيها مشاكل التلاميذ بين بعضهم بعضًا. ثم أخيرًا في نهاية اليوم الدراسي يقوم التلاميذ بعقد جلسة جماعية حيث يجتمعون ويسألون أنفسهم فيما إذا كانوا قد أتموا عملهم اليوم على أكمل وجه أم لا؟ أم أن هناك قصورًا فيما قاموا به من أعمال؟ أو هل كانت هناك مشاكل ما؟ وبلا شك إن هذه الطريقة في التعليم تستهدف روح الجماعة وتحمُّل المسؤولية والالتزام والقيادة، كما تشكل أيضًا قوة نفسية رادعة لكبح جماح السلوكيات الاجتماعية غير اللائقة تجاه المجتمع والغير. الجد والاجتهاد أهم من الموهبة والذكاء: يُركز اليابانيون على مبدأ « الجد والاجتهاد أهم من الموهبة والذكاء الفطري للطفل » وهو على عكس ما هو معروف في كثير من الدول، ويتضح ذلك أيضًا من كثرة استخدامهم كثيرًا للكلمات التي تدل على الاجتهاد والمثابرة باللغة اليابانية مثل كلمة "سأبذل قصارى جهدي"، "سأعمل بكل جدية" فالطلاب اليابانيون يؤمنون بنصح مدرسيهم وآبائهم بأن النجاح بل والتفوق يمكن أن يتحقق بالاجتهاد وبذل الجهد وليس بالذكاء فقط، فالجميع سواسية وخلقوا بقدر من الذكاء يكفيهم. (إجتياز اختبارات صعبة للثانوية والجامعة، تحديد المسار وظيفة مرموقة). أربع ساعات نجاح، خمس ساعات رسوب، الشخصية الفضولية، كونفوشيوس، مكانة المعلم
الكم المعرفي وثقل العبء الدراسي: من المعروف أن نظام السنة الدراسية اليابانية يختلف عن معظم دول العالم حيث تبدأ الدراسة في الأول من شهر أبريل الميلادي وتنتهي في واحد وثلاثين مارس من العام التالي. ويعتبر عدد الأيام الدراسية وعدد الساعات في السنة أطول عددًا مقارنة بأي دولة أخرى، حيث يبدأ اليوم الدراسي عادة للطلاب من الساعة الثامنة صباحًا حتى الساعة الرابعة تقريبًا، أما المعلمون فعملهم حتى الساعة الخامسة ولكنهم يظلون في عملهم حتى السادسة والسابعة مساء. علاوة على ذلك: يقوم طلاب المدارس بالذهاب إلى المدرسة أثناء العطلة الصيفية لبعض الأيام تبعًا لبرنامج محدد مسبقًا، بالإضافة إلى تكليفهم بالقيام بواجبات ومشروعات تتطلب منهم جهدًا ليس بالقليل أثناء العطلة. كما يمارسون طوال العطلة نشاطات رياضية مثل السباحة وغيرها بالمدرسة بشكل منتظم حسب برنامج العطلة المحدد مسبقًا من قبل المدرسة. انتقادات وجهة إلى اليابان: سعت وزارة التعليم اليابانية منذ سنوات إلى تقليل عدد أيام الدراسة للتخفيف عن التلاميذ والطلاب وتشجيعهم على الاستمتاع بوقتهم. «جدل في مجلس النواب» ورغم ذلك مازال الكثير من الطلاب يذهبون إلى المدارس أيام السبت لحضور النشاطات الطلابية، أو يذهبون أيام السبت للمدارس والفصول الخاصة التي تساعدهم في تنمية قدراتهم.
الخلاصة السلوك غير المقبول قد يكون سلوكا مؤذيا عن قصد أو بدون لتعكير صفو قاعة الدرس. التصدي للسلوكيات المستهجنة مسئولية المعلم. يتفق الطلاب مع المعلمين على عدد من السلوكيات باعتبارها غير مقبولة ومعطلة للدرس. على المعلم الاستعداد بتطوير فلسفته الخاصة بشأن ذلك مما يسمح له بالتعرف على السلوك غير المقبول عند حدوثه ويؤهله لكيفية التصدي له. قد ينشأ السلوك غير اللائق بسبب نرجسية الطالب أو اعتقاده بأحقيته الشخصية، أو بسبب سلوك صادر من المعلم ذاته، أو حتى كنتيجة لإلقاء الدرس بالصورة التقليدية. قد يقلل المعلم من حدوث هذه السلوكيات بزيادة اهتمام الطلاب بالمادة، وبوضع عقد خاص بكيفية التعامل معها، وخلق بيئة ايجابية بالفصل بإظهار الاحترام والاهتمام لطلابه. قد يتصدى المعلم لسلوكيات معينة بأساليب مختلفة من شأنها الإبقاء على بيئة إيجابية بالفصل وعدم اهانة أو توبيخ الطالب. الاستعداد لمواجهة هذه السلوكيات هو الأساس. فإجراء بروفات عقلية لكيفية التصرف إزاء السلوكيات غير المقبولة، والمزيد من البرامج والدورات التدريبية للمعلم.
المراجع الإدارة العامة التعليم بمنطقة القصيم. http://qassimedu.gov.sa/haseb/?page_id=93 السفارة السعودية في طوكيو اليابان. http://www.saudiembassy.or.jp/Ar/Education/Ed_n_jp_Car.ht سلفستري، مارك. (2013). السيطرة على السلوكيات. عمادة تطوير المهارات، جامعة الملك سعود: الرياض. منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف). http://www.unicef.org/arabic/education/24272_25711.html